منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للتربية والتعليم | ||
أرجوا المساعدة |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
صمت البراري |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى صمت البراري |
زيارة موقع صمت البراري المفضل |
البحث عن كل مشاركات صمت البراري |
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
معلوماااااااااااااااااات عن الطاااااااااااااااااعة عسى تفيدك اخي*********
لإسلام قيد الطاعة في كل الأمور بالمعروف (النساء – 59) قال الإمام أحمد (المرجع: تفسير ابن كثير)… حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: "إنما الطاعة في المعروف" .. .. وذُكر ذلك أيضاً في الصحيحين من حديث ابن الأعمش. وقال سيد قطب "في ظلال القرآن" أن نص الآية المذكورة يجعل من طاعة الله أصلاً، ومن طاعة رسوله أصلاً كذلك – ويجعل طاعة أولي الأمر تبعاً لطاعة الله وطاعة رسوله، فلا يكرر لفظ الطاعة أطيعوا عند ذكرهم كما كررها عند ذكر الرسول (صلى الله عليه وسلم) .. وطاعة أولي الأمر – منكم – يقول سيد قطب أنها لا تكون إلا في حدود المعروف الذي لم يرد نص بحرمته؛ ولا يكون من المحرم عندما يُرد إلى مبادئ شريعة الله عند الإختلاف فيه …. وفي "فقه السنة / الجزء الثاني" بعد أن أفاض الشيخ سيد سابق في عرض الآيات والأحاديث التي تنص على طاعة الزوجة لزوجها انتهى بأن حق الطاعة هذا مقيد بالمعروف. قال تعالى: (النساء – 19)، وقال تعالى : (البقرة – 228)، وقال تعالى : (التوبة – 71)، وقال تعالى: (آل عمران – 110) فما هي الطاعة إذن؟ في المعجم الوجيز .. طاع له طوعاً: أتاه طائعاً سهلا؛ والطاعة: هي التسليم والموافقة عن حب وتجاوب .. وتطوع للشيء: زاوله إختياراً. وفي لسان العرب .. الطوع: هو نقيض الكره، مثل إفعل ذلك طوعاً أو كرهاً بمعنى طائعاً أو كارهاً. قال تعالى: (فصلت – 11) وصدق الشاعر حين قال: ما الحب إلا طاعة وتجاوب وإن أكثروا أوصافه والمعانيا أي أن الطاعة هي نتاج للحب والتجاوب ونتيجة للإيمان والاقتناع وهي اختيار لا يشوبه إكراه وهي تسليم عن اتفاق وعن صفاء ونقاء؛ وعكس الطاعة هو الانقياد قهراً وإكراهاً، أو جهلاً وغباءً، أو خوفاً واستعبادا. ونأتي الآن إلى كلمة المعروف التي تكرر ذكرها كثيراً في الكتاب وأحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ ففي المعجم الوجيز: العرف والمعروف هو شيء واحد وهو خلاف النكر والمنكر وضدهما .. وهو ما تعارف عليه الناس في عاداتهم وتقاليدهم .. وفي لسان العرب: هو كل ما تعرفه النفس البشرية من الخير وتبسأ له وتطمئن (أي تألف وتأنس به)؛ والمعروف هو اسم جامع لكل ما عُرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان للوالدين وصلة الرحم وحسن معاملة الناس؛ وهو كل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات؛ وهو من الصفات الغالبة التي تعارف عليها الناس في عاداتهم ومعاملاتهم بمعنى الرحمة والعدل، والرحمة هنا سابقة؛ وهو من حسن الصحبة مع الأهل .. .. .. والمنكر ضد ذلك جميعه .. و في الحديث: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة" أي من بذل معروفه للناس في الدنيا آتاه الله جزاء معروفه في الآخرة وروي عن ابن عباس رصي الله عنه قال: "يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيغفر لهم بمعروفهم" وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون [آل عمران:132]. إن لله سننا في الأمم والأفراد فيما يتصل بهلاكهم أو عافيتهم، فمن شاء أن يرحم سواء كان أمة أو فردا فعليه بطاعة الله ورسوله . فما الطاعة؟ ولمن تكون؟ وما أنواعها؟ وما موقف المسلم منها ؟ أما الطاعة: فهي ضد المعصية ومعناها الانقياد والاستسلام والخضوع . وأما لمن تكون؟ فالأصل أن تكون الطاعة لله وللرسول قال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم [الأحزاب:36]. وطاعة الرسول هي طاعة الله تعالى قال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله [آل عمران:31]. ذلك لأن القرآن وحي الله إلى رسوله لفظا ومعنى، والحديث هو وحي الله إلى رسوله معنى واللفظ لرسول الله وصدق الله العظيم: وما ينطق عن الهوى % إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4]. طاعة الله والرسول فيها الخير والبركة والسداد والنصر، عندما ارتدت القبائل عن الإسلام بعد وفاة الرسول ، وقد عقد اللواء لأسامة بن زيد أن يتوجه إلى الشام قبل وفاته، وقف الصحابة معارضين إصرار أبي بكر على بعث جيش أسامة خوفا على المدينة أن تستباح من قبل المرتدين إذا خرج الجيش فقال أبو بكر : (والله لو جرت الكلاب بأقدام أمهات المؤمنين ما حللت لواء عقده رسول الله ) الله أكبر كلمات تكتب بماء الذهب!! ولا يعلم أجرها إلا الله، وألقى الله الرعب في قلوب المرتدين حيث قالوا: ما كان ليبعث جيش أسامة لأطراف الشام إلا وله في المدينة من يدافع عنها. قس هذا الوفاء السامق، والاتباع المطلق، بمن يتحذلق بما هو تافه إذا ما قيس بالوضع الأمني الذي كانت تعيشه المدينة في ذلك الوقت فيجدون لأنفسهم الحق في الخروج على أمر الله ورسوله بإحداث صور من الانحراف تحت ستار المصلحة، والقياس الفاسد . ومعصية الله والرسول فيها الانكسار والهزيمة والخذلان، وعندما أمر رسول الله الرماة في غزوة أحد أن يحفظوا ويلزموا أماكنهم ولو رأوا الطير تتخطف المسلمين، وينتصر المسلمون في أول المعركة ويتنادى الرماة: الغنائم الغنائم، فيتركوا موقعهم، وبحركة التفاف يقوم بها خالد بن الوليد وكان كافرا، فينفرط عقد المسلمين وكان درسا عمليا يتناسب مع عظم الحقيقة التي أراد الله لأمة الحق أن تتربى عليها أن الطاعة لله والرسول فيها النصر، وأن المعصية لله والرسول فيها الهزيمة، ولو انتصر المسلمون على ما فعلوه، لما كانت لهم بعد ذلك طاعة حيث يقولون: عصينا فانتصرنا وصدق الله العظيم: إن تنصروا الله ينصركم [محمد:7]. وأما أنواعها؟ فينبغي أن نعلم أن للطاعة مفهومان: مفهوم جاهلي: لا نعرفه في إسلامنا وهي الطاعة العمياء، بلا ضوابط ولا أصول نعود إليها من كتاب وسنة وإجماع وقياس، وهذا المفهوم للطاعة مرفوض. مفهوم إسلامي: وهي الطاعة المبصرة، الواعية، المدركة، التي يحكمها الضوابط الشرعية لا الأهواء، والأصول لا آراء الرجال وصدق الله العظيم: قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني [يوسف:108]. 1- طاعة ولي الأمر: ولها ضوابط في إسلامنا: أ- أن يكون حريصا على أمر الله وإقامة منهجه، ولا عبرة للون أو الجنسية للحديث: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله))([1]). ب- الطاعة في المعصية لا تجوز: بعث رسول الله سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، فلما خرجوا وجد عليهم في شيء فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: فاجمعوا لي حطبا، ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله من النار، فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها، فرجعوا إلى رسول الله فأخبروه فقال لهم: ((لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف))([2]). ج- الأمة تقوم بواجب التقويم لإعوجاج ولي الأمر: ورحم الله أبا بكر الصديق في أول خطبة له بعد توليه خلافة المسلمين فهو يقول: (إني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني) ويقوم أعرابي يقول لعمر : (والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا) فليس إسلامنا أفيونا للشعوب، ولا إلجاماً لها عن قولة الحق، وفينا رسول الله يقول: ((أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر))([3]). عدل: أي حق، جائر: أي ظالم. 2- طاعة المرأة زوجها: ولها ضوابط في إسلامنا: أن الطاعة في المعروف: وينبغي على المرأة المسلمة أن تعلم أن الزوج المسلم بابها إلى الجنة للحديث: ((أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة))([4]) فلا تمتنع عنه إذا دعاها إلى الفراش للحديث: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى الفراش فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح))([5])، لما في الامتناع من فتح لأبواب الغواية ووساوس الشيطان، ولا تخرج إلا بإذنه للحديث: ((إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع))([6])، ((ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه ولا تأذن في بيته (بدخول أحد أو بتصدق أو بيع شيء وهكذا) إلا بإذنه))([7]). أما الطاعة في المعصية فلا تجوز: فإذا ابتليت المرأة المسلمة بزوج خليع يأمرها بخلع الحجاب أو ترك الصلاة أو حضور المجالس المختلطة أو عدم الذهاب لأداء فريضة الحج فطاعة الزوج معصية لله تعالى، وفي كتب الفقه: (يستحب للمرأة أن تستأذن زوجها في الخروج إلى الحج الفرض، فإن أذن لها خرجت وإن لم يأذن لها خرجت بغير إذنه، لأنه ليس للرجل منع امرأته من حج الفريضة لأنها عبادة وجبت عليها ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما لها أن تصلي أول الوقت، وليس له منعها وأما حج التطوع أو صيام التطوع فله منعها منه لأن حقه مقدم على التطوع والنافلة)([8]). ومن التربية المعوجة التي أثمرتها أمهات لاهيات وآباء منشغلون بكل شيء إلا تربية أبنائهم، أثمرت لنا جيلا من النساء لا يصلحن أن يكن زوجات فضلا على أن يكن أمهات، إلا من رحم ربي، فالبنت تتعلم كل شيء إلا شيئا واحدا وهو تعظيم حق الزوج، وانقلبت الموازين وأصبح الرجل هو الذي ينبغي أن يحرص على رضى الزوجة وتلبية طلبها، وأصبحت البنت لا تفكر بأن تخدم زوجها وأن تقوم على رعايته بل تفكر أو يفكر أهلها في فرض الشروط من وجود الخادمة والمربية، يضاف إلى ذلك فساد في الدين أثمرت القسوة و انعدمت الأنوثة والأمومة فلا تكاد تحس بلمسة حنان أو كلمة استحسان حتى أصبحت نسبة الطلاق تصل إلى 40ولا تتجاوز الحياة الزوجة غالبا الخمس سنين وأصبحت البيوتات جحيما لا يطاق . عندما جاء وفد النساء إلى النبي يطلبن الجهاد والإذن في دخول ساحات المعارك لنيل الأجر العظيم الذي أعده الله للمجاهدين: قال لهم النبي : ((طاعة المرأة زوجها يعدل ذلك وقليل منكن فاعله))([9]). 3- طاعة الوالدين: ولها ضوابط: بأن تكون مقيدة بطاعة الله ورسوله، سعد بن أبي وقاص كان من أبر الناس بأمه، أسلم فأقسمت أمه ألا تذوق طعاما ولا شرابا ولا تستظل بظل حتى يرجع فذهب سعد إلى رسول الله وذكر له قسم أمه وبره بها فأنزل الله تعالى قوله: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا [لقمان:15]. فذهب سعد إلى أمه وقال: يا أماه لو كانت لك مائة روح تخرج الواحدة بعد الأخرى ما رجعت عن ديني فلما رأت عزمه رجعت عن قسمها([10]) . وطاعة الوالدين مقدمة على طاعة الزوجة: للحديث: ((عن عائشة قالت: سألت رسول الله : أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها؟ قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: أمه))([11]). ج- ومن علامات الساعة إغضاب الوالدين لأجل زوجة أو صديق للحديث: ((إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء، وذكر: وأطاع الرجل زوجته وعق أمه، وأدنى صديقه وأجفى أباه))([12]). وأما موقف المسلم من الطاعة: أن نعلم أن الأصحاب تربوا على مبدأ التلقي للتنفيذ يقول ابن مسعود: (ما كنا نحفظ إلا الخمس والعشر آيات لا نتجاوزها حتى نعمل بها). طاعتنا مطلقة مهما تغيرت الأحوال وتبدلت الظروف وعلى ذلك بايع الأصحاب رسول الله يقول عبادة