منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للتربية والتعليم | ||
((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني ))) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
إسلام عبد الله سلام رضي الله تعالى عنه
و هو من بني إسرائيل ، من ولد يوسف بن يعقوب نبي الله ، و هو حليف للقوافلة ، و هم بنو غنم و بنو سالم ابنا عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج . رويناعن ابن سعد : " أخبرنا عبد الله بن عمر ، و أبو معمر المنقري ، حدثنا عبد الوارث ابن سعيد : حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك ، قال : أقبل نبي الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ، قالوا : جاء نبي الله . فاستشرقوا ينظرون ، إذ سمع به عبد الله بن سلام و هو في نخل لأهله يخترف لهم منه ، فعجل أن يضع التي يخترف لهم فيها فجاء و هي معه ، فسمع من نبي الله صلى الله عليه و سلم ، ثم رجع إلى أهله . فلما خلى نبي الله صلى الله عليه و سلم جاء عبد الله بن سلام فقال أشهد أنك رسول الله حقاً و أنك جئت بحق ، و لقد علمت اليهود أني سيدهم و ابن سيدهم ، و أعلمهم و ابن أعلمهم ، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت ، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في ما ليس في . فأرسل نبي الله صلى الله عليه و سلم إليهم ، فدخلوا عليه ، فقال لهم نبي الله صلى الله عليه و سلم : يا معشر اليهود ! ويلكم اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقاً ، و أني جئتكم بحق ، أسلموا . قالوا : ما نعلمه ، فأعادها عليهم ثلاثاً ، و هم يجيبونه كذلك . قال : فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : ذلك سيدنا و ابن سيدنا و أعلمنا و ابن أعلمنا . قال : أفرأيتم إن أسلم . قالوا : حاشى لله ما كان ليسلم . فقال : يا ابن سلام اخرج عليهم . فخرج إليهم ، فقال : يا معشر اليهود ! ويلكم ! اتقوا الله ، و الله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقاً ، و أنه جاء بالحق . فقالوا : كذبت . فأخرجهم النبي صلى الله عليه و سلم " . رواه البخاري من حديث عبد العزيز بن صهيب . و روينا من طريق البخاري : " حدثني حامد بن عمر ، عن بشر بن المفضل ، حدثنا حميد ، حدثنا أنس : أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة ، فأتاه يسأله عن أشياء ، فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ، ما أول أشراط الساعة ، و ما أول طعام يأكله أهل الجنة ، و ما بال الولد ينزع إلى أبيه و إلى أمه ؟ قال : أخبرني بهن جبريل آنفاً . قال ابن سلام : ذاك عدو اليهود من الملائكة . قال : أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب ، و أما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت ، و أما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد ، و إذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد . قال : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله . قال : يا رسول الله إن اليهود قوم بهت " . فذكر نحو ما تقدم . و روينا عن ابن سعد : " أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، في قوله تعالى : " قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله " [ الأحقاف : 10 ] قال جاء عبد الله بن سلام إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : يا رسول الله ! إن اليهود أعظم قوم عضيهة ، فسلهم عني ، و خذ عليهم ميثاقاً أني إن اتبعتك و آمنت بكتابك أن يؤمنوا بك و بكتابك الذي أنزل عليك ، و اخبئني يا رسول الله قبل أن يدخلوا عليك ، فأرسل إلى اليهود ، فقال : ما تعلمون عبد الله بن سلام فيكم ؟ قالوا : خيرنا و أعلمنا بكتاب الله ، سيدنا و عالمنا و أفضلنا . قال : أرأيتم إن شهد أني رسول الله و آمن بالكتاب الذي أنزل علي ، تؤمنون بي ؟ قالوا : نعم . فدعاه ، فخرج عليهم عبد الله . فقال : يا عبد الله بن سلام ! أما تعلم أني رسول الله ؟ تجدوني مكتوباً عندكم في التوراة و الإنجيل ، أخذ الله ميثاقكم أن تؤمنوا بي ، و أن يتبعني من أدركني منكم ؟ قال : بلى . قالوا : ما نعلم أنك رسول الله . و كفروا به و هم يعلمون أنه رسول الله ، و أن ما قال حق ، فأنزل الله : " قل أرأيتم إن كان من عند الله " ـ يعني الكتاب و الرسول ـ " وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله " يعني عبد الله بن سلام " فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " [ الأحقاف : 10 ] ففي ذلك نزلت هذه الآية " . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
خبر مخيريق
قال ابن إسحاق : و كان حبراً عالماً غنياً كثير الأموال من النخل ، و كان يعرف رسول الله صلى الله عليه و سلم بصفته ، و ما يجد في علمه ، و غلب عليه إلف دينه ، فلم يزل على ذلك حتى كان يوم أحد يوم السبت ، قال : و الله يا معشر يهود إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق . قالوا : إن اليوم يوم السبت . قال : لا سبت لكم ، ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه بأحد ، و عهد إلى من وراءه من قومه : إن قتلت هذا اليوم فأموالي إلى محمد يصنع فيها ما أراه الله . فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل ، فكان رسول الله فيما بلغني يقول : " مخيريق خير يهود " . و قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم أمواله فعامة صدقات رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة منها . و قال الواقدي : كان مخيريق أحد بني النضير حبراً عالماً ، فآمن برسول الله صلى الله عليه و سلم ، و جعل ماله له ، و هو سبعة حوائط ، فجعلها رسول الله صلى الله عليه و سلم صدقةً ، و هي الميثب ، و الصافية ، و الدلال ، و حسنى ، و برقة ، و الأعواف ، و مشربة أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و هي مارية القبطية . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
