منتديات جعلان > جعلان العامة > جعلان للمواضيع الاسلامية | ||
صـــــور من حياة الصحابة |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني ماسي
![]() غير متواجد
|
![]()
,,حمزة بن عبد المطلب,,
,, أسمه وكنيته ,, هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أبوه عبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيدها وصاحب السقاية والرفادة فيها، وأمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشية، وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، وكنيته أبو عمارة وأبو يعلى، ولقبه سيد الشهداء، وأسد الله، وأسد رسوله . ,, ولادته وصفاته وأسلامه,, ولد في مكة المكرمة قبل عام الفيل بسنتين فهو أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، أرضعتهما ثويبة جارية أبي لهب في فترتين متقاربتين، فنشأ رضي الله عنه وتربى بين قومه بني هاشم سادة قريش ومكة معززاً مكرماً، وكان موصوفاً بالشجاعة والقوة والبأس حتى عُرف أنه أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة، يشارك في الحياة الاجتماعية مع سادة قومه في أنديتهم ومجتمعاتهم، ويهوى الصيد والقنص وكل أعمال البطولة والفروسية، شهد وهو ابن اثنين وعشرين عاماً حرب الفجار الثانية بين قومه قريش وحلفائهم وبين قيس وحلفائها، وكان النصر لقريش . كان ترباً لرسول الله وصديقاً له لذا كانت بذور الإسلام موجودة في نفسه ولكن لم يعلن إسلامه إلا في السنة السادسة من البعثة إثر موقف غيرة وانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان عائداً من الصيد مرة وبلغه أن أبا جهل بن هشام المخزومي لقي النبي صلى الله عليه وسلم عند الكعبة فتعرض له بما يكره وسبّه سباً قبيحاً وآذاه، فغضب وأقبل على أبي جهل بعد أن طاف بالبيت، وضربه على رأسه بقوسه فشجّه شجة منكرة، وقال: (أتشتمه وأنا على دينه، أقول ما يقول، فاردد علي إن استطعت ؟ ثم مضى إلى رسول الله في دار الأرقم وأعلن إسلامه، ففرح به الرسول عليه السلام والمسلمون فرحاً كبيراً، وعز جانبهم بإسلامه، ولما أسلم عمر بن الخطاب بعده بفترة وجيزة، خرج المسلمون من دار أبي الأرقم بقيادة حمزة وعمر الفاروق وهم يكبرون ويهللون جهاراً نهاراً . وفي السنة السابعة من البعثة شارك حمزة قومه بني هاشم وبني المطلب الحصار الذي فرضته عليهم قريش في شِعب أبي طالب وعانوا منه المشقة والعذاب، ولكنهم خرجوا منه في السنة العاشرة وهم أشد قوة وأكثر صلابة . ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجرة إلى المدينة، هاجر حمزة مع من هاجر إليها قبيل هجرة النبي عليه السلام بوقت قصير، ونزل فيها على سعد بن زرارة من بني النجار، وآخى الرسول عليه السلام بينه وبين زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد مرور سبعة شهور على الهجرة النبوية عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أول لواء لحمزة بن عبد المطلب، وبعثه في ثلاثين رجلاً من المهاجرين لاعتراض عير قريش القادمة من الشام إلى مكة المكرمة بقيادة أبي جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، ولم يحصل بين الطرفين قتال، إذ حجز بينهما مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفاً للطرفين . ,, غزواته ,, شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة ودّان ـ قرية قريبة من الجحفة بين مكة والمدينة ـ وحمل لواء الغزوة. وظهرت بطولته رضي الله عنه في معركة بدر الكبرى التي وقعت في رمضان من السنة الثانية للهجرة حيث اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم مع عبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب لمبارزة فرسان كفار قريش: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فبارز حمزة شيبة وقتله وشارك الآخرين في قتل عتبة، كما قتل عدداً آخر من أبطال قريش منهم طعيمة بن عدي، وأبلى بلاء حسناً، وقاتل بسيفين، وكان يعلّم نفسه بريشة نعامة في صدره، وقال عنه أمية بن خلف أحد سادة قريش قبل أن يقتله المسلمون ذلك فعل بنا الأفاعيل، وقد كان حمزة بحق بطل غزوة بدر الكبرى، وبعد معركة بدر وفي شهر شوال من السنة الثانية للهجرة كان حمزة رضي الله عنه حاملاً لواء النبي لغزو يهود بني قينقاع وإجلائهم عن المدينة، وقد تجلت بطولته وشجاعته بشكل كبير في معركة أحد التي حدثت في شهر شوال سنة 3هـ، وأبلى فيها بلاء عظيماً، وقتل أكثر من ثلاثين شخصاً من