منتديات جعلان > جعلان العامة > جعلان للمواضيع الاسلامية | ||
12 وقفة مع المحتفلين بيوم 12ربيع الأول.. |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني فعال
![]() غير متواجد
|
![]()
الاحتفال بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمر لم يعهد عند السلف ، لم يعهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم نفسه ، ولم يعهد في عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، ولم يعهد في عهد التابعين وإنما حدث بعد قرون ، بعد مضي ثلاثة قرون ، وأول ما حدث عند الفاطميين ، والناس يقدحون في معتقدات الفاطميين ، ويرون أنهم يريدون أن يطووا حقيقة معتقداتهم وأن يظهروا خلاف ما يضمرون فلذلك أظهروا الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلّم ستراً على معتقداتهم لأن معتقداتهم غير إيمانية ، هذا هو قول الذين حجروا على الناس أن يحتفلوا بهذه المناسبة الكريمة ، ومنهم من قال بأن هذه وإن كانت بدعة إلا أنها بدعة حسنة ، فالبدعة الحسنة ما كان لها أصل في شرع ، والبدعة السيئة ما لم يكن لها أصل في شرع الله وإنما كانت مخالفة لشرع الله ، والله سبحانه وتعالى شرع لعباده ما يأتون وما يذرون ، وبيّن النبي صلى الله عليه وسلّم ذلك ، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام بيّن كثيراً مما سكت عنه القرآن الكريم وبيّن مجملات القرآن الكريم ، ولكن مع ذلك قد تكون بياناته صلى الله عليه وسلّم مجملات ، وعندما يكون عمل الإنسان يوافق شيئاً من هذه المجملات التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلّم أو عمل بمقتضاها فإن هذه البدعة تكون بدعة حسنة عندئذ ، ونحن عندما ننظر إلى الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلّم نجده أنه يجسد حب الإنسان المسلم للنبي صلى الله عليه وسلّم ، وإن كان هذا الحب يجب أن لا ينحصر في هذا الجانب وحده ، فإن محبته صلى الله عليه وسلّم ليست محبة عاطفية فحسب حتى تكون كمحبة غيره لا تكاد تثور حتى تغور ، وإنما محبته محبة عقيدة ، وهي يجب أن تكون متجسدة في الاقتداء به عليه أفضل الصلاة والسلام وترسم خطواته ، ومن شأن الإنسان أن يحب الاقتداء بالعظماء ، وأي عظيم أعظم من النبي صلى الله عليه وسلّم ، ومن شأن الإنسان أن يسارع في هوى من يحبه ، وأي أحد أولى بالحب من النبي صلى الله عليه وسلّم ، فلذلك كان حرياً بهذا الذي يحب النبي صلى الله عليه وسلّم أن يحرص على تجسيد هذا الحب في إحياء سنته وفي اتباع أوامره وفي الازدجار عن نواهيه ، على أن اتباعه صلى الله عليه وسلّم ليس تجسيداً لحبه وحده وإنما هو تجسيد لحب الله تعالى أيضا ، فإن الله تعالى يقول ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )(آل عمران: من الآية31) ، ولكن مع هذا ، هذا الإنسان ليس خالياً من العاطفة ، ولما كان ليس خالياً من العاطفة فقد يريد أن يُظهر هذا الحب في مظهر ، إلا أن هذا ينبغي أن يؤطر في الإطار الشرعي وذلك بأن تكون هذه المناسبة يحتفي بها المسلم احتفاءً بعيداً عن البدعة ، فلا يكون في ذلك اختلاط بين النساء والرجال ، ولا يكون في ذلك أيضا شيء من مظاهر الإسراف والبذخ ذلك لأن الإسلام يحرم هذه الأمور ، ومع هذا أيضا لا بد من أن يكون هذا الاحتفاء بنّاء بحيث يترجم إلى عمل واقعي ، أي عمل دعوي يحرص المسلمون على استغلال هذه المناسبة من أجله بحيث يستثيرون في إخوانهم المسلمين هذه العاطفة لأجل اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلّم وإحياء ما اندرس منها ، وإبلاغ دعوته إلى الناس ، وهذا لا يتم إلا عندما تكون هذه الاحتفالات متجددة ، ومعنى كونها متجددة أن لا يقتصر الإنسان على تلاوة قصة مولد النبي صلى الله عليه وسلّم ، قصة قد تكون كتبت قبل مئات السنين أكل عليها الدهر وشرب حتى أصبحت تمل من كثرة ما تردد على الأسماع ، على أنه لا يمكن أن يردد حديث على الأسماع باستمرار إلا ويمل ماعدا قول الله تعالى .
ومع هذا علينا أن نفرق بين كلام الله وكلام غيره ، فكلام الله تلاوتنا له تلاوة تعبدية ، فإن الأعجمي الذي لا يعرف من العربية شيئا يتلو القرآن الكريم فيكتب الله تعالى له أجراً على تلاوته القرآن بخلاف ما يُتلى من كلام الناس ، فإن الذي يُتلى من كلام الناس إنما يتلى من أجل الاستفادة من فائدته ، حتى كلام النبي صلى الله عليه وسلّم لا يُتلى من أجل التعبد به ، نحن لا نقراً حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم من أننا نتقرب إلى الله بقراءته كما نتقرب إلى الله بقراءة القرآن الكريم ، وإنما نتلوه ونتقرب إلى الله بتلاوته من أجل تفهمنا معناه ومن أجل محاولتنا لتطبيق مضمونه . ولئن كان هذا في كلام النبي صلى الله عليه وسلّم فكيف بكلام غيره من الناس ، ولئن كان الأمر كذلك فإنه من المفروض أن تربط هذه المناسبة بالواقع ، وذلك بأن يُكشف للناس كيف كان عظم هذا الحدث التاريخي ، وماذا ترتب عليه من خير عظيم للإنسانية ، وماذا يجب على الأمة المسلمة أن تصنع الآن وهي قد بعدت كثيراً عن هذا المصدر بحيث أصبحت الآن تقلد الآخرين بدلاً من أن تتبع خطوات النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ، وأصبحت تعتز بحذوها حذو غيره من الناس ولربما كان أولئك كفرة ، أكثر مما تعتز بارتباطها بالتأسي بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام ، مع معالجة قضايا العصر على ضوء هذه المناسبة ، ففي هذه الحالة تكون هذه المناسبة مناسبة بناءة ، ويكون الاحتفاء بذكراها سبباً لإزالة كثير من غبش التصور عن كثير من الناس ، ويكون ذلك سبباً لارتباط كثير من الناس بعقيدتهم ، وارتباطهم بأخلاقهم ، وارتباطهم بأوامر ربهم ، وارتباطهم بسنة نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام . |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|