يقول البعض بأن الخاتم يمكن ان يكون دليلاً على شخصيتك او اشارة دلالية لما تؤمن به من معتقدات.

فما سر هذه الحلية التي تزين اصابع الرجال الغليظة وانامل النساء الرقيقة؟

لايوجد دليل واحد يوثق السنة التي تم فيها ابتكار الخاتم ولا نعرف اسم اول كائن بشري لبس الخاتم او تنسب اليه البداية الحقيقية، وكذلك نجهل الدوافع التي قادته الى التعامل معه، فهل كان حلية ام علاجاً ام سحراً ام معتقداً له قوة خارقة على مواجهة الأرواح.. ولكن، بعض كتب التاريخ قد اوردت والعهدة عليها- بان آدم (عليه السلام) منذ نزل الارض كان متختما بخاتم من الذهب الأحمر (النحاس) كما كان عالماً عارفاً بعلم الأحجار وفوائدها وتكوينها، وهذا ما علّمه من بعده لأبنائه وذريته.. وان الخاتم افضل ما يصاغ لهذه الاحجار..



الاّ ان البشرية من ذريته وبعد كل هذه القرون الطويلة ما كانت تعرف بعد خاتم الخطوبة حتى جاء عصر النبي (ص) يوم جعله سنة للمتزوجين اذ اوصى رجلاً جاء اليه شاكيا فقر حاله مع رغبته بالزواج فآساه (ص) قائلاً له: (التمس ولو خاتماً من حديد) جاعلاً بذلك من الخاتم مهراً للعروسين عند الزواج، وقد اوصى (ص) فيما يلبسه الرجل من سائر الخواتم ان لا تكون من الذهب اطلاقاً، حتى صارت الفضة هي المعدن المفضل والأقرب الى الرجال.

ولايمكن ان ننسى اسطورة خاتم سليمان (عليه السلام) والتي صارت بفضل الوجود البشري حقيقة واقعة فرضت سطوتها على الجميع.. وكتبنا التأريخية هي الأدرى بحقيقتها اذ تقول عنها انها (خرافة- خرافة) لما لتلك المجتمعات من ميل الى التهويل والمبالغة.. وان كان فيها شيء من الصحة فهي صحة معنوية وليست مادية بتاتاً.. ونعني هنا ان الأمور قد سيّرت للنبي سليمان (عليه السلام) بفضل نعمة ربه عليه لا بفعل الخاتم الذي لبسه، والذي لايملك لنفسه نفعاً ولاضراً.

يقول الشيخ جلال الحنفي: بأن للخاتم استعمالات اخرى غير الزينة مثل التوقيع او الختم به كما فعل بعض الملوك والأمراء فضلاً الى جملة فوائد اخرى له، كأن يقال بأن لبس خاتم الحديد كفيل بخفض درجة حرارة من يعاني من الحمى.. كذلك الكهرب لمرض (ابو صفار) والخواتم الزرق لمنع الحسد، ويرجع الحنفي سبب الشفاء الى احتواء هذه الأحجار على معادن ومكونات تسهم في تحقيق الشفاء، اما عن طريق لبسها او تحليلها في الماء.

وعن دور استعمال الخواتم في السحر يقول:

(لاعلاقة له كما اعتقد بل تأثيره نفسي يرجع الى ايمان الشخص بقدرة الخاتم لا بالخاتم نفسه كأن يلبس خاتماً لتيسير اموره فاذا تيسرت فهو راجع الى هذا الايمان الذي منحه الجرأة وهكذا دواليك!!) ويدخل في عالم الخواتم مفهوم او تعبير او مفردة (الرتيمة) التي يقدم الحنفي الأيضاح التالي:

(هي واحدة من عادات الناس قديماً بأن يلفوا حول اصبعهم خيطاً او يلبسوا محبساً يسمى الرتيمة!.. للتذكر لاغير).

وعلى مر الزمان تجد الخواتم اسواقاً عامرة لها بأنواع وصنوف متعددة بتشجيع الاقبال الشرائي عليها رجالاً ونساءً.. وعند صاحب احدى ورش صقل وخط احجارها وصياغتها السيد عامر سلطان الخطاط الذي وجدناه منكباً على عمله متختماً بخاتم من عقيق وفضة سألناه اولاً عنه:

* هل لك يقين به؟

رد بسرعة ويقين:

- اكيد.. كيف لا وهذا وارد في السنة اذ عنه قال (ص) (تختموا بالعقيق) كونه يهب البركة فضلاً عن فوائد عدة تحتسب له ولغيره من الاحجار طبياً وروحياً.

*ماذا تعني (طبياً وروحياً)؟

- اعني بهذا انها تقدم معالجات عديدة كالياقوت الذي يقال عنه انه يقوي القلب..

*قاطعناه.. كيف؟

- بعض المصادر العلمية تعزو الأمر الى ان شعاعه يحوي ذبذبات تقوي القلب.

*والفوائد الروحية؟

- عديدة ايضا اذ ان هناك من الاحجار ما يمنح التفاؤل كالفيروز الذي يطرد الشر والجزع واليماني الذي يقال بأنه يطرد الشياطين.

*وزبائنك هل يشترون خواتمك زينة ام ايماناً بهذا؟

- قسم كبير منهم يشتريها ايماناً ويقيناً وهناك من يتختم لكل يوم بخاتم.

*ما ابرز احجار الخواتم الرجالية؟

- انه العقيق سيد الاحجار كلها ثم بعده الياقوت بانواعه فالفيروز ودر النجف وغيرها.