أخبار كفار اليهود و المنافقين
و ذكر ابن إسحاق : عن عبد الله بن أبي بكر ، قال : حدثت عن صفية ابنة حيي ، أنها قالت : كنت أحب ولد أبي إليه و إلى عمي أبي ياسر ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة غدوا عليه ، ثم جاءا من العشي ، فسمعت عمي يقول لأبي : أهو هو ؟ قال : نعم و الله . قال : أتعرفه و تثبته . قال : نعم . قال : فما في نفسك منه ؟ قال : عداوته ـ و الله ـ ما بقيت . و ذكر ابن إسحاق من المنافقين روي بن الحارث ، و الحارث بن سويد ، و جلاس بن سويد ، و كان ممن تخلف عن غزوة تبوك ، و قال : لئن كان هذا الرجل صادقاً لنحن شر من الحمر . فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم عمير بن سعد ، و كان في حجر جلاس ، خلف على أمه ، فقال له عمير : و الله يا جلاس إنك لأحب الناس إلي ، و أحسنهم عندي يداً ، و لقد قلت مقالةً لئن رفعتها عنك لأفضحنك ، و لئن صمت عليها ليهلكن ديني ، و لإحداهما أيسر علي من الأخرى ، ثم مشى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر له ما قال جلاس . فحلف جلاس بالله لرسول الله صلى الله عليه و سلم : لقد كذب علي عمير ، و ما قلت ما قال . فأنزل الله تعالى : " يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم " إل قوله : " وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير " [ التوبة : 74 ] فزعموا أنه تاب ، فحسنت توبته . و زاد ابن سعد في هذا الخبر : فقال ـ يعني جلاساً ـ قد قلته و قد عرض الله علي التوبة فأنا أتوب ، فقبل ذلك منه . و كان له قتيل في الإسلام فوداه رسول الله صلى الله عليه و سلم فأعطاه ديته فاستغنى بذلك . و كالن قد هم أن يلحق بالمشركين . قال : و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للغلام : " و فت أذنك " . و قال الواقدي : و لم ينزع جلاس عن خير كان يصنعه إلى عمير ، فكان ذلك مما عرف به توبته . و أخوه الحارث هو الذي قتل المجذر بن ذياد البلوي يوم أحد بأبيه سويد بن الصامت ،فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عمر بن الخطاب بقتل الحارث إن ظفر به ، ففاته فكان بمكة ، ثم بعث إلى أخيه الجلاس يطلب التوبة ، فأنزل الله فيما بلغني عن ابن عباس : " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " [ آل عمران : 86 ] إلى آخر القصة . و قال الواقدي : إن الحارث أتى مسلماً بعد الفتح ، و كان قد ارتدى و لحق بالمشركين ، فقتله النبي صلى الله عليه و سلم بالمجذر . و من بني ضبيعة بن زيد : بجاد بن عثمان ، و نبتل بن الحارث ، و هو الذي قال : إنما محمد أذن ، من حدثه شيئاً صدقه ، فأنزل الله فيه : " ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن " [ التوبة : 61 ] و أبو حبيبة بن الأزعر ، و كان ممن بنى مسجد الضرار ، و ثعلبة بن حاطب ، و معتب بن قشير ، و هما اللذان عاهدا الله " لئن آتانا من فضله " [ التوبة : 75 ] إلى آخر القصة . و معتب الذي قال يوم أحد : " لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا " [ آل عمران : 154 ] و هو الذي قال يوم الأحزاب : كان محمداً يعدنا أن نأكل كنوز كسرى و قيصر ، و أحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط ، فأنزل الله : " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا " [ الأحزاب : 12 ] ـ و أنكر ابن هشام دخول ثعلبة و معتب في المنافقين ـ و عباد بن حنيف ـ أخو سهل و عثمان ـ و جارية بن عامر ، و ابناه مجمع و زيد ـ و قيل : لا يصح عن مجمع النفاق ـ و ذكر آخرين . و من بين أمية بن زيد : وديعة بن ثابت ، و هو الذي كان يقول : " إنما كنا نخوض ونلعب " [ التوبة : 65 ] . و من بني عبيد : خذام بن خالد ، و هو الذي أخرج مسجد الضرار من داره ، و بشر ، و رافع ابنا زيد . و من بني النبيت عمرو بن مالك بن الأوس : مربع بن قيظي ، و أخوه أوس ، و أوس الذي قال يوم الخندق : إن بيوتنا عورة فأذن لنا فلنرجع إليها ، فأنزل الله فيه : " يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة " الآية [ الأحزاب : 13 ] . و من بني ظفر : حاطب بن أمية ، و بشير بن أبيرق ، و الحارث بن عمرو بن حارثة . و عند ابن إسحاق : بشير ، و هو أبو طعمة سارق الدرعين ، الذي أنزل الله فيه " ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " [ النساء : 107 ] و قزمان : حليف لهم ، و هو المقتول يوم أحد بعد أن أبلى في المشركين ، قتل نفسه ، بعد أن أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه من أهل النار . و لم يكن في بني عبد الأشهل منافق و لا منافقة ، إلا أن الضحاك بن ثابت اتهم بشيء من ذلك و لم يصح . و من الخزرج من بني النجار : رافع بن وديعة ، و زيد بن عمرو ، و عمرو بن قيس ، و قيس بن عمرو بن سهل . و من بني جشم بن الخزرج : الجد بن قيس و هو الذي يقول : يا محمد ائذن لي و لا تفتني . و من بني عوف بن الخزرج : عبد الله بن أبي بن سلول ، و كان رأس المنافقين ، و هو الذي قال : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " [ المنافقون : 8 ] في غزوة بني المصطلق ، و فيه نزلت سورة المنافقين بأسرها . قال أبو