بقية طرق المانعين من فسخ الحج إلى العمرة
فصل
وقد سلك المانعون من الفسخ طريقتين أخريين ، نذكرهما ونبين فسادهما .
الطريقة الأولى : قالوا : إذا اختلف الصحابة ومن بعدهم في جواز الفسخ ، فالاحتياط يقتضي المنع منه صيانة للعبادة عما لا يجوز فيها عند كثير من أهل العلم ، بل أكثرهم .
والطريقة الثانية : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالفسخ ليبين لهم جواز العمرة في أشهر الحج ، لأن أهل الجاهلية كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج ، وكانوا يقولون : إذا برأ الدبر، وعفا الأثر ، وانسلخ صفر ، فقد حلت العمرة لمن اعتمر، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالفسخ ، ليبين لهم جواز العمرة في أشهر الحج ، وهاتان الطريقتان باطلتان .
أما الأولى : فلأن الاحتياط إنما يشرع ، إذا لم تتبين السنة، فإذا تبينت فالاحتياط هو اتباعها وترك ما خالفها، فإن كان تركها لأجل الاختلاف احتياطاً ، فترك ما خالفها واتباعها ، أحوط وأحوط ، فالاحتياط نوعان : احتياط للخروج من خلاف العلماء، واحتياط للخروج من خلاف السنة، ولا يخفى رجحان أحدهما على الآخر .
وأيضاً ، فإن الاحتياط ممتنع هنا ، فإن للناس في الفسخ ثلاثة أقوال : أحدها : أنه محرم .
الثاني : أنه واجب ، وهو قول جماعة من السلف والخلف .
الثالث : أنه مستحب ، فليس الاحتياط بالخروج من خلاف من حرمه أولى بالاحتياط بالخروج من خلاف من أوجبه . وإذا تعذر الاحتياط بالخروح من الخلاف ، تعين الاحتياط بالخروج من خلاف السنة .