بسم الله الرحمن الرحيم
آللهمَ صل على محمد وآلِ محمد
الأمر الذي شجع (سالم بن سيف المعمري) الأب على الرحيل عن زنجبار إلى القاهرة,
التي اختارها مقرا له ولأسرته, بحثا عن مجتمع عربي وفي ذات الوقت يحوي ثقافات أخرى متنوعة,
ويتسم برحابة الأفق. وإذا كان نجاح خطى القرار يتوقف على عوامل مساندة منها الثراء المالي,
فإن النجاح الكامل لا يتأتى إلا بالإصرار وقوة العزيمة, وهو ما اتسم به والد فاطمة سالم,
إذ بعد سنوات وجيزة من وصوله القاهرة استطاع أن يحيط أسرته بشعور الدفء واللاغربة ولدرايته التامة بأهمية هذا البعد في الاستقرار النفسي سارع في اقتناء بعض الأراضي والعقارات لأولاده وبناته- بمختلف أحياء القاهرة منها: (ميدان الجيزة - حي المنيرة - منطقة حدائق القبة - وحي جاردن سيتي - وأخيرا مدينة المهندسين), التي انتقل إليها في نهاية الخمسينيات وبعد بيع معظم أملاكه في المناطق الأخرى.
ومدينة المهندسين أثناء تلك الفترة كانت تعد منطقة زراعية نائية نسبيا تتسم بالهدوء والسكينة,
وعليه قرر سالم بن سيف أن يشتري بها قطعة أرض ليبني عليها بيتا صغيرا أطلق عليه (فيلا الوفاء),
قاصدا بكلمة (الوفاء) وفاء لمصر التي ترعرع بها أبناؤه وبناته, ووفاء للعلم والثقافة.
و(فيلا الوفاء) هي المكان الأخير الذي استقرت به فاطمة سالم بالقاهرة منذ نهاية الخمسينيات إلى قرابة منتصف السبعينيات (1974م),
حيث عادت إلى موطنها الأصلي سلطنة عُمان.
ثانيا :السكن ومواطن الاستقرار
من مارس (1911م) حتى يوليو (2002م), هي سنوات حياة الراحلة فاطمة سالم التي حوت فترات: الطفولة والمراهقة والشباب إلى الشيخوخة,
رحلة حياة طويلة يعجز الزمان عن محو آثارها, حيث البصمة مقروءة عبر تداعيات الذاكرة لمكتبتها الخاصة المكتظة بمختلف الكتب,
وعبر كلمات أبحاثها, وعبر صمت المكان الذي ابتلع جسدها لا اسمها الذي سيظل خالدا دوما يشع بأبهى صور الجمال,
الكامنة في ذكريات الآخرين عنها.
فالراحلة سكنت واستقرت في مناطق بعينها أبرزها:
- (فيلا الوفاء), (29) شارع إسماعيل أباظة (سنان سابقاً) بحي المهندسين, القاهرة.
- (18) شارع هيرودوت الدور الأول شقة (1), حي الشاطبي, الإسكندرية.
- (421) طريق الجيش (فيلا صغيرة) مقابل البحر, منطقة لوران, الإسكندرية.
- (2411) رقم الطريق, منزل رقم (844), شقة رقم (2), منطقة مرتفعات القرم, مسقط, سلطنة عُمان.
ثالثا :الحالة الاجتماعية
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيّب الأعراق
(شاعر النيل: حافظ إبراهيم)
حقاً إن الأمومة لا تعني العملية الفعلية للإنجاب فحسب,
بل هي في المقام عطاء وحنان وتضحية ورعاية وتوجيه وإرشاد.
وعليه فإن تعليم وتثقيف فاطمة سالم إلى أعلى مراحل العلم (الدكتوراه) قد نجم عنه غرس قيمة العلم بين أفراد عائلتها لتصل شهادة الدكتوراه إلى جيل أحفادها بفضل أمومة الراحلة وحنانها ورعايتها لكل إخوانها وأخواتها فضلاً عن أولادهم وبناتهم وأحفادهم.
ففاطمة سالم العزباء هي الإبنة البكر لإخوة أشقاء هم: اعتدال ومحمد وزكية وسميرة وعواطف وناصر وسيف.
ولدوا جميعا بزنجبار باستثناء الأخير, وتعلموا بمصر حتى المراحل الجامعية, ليتبوأوا جميعا مراكز مرموقة بعد ذلك بوطنهم سلطنة عُمان.
ولفاطمة سالم أخت تكبرها غير شقيقة تدعى رية.
وإذا كان والد فاطمة سالم قد صمّم على تعليم ابنته وتثقيفها إلى أعلى المراحل العلمية,
فإن من الأجدر أن نكشف عن طبيعة هذا المسار التعليمي, وكيفية تطوره وتصاعده.
رابعا : المسار التعليمي
بالنسبة للعائلات المقتدرة في مصر كان الشائع والمتبع في بدايات القرن العشرين إرسال تلك العائلات أبناءهم وبناتهم للتعليم في مدارس خاصة يتم التعليم فيها بلغات مختلفة: العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية ... إلخ,
وسالم بن سعيد المعمري لم يختلف عن السائد. إذ أرسل أولاده وبناته إلى مدارس خاصة تنوعت لغة الدراسة فيها بين العربية والإنجليزية والفرنسية.