منتديات جعلان > جعلان للأسرة > جعلان للصحة والطب | ||
العلاج الجيني |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
العلاج الجيني.. من منظور الفقه الإسلامي
أ.د. علي محيي الدين القرة داغي الحمد لله القائل في كتابه الكريم: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" (الذاريات: 21)، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الحكيم القائل: "إن الله لم ينـزل داءً إلا أنـزل له شفاءً" (رواه البخاري)، وعلى آله ومن تبع هداه إلى يوم الدين وبعد فإن العالم اليوم يسير بسرعة هائلة نحو الاكتشافات العلمية العظيمة في شتى مجالات الحياة، بل يقفز قفزات كبيرة على مختلف الأصعدة، ومنها قفزاته في عالم الخلايا والجينات حتى اكتُشفت الخريطة الجينية للإنسان منذ ما يقرب من سنتين؛ وبذلك تفتَّحت آفاق جديدة وانتصارات عظيمة على كثير مما تعانيه البشرية؛ حيث يمكن عن طريقها التعرف على كثير من أمراض صاحب الخريطة وصفاته، واكتشاف أمراض الجينات، وعاهات الأجنة في وقت مبكر، إضافة إلى تحسين الإنتاج وتكثيره في عالم النبات والحيوان، والاستفادة منها لزراعة الأعضاء ونحوها. وقد خطت البحوث والمختبرات العلمية خطوات متقدمة نحو العلاج الجيني عن طريق إصلاح هذه الجينات، أو استئصال الجين المسبب للمرض وتغييره بجين سليم، ومع هذا التقدم الكبير يقول العلماء: إنه لم يكتشف من أسرار Dna سوى 10%. وصدق قوله تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" (الإسراء: 85). وبما أن الشريعة الإسلامية خالدة ودائمة وشاملة، فإنها استطاعت بنصوصها العامة ومبادئها الكلية وقواعدها وضوابطها أن تستجيب لكل المستجدات، وتحل جميع المشكلات، وتضع لها الضوابط التي تحقق المصالح وتدرأ المفاسد. ونحن في هذه الدراسة المتواضعة نلقي الأضواء على موضوع جديد جدًّا، وهو (العلاج الجيني من منظور الفقه الإسلامي)، حيث نتطرق إلى التعريف بالعلاج الجيني، وأنواعه، والحكم الشرعي للعلاج الجيني وأنواعه، والآثار السلبية الاجتماعية والأخلاقية وكيفية تفاديها، والضوابط الشرعية للعلاج الجيني، والله نسأل أن يكتب لنا التوفيق والسداد، ويجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، إنه مولانا فنعم المولى ونعم النصير.
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
التعريف بالعلاج الجيني وما يرتبط به
كان مما أولاه العلم الحديث اهتماما كبيرا موضوع البحث عن قراءة الإنسان قراءة عميقة بحيث يقرأ كل جزئياته وجيناته كما يقرأ الكتاب بحروفه وحركاته وسكناته وأصواته ومخارج حروفه، فتقدمت علوم التشريح، واختُرع المجهر الذي بيّن أن أنسجة الجسم كلها تتكون من خلايا، وفي كل خلية نواة هي المسئولة عن حياة الخلية ووظيفتها، وأن نواة كل خلية تشمل على الحصيلة الإرثية من حيث الخواص المشتركة بين البشر جميعاً، أو بين السلالات المتقاربة، ومن حيث الصفات المميزة لكل شخص لا يشترك معها فيها شخص آخر[1]. وهذه المادة الإرثية المعبأة في نواة الخلية تتكون من 46 كرموسوماً، 23 منها من الأب، و 23 من الأم، كما عبَّر القرآن الكريم عن هذا الخلط بقوله تعالى: "من نطفة أمشاج" (الإنسان: 2). فالأسرار الوراثية