*ماهي مراحل الحجر حتى صياغته؟

- يستخرج الحجر ليخضع بعدها للصقل ثم الكتابة والنقش عليه واحياناً تذهيب هذه النقوش.

*وابرز النقوش المستعملة؟

- ابرزها الآيات الكريمة والحكم والأشعار غالباً.

*واحجام الاحجار؟

- متفاوتة تبدأ من حجم حبة الرز حتى الجوزة او تزيد قليلاً.

وبالفعل عرض علينا حجراً بحجم حبة الرز الا انه منقوش بحرفية عالية ويحمل آية كريمة، سألناه عن صعوبة هذا النقش الدقيق فقال:

- لا صعوبة اطلاقاً.. لاسيما مع احترافنا للمهنة التي أعدّها موهبة قبل كل شيء تعتمد على الدقة والتدريب والتفنن فيها..

*وما مدى الاقبال الرجالي على سوقكم هذه؟

- كبير وخاصة على خواتم الفضة.

*كيف هي حال الاسعار؟

- متفاوتة تبدأ من 1500 دينار ولاتنتهي عند 3 ملايين دينار وهنا آثرنا الاعتذار للسيد عامر سلطان الذي منحنا الكثير من جهده ووقته في هذه الرحلة، ودخلنا احد المحال لصاحبه الصائغ سجاد علي لنسأله عن رأيه بالشذر الازرق فقال:

- لدي يقين كبير به وهذا نابع من تجربة حيث انه يجبر العين الحاسدة على ان تقع عليه (فيبعثرها) من دون ان تمس صاحبه بحسد او بسوء.

*ومافوائد الاحجار الاخرى؟

- اتفق مع الرأي السابق حول العقيق وبركته في حين ان هناك من الاحجار ما لايستعمل الا للزينة مثل الماس والزمرد والياقوت وبينها ماهو رمز للهيبة كالزفير.

*لكن الم تتساءل عن مصدر البركة والفوائد الاخرى؟

- يعرف الكثيرون ان فوائدها نابعة من ذبذبات معينة تطلقها ثم لايفوتني ان اذكر لكم هنا ان استعمالها في الغرب يختلف عنا اذ هم يجعلون لكل شهر حجراً معيناً يتفاءلون به.

*وماهي انواع الخواتم لديك؟

- هناك الذهب والفضة وكذلك النحاس.

*واقدمها؟

- كلها قديمة اذ كان المتحف العراقي يحتفظ بنماذج كثيرة للخواتم حتى النحاسية منها بعضها يعود الى العصر السومري كذلك هناك الفراعنة ومومياءاتهم المغرقة في زينتها ومن ضمنها الخواتم.

*اثمن الاحجار المستعملة في الخواتم؟

- اثمنها الماس.

*ايهما اكثر ارتياداً لسوقكم الرجال ام النساء؟

- بالنسبة لخواتم الفضة فالرجال اكثر في حين ارى زملائي صاغة الذهب اكثر تعاملاً مع النساء، ثم اضاف ضاحكا، بلاحسد طبعاً.

اما السيد صالح سلمان احد صاغة الذهب فتوجهنا باسئلتنا اليه وأيد قائلاً:

- معظم عملنا يعتمد على النساء وخواتمهن اذ هن اكثر اقبالاً على الذهب ربما بسبب تحريم الاسلام له على الرجل.

*واي الخواتم يفضلن المنقوش ام السادة؟

- المنقوش غالباً.

*ماذا عن الصياغة الرجالية.. هل لها مكان عندكم؟

- نعم نحن ننفذها لكن حسب الطلب.. ان رغب الشخص بصياغة حجر في خاتم ذهبي فنفعل.

*كان اهل العروس في السابق غالباً ما يعمدون الى اهداء زوج ابنتهم خاتماً ذهباً هل مازالت هذه العادة موجودة ام اندثرت؟

- هي قليلة جداً ربما بسبب الحالة الاقتصادية والموقف الديني من تحريم لبس الرجل للذهب كل هذا قلل من هذه العادة.

وفي اطار هذه الجولة لم نجد أي رأي ايجابي عند الاطباء الاختصاصيين ولهذا يبقى الرأي الصحيح هو ان من شأن هذه الاحجار ان تمنح (المعتقدين) بها قوة نفسية تعد مهمة لمقاومة بعض الامراض والشفاء منها، لان العامل النفسي كما هو معروف يلعب دوراً كبيراً في مساعدة المريض على المقاومة والشفاء السريع، الا ان هذه القاعدة لاتنطبق على جميع الأمراض وخاصة الجرثومية منها.

وقبل ان ننتهي من هذه الرحلة نستذكر بأن سيد الخواتم هو الخاتم الذي يربط بين قلبين، ولهذا فقد احتل رقعة واسعة من العرف الاجتماعي، وصارت له (قوانينه) غير الرسمية، فهو يوضع في مرحلة الخطوبة في يد وينقل بعد الزواج الى اليد الثانية، وخصصت له ليلة خاصة وحفلة خاصة، والمرأة شديدة التمسك به حتى لاتكاد تفرط به من اصبعها حتى تحت ضغط الحاجة، اما الرجل فانه يتحين اية فرصة- بما فيها ادعاء النسيان- للتخلص منه والظهور بمظهر العزوبية البطولي!!

يقولوا بعد ان الخواتم تجلب الحظ لصاحبها
مشكور يا ابو هاجر
اخوك البرهان

مشكور ما قصرت ونتظر المزيد