فصل في هديه في الأوقات المكروهة لدفن الميت
فصل
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ، ألا يدفن الميت عند طلوع الشمس ، ولاعند غروبها ، ولا حين يقوم قائم الظهيرة . وكان من هديه اللحد وتعميق القبر وتوسيعه من عند رأس الميت ورجليه ، ويذكر عنه ، أنه كان إذا وضع الميت في القبر قال : " بسم الله ، وبالله ، وعلى ملة رسول الله " . وفي رواية : "بسم الله ، وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله" . ويذكر عنه أيضاً أنه كان يحثوا التراب على قبر الميت إذا دفن من قبل رأسه ثلاثاً .
وكان إذا فرغ من دفن الميت قام على قبره هو وأصحابه ، وسأل له التثبيت ، وأمرهم أن يسألوا له التثبيت .
ولم يكن يجلس يقرأ عند القبر ، ولا يلقن الميت كما يفعله الناس اليوم ، وأما الحديث الذي رواه الطبراني في معجمه من حديث أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره ، فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل : يافلان ، فإنه يسمعه ولا يجيب ، ثم يقول : يا فلان بن فلانة ، فإنه يستوي قاعداً ، ثم يقول : يا فلان بن فلانة ، فإنه يقول : أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تشعرون ، ثم يقول : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأنك رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ، وبالقرآن إماماً ، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول : انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته ، فيكون الله حجيحه دونهما . فقال رجل : يا رسول الله ! فإن لم يعرف أمه ؟ قال : فينسبه إلى حواء: يا فلان بن حواء " . فهذا حديث لا يصح رفعه ، ولكن قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : فهذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت يقف الرجل ويقول : يا فلان بن فلانة ، اذكر ما فارقت عليه الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله . فقال : ما رأيت أحداً فعل هذا إلا أهل الشام ، حين مات أبو المغيرة ، جاء إنسان فقال ذلك ، وكان أبو المغيرة يروي فيه عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن أشياخهم ، أنهم كانوا يفعلونه ، وكان ابن عياش يروي فيه .
قلت : يريد حديث إسماعيل بن عياش هذا الذي رواه الطبراني عن أبي أمامة .
وقد ذكر سعيد بن منصور في سننه عن راشد بن سعد ، وضمرة بن حبيب ، وحكيم بن عمير ، قالوا : إذا سوي على الميت قبره ، وانصرف الناس عنه ، فكانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره : يا فلان ! قل : لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات ، يا فلان ! قل : ربي الله وديني الإسلام ، نبيي محمد ، ثم ينصرف .