منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للتربية والتعليم | ||
((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني ))) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
خبر قس بن ساعدة الإيادي
قرئ على الشيخة الأصيلة أمة الحق شامية ابنة الإمام الحافظ أبي علي الحسن بن محمد ابن محمد بن محمد البكري ، و أنا أسمع بالقاهرة ، قالت : " أخبرنا أبو محمد عبد الجليل بن أبي غالب بن أبي المعالي بن مندوية الأصبهاني قراءة عليه و أنا أسمع سنة عشر و ستمائة ، قال : أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر بن الحسين البرمكي الجرجاني سماعاً عليه سنة تسع و أربعين و خمسمائة ، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور ، أخبرنا أبو الحسين علي ابن عمر بن محمد بن الحسن الحربي ، حدثنا أبو القاسم عبد الله محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا محمد بن حسان بن خالد السمتي أبو جعفر سنة ثمان و عشرين و مائتين ، و فيها توفي . حدثنا محمد بن الحجاج اللخمي ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن ابن عباس قال : قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : أيكم يعرف القس بن ساعدة الإيادي ؟ قالوا : كلنا يا رسول الله يعرفه . قال : فما فعل ؟ قالوا : هلك . قال : ما أنساه بعكاظ على جمل أحمر ، و هو يقول : أيها الناس اجتمعوا و اسمعوا و عوا ، من عاش مات ، و من مات فات ، و كل ما هو آت آت ، إن في السماء لخبراً ، و إن في الأرض لعبراً ، مهاد موضوع و سقف مرفوع ، و نجوم تمور و بحار لا تغور ، أقسم قس قسماً حتماً : لئن كان في الأمر رضى ليكونن سخطاً ، إن لله لديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ، ما لي أرى الناس يذهبون و لا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا ؟ . ثم قال : أيكم يروي شعراً ابن عباس فأنشدوه : في الذاهبين الأوليـ ن من القرون لنا بصائر لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر و رأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر و الأكابر لا يرجع الماضي إلي و لا من الباقين غابر أيقنت أني لا محالـ ـة حيث صار القوم صائر " و قرأت على أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني بدمشق ، أخبركم أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قراءة عليه و أنتم تسمعون ، قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قراءة عليه و أنا أسمع ، أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن ، حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ، حدثنا أبو العباس الوليد بن سعيد بن حاتم بن عيسى الفسطاطي بمكة من حفظه ، و زعم أن له خمساً و تسعين سنة في ذي الحجة سنة ست و ستين و ثلثمائة على باب إبراهيم ، أخبرنا محمد بن عيسى بن محمد الأخباري ، حدثنا أبو عيسى بن محمد بن سعيد القرشي ، حدثنا علي بن سليمان ، عن سليمان بن علي ، عن علي بن عبد الله ، عن عبد الله بن عباس قال : قدم الجارود بن عبد الله ، و كان سيداً في قومه على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : و الذي بعثك بالحق لقد وجدت صفتك في الإنجيل ، و لقد بشر بك ابن البتول ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أنك محمد رسول الله . قال : فآمن الجارود و آمن من قومه كل سيد . فسر النبي بهم ، و قال : " يا جارود ! هل في جماعة وفد عبد القيس من يعرف لنا قساً ؟ " قالوا : كلنا نعرفه يا رسول الله ، و أنا من بين يدي القوم كنت أقفو أثره ، كان من أسباط العرب ، فصيحاً ، عمر سبعمائة سنة ، أدرك من الحواريين سمعان ، فهو أول من تأله من العرب ، كأني أنظر إليه يقسم بالرب الذي هو له ، ليبلغن الكتاب أجله ، و ليوفين كل عامل عمله ، ثم أنشأ يقول : هاج للقلب من جواه ادكار و ليال خلالهن نهار في أبيات آخرها : و الذي قد ذكرت دل على اللـ ـه نفوساً لها هدى و اعتبار فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " على رسلك يا جارود ، فلست أنساه بسوق عكاظ على جمل أورق ، و هو يتكلم بكلام ما أظن أني أحفظه " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ! فإني أحفظه ، كنت حاضراً ذلك اليوم بسوق عكاظ ، فقال في خطبته : يا أيها الناس ! اسمعوا و عوا ، و إذا وعيتم فانتفعوا ، إنه من عاش مات و من مات فات و كل ما هو آت آت ، مطر و نبات و أرزاق و أقوات ، و آباء و أمهات و أحياء و أموات ، جمع و أشتات و آيات بعد آيات ، إن في السماء لخبراً و إن في الأرض لعبراً ، ليل داج ، و سماء ذات أبراج ، و أرض ذات رتاج ، و بحار ذات أمواج ، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا ، أم تركوا هناك فناموا ؟ أقسم قس قسماً لا حانثاً فيه و لا آثماً أن لله دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ، و نبياً قد حان حينه و أظلكم آو إنه ، فطوبى لمن آمن به فهداه ، و ويل لمن خالفه و عصاه . ثم قال : تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية و القرون الماضية يا معشر إياد ! أين الآباء و الأجداد ؟ و أين المريض و العواد ؟ و أين الفراعنة الشداد ؟ أين من بنى و شيد ؟ و زخرف و نجد . و غره المال و الولد ؟ أين من بغى و طغى ، و جمع فأوعى ، و قال أنا ربكم الأعلى ؟ ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً ، و أطول منكم آجالا و أبعد منكم آمالاً ؟ طحنهم الثرى بكلكله ، و مزقهم بتطاوله ، فتلك عظامهم بالية و بيوتهم خاوية ، عمرتها الذئاب العاوية ، كلا بل هو الله الواحد المعبود ، ليس بوالد و لا مولود ، ثم أنشأ يقول : في الذاهبين الأوليـ ـن من القرون لنا بصائر لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر و رأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر و الأكابر لا يرجع الماضي إلي و لا من الباقين غابر أيقنت أني لا محا لة حيث صار القوم صائر قال : ثم جلس و قام رجل أشدق أجش الصوت ، فقال : لقد رأيت من قس عجباً ، خرجت أطلب بعيراً لي حتى إذا عسعس الليل و كاد الصبح أن يتنفس ، هتف بي هاتف يقول : يا أيها الراقد في الليل الأحم قد بعث الله نبياً في الحرم من هاشم أهل الوفاء و الكرم يجلو دجنات الليالي و البهم قال : فأردت طرفي فما رأيت شخصا ، فأنشأت أقول : يا أيها الهاتف في داجي الظلم أهلاً و سهلاً بك من طيف ألم بين هداك الله في لحن الكلم من ذا الذي تدعو إليه يغتنم قال : فإذا أناة بنحنحة و قائل يقول : ظهر النور ، و بطل الزور ، و بعث الله محمداً صلى الله عليه و سلم بالحبور ، صاحب النجيب الأحمر ، و التاج و المغفر ، و الوجه الأزهر ، و الحاجب الأقمر ، و الطرف الأحور ، صاحب قول شهادة أن لا إله إلا الله ، فذلك محمد المبعوث إلى الأسود و الأحمر ، أهل المدر و الوبر ، ثم أنشأ يقو ل: الحمد لله الذي لم يخلق الخلق عبث و لم يخلنا سداً من بعد عيسى و اكترث أرسل فينا أحمداً خير نبي قد بعث صلى عليه الله ما حج له ركب و حث قال : و لاح الصباح ، و إذا بالفنيق يشقشق إلى النوق ، فملكت خطامه و علوت سنامه ، حتى إذا لغب فنزل في روضة خضرة ، فإذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة ، و بيده قضيب من أراك ينكت به في الأرض و هو يقول : يا ناعي الموت و الملحود في جدث عليهم من بقايا بزهم خرق دعهم فإن لهم يوماً يصاح بهم فهم إذا انتبهوا من نومهم فرقوا حتى يعودوا بحال غير حالهم خلقا جديداً كما من قبله خلقوا منهم عراة و منهم في ثيابهم منها الجديد و منها المنهج الخلق قال : فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي السلام ، فإذا أنا بعين خرارة في أرض خوارة ، و مسجد بين قبرين ، و أسدين عظيمين يلوذان به ، و إذا بأحدهما قد سبق الآخر إلى الماء ، فتبعه الآخر يطلب الماء فضربه بالقضيب الذي في يده ، و قال : ارجع ثكلتك أمك حتى يشرب الذي ورد قبلك ، فرجع ثم ورد بعده . فقلت له : ما هذا القبران ؟ قال : هذان قبرا أخوين كانا لي يعبدان الله عز و جل معي في هذا المكان ، لا يشركان بالله شيئاً ، فأدركهما الموت فقبرتهما و ها أنا بين قبريهما حتى ألحق بهما ، ثم نظر إليهما و جعل يقول : خليلي هبا طالما قد رقدتما أجدكما لا تقضيان كراكما أم تعلما أني بسمعان مفرداً و ما لي فيه من خليل سواكما مقيم على قبريكما لست بارحاً طوال اليالي أو يجيب صداكما أبكيكما طول الحياة و ما الذي يرد علي ذي لوعة إن بكامكا كأنما و الموت أقرب غائب بروحي في قبريكما قد أتاكما أمن طول نوم لا تجيبان داعياً كأن الذي يسقي العقار سقاكما فلو جعلت نفس لنفس وقاية لجدت بنفسي أن تكون فداكما فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " رحم الله قساً إني لأرجو أن يبعثه الله عز و جل أمة وحده " . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
خبر سواد بن قارب : و كان يتكهن في الجاهلية ، و كان شاعراً ثم أسلم