كامنة فيما يعرف بالجينات، التي هي جزء من الحامض النووي منـزوع الأوكسجين DNA الموجود في الكروموسوم، فالجين يحوي كل المعلومات لتكوين سلسلة من الأحماض الأمينية (البيبتايد) أو جزء من البروتين، وبما أن الخمائر (الأنزيمات) نوع من البروتين، فإن الجين هو المسؤول عن صنع هذا البروتين، فمثلاً يتم صنع الأنسولين بواسطة جين معين موجود في سلسلة DNA على الكروموسوم رقم: 611. و(الدنا) مكون من زوجين نايتروجينين هما: دنين وثايمين، والجوانين والسايتوزين بواسطة قواعد هيدروجينية، كما يتصل كل واحد منهما بأحد السكريات الخماسية الناقصة الأوكسجين كما يتصل بمجموعة فسفورية، ويقدر مجموع (الدنا) في كل خلية بشرية على شكل شريط من كاسيت طوله 2800 كم، ويتكون الجين من سلسلة من هذه القواعد النـتروجينية بتوابعها (السكر الخماسي، والمركب الفسفوري) تبلغ في المعدل ثلاثين ألف زوج قاعدي نـتروجيني، فتصل مجموع القواعد النـتروجينية إلى 6 بلايين، وأن السلاسل المكونة للحامض النووي منـزوع الأوكسجين (الدنا) مزدوجة، وأن ما هو موجود في سلسلة واحدة يمثل 3 بلايين من الأزواج القاعدية، فالجينات تشكل ما يقرب من 70 % من مجموع طول (الدنا) ولا تـزال وظائف البقية الباقية منه مجهولة. وهذه السلاسل تكوّن الكروموسومات (الصبغيات) التي تصل في الإنسان إلى 23 زوجاً منها زوج واحد يختص بالذكورة والأنوثة، وأما غيره فيختص ببقية وظائف البدن[2]. ويـتراوح عدد الجينات الأساسية داخل خلية واحدة ما بين ستين وسبعين ألفاً، ومنها 20 % تعمل وتقوم بالوظائف الحيوية المشابهة، في حين تختلف 80 % حسب الوظيفة والموقع والزمن. yours tal alward
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
مشروع الجينوم البشري
يبذل العلماء جهودًا مكثفة لمعرفة الجينات البشرية، واكتشاف المزيد من أسرارها، ويستعينون لتحقيق هذا الهدف العظيم بالمختبرات الحديثة المزودة بأحدث التقنيات، وأضخم الكمبيوترات، وهو مشروع رصدت له أمريكا 5 مليارات من الدولارات، وقد حقق كثيرًا من النتائج العظيمة حتى الآن، وآخر هذه النتائج هو كشف الخريطة الجينومية للإنسان. ولا يمر يوم إلا ويتم فيه معرفة عدد هذه الجينات وموقعها على الخريطة الجينومية وحجمها وعدد القواعد النـتروجينية المكونة له، والبروتينات التي يصنعها بأمر خالقه، وعدد الأحماض الأمنية المكونة لهذا البروتين، ووظائفه، والأمراض التي تصيب الإنسان عند نقص ذلك البروتين. وقد شاء الله تعالى أن يؤدي أي خلل يسير في تسلسل القواعد النـتروجينية في الجين المتحكم في البروتين إلى مرض خطير، ولكن لا يظهر المرض إلاّ عندما يرث الشخص هذا الجين المعطوب من كلا الأبوين، أما إذا كان لديه جين واحد مصاب والجين الآخر سليماً فإنه يعتبر حاملاً للمرض فقط، ولا تظهر عليه أية أعراض مرضية، ولكن عندما يتزوج هذا الحامل للمرض من امرأة حاصلة على هذا الجين تكون نسبة ظهور المرض في ذريتهما 25 % أي واحد من أربعة، وهنا يأتي دور الفحص الطبي. ولكن هناك عدد كبير من الأمراض الوراثية تنتقل عبر جين واحد منتقل من أحد الأبوين، أو كليهما، حيث حصرها بعض العلماء عام 1994م في (6678) مرضاً وراثيًّا، غير أن (4458) مرضاً منها يصيب نصف الذرية، و(1750) مرضاً يصيب ربع الذرية، وأوصلها العلماء في عام 1998م إلى أكثر من ثمانية آلاف مرض وراثي[4]. yours tal alward
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
إيجابيات وسلبيات لمعرفة الجينوم
لا شك في أن إدراك أسرار الجينات يحقق مصالح كبيرة للبشرية، ولكنه مع ذلك إذا أُطلق عنانها دون ضوابط فسوف تتخلق مشكلات كثيرة وخطيرة، منها أنه لو اشترطت جهات العمل الكشف الجيني لأدى ذلك إلى أن المصابين بالأمراض المحققة أو المحتملة لن يتم تعيينهم، والأمر أشد في التأمين الصحي، أو التأمين على الحياة، ومنها كشف أسرار الإنسان، وغير ذلك من السلبيات؛ لذلك لا بدَّ من وضع ضوابط دينية وأخلاقية في هذا المجال. وقد صدرت توصية من الندوة الحادية عشرة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية التي عقدت في الكويت في 23 ـ 25 من شهر جمادى الآخرة 1419هـ الموافق 13 ـ 15 من شهر أكتوبر 1998م نصت على: "أن مشروع قراءة الجينوم البشري، وهو رسم خريطة الجينات الكاملة للإنسان، وهو جزء من تعرف الإنسان على نفسه، واستكناه سنة الله في خلقه، وإعمالٌ للآية الكريمة: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم" (فصلت: 53)، ومثيلاتها من الآيات الأخرى. ولما كانت قراءة الجينوم وسيلة للتعرف على بعض الأمراض الوراثية أو القابلية لها، فهي إضافة قيمة إلى العلوم الصحية والطبية في مسعاها لمنع الأمراض، أو علاجها مما يدخل في باب الفروض الكفائية في المجتمع. ويتوقع العلماء أن هذا المشروع يستهدف تحقيق الغايات التالية: 1. التعرف على أسباب الأمراض الوراثية. 2. التعرف على التركيب الوراثي لأي إنسان من حيث خريطته الجينية ومن حيث القابلية لحدوث أمراض معينة كضغط الدم والنوبات القلبية والسكر ونحوها. 3. العلاج الجيني للأمراض الوراثية. 4. إنتاج مواد بيولوجية وهرمونات يحتاجها الإنسان للنمو والعلاج.
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
العلاج الجيني
العلاج الجيني يعني إصلاح الخلل في الجينات، أو تطويرها، أو استئصال الجين المسبب للمرض واستبدال جين سليم به، وذلك بإحدى الطريقتين التاليتين: الطريقة الأُولى: عن طريق الخلية العادية، وذلك بإدخال التعديلات المطلوبة وحقنها للمصاب، فإدخال الجين إلى الكروموسوم في الخلية يجب أن يكون في موقع محدد، لأن الإدخال العشوائي قد يترتب عليه أضرار كبيرة. ومن المعلوم أن توصيل الجينات يمكن أن يتم بطرق كيميائية، أو فيزيائية، أو بالفيروسات. أما الطريقة الكيميائية فيتم دمج عدة نسخ من (الدنا) الحامل للجين السليم بمادة مثل فوسفات الكالسيوم، ثم يفرغ ذلك في الخلية المستقبلية حيث تعمل المادة الكيميائية على تحطيم غشاء الخلية، وتنقل بالتالي المادة الوراثية إلى الداخل [5]. وهناك طريقة أخرى لتوصيل الجينات عن طريق الحقن المجهري حيث يتم دخول المادة الوراثية إلى السيتوبلازم، أو النواة. وطريقة استخدام الفيروسات هي الأكثر قبولاً وتطبيقاً، وذلك باستخدام الفيروسات كنواقل أو عربات شحن في النقل الجيني، وهناك نوعان من الفيروسات، أحدهما مادته الوراثية DNA والنوع الآخر RNA. وعلى الرغم من أنهما مختلفان كيميائيًّا لكنهما