عمر : و زيد بن الأرقم هو الذي رفع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن عبد الله بن أبي قوله : " لئن رجعنا إلى المدينة " فأكذبه عبد الله بن أبي و حلف ، فأنزل الله تصديق زيد بن الأرقم ، فتبادر أبو بكر و عمر إلى زيد ليبشراه ، فسبق أبو بكر ، فأقسم عمر أن لا يبادره بعدها إلى شيء ، و جاء النبي صلى الله عليه و سلم فأخذ بأذن زيد و قال : " وفت أذنك ياغلام " . و وديعة و سويد و داعس من رهط ابن سلول ، و هم و عبد الله بن أبي الذين كانوا يدسون إلى بني النضير حين حاصرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن اثبتوا ، فو الله لئن أخرجتم لنخرجن معكم القصة . و كان النفاق في الشيوخ و لم يكن في الشباب ، إلا في واحد و هو قيس بن عمرو بن سهل . رجع إلى ابن إسحاق : فكان ممن تعوذ بالإسلام و أظهره و هو منافق من أحبار يهود . من بني قينقاع : سعد بن حنيف ، و زيد بن اللصيت ، و نعمان بن أوفى بن عمرو ، و عثمان بن أوفى . و زيد بن اللصيت هو الذي قال حين ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم : يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء ، و هو لا يدري أين ناقته . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ و حاءه الخبر بما قاله عدو الله ـ : " إن قائلاً قال : يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء و هو لا يدري أين ناقته . و إني و الله ما أعلم إلا ما علمني ربي ، و قد دلني الله عليها ، و هي في هذا الشعب قد حبستها شجرة بزمامها " . فذهب رجال من المسلمين فوجدوها حيث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم و كما وصف . و رافع بن حميلة ، و هو الذي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم حين مات : " قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين " . و رفاعة بن زيد بن التايوت ، و هو الذي اشتدت الريح يوم موته ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو قافل من غزوة بني الصطلق : " إنها هبت لموت عظيم من عظماء الكفار " . و سلسلة بن برهام ، و كنانة بن صوريا . و كان هؤلاء يحضرون المسجد فيسخرون من المسلمين ، فأمر صلى الله عليه و سلم بإخراجهم منه فأخرجوا ، ففيهم نزل صدر سورة البقرة إلى المائة منها . قال ابن إسحاق : " و كتب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يهود خبير فيما حدثني مولى لآل زيد ابن ثابت ، عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم صاحب موسى و أخيه ، و المصدق لما جاء به موسى ، ألا إن الله تعالى قد قال لكم يا معشر أهل التوارة ، و إنكم تجدون ذلك في كتابكم " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " [ الفتح : 29 ] و إني أنشدكم باللهو أنشدكم بما أنزل عليكم و أنشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسبطاكم المن و السلوى ، و أنشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاهم من فرعون و عمله ، إلا أخبرتمونا ، هل تجدون فيما أنزل عليكم أن تؤمنوا بمحمد ، فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كره عليكم ، قد تبين الرشد من الغي ، فأدعوكم إلى الله و إلى نبيه " . و عن ابن عباس رضي الله عنهما أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس و الخزرج برسول الله صلى الله عليه و سلم قبل مبعثه ، فلما بعثه الله من العرب كفروا به و جحدوا ما كانوا يقولون فيه . فقال لهم معاذ بن جبل و بشر بن البراء : يا معشر يهود اتقوا الله و أسلموا ، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد و نحن أهل شرك ، و تخبروننا أنه مبعوث ، و تصفونه لنا بصفته . فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه ، ماهو بالذي كنا نذكره لكم ، فأنزل الله في ذلك من قولهم " ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين " [ البقرة : 89 ] . قال ابن إسحاق : و قال مالك بن الصيف ـ حين بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ذكر لهم ما أخذ الله عليهم له من الميثاق و ما عهد الله إليهم فيه ـ : و الله ما عهد إلينا في محمد عهد ، و ما أخذ له علينا ميثاق . فأنزل الله فيه : " أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون " [ البقرة : 100 ] و قال ابن صلوبا الفطيوني لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا محمد ! ما جئتنا بشيء نعرفه ، و ما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك بها ، فأنزل الله في ذلك من قوله : " ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون " [ البقرة : 99 ] . و قال رافع بن حريملة و وهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه و سلم يا محمد ائتنا بكتاب تنزله من السماء نقرؤه ، و فجر لنا أنهاراً نتبعك و نصدقك ، فأنزل الله في ذلك : " أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل " [ البقرة : 108 ] و كان حيي بن أخطب ، و أبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسداً ، إذ خصهم الله برسوله صلى الله عليه و سلم ، فكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا ، فأنزل الله فيهما : " ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق " [ البقرة : 109 ] . الآية . و لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه و سلم أتتهم أحبار يهود ، فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال لهم رافع بن حريملة : ما أنتم على شيء ، و كفر بعيسى و بالإنجيل ، فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود : ما أنتم على شيء ، و جحد نبوة موسى ، و كفر بالتوراة ، فأنزل الله تعالى : " وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء " [ البقرة : 113 ] الآية . و قال رافع بن حريملة : يا محمد إن كنت رسولاً من الله كما تقول فقل لله فيكلمنا ، فأنزل الله : " وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية " [ البقرة : 118 ] . و قال عبد الله بن صوريا الأعور : ما الهدى إلا ما نحن عليه ، فاتبعنا يا محمد تهتد . و قالت النصارى مثل ذلك ، فأنزل الله تعالى : " وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا " [ البقرة : 135 ] الآية . و سأل معاذ بن جبل و سعد بن معاذ و خارجة بن زيد نفراً من أحبار يهود عن بعض ما في التوراة ، فكتموهم إياه ، فأنزل الله : " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس " [ البقرة : 159 ] الآية . و دعا عليه الصلاة و السلام اليهود إلى الإسلام ، فقال له رافع و مالك بن عوف : بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ، فأنزل الله تعالى : " وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا " [ لقمان : 21 ] و لما أصاب الله قريشاً يوم بدر جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يهود في سوق بني قينفاع ، حين قدم المدينة ، فقال : يا معشر يهود ، أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشاً . قالوا له : يا محمد ! لا يغرنك من نفسك أنك نفراً من قريش ، كانوا أغماراً لا يعرفون القتال ، إنك و الله لو قاتلنا لعرفت أنا نحن الناس ، و إنك لم تلق مثلنا ، فأنزل الله تعالى : " قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد " [ آل عمران : 12 ] الآية و التي بعدها . و دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم بيت المدراس على جماعة من يهود ، فدعاهم إلى الله ، فقال له النعمان بن عمرو و الحارث بن يزيد : و على أي دين أنت يا محمد ؟ قال : " على ملة إبراهيم و دينه " . قالا : فإن إبراهيم كان يهودياً . فقال لهما رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فهلم إلى التوراة فهي بيننا و بينكم فأبيا عليه " ، فأنزل الله : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون " [ آل عمران : 23 ] الآية و التي تليها . و قال أحبار يهود : و ما كان إبراهيم إلا يهودياً ، و قالت نصارى نجران : ما كان إلا نصرانياً ، فأنزل الله : " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم " الآيات إلى " والله ولي المؤمنين " [ آل عمران : 65 ـ 68 ] . و قال عبد الله بن صيف و عدي بن زيد و الحارث بن عوف ، بعضهم لبعض : تعالوا نؤمن بما أنزل الله على محمد غدوة و نكفر به عشية ، حتى نلبس عليهم دينهم ، لعلهم يصنعون كما نصنع ، فيرجعون عن دينهم ، فأنزل الله : " يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون " إلى قوله " والله واسع عليم " [ آل عمران : 71 ـ 73 ] . و قال أبو رافع القرظي " حين اجتمعت الأحبار من يهود ، و النصارى من أهل نجران ، عند رسول الله صلى الله عليه و سلم و دعاهم إلى الإسلام : أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم ؟ ! و قال رجل من نصارى نجران مثله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : معاذ الله أن يعبد غير الله ، فأنزل الله تعالى : " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله " [ آل عمران : 79 ] الآية . ثم ذكر ما أخذ عليهم من ميثاق بتصديقه ، فقال : " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه " [ آل عمران : 81 ] إلى آخر القصة " . ========== |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
و مر شاس بن قيس ـ و كان شيخاً قد عسا ، عظيم الكفر ، شديد الطعن على المسلمين ، شديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من الأوس والخزرج يتحدثون ، فغاظه ما رأى من إلفتهم و جماعتهم بعدما كان بينهم من العداوة ، فقال : قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد ، لا و الله مالنا معهم إذا اجتمعوا من قرار ، فأمر فتى شاباً من يهود كان معهم ، فقال : اعمد إليهم ، فاجلس معهم ، ثم اذكر يوم بعاث ، و ما كان فيه ، و أنشدهم بعض ما كانوا يتقاولون فيه من الأشعار ، ففعل ، فتكلم القوم عند ذلك ، و تنازعوا حتى تواثب رجلان على الركب : أوس بن قيظي من الأوس ، و جبار بن صخر من الخزرج ، فتقاولا ، ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم رددتها الآن جذعة ، و غضب الفريقان جميعاً ، و قالوا : قد فعلنا ، موعدكم الظاهرة ـ و الظاهرة : الحرة ـ السلاح السلاح ، فخرجوا ، و بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه ، حتى جاءهم ، فقال : " يا معشر المسلمين الله الله أبدعوى الجاهلية و أنا بين أظهركم ، بعد أن هداكم الله إلى الإسلام ، و أكرمكم به ، و قطع به عنكم أمر الجاهلية ، و استنقذكم من الكفر ، و ألف به بينكم " . فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان ، و كيد من عدوهم ، فبكوا ، و عانق الرجال من الأوس الرجال من الخزرج ، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأنزل الله في شاس بن قيس : " قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا " [ آل عمران : 99 ] الآية . و في أوس و جبار : " يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين " إلى قوله " وأولئك لهم عذاب عظيم " [ آل عمران : 100 ـ 105 ] .
و كان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً من يهود لما كان بينهم من الجوار ، فأنزل الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا " إلى " عليم بذات الصدور " [ آل عمران : 118 ـ 119 ] . و دخل أبو بكر بيت المدراس ، فقال لفنحاص : اتق الله و أسلم ، و الله إنك لتعلم أن محمداً لرسول الله . فقال : و الله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر ، و إنه إلينا لفقير . فغضب أبو بكر و ضرب وجه فنحاص ضرباً شديداً ، و قال : لولا العهد الذي بيننا و بينك لضربت عنقك . فشكاه فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فذكر له أبو بكر ما كان منه ، فأنكر قوله ذلك ، فأنزل الله تعالى : " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء " [ آل عمران : 181 ] الآية . و أنزل في أبي بكر رضي الله عنه " ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا " [ آل عمران : 186 ] الآية . و كان كردم بن قيس و أسامة بن حبيب في نفر من يهود يأتون رجالاً من الأنصار يتنصحون لهم ، فيقولون لهم : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ، فأنزل الله فيهم : " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله " ـ أي التوراة التي فيها تصديق ما جاء به محمد ـ " وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا " [ النساء : 37 ] . و كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود ، إذا كلم رسول الله صلى الله عليه و سلم لوى لسائه ، و قال أرعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ، ثم طعن في الإسلام و عابه ، فأنزل الله فيه : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل " إلى " ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا " [ النساء : 46 ] . و كلم رسول الله صلى الله عليه و سلم رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله بن صوريا الأعور و كعب ابن أسد ، فقال لهم : " يا معشر يهود ! اتقوا الله و أسلموا ، فو الله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق . قالوا ما نعرف ذلك ، فأنزل الله " يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا " " [ النساء : 47 ] . و قال سكين بن عدي بن زيد : يا محمد ! ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى ، فأنزل الله تعالى : " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده " إلى قوله : " وكان الله عزيزا حكيما " [ النساء : 163 ـ 165 ] . و دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم جماعة منهم ، فقال لهم : أما و الله إنكم لتعلمون أني رسول الله . قالوا : ما نعلمه و ما نشهد عليه ، فأنزل الله تعالى : " لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا " [ النساء : 166 ] . و أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم نعمان بن أضا و بحري بن عمرو و شاس بن عدي ، فكلموه و كلمهم ، و دعاهم إلى الله و حذرهم نقمته ، فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ، نحن أبناء الله و أحباؤه ـ كقول النصارى ـ فأنزل الله فيهم : " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " [ المائدة : 18 ] الآية . و دعاهم إلى الإسلام مرة و حذرهم عقوبة الله ، فأبوا عليه ، فقال لهم معاذ بن جبل و سعد بن عبادة و عقبة بن وهب : يا معشر يهود ! اتقوا الله فو الله إنكم لتعلمون أنه رسول الله و لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، و تصفونه بصفته ، فقال رافع بن حريملة و وهب ابن يهوذا : ما قلنا لكم هذا ، و ما أنزل الله من كتاب بعد موسى ، و ما أرسل بشيراً و لا نذيراً بعده . فأنزل الله في ذلك من قولهما : " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير " [ المائدة : 19 ] الآية . و اجتمع أحبارهم في بيت المدراس ، فأتوا برجل و امرأة زنيا بعد إحصانهما ، فقالوا : حكموا فيهما محمداً ، فإن حكم فيهما بحكمكم من التجبية ـ و هو الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ، ثم تسود وجوههما ، ثم يحملان على حمارين وجوههما من قبل أدبار الحمارين ـ فإنما هو ملك ، و إن حكم فيهما بالرجم فهو نبي ، فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه . ففعلوا ، فمشى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أتت بيت المدراس ، فقال لهم : " أخرجوا إلي علماءكم " . فأخرجوا له عبد الله بن صوريا ـ فخلا به يناشده : " هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ؟ " قال : اللهم نعم ، أما و الله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك نبي مرسل ، و لكنهم يحسدونك . قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمر بهما فرجما عند باب مسجده ، ثم جحد ابن صوريا بعد ذلك نبوة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأنزل الله تعالى : " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " [ المائدة : 41 ] الآية . و في بعض طرق هذا الحديث أن حبراً منهم جلس يتلو التوراة بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فوضع يده على آية الرجم ، فضرب عبد الله بن سلام يده ، و قال : هذه آية الرجم أبى أن يتلوها عليك . . . الحديث . و قال كعب بن أسد و ابن صلوبا و ابن صوريا و شاس بن قيس بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه ، فإنما هو بشر ، فأتوه فقالوا : قد عرفت أنا أحبار يهود و أشرافهم ، و أنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ، و لم يخالفونا ، و إن بيننا و بين بعض قومنا خصومة فنحاكمهم إليك ، فتقضي لنا عليهم ، و نؤمن بك و نصدقك ، فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأنزل الله " وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم " إلى قوله " ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " [ المائدة : 49 ـ 50 ] . و أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم جماعة منهم ، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل ، فقال : " آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون " [ البقرة : 136 ] فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته ، و قالوا : لا نؤمن بعيسى و لا نؤمن بمن آمن به ، فأنزل الله : " قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون " [ المائدة : 59 ] . و أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم رافع بن حارثة ، و سلام بن مشكم ، و مالك بن الصيف ، و رافع ابن حريملة ، فقالوا : يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم و دينه ، و تؤمن بما عندنا من التوراة ، و تشهد أنها من الله حق ؟ قال : بلى ، و لكنكم أحدثتم و جحدتم ما فيها مما أخذ عليكم من الميثاق ، و كتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه الناس ، فبرئت من إحداثكم . قالوا : فإنا نأخذ بما في أيدينا فإنا على الهدى و الحق ، و لا نؤمن بك و لا نتبعك ، فأنزل الله تعالى : " قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم " [ المائدة : 68 ] الآية . و كان رفاعة بن زيد بن التابوت ، و سويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام و نافقا ، فكان رجال من المسلمين يوادونهما ، فأنزل الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء " إلى قوله " والله أعلم بما كانوا يكتمون " [ المائدة : 57 ـ 61 ] . و قال جبل بن أبي قشير ، و شمويل ابن زيد : يا محمد متى الساعة إن كنت نبياً ؟ فأنزل الله " يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي " [ الأعراف : 187 ] الآية . و أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم سلام بن مشكم ، و نعمان بن أوفى ، و محمود بن دحية ، في نفر منهم ، فقالوا له : كيف نتبعك و قد تركت قبلتنا ، و أنت لا تزعم أن عزيراً ابن الله ؟ فأنزل الله : " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم " [ التوبة : 30 ] الآية . و أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم محمود بن سيحان و عزير بن أبي عزير في جماعة منهم ، فقالوا : إنا لا نرى ما جئت به متسقاً كما تتسق التوراة ، أما يعلمك هذا أنس و لا جن ؟ فقال لهم : " أما و الله إنكم لتعلمون أنه من عند الله ، و أني رسول الله تجدون ذلك مكتوباً عندكم في التوراة " . قالوا : فإن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما يشاء ، فأنزل علينا كتاباً من السماء نقرؤه و نعرفه ، و إلا جئناك بمثل ما تأتي به ، فأنزل الله تعالى : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " [ الإسراء : 88 ] . و قال قوم منهم لعبد الله بن سلام حين أسلم : ما تكون النبوة في العرب ، و لكن صاحبك ملك متقول ، ثم جاءوا فسألوه عن ذي القرنين ، فقص عليهم ما جاءه من الله فيه مما كان قص على قريش ، و هم كانوا ممن أمر قريشاً أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عنه حين بعثوا إليهم النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط ، و أتى رهط منهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا محمد ! هذا الله خلق الخلق فمن خلقه ؟ فغضب حتى انتفع لونه ، ثم ساورهم غضباً لربه ، فجاءه جبريل فسكنه ، و أنزل عليه : " قل هو الله أحد " السورة ، فلما تلاها عليهم ، قالوا : فصف لنا كيف خلقه ؟ و كيف ذراعه ؟ و كيف عضده ؟ فغضب أشد من غضبه الأول ، فأتاه جبريل من الله تعالى بقوله تعالى : " ما قدروا الله حق قدره " [ الحج : 74 ] الآية . و كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش و غطفان و بني قريظة : حيي بن أخطب ، و سلام بن أبي الحقيق أبو رافع ، و الربيع بن الربيع بن أبي الحقيق ، و أبو عمار ، و وحوح ابن عامر و هوذة بن قيس ، فأما وحوح و أبو عمار و هوذة فمن بني واثلة ، و سائرهم من بني النضير ، فلما قدموا على قريش ، قالوا : هؤلاء أحبار يهود و أهل العلم بالكتاب الأول ، فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد ؟ فسألوهم ، فقالوا : بل دينكم خير من دينه و أنتم أهدى منه و ممن اتبعه ، فأنزل الله فيهم : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا " إلى قوله : " ملكا عظيما " [ النساء : 51 ـ 54 ] . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