قرأت على أبي عبد الله بن أبي الفتح بن وثاب الصوري بالزعيزعية بمرج دمشق ، قلت له : أخبركم الشيخان المؤيد هشام بن عبد الرحيم بن أحمد بن محمد البغدادي نزيل أصبهان و أم حبيبة عائشة بنت معمر بن الفاخر القرشية إجازة ؟ قالا : أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قراءة عليه و نحن نسمع بأصبهان ، قال : أخبرنا أبو نصر إبراهيم بن محمد بن علي الأصبهاني الكسائي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن المقرئ ، قال : أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ، قال : حدثنا يحيى بن حجر بن النعمان السامي ، قال : حدثنا علي بن منصور الأنباري ، عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم جالساً إذ مر به رجل ، فقيل ، يا أمير المؤمنين ! أتعرف هذا المار ؟ قال : و من هذا ؟ قالوا : هذا سواد بن قارب الذي أتاه رئيه بظهور النبي صلى الله عليه و سلم ، قال : فأرسل إليه عمر رضي الله عنه ، فقال له : أنت سواد بن قارب ؟ قال : نعم . قال أنت الذي أتاك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : نعم . قال : فأنت على ما كنت عليه من كهانتك ؟ قال : فغضب ؟ و قال : ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت يا أمير المؤمنين . فقال عمر : سبحان الله ؟ ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك ، فأخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه و سلم . قال : نعم يا أمير المؤمنين بينا أنا ذات ليلة بين نائم و اليقظان ، إذ أتاني رئيي فضربني برجله ، و قال : قم يا سواد ابن قارب فاسمع مقالتي ، و اعقل إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو الله عز و جل و إلى عبادته ، ثم أنشأ يقول : عجبت للجن و تطلابها و شدها العيس بأقتابها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادق الجن ككذابها فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس قداماها كأذنابها قال : قلت : دعني أنام فإني أمسيت ناعساً ، فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله ، و قال : قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي ، و اعقل إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز و جل و إلى عبادته ، ثم أنشأ يقول : عجبت للجن و تخبارها و شدها العيس بأكوارها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمن الجن ككفارها فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها و أحجارها قال : قلت : دعني أنام فإني أمسيت ناعساً ، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله ، و قال : قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي ، و اعقل إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز و جل و إلى عبادته ، ثم أنشأ يقول : عجبت للجن و تجساسها و شدها العيس بأحلاسها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما خير الجن كأنجاسها فارحل إلىالصفوة من هاشم و اسم بعينيك إلى راسها فقمت فقلت : قد امتحن الله قلبي ، فرحلت ناقتي ، ثم أتيت المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم و صحبه حوله ، فدنوت فقلت : اسمع مقالتي ، يا رسول الله . قال : هات . فأنشأت أقول : أتاني نجيي بعد هدء و رقدة و لم يك فيما قد بلوت بكاذب ثلاث ليال قوله كل ليلة أتالك رسول من لؤي بن غالب فشمرت من ذيلي الإزار و وسطت بي الذعلب الوجناء بين السباسب فأشهد أن الله لا رب غيره و أنك مأمونه على كل غالب و أنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا بن الأكرمين الأطايب فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل و إن كان فيما جاء شيب الذوائب و كن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب قال : ففرح رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه بمقالتي فرحاً شديداً ، حتى رؤي الفرح في وجوههم . قال : فوثب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فالتزمه و قال : قد كنت أشتهي أن أسمع هذا الحديث منك ، فهل يأتيك رئيك اليوم ؟ قال : أما منذ قرأت القرآن فلا ، و نعم العوض كتاب الله من الجن ، ثم أنشأ عمر يقول : كنا يوماً في حي من قريش يقال لهم آل ذريح و قد ذبحوا عجلا لهم ، و الجزار يعالجه ، إذ سمعنا صوتاً من جوف العجل و لا نرى شيئا : يا آل ذريح ، أمر نجيح ، صائح يصيح بلسان فصيح ، يشهد أن لا إله إلا الله . و قد روينا خبر سواد هذا من طريق البخاري ، حدثنا يحيى بن سليمان ، حدثني ابن وهب ، حدثني عمر أن سالمات حدثه عن عبد الله بن عمر فذكر الخبر أخصر مما سقنا و في الألفاظ اختلاف . قال السهيلي : و لسواد بن قارب هذا مقام حميد في دوس حين بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم . قال : و من هذا الباب خبر سوداء بنت زهرة بن كلاب ، و ذلك أنها حين ولدت و رآها أبوها زرقاء شيماء أمر بوأدها ، و كانوا يئدون من البنات ما كانت على هذه الصفة ، فأرسلها إلى الحجون لتدفن هناك ، فلما حفر لها الحافر و أراد دفنها ، سمع هاتفاً يقول : لا تئد الصبية ، و خلها في البرية . فالتفت فلم ير شيئاً ، فعاد لدفنها ، فسمع الهاتف يسجع بسجع آخر في المعنى ، فرجع إلى أبيها و أخبره بما سمع . فقال : إن لها شأناً و تركها ، فكانت كاهنة قريش ، فقالت يوماً لبني زهرة ، إن فيكم نذيرة أو تلد نذيراً ، فاعرضوا علي بناتكم ، فعرضن عليها ، فقالت : في كل واحدة منهن قولاً ظهر بعد حين ، حتى عرضت عليها آمنة بنت وهب فقالت : هذه النذيرة أو ستلد نذيراً . و هو خبر طويل ذكر الزبير يسيراً منه . و ذكره بطوله أبو بكر النقاش ، رحمه الله تعالى . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه و غيرهم إلى الإسلام
قال ابن إسحاق : ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال و النساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة ، و تحدث الناس به ، ثم إن الله عز و جل أمر رسوله صلى الله عليه و سلم أن يصدع بما جاءه منه ، و أن ينادي في الناس بأمره و يدعو إليه ، و كان مدة ما أخفى رسول الله صلى الله عليه و سلم أمره و استسر به إلى أن أمره الله تعالى بإظهاره ثلاث سنين فيما بلغني من مبعثه ، ثم قال الله تعالى له : " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " [ الحجر : 94 ] ثم قال : " وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " [ الشعراء : 215 ـ 216 ] . " وقل إني أنا النذير المبين " [ الحجر : 89 ] . فلما بادى رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه بالإسلام و صدع به كما أمره الله ، لم يبعد منه قومه و لم يردوا عليه حتى ذكر آلهتهم و عابها ، فلما فعل ذلك أعظموه و ناكروه و أجمعوا خلافه و عداوته صلى الله عليه و سلم إلا من عصم الله منهم بالإسلام ، و هم قليل مستخفون ، و حدب على رسول الله صلى الله عليه و سلم عمه أبو طالب و منعه و قام دونه . و مضى رسول الله صلى الله عليه و سلم مظهراً له ، لا يرده عنه شيء ، فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم و عيب آلهتهم ، و رأزا أن عمه أبو طالب قد حدب عليه و قام دونه و لم يسلمه لهم ، مشى رجال من أشرافهم إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا و عاب ديننا و سفه أحلامنا و ضلل آباءنا ، فإما أن تكفه عنا و إما أن تخلي بيننا و بينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقاً ، وردهم رداً جميلاً ، فانصرفوا عنه ، و مضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على ما هو عليه يظهر دين الله و يدعوا إليه ، ثم شري الأمر بينه و بينهم ، حتى تباعد الرجال و تضاغنوا ، و أكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم بينها ، فتذامروا عليه و حض بعضهم بعضاً عليه . ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى ، فقالوا له : يا أبا طالب إن لك سناً و شرفاً و منزلة فينا ، و إنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، و إنا و الله لا نصبر على هذا من شتم آباءنا و تسفيه أحلامنا و عيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله و إياك في ذلك ، حتى يهلك أحد الفريقين أو كما قال . ثم انصرفوا عنه فعظم عل أبي طالب فراق قومه و عداوتهم و لم يطب نفساً بإسلام رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا خذلانه . و ذكر أن أبا طالب لما قالت له قريش هذه المقالة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال له : يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا و كذا ـ للذي قالوا له ـ فأبق علي و على نفسك و لا تحملني من الأمر مالا أطيق . فظن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء ، و أنه خاذله و مسلمه ، و أنه قد ضعف عن نصرته و القيام معه ، فقال له : " يا عم و الله لو وضعوا الشمس على يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته " . ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فبكى ، ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب فقال له : أقبل يا ابن أخي . فأقبل عليه ، فقال : اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً . ثم إن قريشاً حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه و سلم و إسلامه ، و إجماعه لقراقهم في ذلك و عداوتهم ، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له : يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتىً من قريش و أجمله فخذه فلك عقله و نصره ، و اتخذه ولداً ، و أسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك و دين آبائك ، و فرق جماعة قومك و سفه أحلامهم ، فنقتله فإنما هو رجل كرجل . قال : و الله لبئس ما تسومونني ، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم و أعطيكم ابني تقتلونه ، هذا و الله ما لا يكون أبداً . فقال المطعم بن عدي : و الله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك و جهدوا على التخلص مما تكرهه ، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً . فقال له أبو طالب و الله ما أنصفوني و لكنك قد أجمعت خذلاني و مظاهرة القوم علي ، فاصنع ما بدا لك ، فحقب الأمر ، و تنابذ القوم ، و بادى بعضهم بعضاً . قال : ثم إن قريشاً تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذين اسلموا معه ، فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم و يفتنونهم عن دينهم ، و منع الله تعالى منهم رسوله بعمه أبي طالب ، و قد قام أبو طالب حين رأى قريشاً يصنعون ما يصنعون في بني هاشم و بني المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه و سلم و القيام دونه ، فاجتمعوا إليه و أقاموا معه و أجابوه إلى ما دعاهم إليه ، إلا ما كان من أبي لهب . روينا عن أبي بكر الشافعي ، " حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام ، حدثنا محمد بن المنكدر ، أنه سمع ربيعة بن عباد أو عباد الدؤلي يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يطوف على الناس في منازلهم قبل أن يهاجر إلى المدينة ، يقول : يا أيها الناس إن الله يأمركم أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئاً " . قال و وراءه رجل يقول : يا أيها الناس إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم . فسألت من هذا الرجل ؟ فقيل أبو لهب . قال ابن إسحاق : ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش و كان ذا سن فيهم ، و قد حضر الموسم فقال لهم : يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم و إن وفود العرب ستقدم عليكم ، و قد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأياً و لا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً . قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس فقل ، و أقم لنا رأياً نقول فيه . قال : بل أنتم فقولوا أسمع . قالوا : نقول كاهن . قال : و الله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن و لا بسجعه . قالوا فنقول : مجنون . قال و الله ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون و عرفناه فما هو بحنقه و لا تخالجه و لا وسوسته . قالوا : فنقول شاعر . قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه و هزجه و قريضه و مقبوضه و مبسوطه ، فما هو بالشعر . قالوا : فنقول : ساحر ، قال : ما هو بساحر ، قد رأينا السحار و سحرهم ، فما هو بنفثه و لا عقده . قالوا : فما تقول يا أبا عبد شمس ؟ قال : و الله إن لقوله لحلاوة ، و إن أصله لعذق و إن فرعه لجناة ، و ما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا أعرف أنه باطل ، و إن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء و أبيه و بين المرء و أخيه و بين المرء و زوجه و بين المرء و عشيرته . فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، و ذكروا له أمره ، و صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فانتشر ذكره في بلاد العرب كلها . قوله : لعذق بفتح العين المهملة و سكون الذال إستعارة من النخلة التي ثبت أصلها و هو العذق . و رواية ابن هشام : لغدق بغين معجمة و كسر الدال المهملة من الغدق ، و هو الماء الكثير . قال السهيلي : و رواية ابن إسحاق أفصح لأنها استعارة تامة تشبه آخر الكلام بأوله . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه و سلم من أذى قومه و صبره و ما من الله به من حمايته له
أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المقدسي ، و أبو محمد عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قراءة عليهما و أنا حاضر ، فالأول قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، و الثاني قال : أخبرنا أبو علي بن أبي القاسم البغدادي ، قالا : أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا ابن حسون ، أخبرنا أبو القاسم السراج هو موسى بن عيسى بن عبد الله ، حدثنا محمد ابن محمد بن سليمان ، حدثنا أبو طاهر أحمد بن عمر بن السرح ، حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني الليث بن سعد ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن أبان بن صالح ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن العباس بن عبد المطلب قال : كنت يوماً في المسجد فأقبل أبو جهل فقال : إن لله علي إن رأيت محمداً أن أطأعلى عنقه ، فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى دخلت عليه فأخبرته بقول أبي جهل ، فخرج غضبان حتى دخل المسجد ، فعجل أن يدخل من الباب ، فاقتحم من الحائط . فقلت هذا يوم شر نبشته ، فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأ : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " [ العلق : 1 ] حتى بلغ شأن أبي جهل " كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى " [ العلق : 6 ـ 7 ] قال : فقال إنسان لأبي جهل : يا أبا الحكم ! هذا محمد . فقال أبو جهل : ألا ترون ما أرى ؟ و الله لقد سد أفق السماء علي ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم آخر السورة سجد . قرأت على الإمام الزاهد أبي إسحاق إبراهيم بن علي أحمد بسفح قاسيون ، "أخبركم أبو بركات داود بن أحمد بن محمد البغدادي قراءة عليه و أنت تسمع ، فأقر به ، أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف ، أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن المأمون ، أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدار قطني ، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز ، و محمد بن هارون الحضرمي قالا : حدثنا محمد بن منصور الطوسي ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا عبد السلام هو ابن حرب ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزل " تبت يدا أبي لهب " جاءت امرأة لهب إلى النبي صلى الله عليه و سلم و معه أبو بكر رضي الله عنه ، فلما رآها قال : يا رسول الله إنها امرأة بذية ، فلو قمت لا تؤذيك . قال : إنها لن تراني . فجاءت فقالت يا أبا بكر صاحبك هجاني . قال : لا ، و ما يقول الشعر . قالت : أنت عندي تصدق و انصرفت . قلت : يا رسول الله ! لم ترك ؟ قال : لا ، لم يزل ملك يسترني منها بجناحه " . قرأت على أبي عبد الله محمد بن عثمان بن سلامة بدمشق ، "أخبرك أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن محمد بن البن الأسدي قراءة عليه و أنت تسمع ، فأقر به : أخبرنا جدي ، أخبرنا القاسم بن أبي العلاء ، أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر ، أخبرنا خثيمة ، حدثنا هلال يعني ابن العلاء الرقي ، حدثنا سعيد بن عبد الملك ، حدثنا محمد ابن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد هو ابن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو ابن ميمون الأودي ، حدثنا عبد الله بن مسعود ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد الحرام ، و رفقة من المشركين من قريش ، و نبي الله صلى الله عليه و سلم يصلي و قد نحر قبل ذلك جزور ، ، و قد بقي فرثه و قذره ، فقال أبو جهل : ألا رجل يقوم إلى هذا القذر يلقيه على محمد . و نبي الله صلى الله عليه و سلم ساجد ، إذ انبعث أشقاها ، فقام فألقاها عليه . قال عبد الله : فهبنا أن نلقيه عنه ، حتى جاءت فاطمة رضي الله عنها فألقته عنه ، فقام فسمعته يقول ، و هو قائم يصلي : اللهم اشدد وطأتك على مضر ، سنين كسني يوسف ، عليك بأبي الحكم بن هشام ـ و هو أبو جهل ـ و عتبة بن ربيعة ، و شيبة بن ربيعة ، و الوليد بن عتبة ، و عقبة ابن أبي معيط ، و أمية بن خلف و رجل آخر . ثم قال : رأيتهم من العام المقبل صرعى بالطوي طوي بدر ، صرعى بالقليب " . و أخبرنا ابن الواسطي فيما قرأت عليه ، أخبرنا ابن ملاعب أخبرنا الأرموي ، أخبرنا ابن المأمون ، أخبرنا الدارقطني ، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن صالح الأزدي ، حدثنا الزبير بن بكار ، حدثني أبو يحيى هارون بن بكر بن عبد الله الزهري ، عن عبد الله بن سلمة ، عن عبد الله بن عروة بن الزبير ، قال : حدثني عمرو بن عثمان بن عفان ، عن أبيه عثمان بن عفان ، قال : أكثر ما نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه و سلم أني رأيته يوماً ـ قال عمرو : فرأيت عيني عثمان بن عفان زرفتا من تذكر ذلك ـ قال عثمان بن عفان : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يطوف بالبيت و يده في يد أبي بكر ، و في الحجر ثلاثة نفر جلوس : عقبة بن أبي معيط ، و أبو جهل بن هشام ، و أمية بن خلف ، فمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما حاذاهم أسمعوه بعض ما يكره ، فعرف ذلك في وجه النبي صلى الله عليه و سلم ، فدنوت منه حتى وسطته ، فكان بيني و بين أبي بكر ، و أدخل أصابعه في أصابعي حتى طفنا جميعاً ، فلما حاذاهم قال أبو جهل : و الله لا نصالحك ما بل بحر صوفة ، و أنت تنهى أن نعبد ما كان يعبد آباؤنا . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا ذلك " . ثم مضى عنهم ، فصنعوا به في الشوط الثالث مثل ذلك ، حتى إذا كان في الشوط الرابع ناهضوه ، و وثب أبو جهل يريد أن يأخذ بمجامع ثوبه ، فدفعت في صدره ، فوقع على استه ، و دفع أبو بكر أمية بن خلف ، و دفع رسول الله صلى الله عليه و سلم عقبة بن أبي معيط ، ثم انفرجوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو واقف ، ثم قال : " أما و الله لا تنهون حتى يحل بكم عقابه عاجلاً " . قال عثمان : فو الله ما منهم رجل إلا و قد أخذه أفكل و هو يرتعد ، فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : بئس القوم أنتم لنبيكم ، ثم انصرف إلى بيته و تبعناه خلفه ، حتى انتهى إلى باب بيته و وقف على السدة ، ثم أقبل علينا بوجهه ، فقال : " أبشروا فإن الله عز و جل مظهر دينه ، و متم كلمته ، و ناصر نبيه ، و إن هؤلاء الذين ترون مما يذبح الله بأيديكم عاجلًا " ، ثم انصرفنا إلى بيوتنا ، فو الله لقد رأيتهم قد ذبحهم الله بأيدينا . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
خبر إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
و من ذلك خبر إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه : روينا عن ابن إسحاق : حدثني رجل من أسلم ، و كان واعية ، أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه و سلم عند الصفا فآذاه و شتمه ، و نال منه بعض ما يكره ، من العيب لدينه و التضعيف لأمره ، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و مولاة لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه ، فعمد إلى نادي قريش فجلس معهم ، ، فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحاً سيفه راجعاً من قنص له ، و كان صاحب قنص يرميه و يخرج له ، و كان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة ، و كان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف و سلم و تحدث معهم ، و كان أعز فتى في قريش و أشده شكيمة ، فلما مر بالمولاة و قد رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بيته . قالت له : يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفاً من أبي الحكم بن هشام ، وجده ها هنا جالساً فآذاه و سبه و بلغ منه ما يكره ، ثم انصرف عنه و لم يكلمه محمد . فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى و لم يقف على أحد معداً لأبي جهل إذا لقيه أن يقع به ، فلما دخل المسجد نظر إليه جالساً في القوم فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه ، رفع القوس فضربه بها ، فشجه شجة منكرة ، ثم قال : أتشتمه ؟ فأنا على دينه ، أقول ما يقول ، فرد علي ذلك إن استطعت . فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ، فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة فإني و الله قد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً . و تم حمزة على إسلامه ، و على ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم من قوله . فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد عز و امتنع ، و أن حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه . و روينا عن ابن إسحاق قال : حدثني يزيد بن أبي زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : حدثت أن عتبة بن ربيعة ـ و كان سيداً ـ قال يوماً و هو جالس في نادي قريش و النبي صلى الله عليه و سلم جالس في المسجد وحده : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه و أعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها ، فنعطيه أيها شاء و يكف عنا ، و ذلك حين أسلم حمزة ، و رأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثرون و يزيدون ، فقالوا : بلى يا أبا الوليد ، فقم إليه فكلمه ، فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة ، و المكان في النسب و إنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم و سفهت به أحلامهم ، و عبت به آلهتهم و دينهم ، و كفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها . قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قل يا أبا الوليد أسمع " . قال : يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أمولنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، و إن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك ، و إن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا ، و إن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب ، و بذلنا فيه أموالنا ، حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه ، أو كما قال له . حتى إذا فرغ عتبة و رسول الله صلى الله عليه و سلم يسمع منه ، قال : " أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ " قال : نعم . قال : " فاسمع مني " . قال : أفعل . " قال : " حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون * بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون " " [ فصلت : 1 ـ 4 ] . ثم مضى رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها يقرأها عليه ، فلما سمعها عتبة منه ، أنصت لها ، و ألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليها يسمع منه ، ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى السجدة منها ، فسجد . ثم قال : " قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت و ذاك " . فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض يحلف بالله : لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ، فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال : ورائي أني سمعت قولاً و الله ما سمعت مثله قط ، و الله ما هو بالشعر و لا بالسحر ، و لا بالكهانة ، يا معشر أطيعوني و اجعلوها بي ، خلوا بين هذا الرجل و بين ما هو فيه ، فاعتزلوه ، فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ، و إن يظهر على العرب فملكه ملككم ، و عزه عزكم ، و كنتم أسعد الناس به . قالوا : سحركم و الله يا أبا الوليد بلسانه . قال : هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لم . و روينا عن الطبراني ، " حدثنا القاسم بن عياش بن حماد أبو محمد الجهني الحذاء الموصلي ، حدثنا محمد بن موسى الحرشي ، حدثنا أبو خلف عبد الله بن عيسى الخزاز ، حدثنا داود بن أبي هند عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن قريشاً دعت رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة ، و يزوجوه ما أراد من النساء . فقالوا : هذا لك عندنا يا محمد و كف عن شتم آلهتنا و لا تذكرها بسوء ، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة و لك فيها صلاح . قال : ما هي ؟ قالوا : تعبد آلهتنا سنةً ـ اللات و العزى ـ و نعبد إلهك سنة . قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي . فجاء الوحي من عند الله عز وجل من اللوح المحفوظ : " قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون " [ الكافرون : 1 ـ 2 ] السورة و أنزل الله عز وجل " قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون " " بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " [ الزمر : 64 و 66 ] " . و روينا " من طريق الترمذي ، حدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس [ سندع الزبانية ] قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن على عنقه . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لوفعل لأخذته الملائكة عياناً " . قال : " حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي ، فجاء أبو جهل ، فقال : ألم أنهك عن هذا ؟ فانصرف النبي صلى الله عليه و سلم ، فزبره ، فقال أبو جهل : إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني . فأنزل الله تعالى : " فليدع ناديه * سندع الزبانية " [ العلق : 17 ـ 18 ] قال ابن عباس : و الله لودعا ناديه لأخذته زبانية الله " . ===== |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
و روينا عن ابن عباس ، من طريق محمد بن إسحاق ، اجتماع قريش و عرضهم على النبي صلى الله عليه و سلم ما عرضوا عليه من أموالهم و غير ذلك ، و قوله عليه الصلاة و السلام : " ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ، و لا الشرف فيكم ، و لا الملك عليكم ، و لكن الله بعثني إليكم رسولاً ، و أنزل علي كتاباً ، و أمرني أن أكون لكم بشيراً و نذيراً ، فبلغتكم رسالات ربي و نصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا و الآخرة ، و إن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم " ، أو كما قال صلى الله عليه و سلم . فقالوا له : فسل ربك أن يسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا ، و ليبسط علينا بلادنا ، و ليخرق فيها أنهاراً كأنهار الشام و العراق ، و ليبعث لنا من مضى من آبائنا ، و ليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب ، فإنه كان شيخ صدق ، فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل ؟ و فيه : قالوا له : سل ربك أن يبعث معك ملكاً يصدقك بما تقول و يراحعنا عنك ، و اسأله فليجعل لنا جناناً و قصوراً و كنوزاً من ذهب و فضة يغنيك بها عما تراك تبتغي ، فإنك تقوم بالأسواق و تلتمس المعاش . و ذكر قولهم : فأسقط السماء علينا كسفاً كما زعمت أن ربك إن شاء فعل . و قال قائلهم : نحن نعبد الملائكة ، و هي بنات الله . و قال قائلهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله و الملائكة قبيلاً . و قال : إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن ، و إنا و الله لن نؤمن بالرحمن أبداً . فلما قالوا له ذلك . قام رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهم و معه عبد الله بن أبي أمية المخزومي و هو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب ، فقال : و الله لانؤمن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سلماً ، ثم ترقى فيه و أنا أنظر إليك حتى تأتيها ثم تأتي معك بصك معه أربعة من الملائكة يشهدون لك كما تقول ، و ايم الله أن لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك .
و قال أبو جهل : يا معشر قريش إني أعاهد الله لأجلسن له غداً بحجر ما أطيق حمله أو كما قال ، فإذا سجد في صلاته فضحت به رأسه ، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني ، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم . قالوا : و الله لا نسلمك لشيء أبداً فامض لما تريد ، فلما أصبح أبو جهل أخذ حجراً كما وصف ، ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه و سلم ينتظره ، و غدا رسول الله صلى الله عليه و سلم كما كان يغدو ، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه و سلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزماً منتقعاً لونه مرعوباً قد يبست يداه على حجره ، حتى قذف الحجر من يده ، و قامت إليه رجال من قريش ، فقالوا له : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : قمت إليه لأفعل ما قلت لكم البارحة ، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل لا و الله ما رأيت مثل هامته و لا قصرته و لا أنيابه بفحل قط ، فهم بي أن يأكلني . قال ابن إسحاق : فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ذلك جبريل لودنا لأخذه " . و ذكر في الخبر بعث قريش النضر بن الحارث بن كلدة ، و بعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود و قالوا لهما : سلاهم عن محمد و صفا لهم صفته ، و أخبراهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول ، و عندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى قدما المدينة ، و سألا أحبار يهود ، فقالت لهما : سلوا عن ثلاث ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، و إن لم يفعل فالرجل متقول . سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول : ما كان من أمرهم ؟ فإنه قد كان لهم حديث عجيب . و سلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض و مغاربها . ما كان نبؤه ؟ و سلوه عن الروح : ما هو ؟ فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي و إن لم يفعل فهو رجل متقول . فأقبل النضر و عقبة فقالا : قد جئناكم بفصل ما بينكم و بين محمد ، فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يذكرون ، فقال عليه الصلاة و السلام : " أخبركم غداً ، و لم يستثن " . فانصرفوا ، فمكث رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يذكرون خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحياً ، و لا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة و قالوا : وعدنا محمد غداً و اليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه . حتى أحزن رسول الله صلى الله عليه و سلم مكث الوحي عنه ، و شق عليه ما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاءه جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف ، قال ابن إسحاق : فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لقد احتبست عني يا جبريل ، فقال : " وما نتنزل إلا بأمر ربك " [ مريم : 64 ] الآية . و افتتح السورة بحمده وء ذكر نبوة رسوله عليه الصلاة و السلام ، و فيها ذكر الفتية الذين ذهبوا و هم أصحاب الكهف ، و ذكر الرجل الطواف و هو ذو القرنين ، و قال فيما سألوه عنه من الروح " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " " [ الإسراء : 85 ] الحديث بطوله و أنا اختصرته . قال : و حدثت عن ابن عباس أنه قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة ، قالت أحبار يهود : يا محمد أرأيت قولك " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " [ الإسراء : 85 ] إيانا تريد أم قومك ؟ قال : " كلاً " . قالوا : فإنك تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها بيان كل شيء . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنها في علم الله قليل ، و عندكم من ذلك ما يكفيكم لو أقمتموه " . قال : فأنزل الله عليه فيما سألوه عنه في ذلك " ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم " [ لقمان : 27 ] أي : إن التوراة في هذا من علم الله قليل . قال : و أنزل الله فيما سأله قومه لأنفسهم من تسيير الجبال و تقطيع الأرض و بعث من مضى من آبائهم من الموتى " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا " [ الرعد : 31 ] أي لا أصنع من ذلك الأمر إلا ما شئت . و أنزل الله عليه فيما سألوه أن يأخذ لنفسه " قالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا * أو يلقى إليه كنز " إلى " وكان ربك بصيرا " [ الفرقان : 7 ـ 20 ] . و أنزل الله فيما قال عبد الله بن أبي أمية " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب " إلى قوله " قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا " [ الإسراء : 90 ـ 93 ] . و أنزل عليه في قولهم إنما يعلمك رجل باليمامة يقال له : الرحمن : " كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن " [ الرعد : 30 ] . و أنزل عليه فيما قال أبو جهل ، و ما هم به " أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى " [ العلق : 9 ـ 10 ] حتى آخر السورة . و أنزل عليه فيما عرضوا من أموالهم " قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد " [ سبأ : 47 ] . فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بما عرفوا من الحق حال الحسد بينهم و بين اتباعه . فقال قائلهم : لا تسمعوا لهذا القرآن و الغوا فيه لعلكم تغلبون ، أي : اجعلوه لغواً و باطلاً و اتخذوه هزواً لعلكم تغلبونه بذلك فإنكم إن ناظرتموه أو خاصمتموه غلبكم . فقال أبو جهل يوماً و هو يهزأ برسول الله صلى الله عليه و سلم و ما جاء به من الحق يا معشر قريش يزعم محمد أن جنود الله الذين يعذبونكم في النار و يحبسونكم فيها تسعة عشر ، و أنتم الناس كثرة و عدداً ، أفيعجز كل مائة رجل منكم عن رجل منهم ؟ فأنزل الله عز و جل في ذلك من قوله " وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا " [ المدثر : 31 ] إلى آخر القصة . فلما قال ذلك بعضهم لبعض جعلوا إذا جهر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقرآن و هو يصلي يتفرقون عنه و يأبون أن يستمعوا له ، فكان الرجل منهم إذا أراد ان يستمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم بعض ما يتلو من القرآن و هو يصلي استرق السمع دونهم فرقاً منهم ، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم فلم يستمع ، و إن خفض رسول الله صلى الله عليه و سلم صوته فظن الذي يستمع أنهم لا يسمعون شيئاً من قراءته و سمع هو شيئاً دونهم أصاخ له يستمع منه ، و روي عن داود بن الحصين ، عن عكرمة عن ابن عباس إنما نزلت هذه الآية " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " [ الإسراء : 110 ] في ذلك . قال أبو عمر : و كان المجاهرون بالظلم لرسول الله صلى الله عليه و سلم و لكل من آمن به : من بني هاشم : عمه أبو لهب ، و ابن عمه أبا سفيان بن الحارث . و من بني عبد شمس : عتبة و شيبة ابني ربيعة ، و عقبة بن أبي معيط ، و أبا سفيان بن حرب ، و ابنه حنظلة ، و الحكم بن أبي العاص بن أمية ، و معاوية بن المغيرة بن العاص بن أمية . و من بني عبد الدار : النضر بن الحارث . و من بني أسد بن عبد العزى : الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ، و ابنه زمعه ، و أبا البختري العاص بن هشام . و من بني زهرة : الأسود بن عبد يغوث . و من بني مخزوم : أبا جهل بن هشام ، و أخاه العاص بن هشام ، و عمهما الوليد بن المغيرة ، و ابنه أبا قيس بن الوليد بن المغيرة ، و ابن عمه قيس بن الفاكه بن المغيرة ، و زهير ابن أبي أمية بن المغيرة أخا أم سلمة ، و أخاه عبد الله بن أبي أمية ، و الأسود بن عبد الأسد أخا أبي سلمة ، و صيفي بن السائب . و من بني سهم : العاص بن وائل ، و ابنه عمراً ، و ابن عمه الحارث بن قيس بن عدي ، و نبيهاً و منبهاً ابني الحجاج . و من بني جمح : أمية و أبياً ابني خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، و أنيس بن معير أخا بني محذورة . و الحارث بن الطلاطلة الخزاعي ، و غدي بن الحمراء الثقفي . فهؤلاء كانوا أشد على المؤمنين مثابرة بالأذى ، و معهم سائر قريش ، فمنهم من يعذبون ـ ممن لا منعة له و لا جوار ـ من قومه ، و منهم من يؤذون . و لقي المسلمون من كفار قريش و حلفائهم من الأذى و العذاب و البلاء عظيماً ، و رزقهم الله من الصبر على ذلك عظيماً ، ليدخر لهم ذلك في الآخرة ، و يرفع به درجاتهم في الجنة . و الإسلام في كل ذلك يفشو و يظهر في الرجال و النساء . و أسلم الوليد بن الوليد ابن المغيرة ، و سلمة بن هشام أخو أبو جهل ، و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، و جماعة أراد الله هداهم . و أسرف بنو جمح على بلال بالأذى و العذاب ، فاشتراه أبو بكر الصديق منهم و اشترى أمة حمامة ، فأعتقهما ، و أعتق عامر بن فهيرة . و روي أن قحافة قال لابنه أبي بكر : يا بني أراك تعتق قوماً ضعفاء فلو أعتقت قوماً جلداء يمنعوك ، فقال : يا أبت إني أريد ما أريد . فقيل : فيه نزلت " وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد " [ الليل : 17 ـ 19 ] إلى آخر السورة . ==== |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
و ذكر الزهري أن أبا سفيان بن حرب و أبا جهل بن هشام و الأخنس بن شريق خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يصلي من الليل في بيته ، فأخذ كل رجل منهم مجلساً يستمع فيه ، و كل لا يعلم بمكان صاحبه ، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فتلاوموا و قال بعضهم لبعض : لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً ، ثم انصرفوا ، حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا مرة ، ثم انصرفوا ، حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد أن لا نعود ، فتعاهدوا على ذلك ، ثم تفرقوا ، فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ، ثم ذهب حتى أتى أبا سفيان في بيته ، فقال : أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد . فقال : يا أبا ثعلبة : و الله لقد سمعت أشياء أعرفها و أعرف ما يراد بها ، و سمعت أشياء ما عرفت معناها و لا ما يراد بها . قال الأخنس : و أنا و الذي حلفت به ، ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل ، فدخل عليه بيته ، فقال : يا أبا الحكم ! ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ ! قال ماذا سمعت ؟ تنازعنا و نحن و بنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، و حملوا فحملنا ، و أعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاذينا على الركب ، و كنا كفرسي رهان ، قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك هذه ! و الله لا نؤمن به أبداً ، و لا نصدقه ، فقام عنه الأخنس و تركه .
و ذكر ابن إسحاق حديث الإراشي و الإراشي هذا اسمه : كهلة الأصغر بن عصام بن كهلة الأكبر بن وهب ، بن ذئبان بن سيلان ، بن مودع بن عبد الله ، و هو الذي ابتاع منه أبو جهل الإبل و مطله بأثمانها ، و دلالة قريش إياه على رسول الله صلى الله عليه و سلم لينصفه من أبي جهل استهزاء ، لما يعلمون من العداوة بينهما . قال : و خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى جاءه فضرب عليه بابه ، فقال : من هذا ؟ فقال : محمد . فخرج إليه و ما في وجهه من رائحة ، قد انتقع لونه . فقال : " أعط هذا حقه " . قال : نعم لا تبرح حتى أعطيته الذي له ، فدفعه إليه . فذكر له الإراشي ذلك ، فقالوا لأبي جهل : ويلك ! ما رأينا مثل ما صنعت . قال : ويحكم ! و الله ما هو إلا أن ضرب على بابي و سمعت صوته فملئت رعباً ، ثم خرجت إليه و إن فوق رأسه لفحلاً من الإبل ما رأيت مثل هامته . و لا قصرته و لا أنيابه لفحل قط ، و الله لو أبيت لأكلني . و ذكر الواقدي عن يزيد بن رومان ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس في المسجد معه رجال من أصحابه ، أقبل رجل من بني زبيد يقول : يا معشر قريش ! كيف تدخل عليكم المادة أو يجلب إليكم جلب ، أو يحل تاجر بساحتكم ، و أنتم تظلمون من دخل عليكم في حرمكم ؟ يقف على الحلق حلقة حلقة حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في أصحابه ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " و من ظلمك ؟ " فذكر أنه قدم بثلاثة أجمال كانت خيرة إبله ، فسامه بها أبو جهل ثلث أثمانها ، ثم لم يسمه بها لأجله سائم . قال : فاكسد علي سلعتي و ظلمني . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " و أين أجمالك ؟ " قال : هي هذه بالحزورة . فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم معه و قام أصحابه ، فنظر إلى الجمال فرأى الجمال فرهاً ، فساوم الزبيدي حتى ألحقه برضاه ، فأخذها رسول الله صلى الله عليه و سلم فباع جملين منها بالثمن ، و أفضل بعيراً باعه و أعطى أرامل بني عبد المطلب ثمنه ، و أبو جهل جالس في ناحية من السوق لا يتكلم ، ثم أقبل إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " يا عمرو ! إياك أن تعود لمثل ما صنعت بهذا الأعرابي فترى مني ما تكره " . فجعل يقول : لا أعود يا محمد ، لا أعود يا محمد ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أقبل عليه أمية بن خلف و من حضر من القوم ، فقالوا : ذللت في يدي محمد ، فإما أن تكون تريد أن تتبعه ، و إما رعب دخلك منه ، قال : لا أتبعه أبداً ، إن الذي رأيتم مني ، لما رأيت معه ، لقد رأيت رجالاً عن يمينه و شماله معهم رماح يشرعونها إلي ، لو خالفتهم لكانت إياها ، أي لأتوا علي نفسي . قال أبو عمر : و كان المستهزئون الذي قال الله فيهم : " إنا كفيناك المستهزئين " [ الحجر : 95 ] عمه أبو لهب ، و عقبة بن معيط ، و الحكم بن أبي العاصي ، و الأسود بن المطلب بن أسد بن زمعة ، و الأسود بن عبد يغوث ، و العاص بن وائل ، و الوليد بن المغيرة ، و الحارث بن الغيطلة السهمي . فكان جبريل مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فمر بهما من المستهزئين الوليد بن المغيرة ، و الأسود بن المطلب ، و الأسود بن عبد يغوث ، و الحارث ابن الغيلطة ، و العاص بن وائل واحدا بعد واحد ، فشكاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى جبريل ، فقال : كفيتكهم . فهلكوا بضروب من البلاء و العمى قبل الهجرة . و فيما لقي بلال و عمار و المقداد و خباب و سعد بن أبي وقاص و غيرهم ممن لم تكن له منعة من قومه من البلاء و الأذى . ما يطول ذكره . قرأت على أبي النور إسماعيل بن نور بن قمر الهيتي بالصالحية ، أخبركم أبو نصر موسى ابن الشيخ عبد القادر الجيلي قراءة عليه ، أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن البنا ، أخبرنا أبو نصر الزينبي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي بن خلف ، أخبرنا أبو بكر بن أبي داود ، حدثنا أبو موسى عيسى بن حماد زغبة ، عن الليث بن سعد ، عن هشام ، عن أبيه ، أنه قال : مر بورقة بن نوفل على بلال و هو يعذب ، يلصق ظهره برمضاء البطحاء في الحر ، و هو يقول : أحد أحد . فقال : يا بلال صبراً ، يا بلال صبراً ، لم تعذبونه فو الذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حناناً . يقول : لأتمسحن به . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر انشقاق القمر
قال الله تعالى : " اقتربت الساعة وانشق القمر " [ القمر : 1 ] . و روينا من طريق البخاري : " حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن شعبة و سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر ، عن ابن مسعود ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فرقتين ، فرقة فوق الجبل و فرقة دونه . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اشهدوا " . و ذكر القاضي عياض رحمه الله ، قال : و رواه عنه مسروق ، أنه كان بمكة ، و زاد : فقال كفار قريش : سحركم ابن أبي كبشة . فقال رجل منهم : إن محمداً إن كان سحر القمر فإنه لا يبلغ من سحره أن يسحر الأرض كلها ، فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر هل رأوا هذا ، فسألوا فأخبرهم أنهم رأوا مثل ذلك . و حكى المسرقندي ، عن الضحاك نحوه ، و قال : فقال أبو جهل : هذا سحر فابعثوا إلى أهل الآفاق حتى تنظروا أرأوا ذلك أم لا ؟ فأخبر أهل الآفاق أنهم رأوه منشقاً . فقالوا يعني الكفار : هذا سحر مستمر . و روينا من طريق الترمذي ، حدثنا عبد بن حميد : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : سأل أهل النبي صلى الله عليه و سلم آية فانشق القمر بمكة مرتين ، فنزلت " اقتربت الساعة وانشق القمر " إلى قوله " سحر مستمر " [ القمر : 1 ـ 2 ] . يقول ذاهب . قال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سليمان بن كثير ، عن حصين ، عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، قال : انشق القمر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم حتى صار فرقتين على هذا الجبل و على هذا الجبل ، فقالوا : سحرنا محمد . فقال بعضهم : لئن كان سحرنا ما يستطيع أن يسحر الناس كلهم . و روي عن ابن عباس و ابن عمر و حذيفة و علي رضي الله عنهم . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة
و كانت الهجرة إلى أرض الحبشة مرتين ، فكان عدد المهاجرين في المرة الأولى اثني عشر رجلاً و أربع نسوة ، ثم رجعوا عندما بلغهم عن المشركين سجودهم مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عند قراءة سورة [ والنجم ] و سيأتي ذكر ذلك ، فلقوا من المشركين أشد مما عهدوا ، فهاجروا ثانية ، و كانوا ثلاثة و ثمانين رجلاً ، إن كان فيهم عمار ، ففيه خلاف بين أهل النقل . و ثماني عشرة امرأة ، إحدى عشرة قرشيات و سبعاً غرباء ، و بعثت قريش في شأنهم إلى النجاشي مرتين ، الأولى عند هجرتهم ، و الثانية عقيب وقعة بدر ، و كان عمرو بن العاص رسولاً في المرتين ، و معه في إحداهما عمارة بن الوليد ، و في الأخرى عبد الله بن أبي ربيعة المخزوميان . و روى عبد الرزاق ، " عن معمر ، عن الزهري ، قال : فلما كثر المسلمون و ظهر الإيمان أقبل كفار قريش على من آمن من قبائلهم يعذبونهم و يؤذونهم ليردوهم عن دينهم . قال : فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لمن آمن به : تفرقوا في الأرض فإن الله تعالى سيجمعكم . قالوا : إلى أين نذهب ؟ قال : إلى ها هنا . و أشار بيده إلى أرض الحبشة ، فهاجر إليها ناس ذوو عدد ، منهم من هاجر بأهله ، و منهم من هاجر بنفسه ، حتى قدموا أرض الحبشة " . فكان أول من خرج عثمان بن عفان ، معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم . و قد قيل إن أول من هاجر إلى أرض الحبشة حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود أخو سهيل بن عمرو . و قيل : هو سليط بن عمرو . و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة هارباً عن أبيه بدينه ، و معه امرأته سهلة بنت سهيل مسلمة مراغمة لأبيها ، فارة عنه بدينها ، فولدت له بأرض محمد بن أبي حذيفة . و مصعب بن عمير . و عبد الرحمن بن عوف . و أبو سلمة بن عبد الأسد و معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية . و عثمان بن مظعون . و عامر بن ربيعة ، حليف آل الخطاب ، و معه امرأته ليلى أبي خيثمة بن غانم العدوية . و أبو سبرة بن أبي رهم العامري ، و امرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو ، و لم يذكرها ابن إسحاق فهي خامسة لهن . و سهيل بن بيضاء و هو سهيل بن و هب بن ربيعة الفهري . و عبد الله بن مسعود الهذلي . فخرجوا متسللين سراً حتى انتهوا إلى الشعيبة ، منهم الراكب و منهم الماشي ، فوفق الله لهم سفينتين للتجار حملوهم فيهما بنصف دينار ، و كان مخرجهم في رجب من السنة الخامسة من النبوة ، فخرجت قريش في آثارهم حتى جاؤوا البحر من حيث ركبوا فلم يجدوا أحداً منهم . ثم خرج جعفر بن أبي طالب في المرة الثانية و معه امرأته أسماء بنت عميس فولدت له هناك بنيه : محمداً و عبد الله و عوناً . و عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية ، و معه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكناني ، و أخوه خالد بن سعيد و معه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة الخزاعية فولدت له هناك ابنه سعيداً و ابنته أم خالد و اسمها أمة . و عبيد الله بن جحش ، و معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان ، فتنصر هناك ثم توفي على النصرانية ، و تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم أم حبيبة كما سيأتي إن شاء الله تعالى . و أخوه عبد الله بن جحش . و قيس بن عبد الله حليف لبني أمية بن أمية بن عبد شمس ، معه امرأته بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بن حرب . و معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي حليف لبني العاص بن أمية . و عتبة بن غزوان بن جابر المازني حليف بني نوفل . و يزيد ابن زمعة بن الأسود . و عمرو بن أمية بن الحارث بن أسد . و الأسود بن نوفل بن خويلد ابن أسد . و طليب بن عمير بن وهب أبي كبير بن عبد قصي . و سويبط بن سعد بن حرملة ـ و يقال : حريملة ـ بن مالك العبدري . و جهم بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار العبدري ، معه امرأته أم حرملة بنت عبد الأسود بن خزيمة من خزاعة و ابناه عمرو بن جهم و خزيمة بن جهم . و أبو الروم بن عمير أخو مصعب بن عمير . و فراس بن النضر بن الحارث بن كلدة . و عامر بن أبي وقاص أخو سعد . و المطلب بن أزهر بن عبد عوف ، معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن صبيرة السهمية ، ولدت له هناك عبد الله بن المطلب . و عبد الله بن مسعود الهذلي و هو حليف له فنسب إليه ، و هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة البهراني . و الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، و معه امرأته ريطة بنت الحارث التيمية ، فولدت له هناك : موسى و زينب و عائشة و فاطمة . و عمرو بن عثمان بن عمرو التيمي عم طلحة . و شماس بن عثمان بن الشريد المخزومي ، و اسمه عثمان بن عفان . و هبار بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال المخزومي ، و أخوه عبد الله بن سفيان . و هشام بن أبي حذيفة بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم . و عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي . و معتب بن عوف بن عامر الخزاعي ، و بعض الناس يقول : معتب ، حليف بني مخزوم . و السائب ابن عثمان بن مظعون ، و عماه قدامة و عبد الله ابنا مظعون . و حاطب و حطاب ابنا الحارث ابن معمر الجمحي ، و مع حاطب زوجه فاطمة بنت المجلل العامري ، و ولدت له هناك محمداً و الحارث ابني حاطب ، و مع حطاب زوجه فكيهة بنت يسار . و سفيان بن معمر بن حبيب الجمحي ، و معه ابناه جابر و جنادة و أمهما حسنة و أخوهما لأمهما شرحبيل بن حسنة ، و هو شرحبيل بن عبد الله بن المطاع الكندي ، و قيل إنه من بني الغوث بن مر أخي تميم ابن مر . و عثمان بن ربيعة بن أهبان بن