منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للتربية والتعليم | ||
((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5 |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في السلام والاستئذان وتشميت العاطس
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن أبي هريرة أن أفضل السلام وخيره إطعام الطعام ، وأن تقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف . وفيهما أن آدم عليه الصلاة والسلام لما خلفه الله قال له : اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة، فسلم عليهم ، واستمع ما يحيونك به، فإنها تحيتك وتحية ذريتك ، فقال : السلام عليكم ، فقالوا : السلام عليك ورحمة الله ، فزادوه "ورحمة الله". وفيهما أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإفشاء السلام وأخبرهم أنهم إذا أفشوا السلام بينهم تحابوا ، وأنهم لا يدخلون الجنة حتى يؤمنوا ، ولا يؤمثون حتى يتحابوا. وقال البخاري في صحيحه : قال عمار: ثلاث من جمعهن ، فقد جمع الإيمان : الإنصاف من نفسك ، وبذل السلام للعالم ، والإنفاق من الإقتار. وقد تضمنت هذه الكلمات أصول الخير وفروعه ، فإن الإنصاف يوجب عليه أداء حقوق الله كاملة موفرة، وأداء حقوق الناس كذلك ، وأن لا يطالبهم بما ليس له ، ولا يحملهم فوق وسعهم ، ويعاملهم بما يحب أن يعاملوه به ، ويعفيهم مما يحب أن يعفوه منه ، ويحكم لهم وعليهم بما يحكم به لنفسه وعليها، ويدخل في هذا إنصافه نفسه من نفسه ، فلا يدعي لها ما ليس لها، ولا يخبثها بتدنيسه لها، وتصغيره إياها، وتحقيرها بمعاصي الله ، وينميها ويكبرها ويرفعها بطاعة الله وتوحيده ، وحبه وخوفه ، ورجائه ، والتوكل عليه ، والإنابة إليه ، وإيثار مرضاته ومحابه على مراضي الخلق ومحابهم ، ولا يكون بها مع الخلق ولا مع الله ، بل يعزلها من البين كما عزلها الله ، ويكون بالله لا بنفسه في حبه وبغضه ، وعطائه ومنعه ، وكلامه وسكوته ، ومدخله ومخرجه ، فينجي نفسه من البين ، ولا يرى لها مكانة يعمل عليها، فيكون ممن ذمهم الله بقوله " اعملوا على مكانتكم " [ الأنعام :35 ] فالعبد المحض ليس له مكانة يعمل عليها، فإنه مستحق المنافع والأعمال لسيده ، ونفسه ملك لسيده ، فهو عامل على أن يؤدي إلى سيده ما هو مستحق له عليه ، ليس له مكانة أصلاً بل قد كوتب على حقوق منجمة، كلما أدى نجماً حل عليه نجم آخر، ولا يزال المكاتب عبداً ما بقي عليه شيء من نجوم الكتابة . والمقصود أن إنصافه من نفسه يوجب عليه معرفة ربه ، وحقه عليه ، ومعرفة نفسه ، وما خلقت له ، وأن لا يزاحم بها مالكها، وفاطرها ويدعي لها الملكة والاستحقاق ، ويزاحم مراد سيده ، ويدفعه بمراده هو ، أو يقدمه ويؤثره عليه ، أو يقسم إرادته بين مراد سيده ومراده ، وهي قسمة ضيزى ، مثل قسمة الذين قالوا : " هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون " [الأنعام : 136] . فلينظر العبد لا يكون من لا يكون من أهل هذه القسمة بين نفسه وشركاته وبين الله لجهله وظلمه وإلا لبس عليه ، وهو لا يشعر، فإن الإنسان خلق ظلوماً جهولاً ، فكيف يطلب الإنصاف ممن وصفه الظلم والجهل ؟ وكيف ينصف الخلق من لم ينصف الخالق؟ كما في أثر إلهي يقول الله عز وجل : "ابن ادم ما أنصفتني ، خيري إليك نازل ، وشرك إلي صاعد، كم أتحبب إليك بالنعم ، وأنا غني عنك ، وكم تتبغض إلي بالمعاصي وأنت فقير إلي ، ولا يزال الملك الكريم يعرج إلى منك بعمل قبيح ". وفي أثر آخر : "ابن ادم ما أنصفتني ، خلقتك وتعبد غيري ، وأرزقك وتشكر سواي " . ثم كيف ينصف غيره من لم ينصف نفسه ، وظلمها أقبح الظلم ، وسعى في ضررها أعظم السعي ، ومنعها أعظم لذاتها من حيث ظن أنه يعطيها إياها، فأتعبها كل التعب ، وأشقاها كل الشقاء من حيث ظن أنه يريحها ويسعدها، وجد كل الجد في حرمانها حظها من الله ، وهو يظن أنه ينيلها حظوظها، ودساها كل التدسية، وهو يظن أنه يكبرها وينميها، وحقرها كل التحقير، وهو يظن أنه يعظمها، فكيف يرجى الإنصاف ممن هذا إنصافه لنفسه ؟ إذا كان هذا فعل العبد بنفسه ، فماذا تراه بالأجانب يفعل . والمقصود أن قول عمار رضي الله عنه : ثلاث من جمعهن ، فقد جمع الإيمان : الإنصاف من نفسك ، وبذل السلام للعالم ، والإنفاق من الإقتار ، كلام جامع لأصول الخير وفروعه . وبذل السلام للعالم يتضمن تواضعه وأنه لا يتكبر على أحد، بل يبذل السلام للصغير والكبير ، والشريف والوضيع ، ومن يعرفه ومن لا يعرفه ، والمتكبر ضد هذا، فإنه لا يرد السلام على كل من سلم عليه كبراً منه وتيهاً، فكيف يبذل السلام لكل أحد . وأما الإنفاق من الإقتار، فلا يصدر إلا عن قوة ثقة بالله ، وأن الله يخلفه ما أنفقه ، وعن قوة يقين ، وتوكل ، ورحمة، وزهد في الدنيا، وسخاء نفس بها، ووثوق بوعد من وعده مغفرة منه وفضلاً، وتكذيباً بوعد من يعده الفقر، ويأمر بالفحشاء، والله المستعان . |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|