الكفار، وكان يقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين كأنه الجمل الأورق، فقد استشهد حمزة بن عبد المطلب في معركة أحد، قتله وحشي الحبشي، ولقتله قصة ذكرها وحشي حيث كان غلاماً لجبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر كما ذكر، فلما سارت قريش إلى أحد، قال جبير لوحشي (إن قتلت حمزة عم محمد، فأنت عتيق)، فخرج وحشي مع الناس، وكان رجلاً حبشياً يقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما يخطئ، قال وحشي: (والله إني لأنظر إلى حمزة يهد الناس بسيفه ما يبقي به شيئاً مثل الجمل الأورق) إذ تقدمني إليه سبّاع بن عبد العزى، فقال له حمزة: هلمّ إليّ يا ابن مقطعة البظور، فضربه ضربة فقتله، وهززت حربتي، حتى إذا رضيت منها دفعتها إليه فوقعت في أسفل بطنه، حتى خرجت من بين رجليه وقضت عليه. ثم إن نسوة من قريش ومنهن هند بنت عتبة بن ربيعة التي قُتل أبوها وأخوها في معركة بدر مثّلن في جثته وبقرن بطنه، ولاكت هند كبده فلم تستسغه فلفظته، فلما وقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه قتيلاً بكى، فلما رأى ما مُثِّل به شهق وقال (رحمك الله أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات)، وقال أيضاً (لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت موقفاً أغيظ إليَّ من هذا) ثم قال: (لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع)، ثم أمر بالقتلى، فجعل يصلي عليهم بسبع تكبيرات ويرفعون ويترك حمزة، ثم يُجاء بسبعة فيكبر عليهم سبعاً حتى فرغ منهم، وقال بحقه (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب) . ,, أستشهاده ,, وكان استشهاد حمزة رضي الله عنه في منتصف شهر شوال سنة 3هـ (624م) وله من العمر نحو (58سنة) ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة رضي الله عنه فدفن في موقع المعركة في بطن جبل أحد ودفن معه ابن أخته عبد الله بن جحش وقبرهما معروف حتى اليوم وتسمى المنطقة منطقة سيد الشهداء، ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من احد إلى المدينة سمع بعض نساء الأنصار يبكين شهداءهن، فقال: (لكن حمزة لا بواكي له) فاجتمع نساء وبكين حمزة ولما أطلن البكاء قال عليه السلام: (مروهنّ لا يبكين على هالك بعد اليوم) . وكانت السيدة فاطمة الزهراء تأتي قبر حمزة .. ترمه وتصلحه . وقد رثاه عدد من الشعراء منهم كعب بن مالك الذي يقول فيه : بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل على أسد الإله غداة قالوا أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعاً هناك وقد أصيب به الرسول |
جعلاني للابد |
مشاهدة ملفه الشخصي |
البحث عن كل مشاركات جعلاني للابد |
جعلاني ماسي
![]() غير متواجد
|
![]()
مــعـــاذ بــن جـــبل
لما أشْرَقَتْ جزيرةُ العَرَبِ بنورِ الُهدَى والحقِّ، كان الغلامُ اليَثْرِبيُّ(1) مُعَاذُ بن جَبَل فتًى يافِعاً. وكان يَمْتَازُ من أترَابِهِ بِحِدَّةِ الذَّكاءِ، وقُوَّةِ العارِضَةِ(2)، ورَوْعَةِ البَيَانِ، وعُلُوِّ الِهمَّةِ. وكان إلى ذلك، قسيما وسيما(3) أكْحَلَ العينِ جَعْدَ الشعر بَرَّاق الثنايا، يَمْلأ عين مجتَليه(4) ويملكُ عليه فؤاده. أسْلَمَ الفَتَى مُعَاذُ بنُ جَبَل على يَدَي الدَّاعيةِ الَمكِّيِّ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ . وفي ليلةِ العَقَبَةِ امتدَّت يَدُه الفَتِيةُ فصافَحَتْ يَدَ النبي الكريم وبايعَتْهُ... فَقَدْ كانَ مُعاذٌ مَعَ الرَّهْط الاثنينِ والسَّبعين الذين قَصَدُوا مَكَّةَ، لِيَسْعَدوا بِلقَاءِ رسـولِ اللّه صلى الله عليه وسلم ، ويَشْـرُفوا ببيْعَتِـهِ، ولِيَخُطُّوا في سِفْر التاريخ أرْوَعَ صَفْحَةٍ وأزْهاها… *** وما إن عادَ الفَتَى من مَكّـةَ إلى المدينةِ حَتَّى كَوَّنَ هو ونَفَر صَغيرٌ من لِدَاتِه جماعَةً لِكَسْرِ الأوْثانِ، وانْتِزاعِها من بُيُوتِ المُشْركينَ في يَثْرِبَ في السرِّ أو في العَلنِ. وكان من أثرِ حَرَكَةِ هؤلاء الفتيانِ الصغارِ أنْ أسْلَمَ رَجُل كبيرٌ من رجالاتِ يَثْرِبَ، هو عمرو بنُ الجموح(5). *** كان عمرو بنُ الجَموح سَيِّداً من ساداتِ بني سَلَمَةَ، وشريفاً من أشرافِهِم. وكان قد اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ صَنَماً من نفيسِ الخَشَبِ كما كان يَصْنَعُ الأشْرافُ. وكان شَيْخُ بني سَـلَمَةَ يُعْنَى بصَنَمهِ هذا أشدَّ العِنَايَةِ فيُجلِّله بالحريرِ، ويُضَمِّخُه(6) كلَّ صَباح بالطِّيب. فقام الفِتْيانُ الصِّغارُ إلى صَنَمِهِ تَحْتَ جُنْح الظَّلامِ وحَمَلوه مِنْ مَكَانِه، وخَرَجوا بهِ إلى خَلْفِ منـازِلَ بني سَـلَمَةَ، وألقوه في حُفْرَةٍ كانَت تُجْمَعُ فيها ا لأقذار… فلمَّا أصبَحَ الشَّيْخُ افتَقَدَ صَنَمَهُ فلم يجِدْه، وَبَحثَ عَنْه في كُلِّ مكانٍ حَتى ألْفاهُ مُكِبّاً على وَجْهِهِ في الحُفْرَة غارِقاً في الأقذارِ فقال: وَيْلَكُمْ من عَدا على إلِهنا في هذه اللّيْلَةِ؟! ثم أخْرَجَهُ وغَسَله، وطَهَّرَه، وطيّبهُ، وأعادَه إلى مكانهِ، وقال له: أي "مناةُ"(7)، واللّهِ لو أني أعلَمُ من صَنَعَ بِكَ هذا لأخْزَيتُه... فلمَّا أمْسَى الشيخُ ونامَ تسلل الفِتْيَةُ إلى صنمِه وفعلوا به ما فعلوه في اللَّيْلَةِ السَّابقةِ... فما زالَ يبحثُ عَنْهُ حَتَّى وَجَدَه في حُفْرَةٍ أخْرَى من تِلْكَ الحُفَر... فأخْرَجَه وغَسَلَه وطَهَّرَه وعَطَّرَه وتَوَعَّدَ(8) من عَدَوْا عليه أشَدَّ الوعيد... فلمَّا تكرَّر ذلك مِنْهُمْ استَخْرجَه من حَيْثُ ألقَوْه، وغَسَلَه... ثمَّ جاء بِسيْفِهِ فَعَلَّقَهُ عليه وقال يخاطِبُه: واللّهِ إني ما أعلمُ من يَفْعَلُ بِكَ هذا الذي تَراه... فإن كان فيك خيرٌ – يا منـاةُ- فادْفَعْ عن نَفْسِك… وهذا السَّيْفُ مَعَك … فلمَّا أمسى الشَّيخُ ونام، عَدَا الفتْيَةُ على الصَّنَمِ، وأخذا، السَّيْفَ الُمعَلّقَ في رَقَبَتِهِ… وربطوه بِعُنُقِ كَلْبٍ مَيِّتٍ وألقَوْهما في حُفْرَةٍ من تِلْكَ الحفَرِ، فَلَمَّا أصْبحَ الشيخُ جَدَّ في طلبِ صَنَمِهِ حتى وَجَدَه مُلْقىً بين الأقْذَارِ مقروناً بكلبٍ مَيتٍ مُنَكَّساً على وجهه. عِنْدَ ذلك نَظَرَ إليه وقال: تا للّهِ لو كُنْتَ إلهاً لم تَكُنْ أنتَ وكَلْبٌ وسْطَ بِئرٍ في قَرَنْ(9). ثم أسلم شيخُ بنى سلَمةَ وحَسن إسلامه. *** ولما قَدِمَ الرسولُ الكريمُ على المدينةِ مهاجراً، لَزِمَهُ الفَتَى معاذ بنُ جَبل مُلازَمَةَ الظلِّ لِصَاحِبِه، فأخَذَ عنه القُرَانَ، وتَلَقَّى عليه شرائعَ الإسْلام، حَتَّى غَدا من أقرأ الصَّحابةِ لِكِتابِ اللّهِ، وأعْلَمِهم بِشَرْعِه... حَدَّثَ يَزِيدُ بنُ قُطَيْبٍ قال: دَخَلْتُ مَسْجِدَ حمصَ فإذا أنا بِفَتًى جَعْدِ الشَّعْرِ(10)، قد اجتَمَعَ حَوْلَه النَّاس. فإذا تكلَّمَ كأنَّما يَخْرُجُ من فيه نورً ولُؤلُؤ، فقلتُ: من هذا؟! فقالوا: معاذُ بن جبل. *** وروى أبو مسلم الخوْلانيّ(11) قال: أتيْتُ مسجِدَ دِمَشْقَ، فإذا حَلْقَةٌ (12) فيها كهول من أصْحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم. وإذا شاب فيهم أكْحَلُ العَيْنِ بَرَاقُ الثنايا، كُلَّما اخْتَلَفُوا في شيءٍ ردُوه إلى الفَتَى؟ فقلت لِجَليس لي: من هذا؟! فقال: معاذ بن جبل. *** ولا غَرْوَ(13) فمعاذٌ رُبّيَ في مَدْرَسةِ الرسولِ صلواتُ اللّهِ وسلامُه مُنْذُ نعومَةِ الأظْفارِ(14) وتَخَرَّجِ على يديه فنهل العلمَ من ينابيعه الغزيرة. وأخَذَ المَعْرِفةَ مِنْ مَعِينها الأصيل، فكان خيرَ تِلْميذٍ لخير مُعَلِّم. وحَسْبُ(15) معاذٍ شهادَةً أن يقولَ عنه الرسولُ صلواتُ اللّهِ عليه: "أعْلَمُ أمَّتي بالحَلالَ والحَرَامَ مُعاذُ بنُ جَبَل "؛ وحَسْبُه فضلاً عَلَى أمَّةِ مُحَمدٍ أنه كان أحَدَ النَّفَرِ الستَّةِ الذين جَمَعُوا القرَانَ عَلَى عَهْدِ رسول اللّهِ صَلواتُ اللّهِ وسلامُه عليه. ولذا كان أصْحابُ الرَّسولِ إذا تَحَدَّثوا وفيهم مُعَاذُ بنُ جَبَل نَظَروا إليهِ هَيْبَةً له وتَعْظيما لِعِلْمِهِ. *** وقد وَضَعَ الرَّسولُ الكريمُ وصاحباه من بَعْدِه هذه الطَّاقَةَ العلميةَ الفريدَةَ في خِدْمةِ الإسلام والمسلمين. فهذا هُوَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يَرَى جُموعَ قُرَيْش تَدْخُل في دينِ اللّهِ أفواجاً، بعد فتع مَكَّةَ. ويَشْعُرُ بِحاجَةِ المسْلمينَ الجُدُدِ إلى مُعَلِّم كبيرٍ يُعَلِّمُهُمُ الإسلامَ، ويُفَقِّهُهُم بِشَرائِعِه، فَيَعْهَدُ بِخِلافتهِ على مَكَّةَ لِعَتَّابِ بن أسيدٍ ، ويَسْتَبْقي مَعَهُ مَعَاذَ بنَ جَبَل لِيُعَلِّمَ النَّاسَ القرَانَ ويفقِّهَهُمْ في دينِ اللّهِ. *** ولَمَّا جاءَتْ رُسُلُ ملوكِ اليَمَنِ إلى رسولِ اللّهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عليه، تُعْلِن إسْلامَها وإسْلامَ مَن وراءَها، وتَسْألُه أنْ يَبْعَثَ مَعَها من يُعَلّمُ الناسَ دينهم انتدَبَ لهذه الُمهِمَّةِ نَفَراً من الدُّعاةِ الهداةِ من أصْحابه وأمَّرَ عليهم مُعاذَ بنَ جَبَل رَضِيَ اللّهُ عَنْه. وقدْ خَرَجَ النبيُّ الكريمُ صلواتُ اللّهِ وسلامُه عليه يودِّعُ بَعْثَةَ الُهدَى والنور هذه... وطَفِقَ يَمشي تَحْتَ راحِلَةِ مُعاذٍ ... ومُعاذ راكِب... وأطالَ الرَّسولُ الكريمُ مَشْيَه مَعَه، حَتَّى لكـأنَّه كان يريدُ أنْ يَتَمَلَّى من معاذ... ثم أوصاه وقال له: يا مُعاذ إنَّكَ عَسَى ألا تَلْقاني بَعْدَ عامِي هذا... ولعلَّكَ أنْ تَمُرَّ بِمَسْجدي وقَبْري... فَبَكَى معاذٌ جَزَعاً لِفراق نَبِيِّه وحَبيبِه محمدٍ صَلَواتُ اللّهِ عليه، وبَكَى مَعَهُ المسلمون. *** وصَدَقت نُبُوءَةُ الرسولِ الكريمِ فما اكتحَلَتْ عَيْنا مُعَاذٍ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ بِرُؤيَةِ النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ بَعْدَ تلكَ السَّاعةِ. فَقَدْ فارَقَ الرسولُ الكريمُ الحياةَ قَبْلَ أنْ يعودَ مُعاذٌ مِنَ اليَمَنِ. ولا ريبَ في أنَّ مُعَاذاً بَكَى لَمَّا عادَ إلى يَثْربَ فألفاها(16) قد أقْفَرَتْ من أنْس حبيبه رسولِ اللّهِ. *** ولَمَّا وَليَ الخِلافَةَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِىَ اللّهُ عنه؛ أرْسَلَ مُعاذاً إلى بني كِلابٍ ليقسم فيهم أعْطَياتِهم، ويُوَزِّعَ على فقرائِهِم صَدَقاتِ أغنيائِهم، فقام بما عُهِدَ إليه من أمرٍ وعاد إلى زوجه بِحِلْسِهِ(17) الذي خَرَجَ به يَلفه على رَقَبَتِهِ، فقالت له امرأته: أين ما جئْتَ بِهِ مِمَّا يأتي به الوُلاةُ من هَدِيَّةٍ لأهليهم؟! فقال: لَقدْ كان مَعي رَقيبٌ يَقِظ يُحْصى عَلَىَّ(18)، فقالت: قد كنت أميناً عِنْدَ رَسولِ اللّهِ، وأبى بكرٍ ، ثم جاء عمرُ فَبَعَثَ مَعَكَ رَقيباً يُحْصى عليك؟!! وأشاعت ذلك في نِسْوةِ عُمَرَ، واشْتَكَتْه لَهُنَّ... فَبَلَغ ذلك عُمَرَ؟ فَدَعا مُعاذاً وقال: أأنا بَعَثْتُ مَعَكَ رقيباً يُحْصِي عليك؟! فقال: لا يا أمير المؤمنين، ولكِنَّني لم أجِدْ شيئاً أعْتَذِرُ بهِ إليها إلا ذِلك... فَضَحِكَ عمرُ رضْوانُ اللّهِ عليه، وأعْطاه شيئاً وقال له: أرضِها به... *** وفي أيام الفاروق أرْسَلَ إليه واليه على الشَّامِ يزيدُ بن أبى سُفْيَانَ يقول: يا أمرَ المؤمنين، إن أهلَ الشَّامِ قد كَثرُوا وملؤوا المَدَائِنَ، واحْتَاجُوا إلى من يُعَلِّمُهُمْ القُرَانَ ويفقِّهُهُمْ بالدِّينِ فاعِنِّي يا أميرَ المُؤمنينَ بِرِجال يُعَلِّمونَهُمْ؟ فَدَعا عمر النَّفرَ الخَمْسَةَ الذينَ جَمَعوا القرَانَ في زَمَنِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام. وهم: معاذ بنُ جَبَل وعُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ وأبو أيوبَ الأنصاريُّ(19) وأبُيّ بنُ كعبٍ وأبو الدَّرداءِ(20) وقال لهم: إنَّ إخْوانَكُمْ من أهل الشَّامِ قد اسْتَعَانُوني بِمَنْ يُعَلِّمُهُم القرانَ ويفقهُهُمْ في الدِّينِ فأعينوني- رَحِمَكُم اللّهُ- بثلاثةٍ منكم؟ فإنْ أحْبَبْتُم فاقْتَرِعوا وإلا انْتَدَبْتُ ثلاَثةً منكم. فقالوا: ولِمَ نَقْتَرِعُ؟ فأبو أيوبَ شيخٌ كبيرٌ ، وأبيٌّ رَجُلٌ مَرِيضٌ ، وبَقينا نحنُ الثلاثة، فقال عمر: ابِدَؤوا بِحِمْصَ فإذا رضيتُمْ حالَ أهْلِها؛ فَخَلِّفوا أحَدَكُمْ فيها وَلْيَخُرجْ واحِد مِنْكُمْ إلى دِمَشْقَ، والآخرُ إلى فِلسْطينَ. فقام أصحابُ رسولِ اللّهِ الثلاثةُ بما أمَرَهُم به الفاروقُ في حِمْصَ... ثم تركوا فيها عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ، وذَهَبَ أبو الدَّرداءِ إلى دِمشقَ ومَضَى معاذ بنُ جَبَل إلى فِلسْطينَ. *** وهناك أصيبَ معاذ بالوَباءِ. فلما حَضَرَتْه الوفاةُ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وجَعَلَ يردِّدُ هذا النشيد: مَرْحباً بالموتِ مرحباً... زائِرٌ جاءَ بَعْدَ غِياب... وحبيب وَفَدَ على شَوْقِ... ثم جَعَلَ ينظر إلى السماء ويقول: اللهمَّ إنَّكَ كنتَ تَعْلَمُ أني لم أكُنْ أحِبُّ الدُّنيا وطولَ البَقَاءِ فيها لغرْسِ الأشجارِ، وجَرْيِ الأنهارِ... ولكِنْ لظَمَأ الهواجِرَ، ومكابَدَةِ السَّـاعات، ومزَاحَمَة العلماءِ بالرُّكَبِ عند حِلَقَ الذكر… اللَّهُمَّ فَتَقَبَّل نَفسي بِخَيْرِ ما تَتَقَبَّلُ به نَفْساً مُؤمِنَةٍ. ثم فاضتْ روحه الطَّاهرةُ بعيداً عن الأهل والعشير داعِياً إلى اللّهِ، مهاجراً في سبيله. (*) |
جعلاني للابد |
مشاهدة ملفه الشخصي |
البحث عن كل مشاركات جعلاني للابد |
جعلاني ماسي
![]() غير متواجد
|
![]()
أم سلمة