يجمعهما أنهما من وحدات تُسمى نيوكيلوتيدة: التي تشمل شفرات منتظمة بالإضافة إلى تسلسل دقيق للقواعد النيتروجينية. فقد أثبتت التجارب العملية أن الجين المسؤول عن تكوين بيتاجلوبين البشري يمكن إدخاله في خلايا عظام الفأر بواسطة الفيروسات التراجعية كنواقل، وكانت النتيجة جيدة، واستخدم البعض الفيروسات التراجعية لإدخال جين مسؤول عن عامل النمو البشري إلى أرومات ليفية، وطبقت كذلك على أجنة التجارب بواسطة خلايا الكبد والعضلات. وبعد التجارب المعملية خرجت التطبيقات منها إلى الإنسان مباشرة حيث كانت التجربة الأولى على الطفلتين (سبنـتيا) و(أشانتي) اللتين ولدتا وهما تعانيان من عيب وراثي وهو عدم إنتاج أنزيم أدينوزين ديمتاز يعمل نقصه على موت خلايا الدم التائية المسماة بالخلايا النائبة (T – Cells)؛ مما يؤدي إلى التأثير على جهاز المناعة. وفي سبتمبر 1990 بدأت رحلة العلاج الجيني بحقن الطفلة (أشانتي) بالخلايا المعالجة وراثيًّا، ثم أُخضعت الطفلة الثانية في يناير 1991، وكانت نتيجة علاجهما جيدة [6]. الطريقة الثانية: عن طريق إدخال تعديلات مطلوبة على الحيوان المنوي، أو البويضة. وقد أُثيرت الشبهات حول الطريقتين، حيث أثيرت على الطريقة الأُولى شبهة أخلاقية، وهي: هل البصمة الوراثية لهذا الشخص ستكون مطابقة لابنه؟ كما أثيرت على الطريقة الثانية شبهة: تأثير إدخال التعديلات على الحيوان المنوي، أو البويضة؟ [7]. ولذلك لا بدّ من التأكيد على هذا الجانب الأخلاقي وهو أن العلاج في الحالتين لا بدَّ ألاَّ يؤدي بأي حال من الأحوال إلى التأثير في البنية الجينية، والسلالة الوراثية. ومن جانب آخر فإن للاسترشاد الوراثي والهندسة الوراثية دورًا رائدًا في منع المرض وتطبيق قاعدة: الوقاية خير من العلاج. والعلاج الجيني لا يقتصر دوره على الإنسان، بل له دوره الأكبر في عالم النبات والحيوان، مثل: تغيير وتعديل التركيب الوراثي للكائنات، أو ما يعرف بهندسة المورثات في الكائنات مثل التحور الجيني في النبات، والاستزراع الجيني في الكائنات الدقيقة مثل البكتريا، وهندسة الحيوانات وراثيًّا. مستقبل العلاج الجيني تشير النتائج والأبحاث إلى أن مستقبلاً زاهراً ينتظر العلاج الجيني، وأنه يُستفاد منه لعلاج أمراض بالغة الخطورة وواسعة الانتشار، وتصيب الملايين من مرضى العالم، مثل: السرطان، والتهاب الكبد الفيروسي، والإيدز، وفرط الكوليستيرول العائلي، وتصلب الشرايين، والأمراض العصبية، مثل داء باركنسون، إضافة إلى معالجة الأجنة قبل ولادتها، وتشخيص الأمراض الوراثية قبل الزواج.
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
العلاج الجيني
العلاج الجيني يعني إصلاح الخلل في الجينات، أو تطويرها، أو استئصال الجين المسبب للمرض واستبدال جين سليم به، وذلك بإحدى الطريقتين التاليتين: الطريقة الأُولى: عن طريق الخلية العادية، وذلك بإدخال التعديلات المطلوبة وحقنها للمصاب، فإدخال الجين إلى الكروموسوم في الخلية يجب أن يكون في موقع محدد، لأن الإدخال العشوائي قد يترتب عليه أضرار كبيرة. ومن المعلوم أن توصيل الجينات يمكن أن يتم بطرق كيميائية، أو فيزيائية، أو بالفيروسات. أما الطريقة الكيميائية فيتم دمج عدة نسخ من (الدنا) الحامل للجين السليم بمادة مثل فوسفات الكالسيوم، ثم يفرغ ذلك في الخلية المستقبلية حيث تعمل المادة الكيميائية على تحطيم غشاء الخلية، وتنقل بالتالي المادة الوراثية إلى الداخل [5]. وهناك طريقة أخرى لتوصيل الجينات عن طريق الحقن المجهري حيث يتم دخول المادة الوراثية إلى السيتوبلازم، أو النواة. وطريقة استخدام الفيروسات هي الأكثر قبولاً وتطبيقاً، وذلك باستخدام الفيروسات كنواقل أو عربات شحن في النقل الجيني، وهناك نوعان من الفيروسات، أحدهما مادته الوراثية DNA والنوع الآخر RNA. وعلى الرغم من أنهما مختلفان كيميائيًّا لكنهما يجمعهما أنهما من وحدات تُسمى نيوكيلوتيدة: التي تشمل شفرات منتظمة بالإضافة إلى تسلسل دقيق للقواعد النيتروجينية. فقد أثبتت التجارب العملية أن الجين المسؤول عن تكوين بيتاجلوبين البشري يمكن إدخاله في خلايا عظام الفأر بواسطة الفيروسات التراجعية كنواقل، وكانت النتيجة جيدة، واستخدم البعض الفيروسات التراجعية لإدخال جين مسؤول عن عامل النمو البشري إلى أرومات ليفية، وطبقت كذلك على أجنة التجارب بواسطة خلايا الكبد والعضلات. وبعد التجارب المعملية خرجت التطبيقات منها إلى الإنسان مباشرة حيث كانت التجربة الأولى على الطفلتين (سبنـتيا) و(أشانتي) اللتين ولدتا وهما تعانيان من عيب وراثي وهو عدم إنتاج أنزيم أدينوزين ديمتاز يعمل نقصه على موت خلايا الدم التائية المسماة بالخلايا النائبة (T – Cells)؛ مما يؤدي إلى التأثير على جهاز المناعة. وفي سبتمبر 1990 بدأت رحلة العلاج الجيني بحقن الطفلة (أشانتي) بالخلايا المعالجة وراثيًّا، ثم أُخضعت الطفلة الثانية في يناير 1991، وكانت نتيجة علاجهما جيدة [6]. الطريقة الثانية: عن طريق إدخال تعديلات مطلوبة على الحيوان المنوي، أو البويضة. وقد أُثيرت الشبهات حول الطريقتين، حيث أثيرت على الطريقة الأُولى شبهة أخلاقية، وهي: هل البصمة الوراثية لهذا الشخص ستكون مطابقة لابنه؟ كما أثيرت على الطريقة الثانية شبهة: تأثير إدخال التعديلات على الحيوان المنوي، أو البويضة؟ [7]. ولذلك لا بدّ من التأكيد على هذا الجانب الأخلاقي وهو أن العلاج في الحالتين لا بدَّ ألاَّ يؤدي بأي حال من الأحوال إلى التأثير في البنية الجينية، والسلالة الوراثية. ومن جانب آخر فإن للاسترشاد الوراثي والهندسة الوراثية دورًا رائدًا في منع المرض وتطبيق قاعدة: الوقاية خير من العلاج. والعلاج الجيني لا يقتصر دوره على الإنسان، بل له دوره الأكبر في عالم النبات والحيوان، مثل: تغيير وتعديل التركيب الوراثي للكائنات، أو ما يعرف بهندسة المورثات في الكائنات مثل التحور الجيني في النبات، والاستزراع الجيني في الكائنات الدقيقة مثل البكتريا، وهندسة الحيوانات وراثيًّا. مستقبل العلاج الجيني تشير النتائج والأبحاث إلى أن مستقبلاً زاهراً ينتظر العلاج الجيني، وأنه يُستفاد منه لعلاج أمراض بالغة الخطورة وواسعة الانتشار، وتصيب الملايين من مرضى العالم، مثل: السرطان، والتهاب الكبد الفيروسي، والإيدز، وفرط الكوليستيرول العائلي، وتصلب الشرايين، والأمراض العصبية، مثل داء باركنسون، إضافة إلى معالجة الأجنة قبل ولادتها، وتشخيص الأمراض الوراثية قبل الزواج.