بن الصامت: ((بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا))([13]). وللحديث: ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره))([14]). والطاعة في إسلامنا مبصرة وليست عمياء وعند الفتن أسقط الأشخاص وارجع إلى الأصول يقول عمر : تعرف إلى الرجال بالحق ولا تتعرف إلى الحق بالرجال. إن الطاعة فضل من الله تعالى لا يعدلها في هذا الوجود شيء ، و أنها ليست سبب النعيم و الحياة الطيبة في الدنيا فحسب ، بل إنها سبب النعيم و الفوز العظيم في الآخرة أيضا ... و إن الطائعين في ظل الله تعالى ، يوم لا ظل إلا ظلِه ، أما عن منزلة الطائعين و مآلهم بعد فراغ الحساب ، فقد أخبرنا الله سبحانه أنهم يكونون في مقام رفيع و صحبة كريمة ، قال تعالى :"و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النَبيِن و الصِِِدِيقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا . ذلك الفضل من الله و كفى بالله عليما." النساء:69 _70 و هذه الصحبة لهذا الرهط العلوي إنما هي من فضل الله ، و في صحيح البخاري من طرق متواترة عن جماعة من الصحابة ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن الرجل يحب القوم و لما يلحق بهم فقال : " المرء مع من أحب ." قال أنس رضي الله عنه : فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث ....... و إنه لأمر يشغل كل قلب ذاق محبة هذا الرسول الكريم صلوات الله و سلامه عليه
|
صمت البراري |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى صمت البراري |
زيارة موقع صمت البراري المفضل |
البحث عن كل مشاركات صمت البراري |
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
التوحيد في الطاعة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع أنبياء الله والمرسلين، السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات ورحمة الله وبركاته. ابتعاد الإنسان عن عقيدة الإيمان أو عن الالتزام بالرسول وبرسالته وما إلى ذلك مما يتَّصل بسلامة العقيدة، يعرّضه لغضب الله وسخطه وعقابه، وفي هذا ظلم كبير للنفس، لأنه يتصل بقضية المصير. وهكذا ربما يكون ظلم النفس بالانحراف عن الخط المستقيم، وذلك بمعصية الله سبحانه وتعالى في ما أمر به وفي ما نهى عنه، فيترك ما أمر الله به ويفعل ما نهى الله عنه. إنَّ الله تعالى يوجِّه الإنسان إلى أنَّ ظلمه لنفسه لن يكون ضريبةً أبديةً يواجه نتائجها السلبية بشكل دائم، ولكنه يمكن أن يبتعد عن ذلك كله بالتوبة إلى الله واستغفاره ومحاولة السير من جديد في الخطّ المستقيم. وهذا ما جاء في الآيات التي تتحدث عن الذين يستحقّون مغفرة الله ويستحقّون جنّته. يقول تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم}، والمسارعة إلى طلب المغفرة من قبل الله تعني أن يسارع الإنسان إلى الأعمال التي يحبها الله ويرضاها ويغفر لمن قام بها، باعتبارها تمثل التوبة، والله تعالى وعد التائبين قبول التوبة: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} (الشورى/25). وهكذا قوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} (الزمر/53). {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة}، أي سارعوا إلى الجنة، بأن تسيروا في طريق الجنة، وتأخذوا بما وعد الله به عباده الصالحين من الجنة بسبب أعمالهم وعقائدهم التي تتصل بحياتهم الخاصة أو من خلال علاقتهم بالناس الآخرين، {عرضها السموات والأرض}، يقال إن المراد من عرضها السموات والأرض ليس هو العرض في مقابل الطول، ليقول بعض الناس إذا كان عرض الجنة السموات والأرض فأين يكون الطول؟ بل المقصود من كلمة العرض _ والله العالم _ السعة، أي إن سعتها سعة السموات والأرض {أعدّت للمتقين} (آل عمران/133)، فالله تعالى أعدَّ الجنة وهيَّأها في كل ما فيها من كرامة ورضوان ونعيم، ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، هذه الجنة أعدَّها الله للمتقين، والمتّقون هم الذين يأخذون بأسباب التقوى، وقد حدّدت التقوى ببعض الأحاديث: بأن لا يجدك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك، بل أن يجدك في مواقع أمره، أي في المواقع التي أراد لك أن تكون فيها، وأن يفقدك في مواقع نهيه، وهي المواقع التي أراد لك الابتعاد عنها وتركها. والتقوى تمثِّل حالةً نفسيةً من خلال خوف الله ومراقبته، بحيث تدفع الإنسان إلى الالتزام بما أمر الله به وبما نهى عنه. ثم يبين الله تعالى بعض صفات هؤلاء المتقين، هذه الصفات التي تمثل العمق الإنساني للمتقي، لأنَّ التقوى ليست مجرد حالة سلوكية بالعمل الذاتيّ للإنسان، كالصلاة والصوم والحج وما إلى ذلك، بل إن التقوى تتصل بالعنصر الإنساني، وهو انفتاح الإنسان على آلام الناس وحاجاتهم وضروراتهم، وانفتاح الإنسان على الحالات التي يواجه فيها السلبيات الآتية إليه من الآخرين، من غضب أو إيذاء أو ما إلى ذلك، بحيث لا يواجه الإساءة التي توجَّه إليه بردِّ الفعل، بحيث يدفع الشر بالشر، والسوء بالسوء، بل يرتفع عن ذلك إلى المستوى الذي يعيش فيه القيمة الروحية التي تتجاوز العوامل النفسية السلبية. {الذين ينفقون في السرَّاء والضرَّاء}، أي الذين يعيشون روحية العطاء، بحيث إنهم ينطلقون في دراساتهم لحاجات الناس المادية من أوضاعهم الاقتصادية، فينفقون أموالهم إذا كانوا في سعة أو إذا كانوا في ضيق، لأن طبيعتهم هي العطاء، فهم يعطون في حالة السعة كما يعطون في حالة الضيق على أساس انفعالهم بآلام الناس وبحاجاتهم. {والكاظمين الغيظ}، أي الذين إذا واجهوا الغيظ الذي يتحرَّك من خلال إيذاء الناس لهم في أية حالة وإساءتهم إليهم، فإنّهم يكظمون غيظهم. ومن الطبيعي أنَّ الإنسان إذا أُسيء إليه، فإنَّ ذلك يفجِّر غيظه ويشعره بضيق الصدر وبغيظ النفس، والنّاس على قسمين: فهناك إنسان يفجِّر غيظه، وهو الذي يردُّ السوء بالسوء والشرّ بالشرّ، سواء كان ذلك بالكلمة أو كان ذلك بالفعل أو بالموقف، وهناك إنسان يحبس غيظه فلا يطلعه في وجه من غاظه ومن أساء إليه، فالمتقون هم الذين يخافون الله ويطلبون رضاه وهم يعرفون أن الله تعالى يريد من المؤمن أن يدرأ بالحسنة السيئة، وأن لا يرد السيئة بالسيئة، طلباً لرضى الله سبحانه وتعالى وخوفاً من غضبه، لأن ردَّ الفعل عندما ينطلق مع الإنسان، فقد يتجاوز الحدَّ الذي يريد الله تعالى للإنسان أن يقف عنده، لأن الله تعالى يقول: {فإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} (النحل/126)، والكثير من الناس يتجاوزون ما أراده الله لهم عندما يريدون أخذ حقهم ممّن أساء إليهم، فهناك كثير من الناس إذا شتمهم أحد يضربونه، أو إذا ضربهم يقتلونه، أو إذا قام أحد بجريمة تتعلق ببعض من يتعلقون به فإنهم يحرقون بيته ويطردونه من بلده أو ما إلى ذلك. مع أن الله سبحانه وتعالى يريد للإنسان أن يقف عند الحد حتى عندما يريد أن يأخذ حقه، فإنّ له أن يأخذ حقه، ولكن ليس له أن يزيد عليه، {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (البقرة/194)، وهذا ما ضرب به المثل الأعلى أمير المؤمنين (ع)، عندما أوصى بني عبد المطلب في الجريمة التي أجرمها بحقه عبد الرحمن بن ملجم، وكانت العادة في الجاهلية أنه إذا قتل إنسان شخصية كبرى، فإن رد الفعل يكون من قبل عشيرة المقتول بأن يقتلوا أقاربه أو ما أشبه ذلك، وأن يمثلوا به، فقال (ع): «يا بني عبد المطلب، لا ألفيَّنكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً تقولون قتل أمير المؤمنين، انظروا إذا أنا مُتّ من ضربتي هذه فاضربوه ضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل _ أن تقطعوا يديه أو رجليه _ فإني سمعت رسول الله (ص) يقول إياكم والمُثلة ولو بالكلب العقور». فالطريقة التي يسمو بها الإنسان عن عقلية الثأر وعن عملية ردّ الفعل ليعيش القيمة الروحية في العفو عند المقدرة، والعفو عمن أساء إليه، ليدرأ بالحسنة السيئة، هي إحدى أهم صفات المؤمنين، كما ذكر في آيات أخرى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس}، فهم لا يكتفون بأن يحبسوا غيظهم في صدورهم، لأنّ الإنسان عندما يحبس الغيظ في صدره، تتحوَّل حالة الغيظ عنده إلى عقدة، وهذه العقدة ربما تعبِّر عن نفسها في المستقبل بطريقة سلبية تدمر الآخر، لأن الإنسان عندما يعيش عقدة في نفسه، فإن العقدة سوف تنمو بالمستوى الذي يمكن أن تتحوَّل إلى خطرٍ في سلوكه، باعتبار ما تثيره العقدة من أحاسيس وما إلى ذلك، فهؤلاء يكظمون غيظهم ويعفون عن الناس، ولا يكتفون بالعفو، بل يحسنون إلى من أساء إليهم، {والله يحب المحسنين} (آل عمران/134). وينقل في مناسبة هذه الآية، أن جارية كانت تصبُّ الماء على يد الإمام زين العابدين (ع)، فكان الإبريق الذي بيدها إبريقاً من نحاس، وعندما كانت تمسك الإبريق، أخذت تنظر من هنا وهناك، وطبعاً كانت لا تركز، فوقع الإبريق فشجّ رأس الإمام، فسال منه الدم، وهذه الجارية كانت قد تربت في بيت الإمام، فقالت: «والكاظمين الغيظ»، أنا أذيتك وأغظتك، قال: «قد كظمت غيظي»، قالت: «والعافين عن الناس»، قال: «قد عفوت عنك»، قالت «والله يحب المحسنين»، قال: «اذهبي فأنت حرة لوجه الله». ثم يُعقب على هذه الآية: {والذين إذا فعلوا فاحشة} وليس المراد بالفاحشة ما يتعلق بالانحراف الجنسي، بل هي كل شيء تجاوز الحدّ، ويقال هذا الشيء فاحش أي تجاوز الحد، {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله}، الذين إذا عاشوا الغفلة في وقت من الأوقات، وارتكبوا ما يتجاوز الحد الطبيعي في موقف الإنسان من الله سبحانه وتعالى، أو ظلموا أنفسهم بالمعصية لله سبحانه وتعالى، فإنَّ الغفلة لا تمتدُّ بهم، ولكنّهم بمجرد أن يواجهوا هذا الموقف يذكرون الله، فاستغفروا لذنوبهم، قالوا اللهم إنا أخطأنا وأذنبنا وأسأنا فاغفر لنا ذنوبنا، {ومن يغفر الذنوب إلا الله}، أي الله هو وحده الذي يغفر الذنوب كلَّها إذا استغفره الإنسان، {ولم يصرّوا على ما فعلوا} لم يصروا على هذا الذنب، {وهم يعلمون} (آل عمران/135) أن ما فعلوه يغضب الله ويسخطه ويعرضهم لعقابه. وهناك آية من هذا القبيل، وهي أن الإنسان المؤمن إذا أحاطت به ظلمة المعصية، وإذا أطبق عليه الشيطان وأوقعه في الغفلة، عندها يأتي إيمانه فيضيء له ويبصر الطريق إلى رضى الله، وهذا ما أكده قوله تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان}، أي إذا طاف بهم الشيطان فأبعدهم عن طاعة الله سبحانه وتعالى، {تذكّروا} وهذا ما يجعلهم يخرجون من حالة الغفلة ويتذكرون موقعهم من الله، وموقفهم من الله وحاجتهم إلى رضاه، {فإذا هم مبصرون} (الأعراف/201)، لأن الغفلة توجب نوعاً من العمى للإنسان، فالإنسان المؤمن والمتّقي هو الذي يبصر عندما يهجم عليه الشيطان، فيعمي بصره في عقله وفي قلبه، وقد أراد الله أن يؤكّد أن الذين يعملون في هذا الخط {أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} (آل عمران/136)، فإن الله تعالى سوف يعطيهم الأجر العظيم، وأي أجر أعظم من أن الله تعالى يغفر لهم ذنوبهم، ويرضى عنهم ويدخلهم في الجنة التي وعد بها المتقين.
|
صمت البراري |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى صمت البراري |
زيارة موقع صمت البراري المفضل |
البحث عن كل مشاركات صمت البراري |
ابن الوافي |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى ابن الوافي |
زيارة موقع ابن الوافي المفضل |
البحث عن كل مشاركات ابن الوافي |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|