خبر عبد الله بن أبي بن سلول ، و أبي عامر الفاسق ، و كان يقول له الراهب
قال ابن إسحاق : و قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة ـ كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ـ و سيد أهلها عبد الله بن أبي بن سلول لا يختلف عليه في شرفه من قومه اثنان لم يجتمع الأوس و الخزرج قبله و لا بعده على رجل من أحد الفريقين حتى جاء الإسلام : غيره ، و معه في الأوس رجل هو في قومه من الأوس شريف مطاع ، أبو عامر عبد عمرو ابن صيفي بن النعمان ، أحد بني ضبيعة بن زيد ، و هو أبو حنظلة ، الغسيل يوم أحد ، و كان قد ترهب في الجاهلية و لبس المسوح ، فكان يقال له : الراهب . فشقيا بشرفهما . أما ابن أبي ، فكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ثم يملكوه عليهم ، فجاءهم الله برسوله و هم على ذلك ، فلما انصرف قومه عنه إلى الإسلام ضغن ، و رأى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد سلبه ملكاً عظيماً ، فلما رأى قومه قد أبوا إلا الإسلام ، دخل فيه كارهاً مصراً على نفاق . و أما أبو عامر فأبى إلا الكفر و الفراق لقومه حين اجتمعوا على الإسلام ، فخرج منهم إلى مكة ببضعة عشر رجلاً مفارقاً للإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تقولوا الراهب و لكن قولوا الفاسق " و كان قد قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن يخرج إلى مكة : ما هذا الذي جئت به ؟ قال : جئت بالحنيفية دين إبراهيم عليه السلام . قال : فأنا عليها . قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنك لست عليها . قال : بلى ، إنك أدخلت يا محمد في الحنيفية ما ليس منها قال : ما فعلت و لكني جئت بها بيضاء نقية . قال : الكاذب أماته الله طريداً غريباً وحيداً . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أجل . فكان هو ذلك ، خرج إلى مكة فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة خرج إلى الطائف ، فلما أسلم أهل الطائف ، خرج إلى الشام فمات بها طريداً غريباً وحيداً . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
جماع أبواب مغازي رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعوثه و سراياه
و لما أذن الله عز و جل لنبيه في القتال كانت أول آية نزلت في ذلك : " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " [ الحج : 39 ] . كما روينا من طريق أبي عروبة ، " حدثنا سلمة ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كان يقرأ : " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا " قال : و هي أول آية نزلت في القتال " . و روينا عن ابن عائذ ، أخبرنا الوليد بن محمد ، عن محمد بن مسلم الزهري ، قال : و كان أول آية نزلت في القتال قوله عز و جل : " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " [ الحج : 39 ـ 40 ] . قرئ على أبي محمد عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني و أنا أسمع ، " أخبركم أبو علي بن أبي القاسم بن الحريف حضوراً في الخامسة ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري ، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم الباقلاني ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري ، حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ، عن ابن عجلان ، عن المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله تعالى " . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر الخبر عن عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعوثه
روينا عن ابن سعد ، قال : أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي ، حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي ، و موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، و محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري ، و موسى بن يعقوب بن عبد الله ابن وهب بن زمعة بن الأسود ، و عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري ، و يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري ، و ربيعة بن عثمان بن عبد الله بن الهدير التيمي ، و إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة الأشهلي ، و عبد الحميد بن جعفر الحكمي ، و عبد الرحمن بن أبي الزناد ، و محمد الله صالح التمار . قال ابن سعد : أخبرنا رويم بن يزيد المقرئ ، حدثنا هارون بن أبي عيسى ، عن محمد بن إسحاق . قال : أخبرنا حسين بن محمد ، عن أبي معشر ، قال : و أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة ، دخل حديث بعضهم في حديث بعض . قالوا : كان عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه و سلم التي غزا بنفسه سبعاً و عشرين ، و كانت سراياه التي بعث فيها سبعاً و أربعين سرية ، و كان ما قاتل فيه من المغازي تسع غزوات : بدر القتال ، و أحد ، و المريسيع ، و الخندق ، و قريظة ، و خيبر ، و فتح مكة ، و حنين ، و الطائف . فهذا ما اجتمع لنا عليه ، و في بعض رواياتهم أنه قاتل في بني النضير و لكن الله جعلها له نفلاً خاصة ، و قاتل في غزاة وادي القرى منصرفه من خيبر ، و قتل بعض أصحابه ، و قاتل في الغابة . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