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
منافع العلاج الجيني
هناك فوائد كبيرة، ومنافع كثيرة تتحقق من خلال العلاج الجيني يمكن أن نذكر أهمها: 1. الاكتشاف المبكر للأمراض الوراثية، ويمكن حينئذ منع وقوعها أصلاً بإذن الله، أو الإسراع بعلاجها، حيث بلغت الأمراض الوراثية المكتشفة أكثر من 6 آلاف مرض، وبالتالي استفاد الملايين من مثل هذا العلاج الجيني. 2. تقليل دائرة المرض داخل المجتمع، وذلك عن طريق الاسترشاد الجيني، والاستشارة الوراثية. 3. إثراء المعرفة العلمية عن طريق التعرف على المكونات الوراثية، ومعرفة التركيب الوراثي للإنسان، بما فيه القابلية لحدوث أمراض معينة كضغط الدم والنوبات القلبية، والسكري ونحوها. 4. الحد من اقتران حاملي الجينات المريضة، وبالتالي الحد من الولادات المشوهة. 5. إنتاج مواد بيولوجية، وهرمونات يحتاجها جسم الإنسان للنمو والعلاج
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
سلبيات العلاج الجيني وأخطاره
تترتب على العلاج الجيني بعض السلبيات في عدة نواحي اجتماعية ونفسية، منها: 1. من خلال كشف بعض الأمراض الوراثية للفرد يترتب عليه آثار كبيرة على حياته الخاصة، فيتعرض لعدم القبول في الوظائف، أو التأمين بصورة عامة، والامتناع عن الزواج منه رجلاً كان أو امرأة؛ مما يترتب عليه إضرار به دون ذنب اقترفه، بل قد لا يصبح مريضًا مع أنه حامل الفيروس أو للجين المريض، فليس كل حامل للمرض مريض، ولا كل مرض متوقع يتحتم وقوعه. 2. التأثير على ثقة الإنسان بنفسه، والخوف والهلع من المستقبل المظلم؛ مما يترتب عليه أمراض نفسية خطيرة قد تقضي عليه بسبب الهموم، مع أن الإنسان مكرَّم لا يجوز إهدار كرامته، وخصوصيته الشخصية وأسراره. 3. أن هناك عوامل أخرى بجانب الوراثة لها تأثير كبير على إحداث الأمراض الناتجة عن تفاعل البيئة ونمط الحياة، إضافة إلى الطفرات الجينية التي تحدث في البويضة أو الحيوان المنوي أو فيهما معا بعد التلقيح [9]. 4. وهناك مفاسد أخرى إذا تناول العلاج الجيني الصفات الخِلقِية من الطول والقصر، والبياض والسواد، والشكل، ونحو ذلك، أو ما يسمى بتحسين السلالة البشرية، مما يدخل في باب تغيير خلق الله وهو محرَّم أصلا. والعالم المتقدم اليوم وبالأخص أمريكا في تسابق خطير، وتسارع إلى تسجيل الجديد في هذا المجال الخطير، وبالأخص ما يتعلق بالإنسان. فيوجد الآن أكثر من 250 معملاً ومختبراً متخصصاً في عالم الجينات، لكن لا تعاون بين هذه المعامل، حيث لا يُطلِع مختبرٌ الآخر على نتائجه الجديدة، ولذلك لا يستبعد في يوم من الأيام خروج شيء من تلك الكائنات المهندسة وراثيًّا، ويحمل إمّا أمراضاً جديدة، أو جراثيم بيولوجية مدمرة، وبخاصة مع عدم وجود أية ضمانات قانونية ولا أخلاقية لكثير من هذه المعامل، ولذلك أُنشئت هيئة الهندسة البيولوجية الجزيئية في فرنسا، ولكنها غير كافية لتدارك الأخطار المحتمل ترتبها على مثل هذا المشروع الطيب. وهذه الأخطار تتعلق بما يأتي: 1. أخطار تتعلق بتطبيقات الهندسة الوراثية في النبات والحيوان والأحياء الدقيقة، إضافة إلى أن بعض الحيوانات المحورة وراثيًّا تحمل جينات غريبة يمكن أن تعرض الصحة البشرية، أو البيئة للخطر. 2. أخطار تتعلق بالمعالجة الجينية من النواحي الآتية: أ ـ النقل الجيني في الخلايا الجرثومية التي ستولد خلايا جنسية لدى البالغين (حيوانات منوية وبويضات)، وذلك لأن التلاعب الوراثي لهذه الخلايا يمكن أن يوجد نسلاً جديداً غامض الهوية ضائع النسب. ب ـ الدمج الخلوي بين خلايا الأجنة في الأطوار المبكرة. ج ـ احتمالية الضرر، أو الوفاة بسبب الفيروسات التي تستخدم في النقل الجيني. د ـ الفشل في تحديد موقع الجين على الشريط الصبغي للمريض، حيث قد يسبب مرضاً آخر ربما أشد ضرراً. هـ ـ احتمال أن تُسـبب الجينة المزروعة نموًّا سرطانيًّا. و ـ استخدام المنظار الجيني في معالجة الأجنة قبل ولادتها قد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة على حياة الأم والجنين. ز ـ أخطار أخرى تخص الجينة المزروعة، والكائنات الدقيقة المهندسة وراثيًّا [10]. ح ـ استخدام العلاج الجيني في صنع سلالات تستخدم في الحروب البيولوجية المدمرة.