أمُّ سَلَمَةَ، وما أدْراكَ ما أمُّ سَلَمَةَ؟! أما أبوها فسيّدٌ من سـاداتِ مَخْزوم المَرْموقين، وجوادٌ من أجْوَادِ العَرَبِ المَعْدودين؛ حتَّى إنه كان يقال له: "زادُ الراكِـبِ "؛ لأنَّ الرُّكْبانَ كَانتْ لاتتَزَوَّدُ إذا قَصَدَتْ منازِلَه أو سارَتْ في صُحْبَتِهِ. وأمَّا زوجُها فعبدُ اللّهِ بنُ عبدِ الأسَدِ أحَدُ العَشَرةِ السابقين إلى الإسلامِ، إذْ لم يسلم قَبْلَه إلاَّ أبو بكرٍ الصديقُ ونفرٌ قليل لا يَبْلُغُ أصابعَ اليدين عدداً. وأمَّا اسمُها فهندُ؛ لكِنَّها كُنيتْ بأم سَلَمَةَ، ثم غَلَبَتْ عليها الكُنْيَةُ. *** أسلمت أمُّ سَلَمَةَ مع زَوْجها فكانتْ هي الأخْرَى من السابقاتِ إلى الإسلامِ أيضاً. وما إنْ شاعَ نبأ إسلامِ أم سلمةَ وزوجها حتَّى هاجَتْ قريش ومَاجَتْ، وجَعلتْ تَصُبُّ عليهما من نكَالها (1) ما يُزَلْزِلُ الصُّمَّ الصِّلابَ (2)، فلم يَضعُفا ولم يَهِنا ولم يَتَردَّدا. ولما اشتد عليهما الأذى وأذن الرسول صلوات الله عليه لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة كانا في طليعة المهاجرين . *** مَضَتْ أمُّ سـلمةَ وزوجُها إلى ديارِ الغُرْبَةِ وخلَّفَتْ ورءاها في مكَّـةَ بيتَها الباذِخَ (3)، وعزَّها الشـامِخَ، ونَسَبَها العريقَ، مُحْتَسِبَةً (4) ذلك كلَّه عندَ اللّهِ، مُسْتَقِلَّةً له في جَنْبِ مَرْضاتِه. وعلى الرَّغْمِ ممَّا لَقيَتْه أمُّ سَلَمَةَ وصحبُها مِنْ حِمايَةِ النجاشِيِّ نَضرَ اللّهُ في الجنةِ وَجْهَه، فقد كان الشَّوْقُ إلى مكَّةَ مهبطِ الوحْي، والحنينُ إلى رسولِ اللّهِ مَصْدر الُهدَى يَفْري كَبِدَها وكَبدَ زوجها فَرْياً. ثم تَتَابَعتِ الأخبارُ على المهاجرين إلى أرضِ الحَبَشَةِ بأنَّ المسلمين في مكَّةَ قد كَثُرَ عَدَدُهم، وأنَّ إسلامَ حَمْزَة بنِ عبدِ المطَّبِ، وعمرَ بنِ الخطَّابِ قد شَدَّ من أزْرهم (5)، وكَفَّ شيْئاً من أذَى قريش عنهم، فَعَزَمَ فريق منهم عَلى العَودَةِ إلى مَكَّةَ، يَحْدوهم الشوقُ (6)، ويدعوهم الحنينُ.. فكانت أمُّ سلمةَ وزوجُها في طليعةِ العائدين *** لكِنْ سَرْعانَ ما اكْتَشَفَ العائدون أنَّ ما نُمِيَ إليهم من أخبارٍ كان مُبالغاً فيه، وأنَّ الوَثْبَةَ التي وَثَبَها المسلمون بَعْدَ إسلامِ حمزةَ وعمرَ، قد قوبِلَتْ مِنْ قريش بِهَجْمَةٍ أكبرَ. فَافْتَنَّ المُشْرِكونَ في تعْذيبِ المسلمين وتَرْويعهم، وأذاقوهُم مِنْ بَأسِهم ما لا عَهد لهم بِهِ مِنْ قَبلُ. عند ذلك أذِنَ الرسولُ صلواتُ اللّهِ عليه لأصحابِهِ بالِهجْرَةِ إلى المدينةِ، فَعَزَمَتْ أمُّ سلمةَ وزوجُها على أن يكونا أوَّلَ المهاجرين فِراراً بدينهما وتَخَلُّصاً من أذَى قريش. لكِنَّ هِجْرَةَ أمِّ سَلَمَةَ وزوجِها لم تكن سَهْلَةً مُيَسَّرَةً كما خُيِّل لهما، وإنَّما كانت شَاقَّةً مُرَّةً خَلَّفَتْ وراءَها مأساةً تهون دونَها كلُّ مَأساةٍ. فَلْنَتْركِ الكلامَ لأمِّ سلمةَ لِتَرْوِيَ لنا قِصَّةَ مأساتها... فشعورُها بها أشدُّ وأعْمَقُ، وتَصْويرُها لها أدَقّ وأبلَغُ. قالت أمُّ سلمةَ: لما عَزَمَ أبو سلَمَةَ على الخروج إلى المدينة أعَدَّ لي بعيراً، ثمَّ حَمَلَني عليه، وجعلَ طِفْلَنا سَلَمَةَ في حِجْري، ومضَى يقودُ بِنا البعيرَ وهو لا يَلْوي على شيء (7). وقبلَ أن نَفْصِلَ (8) عَنْ مَكَّةَ رآنا رِجالٌ مِنْ قَوْمي بني مخزوم فَتَصَدَّوْا لنا، وقالوا لأبى سَلَمَةَ: إن كنتَ قد غَلبْتَنا على نَفسِك، فما بالُ امْرَأتِكَ هذه؟! وهي بِنْتُنا، فعلامَ نَتْرُكُكَ تأخُذُها مِنَّا وتسيرُ بها في البلادِ؟! ثم وَثَبوا عليه، وانْتَزَعوني منه انْتِزاعاً. وما إن رآهم قومُ زوجي بنو عَبْدِ الأسَدِ يأخذونَني أنا وطِفْلي، حَتَّى غَضِبوا أشَدَّ الغَضَبِ، وقالوا: لا واللّهِ لا تتْرُكُ الوَلَدَ عِنْدَ صاحِبَتِكم بعد أن انْتزعتُمُوها من صاحِبِنا انْتِزاعاً.. فهو ابْنُنا ونحن أولى به. ثم طَفِقُوا يتجاذَبون طِفْلي سـلمةَ بيْنَهم عَلَى مَشْهَدٍ منِّى حتَّى خَلَعوا يَدَهُ وأخَذوه. وفي لَحَظَاتٍ وَجَدْتُ نَفْسِي مُمَزَّقَةَ الشَّمْل وحيدةً فريدةً: فزوجي اتَّجه إلى المدينةِ فِراراً بدينه ونَفْسِه... وولدي اخْتَطَفَه بنو عبدِ الأسَدِ من بينِ يَدَيَّ مُحَطَّماً مَهيضاً (9).. أما أنا فقد اسْتَوْلَى علَّي قَوْمي بنو مخزوم، وجعلوني عِنْدَهم... ففُرِّقَ بَيْني وبينَ زَوْجي وَبَيْنَ ابني في ساعةٍ . ومُنذ ذلك اليومِ جَعَلْتُ أخرُجُ كُلَّ غَداةٍ إلى الأبطَحِ، فأجْلِسُ في المكانِ الذي شَهِدَ مأسـاتي، وأستعيدُ صورةَ اللَّحظاتِ التي حِيلَ فيها بيني وبينَ ولدي وزَوْجِي، وأظَلُّ أبكي حتَّى يُخيّمَ عليَّ الليلَ. وبقيتُ على ذلك سنةً أو قريباً مِنْ سنةٍ إلى أنْ مَرَّ بي رَجُل من بني عَمِّي، فَرَقَّ لحالي ورَحِمَني وقال لِبني قومي: ألا تُطْلِقون هذه المسكينةَ!! فَرَّقْتُم بينَها وبينَ زَوْجِها وبينَ ولدِها. وما زالَ بهم يَسْتَلينُ قلوبَهم ويَسْتَدِرُّ عَطْفَهم حتَّى قالوا لي: اِلحقي بزوجِك إن شِئْتِ. ولكِنْ كيفَ لي أن ألْحَقَ بِزَوجي في المدينةِ وأترُكَ ولدي وفِلْذَةَ (10) كَبِدي في مكَّةَ عنْدَ بني عبدِ الأسدِ؟! كيف يمكنُ أن تَهْدَأ لي لوعَة أو تَرْقأ لعيني عَبْرَةٌ (11) وأنا في دارِ الِهجْرَةِ وولدي الصغيرُ في مكَّةَ لا أعرِف عنه شيئاً؟!!! ورَأى بعضُ النـاسِ ما أعالج (12) مِنْ أحْزاني وأشْجاني فرقَّت قلوبُهم لحالي، وكلَّموا بني عبدِ الأسَدِ في شَأني (13) واسْتَعْطفوهم علىَّ فَرَدُّوا لي وَلَدي سَلَمَةَ. *** لم أشأ أنْ أترَيَّثَ في مَكَّةَ حتَّى أجِدَ مَنْ أسافِرُ مَعَه ؛ فقد كنت أخشى أنْ يَحْدُثَ ما ليس بالحِسْبَان فَيعوقَني عَنِ اللَّحاقِ بِزَوجي عائِقٌ … لذلك بادرتُ فأعْدَدْتُ بَعيري، ووضَعْتُ ولدي في حِجْري، وخَرَجْتُ مُتَوَجِّهَةً نحوَ المدينةِ أريدُ زَوْجي، وما مَعي أحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللّهِ. وما إن بَلَغْتُ "التنعيم" (14) حتَّى لقيتُ عُثْمانَ بنَ طلحةَ (15) فقال: إلى أين يا بِنْتَ زادِ الراكِـبِ؟! فقلت: أريدُ زَوْجي في المدينةِ. قال: أوَما مَعَكِ أحدٌ ؟! قلت: لا واللّهِ إلا اللّهَ ثم بُنَيِّ هذا. قال: واللّهِ لا أترُكُكِ أبداً حتَّى تَبْلُغي المدينة. ثم أخَذَ بِخطام (16) بعيري وانْطَلَقَ يَهْوي بي.. فواللّهِ ما صَحِبْتُ رجلاً من العَرَبِ قَطُّ أكْرمَ مِنْه ولا أشْرَفَ: كان إذا بَلَغ منزلاً من المنازِلِ يُنيخُ بعيري، ثم يَسْتَأخرُ عنِّي، حتَّى إذا نَزَلْتُ عن ظهْرِه واسْتَوَيْتُ على الأرضِ دنا إليه وحَطَّ عَنْه رَحْلَه، واقْتَادَه إلى شَجَرَةٍ وقيَّده فيها... ثم يَتَنَحَّى عَنِّى إلى شَجَرَةٍ أخْرَى فيَضْطَجعُ في ظلِّها. فإذا حانَ الرَّواحُ قامَ إلى بعيري فأعَدَّه، وقدَّمه إليَّ، ثم يَسْتَأخِرُ عَنِّى ويقول: ارِكَبي، فإذا رَكِبْتُ، واسْتَوَيْتُ على البعيرِ، أتى فأخذَ بِخِطامِه وقادَه. *** وما زال يصْنَعُ بي مثلَ ذلك كلَّ يوم حتَّى بَلَغْنا المدينةَ، فلمَّا نَظَرَ إلى قريةٍ بقُبَاء (17) لبني عمرو بن عوِف قال: زوجُك في هذه القريةِ، فادْخُليها على بَرَكةِ اللّهِ، ثم انصَرَف راجعاً إلى مكَّةَ. *** اجتَمَع الشَّمْلُ الشتيتُ (18) بعدَ طولِ افْتِراقٍ ، وقرَّتْ عَيْنُ أمِّ سلمةَ بِزَوْجِها، وسَعِدَ أبو سـلمةَ بصاحِبَتِهِ وولَدِه… ثم طَفِقَتِ الأحداثُ تَمْضى سِراعاً كَلَمْح البَصرِ. فهذه بَدْرٌ يَشْهَدُها أبو سلمةَ ويعودُ منها مَعَ المسلمين، وقد انْتَصروا نَصراً مُؤزَراً (19). وهذه أُحد، يخوضُ غِمَارَها بَعْدَ بَدْرٍ ، ويُبلي فيها أحسنَ البلاءِ وأكْرَمَه، لكنَّه يخرجُ منها وقد جُرِحَ جُرْحاً بليغاً، فما زال يعالِجُه حتَّى بدا له أنّه قد انْدَمَلَ (20)، لكِنَّ الجُرحَ كان قد رُمَّ عَلى فسادٍ (21) فما لَبِثَ أن انْتَكَأ (22) وألْزَمَ أبا سَلَمَةَ الفِراشَ. وفيما كان أبو سلمة يُعالَج من جُرْحِه قال لزوجه: يا أمَّ سَلَمَةَ، سمعت رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يصيبُ أحداً مصيبة، فَيَسْتَرْجعُ (23) عِنْدَ ذلك ويقول: اللَّهُمَّ عندَكَ احْتَسَبْتُ مصيبتي هذه. اللَّهُمَّ اخْلُفني خَيْراً مِنها إلا أعطاهُ اللّه عزَّ وجلَّ ...." *** ظَلَّ أبو سلمةَ على فِراشِ مَرَضِهِ أياماً. وفي ذاتِ صباح جاءَه رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ليَعودَه، فلم يَكَدْ ينتهي من زيارتِه ويجاوزُ بابَ داره، حتَّى فارقَ أبو سلمةَ الحياةَ. فأغْمَضَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بِيَديه الشريفتين عَيْني صاحبه. ورَفَعَ طَرْفَه إلى السماءِ وقال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأبي سَلَمَةَ، وارْفَعْ دَرَجَتَه في المقرَّبين. واخلُفْه في عَقِبهِ (24) في الغابرين. واغْفِرْ لنا وله يا ربَّ العالمين. وافسَحْ له في قَبْرِه، ونوِّرْ له فيه. أما أمُّ سلمةَ فَتَذكَّرَتْ ما رَواهُ لها أبو سَلَمَةَ عَنْ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقالت: اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أحْتَسِبُ مصيبتي هذه... لكِنَّها لم تَطِبْ نفسُها أنْ تقولَ: اللَّهُمَّ اخْلُفني (25) فيها خيراً منها؟ لأنَّها كانت تتساءل، ومن عَساهُ أن يكونَ خيراً من أبي سَلَمَة؟! لكنَّها ما لَبِثَتْ أن أتمّتِ الدعاءَ… *** حزن المسلمون لِمصابِ أمِّ سلمةَ؟ لم يَحْزنوا لِمُصابِ أحَدٍ من قَبْلُ، وأطلقوا عليها اسم "أيّم (26) العرب "…. إذْ لم يَكُنْ لها في المدينةِ أحدٌ من ذويها غيرَ صِبيَةٍ صغارٍ كزغبِ القطا (27). *** شَعَرَ المهاجرون والأنْصَارُ معاً بِحَقِّ أمِّ سلمةَ عليهم، فما كادَتْ تَنْتَهي من حِدَادِها على أبى سـلمةَ حتَّى تقدَّم منها أبو بكر الصديقُ يخطُبها لِنَفْسِهِ فأبَتْ أن تَسْتَجيبَ لِطَلَبِه.. ثم تقدَّم منها عمرُ بنُ الخطَّاب فردَّته كما ردَّت صاحِبَه... ثم تَقَدَّم منها رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسولَ اللّهِ، إنَّ فيَّ خِلالاً (28) ثلاثاً: فأنا امرأةٌ شديدةُ الغَيْرَة فأخافُ أن تَرَى مِنِّى شَيئاً يُغْضِبُكَ فَيُعَذِّبني اللّهُ به. وأنا امرأة قد دَخَلْتُ في السنِّ (29). وأنا امرَأة ذاتُ عِيال. فقال عليه الصلاة والسَّلام: أمَّا ما ذَكَرْتِ من غَيْرَتكِ فإني أدعو اللّهَ عَزَّ وجَلَّ أن يُذْهِبَها عنك. وأمَّا ما ذَكَرْتِ من السنِّ فقد أصابني مثلُ الذي أصابَك. وأمَّا ما ذَكَرْتِ من العيالِ، فإنَّما عيالُكِ عيالي. ثم تزوّج رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم من أمِّ سلمة فاستجاب اللّه دعاءَها، وأخْلَفَها خيراً من أبى سَلَمَةَ. ومنذ ذلك اليومِ لَمْ تَبْقَ هِنْدُ المَخْزُوميَّةُ أمّاً لِسَلَمَةَ وحدَه؟ وإنما غَدَتْ أمّاً لجميع المؤمنين. نَضرَ اللّهُ وَجْهَ أم سلمة في الجنَّةِ ورَضِىَ عنها وأرضاها |
جعلاني للابد |
مشاهدة ملفه الشخصي |
البحث عن كل مشاركات جعلاني للابد |
جعلاني للابد |
مشاهدة ملفه الشخصي |
البحث عن كل مشاركات جعلاني للابد |
جعلاني فعال
![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
مشكوووووووووووور وتسلم يا جعلاني للابد وعساك دوووم على صحه
وماشاء الله عليك عيني عليك بارده ومعلومات بصراحه روعه تسلم وننتظر المزيد منك [glow=33FF99]اختك في الله القمر المضئ[/glow] |
جعلاني للابد |
مشاهدة ملفه الشخصي |
البحث عن كل مشاركات جعلاني للابد |
جعلاني ماسي
![]() غير متواجد
|
![]()
خَديجَة بِنتُ خُوَيلِد
نسبها ونشأتها: هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الاسديه ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م) تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة ، وكانت السيدة خديجة تاجرة، ذات مال، تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة، وقد بلغها عن رسول الله أنه كان صادق أمين، كريم الأخلاق، فبعثت إليه وطلبت منه أن يخرج في تجارة لها إلى الشام مع غلام لها يقال له ميسرة. وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وربحت تجارتها ضعف ما كانت تربح .أخبر الغلام ميسرة السيدة خديجة عن أخلاق رسول الله ، فدست له من عرض عليه الزواج منها، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأرسلت السيدة خديجة إلى عمها عمرو بن أسعد بن عبد العزى، فحضر وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله خمس وعشرون سنة. السيدة خديجة - رضي الله عنها - كانت أول امرأة تزوجها الرسول ، صلى الله عليه وسلم، وكانت أحب زوجاته إليه، ومن كرامتها أنها لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت [. أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة . إسلامها: عندما بعث الله – سبحانه وتعالى – النبي e كانت السيدة خديجة – رضي الله عنها- هي أول من آمن بالله ورسوله، وأول من أسلم من النساء والرجال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة يصليان سراً إلى أن ظهرت الدعوة. تلقى رسو الله e كثيراً من التعذيب والتكذيب من قومه، فكانت السيدة خديجة t تخفف عنه وتهون عليه ما يلقى من أكاذيب المشركين من قريش. وعندما انزل الله – سبحانه وتعالى – الوحي على الرسول - صلى الله عليه وسلم -قال له ( اقرأ بسم ربك الذي خلق ( فرجع مسرعاً إلى السيدة خديجة وقد كان ترجف بوادره، فقال : " زملوني " ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال : " مالي يا خديجة؟ " وأخبرها الخبر وقال: " قد خشيت على نفسي " ، فقالت له : كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الحق. وانطلقت به إلى ابن خمها ورقة بن نوفل بن أسد، وهو تنصر في الجاهلية، وكان يفك الخط العربي، وكتب بالعربية بالإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا قد عمى، فقالت : امع من ابن أخيك ما يقول، فقال: يا ابن أخي ما ترى؟، فأخبره، فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى منزلتها عند رسول الله : كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله – تعالى – رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب . كان رسول الله e يفضلها على سائر زوجاته، وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي e ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي e يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد. وقالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزاً فأبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمن بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا. وفاتها: توفيت السيدة خديجة ساعد رسول الله الأيمن في بث دعوة الإسلام قبل هجرته إلى المدينة المنورة بثلاثة سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده، وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم- تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله – سبحانه وتعالى |
جعلاني للابد |
مشاهدة ملفه الشخصي |
البحث عن كل مشاركات جعلاني للابد |
جعلاني ماسي
![]() غير متواجد
|
![]()
][®][^][®][عبدالله بن عباس][®][^][®][
ولد ابن عباس قبل الهجرة ب3 سنوات ولما توفي الرسول كان عمره 13 عاما . ومع ذلك فقد حفظ للمسلمين عن النبي 1660 حديثا صحيحين . ولما وضعته أمه ذهبت به إلى الرسول فحنكه بريقه فكان أول مادخل جوفه ريق الرسول المبارك الطاهر . وماإن حلت عنه الغلام تمائمه ودخل السابعة حتى لازم الرسول فكان يعد له وضوئه إذا هم أن يتوضأ . ويصلي خلفه إذا وقف للصلاة . ويكون رديفه إذا سافر . حتى صار كظله يسير معه أنى سار ويدور في فلكه كيفما دار . وكان يحمل قلبا واعيا وذهنا صافيا وكان شديد الحفظ . حدث عن نفسه قال : هم رسول الله عليه بالوضوء ذات مره فما أسرع أن أعددت له الماء فسر بما صنعت .... ولما هم بالصلاة أشار إلي أن أقف بإزائه فوقفت خلفه ولما أنتهى الرسول من الصلاة قال له : مامنعك أن تكون بأزائي ياعبدالله ؟ فقلت : أنت أجل من أوزيك يارسول الله . فدعا له رسول الله ( اللهم أته الحكمه ) . وقد أستجاب الله لدعاء النبي فؤتي عبدالله من الحكمة الكثير . وقد سلك الفتى إلى العلم كل سبيل وبذل كل جهده من أجل تحصيله . حدث عن نفسه قال : ان إذا بلغني الحديث عند رجل من الصحابة أتيت بيته وقت القيلوله وتوستد ردائي عند داره ولو شئت أن أستأذن لأذن لي . وإنما أفعل ذلك لأطيب نفسه . فإذا خرج من البيت رأني ويقول ياأبن عم رسول الله ماجاء بك؟ هلا أرسلت إلي فأتيك ؟ فأقول : أنا أحق بالمجيء إليك فالعلم يؤتى لايأتي ثم يسأله عن الحديث . وقد دأب ابن عباس على العلم حتى بلغ فيه مبلغ الفحول . ولما أكتمل لابن العباس ماطمح إليه من العلم أصبح يعلم الناس . فأصبح بيته جامعة للناس ................ فصار يجلس يوما للتفسير ويوما للفقه ....... ليبعد الزحمات الشديدة . ومن شدة علمه وحكمته أصبح مستشارا للخلافة الراشدة رغم صغر السن . ولم ينس أبن عباس حق العامه فكان يقيم مجالس التذكير والموعظة . وقد يلغ ابن عباس من المجد غايته فكان حيث خرج للحج وكان معه موكب كبير من طلبة العلم أما أمير المؤمنين له موكب أصغر منه من رجال دولته قال ابن عباس: إياك والكلام فيما يعنيك إذا كان في غير موضعه، ولا تمار سفيها ولا حليما، فان السفيه يؤذيك وإن الحليم يقليك، واذكر أخاك في غيبته بما تحب أن يذكرك به، ودعه مما تحب أن يدعك منه. عمر ابن عباس إحدى وسبعين عاما ملأفيها الدنيا علما وفهما وحكمة وتقى . فلما أتاه اليقين صلى عليه محمد بن الحنيفة والبقية من الصحابه وجلة من التابعين . 00000000000000000000000 |
جعلاني للابد |
مشاهدة ملفه الشخصي |
البحث عن كل مشاركات جعلاني للابد |
شجووون |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى شجووون |
زيارة موقع شجووون المفضل |
البحث عن كل مشاركات شجووون |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|