غزوة ودان
فأول مغازيه صلى الله عليه و سلم بنفسه : غزوة ودان . روينا عن أبي عروبة ، حدثنا سليمان بن سيف ، حدثنا سعيد بن يزيع ، حدثنا ابن إسحاق : قال خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في صفر غازياً على رأس اثني عشر شهراً ، من مقدمه المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر صفر ، حتى بلغ ودان ، و كان يريد قريشاً و بني ضمرة ، و هي غروة الأبواء ، ثم رجع إلى المدينة ، و كان استعمل عليها سعد بن عبادة فيما ذكره ابن هشام . قال : ابن إسحق : فوادعته فيها بنو ضمرة ، و كان الذي وادعه منهم عليهم مخشي بن عمرو الضمري ، و كان سيدهم في زمانه ذلك ثم رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم إلى المدينة و لم يلق كيداً . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
بعث حمزة و عبيدة بن الحارث
روينا عن ابن إسحاق قال : فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بها بقية صفر و صدراً من شهر ربيع الأول ، و بعث في مقدمة ذلك عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف في ستين أو ثمانين راكباً من المهاجرين ، ليس فيهم من الأنصار أحد ، فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة ، فلقي بها جمعاً عظيماً من قريش ، فلم يكن بينهم قتال ، إلا أن سعد ابن أبي وقاص قد رمي يومئذ بسهم ، فكان أول سهم رمى به في الإسلام ، ثم انصرف القوم عن القوم و للمسلمين حامية ، و فر من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو و عتبة ابن غزوان ، و كانا مسلمين ، و لكنهما خرجا ليتوصلا بالكفار ، و كان على القوم عكرمة بن أبي جهل . و قال ابن هشام : مكرز بن حفص بن الأخيف . قال ابن إسحاق : فكانت راية عبيدة فيما بلغنا أول راية عقدت في الإسلام . و بعض العلماء يزعم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثه حين أقبل من غزوة الأبواء قبل أن يصل إلى المدينة ، و بعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب بن هاشم إلى سيف البحر من ناحية العيص في ثلاثين راكباً من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد ، فلقي أبا جهل بن هشام في ذلك الساحل في ثلاثمائة راكب ، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني ، و كان موادعاً للفريقين جميعاً ، فانصرف بعض القوم عن بعض ، و لم يكن بينهم قتال ، و بعض الناس يقول كانت راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ذلك أن بعثه و بعث عبيدة كانا معاً فشبه ذلك على الناس . و روينا عن موسى بن عقبة أن أول البعوث بعث حمزة في ثلاثين راكباً ، فلقوا أبا جهل في ثلاثين و مائة راكب من المشركين ، ثم كانت الأبواء على رأس اثني عشر شهراً ، ثم بعث عبيدة فلقوا بعثاً عظيماً من المشركين على ماء يدعى الأحياء ، من رابغ ، قال : و هو أول يوم التقى فيه المسلمون و المشركون في قتال . و روينا عن ابن عائذ ، عن الوليد ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، أن راية حمزة هي الأولى . و روينا عنه أيضاً : عن محمد بن شعيب ، عن عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ذكر بعث عبيدة ثم بعث حمزة بنحو ما ذكر ابن إسحاق . و روينا عن ابن سعد : أن أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه و سلم لحمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر لواءً أبيض ، و كان الذي حمله أبو مرثد كناز بن الحصين الغنوي في ثلاثين راكباً من المهاجرين . قال : و لم يبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم أحداً من الأنصار مبعثاً حتى غزا بهم بدراً ، و ذلك أنهم شرطوا له أنهم يمنعونه في دارهم . و خرج حمزة يعرض لعير قريش قد جاءت من الشام تريد مكة و فيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل . ثم سرية عبيدة في ستين من المهاجرين إلى بطن رابغ في شوال على رأس ثمانية أشهر عقد له لواءً أبيض حمله مسطح بن أثاثة ، فلقي أبا سفيان بن حرب في مائتين من أصحابه على ماء يقال له أحياء ـ و قال أبو عمر : أبنى ـ من بطن رابغ على عشرة أميال من الجحفة و أنت تريد قديداً على يسار الطريق و إنما نكبوا على الطريق ليرعوا ركابهم . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
سرية سعد بن أبي وقاص
إلى الخرار في ذي القعدة على رأس تسعة أشهر ، و عقد له لواءً أبيض حمله المقداد بن عمرو و بعثه في عشرين من المهاجرين . ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه و سلم الأبواء ، وهي غزوة ودان ، و كلاهما قد ورد . و بينهما ستة أميال ، و كانت على رأس اثني عشر شهراً من الهجرة ، و حمل اللواء حمزة بن عبد المطلب ، فكانت الموادعة على أن بني ضمرة لا يغزونه و لا يكثرون عليه جمعاً ، و لا يعينون عليه عدواً ، ثم انصرف عليه السلام إلى المدينة ، و كانت غيبته خمس عشرة ليلة . |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|