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
الإذن بممارسة العلاج الجيني: للمريض أم الدولة؟
تهتم الشريعة الإسلامية بإرادة الإنسان ورضاه في كل ما يخصه إلاّ ما استُثنِى من ذلك بدليل خاص؛ ولذلك يعتبر الطبيب ملزماً بأخذ الإذن من المريض لأجل العلاج، أو الجراحة، أو الاختبار إذا كان عاقلاً، وبإذن وليّ أمره إذا كان قاصراً، أو مغمى عليه، سواء كان الإذن مطلقاً أو مقيداً، وأن يكون الإذن معبراً عنه بإحدى وسائل التعبير من النطق، أو الكتابة، أو الإشارة الواضحة، وإلاّ فيكون الطبيب آثماً؛ لأنه تصرف فيما يخص غيره دون رضاه، إذ ليس له الحق في التصرف ببدنه إلاّ بإذنه، فيكون ضامناً لو نتج عنه أي ضرر مهما بذل من جهد، ومهما كانت نيته طيبة، ومهما كان حاذقاً متخصصاً، وهذا ما عليه فقهاء المذاهب الأربعة ، وخالفهم في ذلك ابن حزم الظاهري إذا كان الطبيب عارفاً بالطب حاذقاً. والذي يظهر لنا رجحانه هو رأي جماهير الفقهاء؛ لأنه يتفق مع كرامة الإنسان وحقوقه، ويتلاءم مع مقاصد الشريعة، ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عاقب كل من فعل اللَدود به، لأنه لم يأذن به، بل نهاه عنه، حيث روى البخاري ومسلم بسندهما، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق، قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟ قلنا: كراهية المريض للدواء، فقال: لا يبقى في البيت أحد إلاّ لُدّ وأنا أنظر، إلاّ العباس فإنه لم يشهدكم". فالحديث يدل على أنه لا يجوز مخالفة أمر المريض ـ كقاعدة عامة، وأن من يفعل شيئاً من ذلك دون موافقته يستحق العقاب والتعزير، وذلك لأن إرادة الإنسان محترمة، فلا يجوز إهدارها، وهذا ما نصَّ عليه نظام مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان السعودي، ولائحته في المادة: 21، حيث نصت على أنه: "يجب أن يتم أي عمل طبي لإنسان برضاه أو بموافقة من يمثله إذا لم يعتد بإرادة المريض..."، ولا يستثنى من هذا المبدأ العام، والقاعدة العامة إلاّ بعض حالات تقتضيها الضرورات منها: 1. الحالات المرضية التي يتعدى ضررها إلى الآخرين، كالأمراض المعدية السارية، والأمراض الجنسية المعدية حيث لا تحتاج إلى موافقة المريض، لأن آثار مرضه تتجاوز إلى المجتمع، فحينئذٍ يحل الإذن الحكومي المتمثل في قرارات الجهة المتخصصة (كوزارة الصحة) محل إذنه، حيث تحدد الجهة المختصة بترتيب مستشفيات أو أقسام خاصة بتلك الأمراض، وتوجب التبليغ عنها، ومداواتها ومتابعتها. 2. الحالات النفسية أو العصبية الخطيرة التي قد يضر صاحبها بنفسه أو بغيره. 3. حالات الطوارئ والحوادث التي تستدعي تدخلاً طبياً بصفة فورية لإنقاذ حياة المصاب، أو إنقاذ عضو من أعضائه وتعذر الحصول على موافقة المريض أو من يمثله في الوقت المناسب، حيث يجب في هذه الحالات إجراء العمل الطبي دون انتظار الحصول على موافقة المريض أو من يمثله، وهذا جزء من نص المادة: 21 من النظام السعودي الخاص بمزاولة مهنة الطب. وقد اشترطت القوانين الغربية بأن يؤخذ رضا المريض بعد إخباره بآثار وأضرار العلاج الطبي، ومدى نجاحه سواء كان بالتداوي، أو العمل الجراحي، وأن يقوم الطبيب بشرح ذلك، وإلاّ فيتحمّل المسؤولية. وقد نصت الفقرة: 2 من المادة: 21 المشار إليها عاليه، على أنه: "يتعين على الطبيب أن يقدم الشرح الكافي للمريض، أو ولي أمره عن طبيعة العمل الطبي أو الجراحي الذي ينوي القيام به". وقد اشترط مجمع الفقه الإسلامي في نقل الأعضاء اشتراط كون الباذل كامل الأهلية وبرضاه التام. وإضافة إلى هذا الإذن من المريض لا بدّ من الإذن من وليّ أمر المسلمين المتمثل في الجهة الصحيحة المختصة بأن تأذن للطبيب مزاولة مهنة الطب، وقد أسماه ابن القيّم بإذن الشارع؛ حيث ذكر بأن فعله لا بدّ أن يكون مأذوناً من جهة الشارع.
