منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للتربية والتعليم | ||
((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني ))) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه و غيرهم إلى الإسلام
قال ابن إسحاق : ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال و النساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة ، و تحدث الناس به ، ثم إن الله عز و جل أمر رسوله صلى الله عليه و سلم أن يصدع بما جاءه منه ، و أن ينادي في الناس بأمره و يدعو إليه ، و كان مدة ما أخفى رسول الله صلى الله عليه و سلم أمره و استسر به إلى أن أمره الله تعالى بإظهاره ثلاث سنين فيما بلغني من مبعثه ، ثم قال الله تعالى له : " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " [ الحجر : 94 ] ثم قال : " وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " [ الشعراء : 215 ـ 216 ] . " وقل إني أنا النذير المبين " [ الحجر : 89 ] . فلما بادى رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه بالإسلام و صدع به كما أمره الله ، لم يبعد منه قومه و لم يردوا عليه حتى ذكر آلهتهم و عابها ، فلما فعل ذلك أعظموه و ناكروه و أجمعوا خلافه و عداوته صلى الله عليه و سلم إلا من عصم الله منهم بالإسلام ، و هم قليل مستخفون ، و حدب على رسول الله صلى الله عليه و سلم عمه أبو طالب و منعه و قام دونه . و مضى رسول الله صلى الله عليه و سلم مظهراً له ، لا يرده عنه شيء ، فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم و عيب آلهتهم ، و رأزا أن عمه أبو طالب قد حدب عليه و قام دونه و لم يسلمه لهم ، مشى رجال من أشرافهم إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا و عاب ديننا و سفه أحلامنا و ضلل آباءنا ، فإما أن تكفه عنا و إما أن تخلي بيننا و بينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقاً ، وردهم رداً جميلاً ، فانصرفوا عنه ، و مضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على ما هو عليه يظهر دين الله و يدعوا إليه ، ثم شري الأمر بينه و بينهم ، حتى تباعد الرجال و تضاغنوا ، و أكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم بينها ، فتذامروا عليه و حض بعضهم بعضاً عليه . ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى ، فقالوا له : يا أبا طالب إن لك سناً و شرفاً و منزلة فينا ، و إنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، و إنا و الله لا نصبر على هذا من شتم آباءنا و تسفيه أحلامنا و عيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله و إياك في ذلك ، حتى يهلك أحد الفريقين أو كما قال . ثم انصرفوا عنه فعظم عل أبي طالب فراق قومه و عداوتهم و لم يطب نفساً بإسلام رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا خذلانه . و ذكر أن أبا طالب لما قالت له قريش هذه المقالة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال له : يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا و كذا ـ للذي قالوا له ـ فأبق علي و على نفسك و لا تحملني من الأمر مالا أطيق . فظن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء ، و أنه خاذله و مسلمه ، و أنه قد ضعف عن نصرته و القيام معه ، فقال له : " يا عم و الله لو وضعوا الشمس على يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته " . ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فبكى ، ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب فقال له : أقبل يا ابن أخي . فأقبل عليه ، فقال : اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً . ثم إن قريشاً حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه و سلم و إسلامه ، و إجماعه لقراقهم في ذلك و عداوتهم ، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له : يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتىً من قريش و أجمله فخذه فلك عقله و نصره ، و اتخذه ولداً ، و أسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك و دين آبائك ، و فرق جماعة قومك و سفه أحلامهم ، فنقتله فإنما هو رجل كرجل . قال : و الله لبئس ما تسومونني ، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم و أعطيكم ابني تقتلونه ، هذا و الله ما لا يكون أبداً . فقال المطعم بن عدي : و الله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك و جهدوا على التخلص مما تكرهه ، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً . فقال له أبو طالب و الله ما أنصفوني و لكنك قد أجمعت خذلاني و مظاهرة القوم علي ، فاصنع ما بدا لك ، فحقب الأمر ، و تنابذ القوم ، و بادى بعضهم بعضاً . قال : ثم إن قريشاً تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذين اسلموا معه ، فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم و يفتنونهم عن دينهم ، و منع الله تعالى منهم رسوله بعمه أبي طالب ، و قد قام أبو طالب حين رأى قريشاً يصنعون ما يصنعون في بني هاشم و بني المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه و سلم و القيام دونه ، فاجتمعوا إليه و أقاموا معه و أجابوه إلى ما دعاهم إليه ، إلا ما كان من أبي لهب . روينا عن أبي بكر الشافعي ، " حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام ، حدثنا محمد بن المنكدر ، أنه سمع ربيعة بن عباد أو عباد الدؤلي يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يطوف على الناس في منازلهم قبل أن يهاجر إلى المدينة ، يقول : يا أيها الناس إن الله يأمركم أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئاً " . قال و وراءه رجل يقول : يا أيها الناس إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم . فسألت من هذا الرجل ؟ فقيل أبو لهب . قال ابن إسحاق : ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش و كان ذا سن فيهم ، و قد حضر الموسم فقال لهم : يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم و إن وفود العرب ستقدم عليكم ، و قد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأياً و لا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً . قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس فقل ، و أقم لنا رأياً نقول فيه . قال : بل أنتم فقولوا أسمع . قالوا : نقول كاهن . قال : و الله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن و لا بسجعه . قالوا فنقول : مجنون . قال و الله ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون و عرفناه فما هو بحنقه و لا تخالجه و لا وسوسته . قالوا : فنقول شاعر . قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه و هزجه و قريضه و مقبوضه و مبسوطه ، فما هو بالشعر . قالوا : فنقول : ساحر ، قال : ما هو بساحر ، قد رأينا السحار و سحرهم ، فما هو بنفثه و لا عقده . قالوا : فما تقول يا أبا عبد شمس ؟ قال : و الله إن لقوله لحلاوة ، و إن أصله لعذق و إن فرعه لجناة ، و ما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا أعرف أنه باطل ، و إن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء و أبيه و بين المرء و أخيه و بين المرء و زوجه و بين المرء و عشيرته . فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، و ذكروا له أمره ، و صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فانتشر ذكره في بلاد العرب كلها . قوله : لعذق بفتح العين المهملة و سكون الذال إستعارة من النخلة التي ثبت أصلها و هو العذق . و رواية ابن هشام : لغدق بغين معجمة و كسر الدال المهملة من الغدق ، و هو الماء الكثير . قال السهيلي : و رواية ابن إسحاق أفصح لأنها استعارة تامة تشبه آخر الكلام بأوله . |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|