وهب بن حذافة بن جمح . و خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي السمي ، و سهم بن عمرو بن هصيص و أخوه عبد الله و قيس ابنا حذافة . و رجل من بني تميم اسمه سعيد بن عمرو ، و كان أخا بشر بن الحارث بن قيس بن عدي لأمه . و هشام بن العاص أخو عمرو و عمير بن رئاب بن حذيفة السهمي . و أبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي السهمي و إخوته الحارث ومعمر و سعيد و السائب و بشر و أخ لهم من أمهم من تميم يقال له سعيد بن عمرو . و محمئة بن جزء الزبيدي حليف بني سهم . و معمر بن عبد الله بن نضلة ، و يقال ابن عبد الله بن نافع بن نضلة العدوي . و عروة بن عبد العزى بن حرثان العدوي . و عن مصعب الزبيري عروة بن أبي أثاثة بن عبد العزى ، أو عمرو بن أبي أثاثة . و عدي بن نضلة بن عبد العزى العدوي ، و ابنه النعمان . و مالك بن ربيعة بن قيس العامري ، و امرأته عمرة بنت أسعد بن وقدان بن عبد شمس العامرية . و سعد ابن خولة من أهل اليمن حليف لبني عامر بن لؤي . و عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى و عبد الله بن سهيل بن عمرو و عماه سليط و السكران ابنا عمرو العامريون ، و امرأته سودة بنت زمعة . و أبو عبيدة بن الجراح . و عمرو بن أبي سرح بن ربيعة . و عياض بن زهير ابن أبي شداد . و عثمان بن غنم بن زهير بن أبي شداد . و سعد بن عبد قيس بن لقيط ابن عامر الفهريون . و عمار بن ياسر و فيه خلاف بين أهل السير . و قال بعض أهل السير : إن أبا موسى الأشعري كان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة و ليس كذلك ، و لكنه خرج في طائفة من قومه من أرضهم باليمن يريد المدينة فركبوا البحر فرمتهم الريح إلى أرض الحبشة ، فأقام هناك حتى قدم مع جعفر بن أبي طالب . فلم نزل هؤلاء بأرض الحبشة أمنوا على دينهم ، و أقاموا بخير دار عند خير جار ، و طلبتهم قريش عنده فكان ذلك سبب إسلامه . قرأت على الإمام الزاهد أبي إسحاق إبراهيم بن علي الحنبلي بالصالحية ، أخبركم أبو الحسن علي بن النفيس بن بورنداز ، أخبرنا أبو القاسم محمود بن عبد الكريم ، أخبرنا أبو بكر ابن ماجة ، أخبرنا أبو جعفر ، عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان ، عن محمد بن إبراهيم ابن يحيى بن الحكم الحزوري ، عن محمد بن سليمان لوين ، حدثنا حديج بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن عتبة ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى النجاشي ثمانين رجلاً ، منهم عبد الله بن مسعود ، و جعفر ، و عبد الله بن عرفطة ، و عثمان بن مظعون رضي الله عنهم ، و بعثت قريش عمرو بن العاص ، و عمارة بن الوليد بهدية ، فقدما على النجاشي ، فدخلا عليه و سجدا له ، و ابتدراه فقعد واحد عن يمينه و الآخر عن شماله ، فقالا : إن نفراً من بني عمنا نزلوا أرضك ، فرغبوا عنا و عن ملتنا ، قال : و أين هم ؟ قالوا : بأرضك ، فأرسل في طلبهم ، فقال جعفر رضي الله عنه : أنا خطيبكم اليوم ، فاتبعوه ، فدخل فسلم ، فقالوا : ما لك لا تسجد للملك ؟ قال : إنا لا نسجد إلا لله عز و جل . قالوا . و لم ذاك ؟ قال : إن الله تعالى أرسل فينا رسولاً و أمرناً أن لا نسجد إلا لله عز و جل ، و أمرنا بالصلاة و الزكاة ، قال عمرو بن العاص : فإنهم يخالفونك في ابن مريم و أمه . قال : فما تقولون في ابن مريم و أمه ؟ قال : نقول كما قال الله عز و جل : روح الله و كلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول التي لم يمسها بشر و لم يفرضها ولد . قال : فرفع النجاشي عوداً من الأرض فقال : يا معشر الحبشة و القسيسين و الرهبان ! ما تزيدون على ما يقولون ، أشهد أنه رسول الله ، و أنه الذي بشر به عيسى في الإنجيل ، و الله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته فأكون أنا الذي حمل نعليه و أوضئه ، قال : أنزلوا حيث شئتم . و أمر بهدية الآخرين فردت عليهما . قال : و تعجل عبد الله بن مسعود فشهد بدراً . و قال : إنه لما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم موته استغفر له . و لعمارة بن الوليد مع عمرو بن العاص في هذا الوجه خبر مشهور ، ذكره أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني و غيره . و قال عمرو يخاطب عمارة : إذا المرء لم يترك طعاماً يحبه و لم ينه قلباً غاوياً حيث يمما قضى وطراً منه و غادر سبة إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما لم يذكر ابن إسحاق مع عمرو إلا عبد الله بن أبي ربيعة في رواية زياد . و في رواية ابن بكير لعمارة بن الوليد ذكر . فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي في أحسن جوار ، فلما سمعوا بمهاجر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة و ثلاثون رجلاً و من النساء ثماني نسوة ، فمات منهم رجلان بمكة و حبس بمكة سبعة نفر ، و شهد بدراً منهم أربعة و عشرون رجلاً ، فلما كان شهر ربيع الأول و قيل المحرم سنة سبع من هجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ، كتب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى النجاشي كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام ، و بعث به مع عمرو بن أمية الضمري ، فلما قرئ عليه الكتاب أسلم ، و قال : لو قدرت أن آتيه لآتيته ، و كتب إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان ففعل ، و أصدق عنه تسعمائة دينار و كان الذي تولى التزويج خالد بن سعيد بن العاص بن أمية ، و كتب إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يبعث إليه من بقي عنده من أصحابه و يحملهم ، ففعل ، فجاؤوا حتى قدموا المدينة ، فيجدون رسول الله صلى الله عليه و سلم في خيبر ، فشخصوا إليه فوجدوه قد فتح خيبر فكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم المسلمين أن يدخلوهم في سهمانهم ففعلوا . و كان سبب رجوع الأولين الاثني عشر رجلاً و من ذكر معهم من النساء فيما روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ يوماً على المشركين " والنجم إذا هوى " حتى بلغ " أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى " [ النجم : 1 ـ 20 ] ألقى الشيطان كلمتين على لسانه [ تلك الغرانيق العلى و إن شفاعتهن لترجى ] فتكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم بهما ، ثم مضى فقرأ السورة كلها فسجد ، و سجد القوم جميعاً ، و رفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه ، و كان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود ، و يقال : إن أبا أحيحة سعد بن العاص أخذ تراباً فسجد عليه ، و يقال كلاهما فعل ذلك ، فرضوا بما تكلم به رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالوا : قد عرفنا أن الله يحيى و يميت و يخلق و يرزق ، و لكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده ، فأما إذا جعلت لها نصيباً فنحن معك ، فكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه و سلم من قولهم ، حتى جلس في البيت ، فلما أمسى " أتاه جبريل فعرض عليه السورة ، فقال جبريل : ما جئتك بهاتين الكلمتين . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قلت على الله ما لم يقل ، فأوحى الله إليه " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليل " . إلى قوله " ثم لا تجد لك علينا نصيرا " [ الإسراء : 73 ـ 75 ] " قالوا : ففشت تلك السجدة في الناس ، حتى بلغت أرض الحبشة ، فقال القوم عشائرنا أحب إلينا ، فخرجوا راجعين ، حتى إذا كانوا دون مكة بساعة من نهار لقوا ركباً من كنانة ، فسألوهم عن قريش . فقال الركب : ذكر محمد آلهتهم بخير فتابعه الملأ ، ثم ارتد عنها ، فعاد لشتم آلهتهم ، و عادوا له بالشر ، فتركناهم على ذلك . فائتمر القوم في الرجوع إلى أرض الحبشة ، ثم قالوا : قد بلغنا مكة فندخل فننظر ما فيه قريش ، و يحدث عهداً من أراد بأهله ثم يرجع ، فدخلوا مكة ، و لم يدخل أحد منهم إلا بحوار ، إلا ابن مسعود فإنه مكث يسيراً ، ثم رجع إلى أرض الحبشة . قال الواقدي : و كانوا خرجوا في رجب سنة خمس فأقاموا شعبان و شهر رمضان ، و كانت السجدة في سهر رمضان ، فقدموا في شوال سنة خمس . قال السهيلي : ذكر هذا الخبر يعني خبر هذه السجدة موسى بن عقبة و ابن إسحاق من غير طريق البكائي ، و أهل الأصول يدفعون هذا الحديث بالحجة ، و من صححه قال فيه أقوالاً : منها أن الشيطان قال ذلك و أشاعه ، و الرسول لم ينطق به ، و هذا جيد لولا أن في حديثهم أن جبريل قال لمحمد : ما أتيتك بهذا . و منها أن النبي صلى الله عليه و سلم قالها من قبل نفسه و عنى بها الملائكة أن شفاعتهم لترتجي ، و منها أن النبي صلى الله عليه و سلم قالها حاكياً عن الكفرة ، و أنهم يقولون ذلك ، فقالها متعجباً من كفرهم . قال : و الحديث على ما خيلت غير مقطوع بصحته . قلت : بلغني عن الحافظ عبد العظيم المنذري رحمه الله أنه كان يرد هذا الحديث من جهة الرواية بالكلية ، و كان شيخنا الحافظ عبد المؤمن الدمياطي يخالفه في ذلك . و الذي عندي في هذا الخبر أنه جار مجرى ما يذكر من أخبار هذا الباب من المغازي و السير . و الذي ذهب إليه كثير من أهل العلم الترخص في الرقائق ، و ما لا حكم فيه من أخبار المغازي ، و ما يجري مجرى ذلك ، و أنه يقبل فيها ما لا يقبل في الحلال و الحرام لعدم تعلق الأحكام بها و أما هذا الخبر فينبعي بهذا الاعتبار أن يرد ، لما يتعلق به ، إلا إن يثبت بسند لا مطعن فيه بوجه ، و لا سبيل إلى ذلك ، فيرجع إلى تأويله . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قرأت على عبد الرحيم بن يوسف المزي ، أخبركم أبو حفص بن طبرزذ ، قال : " أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي ، أخبرنا أبو علي الحسن بن غالب الحربي ، حدثنا أبو عبد الله محمد ابن أحمد المالكي القاضي ، حدثنا الحسين بن إسحاق ، حدثنا أبو علقمة عبد الله بن عيسى الفروي ، حدثنا عبد المالك بن الماجشون ، عن الزنجي بن خالد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب " . و قرأت على أبي الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن بن عمرو الفراء بسفح قاسيون ، أخبركم أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي فأقر به ، قال : أخبرنا الشيخان الشريف أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر الحسيني ، و أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد بن البن الأسدي ، قالا : أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر التميمي ، أخبرنا أبو خيثمة بن سليمان ، حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا سفيان الطائي ، قال : قرأت على إسحاق بن إبراهيم الحنيني ، قال : ذكره أسامة بن زيد ، عن أبيه ، عن جده أسلم ، قال : قال لنا عمر بن الخطاب : أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي ؟ قلنا : نعم . قال : كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فبينا أنا في يوم حار شديد الحر بالهاجرة في بعض طرق مكة إذ لقيني رجل من بعض قريش ، فقال لي أين تذهب يا ابن الخطاب ؟ أنت تزعم أنك هكذا ، و قد دخل عليك هذا الأمر في بيتك ! قال : قلت : و ما ذاك ؟ قال : أختك قد صبأت ، قال فرجعت مغضباً ، و قد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجمع الرجل و الرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة، فيكونان معه و يصيبان من طعامه ، قال : و قد ضم إلى زوج أختي رجلين ، قال : فجئت حتى قرعت الباب ، فقيل : من هذا ؟ قلت : ابن الخطاب . قال : و كان القوم جلوساً يقرؤون صحيفة معهم ، قال : فلما سمعوا صوتي تبادروا و اختفوا ، و تركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم ، قال : فقامت المرأة ففتحت لي . قال : فقلت لها : يا عدوة نفسها قد بلغني أنك قد صبأت . قال : فأرفع شيئاً من يدي فأضربها به . قال : فسال الدم . قال : فلما رأت المرأة الدم بكت ثم قالت : يا ابن الخطاب ! ما كنت فاعلاً فافعل ، فقد أسلمت . قال : فدخلت و أنا مغضب . قال : فجلست على السرير ، فنظرت ، فإذا بكتاب في ناحية البيت . فقلت : ما هذا الكتاب أعطينه . فقالت : لا أعطيكه ، لست من أهله ، أنت لا تغتسل من الجنابة و لا تطهر ، و هذا لا يمسه إلا المطهرون ، قال : فلم أزل بها حتى أعطتنيه ، فإذا فيه " بسم الله الرحمن الرحيم " قال : فلما مررت بالرحمن الرحيم ذعرت و رميت بالصحيفة من يدي . قال : ثم رجعت إلي نفسي فإذا فيها " سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " [ الحديد : 1 ] قال : فكلما مررت بالاسم من أسماء الله عز و جل ذعرت ، ثم ترجع إلي نفسي حتى بلغت " آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه " حتى بلغ إلى قوله : " إن كنتم مؤمنين " [ الحديد : 7 ـ 8 ] قال : فقلت أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، فخرج القوم يتباردون بالتكبير استبشاراً بما سمعوا مني ، و حمدوا الله عز و جل ، ثم قالوا : يا ابن الخطاب أبشر ، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا يوم الاثنين ، فقال : " اللهم أعز الإسلام بأحد الرجلين ، إما بأبي جهل بن هشام ، و إما بعمر بن الخطاب " ، و إنا نرجو أن تكوني دعوة رسول الله صلى الله عليه و سلم لك فأبشر . قال : فلما أن عرفوا مني الصدق ، قلت لهم : أخبروني بمكان رسول الله صلى الله عليه و سلم . قالوا : هو في بيت في أسفل الصفا و صفوه . قال : فخرجت حتى قرعت الباب . قيل : من هذا ؟ قلت : ابن الخطاب . قال : قد عرفوا شدتي على رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يعلموا إسلامي . قال : فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " افتحوا له فإن يرد الله به خيراً يهده " . قال : ففتحوا لي و أخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبي صلى الله عليه و سلم . فقال : " أرسلوه " . قال : فأرسلوني ، فجلست بين يديه . قال : " فأخذ بمجمع قميصي فجبذني إليه . ثم قال : أسلم يا ابن الخطاب ، اللهم اهده " . قال : قلت : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله . فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة . قال : و قد كان الرجل إذا أسلم استخفى ، ثم خرجت فكنت لا أشاء أن أرى رجلاً إذا أسلم ضرب إلا رأيته ، قال : فلما رأيت ذلك قلت لا أحب أن لا يصيبني ما يصيب المسلمين ، قال : فذهبت إلى خالي و كان شريفاً فيهم ، فقرعت الباب عليه . فقال : من هذا ؟ قلت : ابن الخطاب . قال : فخرج إلي فقلت له : أشعرت أني قد صبأت . قال : نعم . فقلت : نعم ! قال : لا تفعل . قال : قلت : بلى قد فعلت . قال : لا تفعل . فأجاف الباب دوني و تركني . قال قلت : ما هذا بشيء ؟ قال : فخرجت حتى جئت رجلاً مع عظماء قريش فقرعت عليه الباب . قال : من هذا ؟ قلت : عمر بن الخطاب . قال فخرج إلي . فقلت له : أشعرت أني قد صبأت . فقال : أو فعلت ؟ قلت : نعم . قال : فلا تفعل . قلت : قد فعلت . قال : لا تفعل . ثم قام فدخل فأجاف الباب دوني . قال : فلما رأيت ذلك انصرفت . فقال لي رجل : تحب أن يعلم إسلامك ؟ قال : قلت : نعم . قال : فإذا جلس الناس في الحجر و اجتمعوا أتيت فلاناً ـ رجلاً لم يكن يكتم السر ـ فاصغ إليه ، فقل له فيما بينك و بينه : إني قد صبأت . فإنه سوف يظهر عليك ذلك و يصيح و يعلنه . قال : فلما اجتمع الناس في الحجر جئت إلى الرجل ، فدنوت منه فأصغيت إليه فيما بيني و بينه ، فقلت : أعلمت أني قد صبأت . قال : فقال : أصبأت ؟ قلت : نعم . قال : فرفع صوته بأعلاه ، فقال : ألا إن ابن الخطاب قد صبأ . قال : فما زال الناس يضربوني و أضربهم . قال : فقال خالي : ما هذا ؟ قال : فقيل : ابن الخطاب . قال : فقام علي في الحجر فأشار بكلمه ، فقال : ألا إني قد أجرت ابن أختي . قال : فانكشف الناس عني . قال : و كنت لا أشاء أن أرى أحد من المسلمين يضرب إلا رأيته ، و أنا لا أضرب . قال : فقلت : ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين . قال : فأمهلت حتى إذا جلس الناس في الحجر وصلت إلى خالي فقلت : اسمع ؟ قال : قلت : جوارك عليك رد . قال : فقال : لا تفعل يا ابن أختي . قال : قلت : بلى هو ذاك . فقال : ما شئت . قال : فما زلت أضرب و أضرب حتى أعز الله الإسلام . و روينا هذا الخبر من طريق ابن إسحاق ، و فيه قال : و كان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة ، و كانت عند سعيد بن زيد ، كانت قد أسلمت و أسلم زوجها سعيد ، و هم مستخفون بإسلامهم من عمر ، و كان نعيم النحام ـ رجل من قومه ـ قد أسلم ، و فيه : أن عمر خرج متوشحاً سيفه يقصد رسول الله صلى الله عليه و سلم و من معه ، و هم قريب من أربعين بين رجال و نساء ، و أن الذي قال له ما قال نعيم ، و أن خباباً كان في بيت أخته يقرئهم القرآن ، و أن الذي كان في الصحيفة سورة " طه " و أن الذي أذن في دخوله على رسول الله صلى الله عليه و سلم حمزة بن عبد المطلب ، و الرجل الذي صرح بإسلام عمر عندما قاله له جميل بن معمر الجمحي الذي يقال له ذو القلبين ، و فيه نزلت " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " [ الأحزاب : 4 ] على أحد الأقوال و فيه يقول الشاعر : و كيف ثوائي بالمدينة بعد ما قضى وطراً منها جميل بن معمر ؟ و رويناه من طريق ابن عائذ ، قال : أخبرني الوليد بن مسلم ، قال : حدثني عمر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر فذكر القصة ، و فيها : فأتيته بصحيفة فيها " طه " فقرأ فيها ما شاء الله . قال عمر : فلما بلغ " فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى " [ طه : 16 ] قال : أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله . و فيها : قالوا يا رسول الله هذا عمر بن الخطاب يستفتح . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ائذنوا له ، فإن يرد الله به خيراً بهذه ، و إلا كفيتكموه بإذن الله " . قال محمد يعني ابن عائذ ـ و هذا وهم ، و إنما الذي قال : فإن يرد الله به خيراً يهده و إلا كفيتكموه : حمزة . و في الخبر عن ابن عائذ ، قال عمر : فحدثني أبي محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر أن أباه زيد بن عبد الله بن عمر حدثه ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : فبينا هو خائف على نفسه إذا جاءه العاص بن وائل عليه حلة و قميص مكفف بالحرير ، فقال : ما لك يا ابن الخطاب . قال : زعم قومك أنهم سيقتلونني إذا أسلمت . قال العاص : لا سبيل إليك ، فما عدا أن قالها العاص ، فأمنت عليه ، قال عبد الله بن عمر فخرج عمر و العاص فإذا الوادي قد سال بالناس . فقال لهم : أين تريدون ؟ قالوا : هذا الذي خالف دين قومه . قال : لا سبيل إليه فارجعوا فرجعوا . و ذكر محمد بن عبد الله بن سنجر الحافظ فيما رأيته عنه بإسناده إلى شريح بن عبيد قال : قال عمر بن الخطاب : خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن أسلم ، فوجدته قد سبقني إلى المسجد ، فقمت خلفه ، فاستفتح سورة الحاقة ، فجعلت أتعجب من تأليف القرآن ، فقلت هذا و الله شاعر كما قالت قريش ، فقرأ " إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون " [ الحاقة : 40 ـ 41 ] قال : قلت : كاهن علم ما في نفسي ، فقرأ " ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون " [ الحاقة : 42 ] إلى آخر السورة . قال : فوقع الإسلام في قلبي كل موقع . و قد ذكر غير هذا في خبر إسلام عمر رضي الله عنه أيضاً ، فالله أعلم أي ذلك كان . أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المقدسي ، و أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قراءة عليهما و أنا حاضر في الرابعة . قال الأول : أخبرنا أبو اليمن الكندي قراءة عليه و أنا أسمع ، و قال الثاني : أخبرنا أبو علي بن الخريف قراءة عليه و أنا حاضر أسمع في الخامسة ، قالا : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أخبرنا أبو الحسين محمد ابن أحمد بن حسنون ، أخبرنا معافى بن إبراهيم بن زكريا بن طرار ، أخبرنا أبو عبد الله يعني البغوي ، حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا عبد الله بن خراش ، عن العوام بن حوشب ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لما أسلم عمر رضي الله عنه نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر رضي الله عنه . رواه ابن ماجه عن إسماعيل بن محمد الطلحي ، عن عبد الله بن خراش . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|