|
جعلاني متميز
![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ضوابط العلاج الجيني
تتمثل أهم الضوابط الشرعية التي ينبغي في إطارها مباشرة العلاج الجيني في الضوابط التالية: الجواز الشرعي مرتبط بأخذ كل الاحتياطات العلمية والتقنية والفنية والمعملية والاحترازية؛ لتفادي كل الأضرار التي يمكن أن تترتب على العلاج الجيني. وضرورة تفادي ما يترتب على الحيوانات المحوَّرة وراثياً من الجينات الغريبة. فالشريعة الإسلامية مبنية على تحقيق المصالح ودرء المفاسد، فأينما تكن المصلحة الحقيقية فـثَمَّ شرع الله تعالى. فالشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، وخير كلها، فأي شيء فيه الضرر والقسوة، أو الظلم والجور، أو المفسدة والمضرة، فليس من هذه الشريعة. أن تكون المنافع المتوخاة من العلاج محققة في حدود الظن الغالب، أما إذا كانت آثاره الإيجابية مشكوكاً فيها، أو كانت بعبارة الفقهاء: "مصالح موهومة"، فلا يجوز إجراؤه على الإنسان. أن تكون نتائج العلاج الجيني مأمونة لا يترتب عليه ضرر أكبر، فلا يؤدي إلى هلاك أو ضرر بالبدن، أو العقل، أو النسل، أو النسب. أن يكون العلاج في حدود الأغراض الشريفة، وأن يكون بعيداً عن العبث والفوضى؛ وذلك بألا يكون لأجل إثبات قوة العلم فقط، دون أن يترتب عليه منافع للبشرية. ألا يكون العلاج الجيني في مجال التأثير على السلالة البشرية وعلى فطرة الإنسان السليمة شكلاً وموضوعاً، وبعبارة أخرى لا يؤدي إلى تغيير خلق الله؛ لأن الله تعالى خلق هذا الكون على موازين ومقادير وموازنات ثابتة، فلا يجوز التلاعب بها فقال تعالى: "وكل شيء عنده بمقدار" (الرعد: 8)، وقال تعالى: "وأنبتنا فيها من كل شيء موزون" (الحجر: 19)، وقال تعالى: "إنّا كل شيء خلقناه بقدر" (القمر: 49). أن يكون العلاج بالطيبات لا بالمحرمات إلاّ في حالات الضرورة التي تقدر بقدرها. أن لا يؤدي العلاج إلى الإضرار بالبيئة، وإلى تعذيب الحيوان؛ لأن الله تعالى وصف المجرمين الظالمين بقوله تعالى: "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد" (البقرة: 205). ألا يتجاوز التعامل بالعلاج الجيني حدود الاعتدال فلا يصل إلى حدود التبذير والإسراف. ألا يجري أي علاج جيني على الإنسان إلاّ بعد التأكد من نجاحه بنسبة كبيرة. أن يكون القائمون بهذه التجارب وبالعلاج الجيني من ذوي الإخلاص والاختصاص والتجربة والخبرة. أن تكون المختبرات الخاصة بالجينات والعلاج تحت مراقبة وإشراف الدولة، أو الجهات الموثوق بها؛ وذلك لخطورة هذه الاختبارات الجينية وآثارها المدمرة إن لم تكن تحت المراقبة، حتى إن بعض العلماء يخافون من هذه الاختبارات أكثر من مجال الذرة. هذا والله الموفق وهو المسؤول أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ويسدد خطانا على طريق الحق والعلم والتقدم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|