منتديات جعلان > جعلان العامة > جعلان للمواضيع العامة | ||
أنا والفشل |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
جعلاني فضي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
نضالي لحفظ جدول الضرب أصعب من نضال فيتنام لنيل استقلالها
* تعلمت أن أغادر حيث نجحت.. وأعود حيث فشلت! * الفشل معلم كبير. * الفشل العاطفي أبومعارك الفشل! * أصنف نفسي ضمن الزمرة الذئبية. * صرت صحفيًا بالصدفة.. وكاتبًا بالاضطرار.. ثم صاحب برنامج تلفزيوني على سبيل النكتة! * من فوائد سفر رؤساء التحرير.. أن المحررين يفعلون ما يشاؤون وينجون من العقوبة. * المال يهرب مني ويتحاشاني. * عملت في العتالة وقطف التفاح والتجارة والدهان. * نضالي لحفظ جدول الضرب أصعب من نضال فيتنام لنيل استقلالها لا أذكر متى ولا في أي فصل دراسي قرأنا عن تلك النملة التي تسقط منها حبة القمح عشرات المرات فتعود بإصرار العالم كله لتحملها وتصعد بها الجدار، وإن كنت قد تعلمت شيئًا بعد هذه السنين كلها فهو أن أغادر حيث نجحت، وأعود إلى حيث فشلت، فالفشل معلم كبير بشرط ألا يتحول إلى إدمان يخلق الإحباط في نفوس البشر. الفشل العاطفي أبومعارك الفشل وأمها، وفي خزانة كل منا عشرات القصص عن قلوب كسيرة مجروحة تنظر بحنان إلى زمن بعيد، لكنها نادرًا ما تحكي عن ذلك، فالرجل العربي لا يعترف بالفشل، خصوصًا إن كان من طبيعة عاطفية. أول طعنة حب أصابتني صغيرًا وكنت ما أزال في الثانية عشرة من عمري، لكننا في الريف السوري كما في البادية ننضج سريعًا، وأول ما نفكر فيه المرأة وألغازها وأسرارها. وإن كان هناك ما أعيد إليه فشلي المبكر في الحب فهو التسرع إلى قطف الثمرة قبل أن تنضج، والمبالغة في قراءة الروايات الرومانسية، فمنذ أن تعلمت القراءة اختطفتني قصص الحب المترجمة التي ليس فيها ذرة عذرية، وصرت أحلم أن أكون كأبطالها بشرط ألا أتعذب مثلهم. هناك أنواع من الفشل لا يمكن الانتصار عليها بسهولة، وقد فشلت دومًا في التأقلم مع المحيط الاجتماعي، ومع تكرار الفشل صرت أصنف نفسي في الزمرة الذئبية التي لا تعرف العيش إلا وحيدة في صومعتها. هذا لا يعني أني لا أحب الناس لكن زحامهم يخنقني، وزحامهم المكثف في التجمعات الكبرى يكتم قبل غياب الهواء النقي أنفاسي. في لندن، حيث أقيم، تقام سنويًا عشرات الحفلات التي تتم دعوتي إليها، ودومًا أرفض الذهاب إلى أن لحقتني تهمة الغطرسة والغرور دون أن يدرك المتهمون الذين يحكمون على الظواهر دون إدراك البواطن، أن حب الناس عن بعد وبمسافة محسوبة أحسن لك وأفضل لهم، كما كان يقول الجنرال ليوتي حاكم الدار البيضاء في عهد الاستعمار الفرنسي. ومع الوقت وبالتدريج المؤلم حاولت الانتصار على تلك العقدة، فأنت لا تستطيع أن تكون كاتبًا حقيقيًا بالفكرة وحدها وبنتاج المخيلة بمفردها، فالاحتكاك بالناس والتعلم منهم ضرورة لأي كاتب يختلف عن أولئك المحبوسين في أبراجهم العاجية ينظرون إلى حياة لا يعرفونها. هل نجحت في ذلك أم فشلت؟ صراحة حتى الآن لا أدري، فما زلت أحس بألم خفيف غامض كلما تلقيت دعوة إلى حفلة أو مأدبة، وتصورت سلفًا وقبل وقوع القدر بأيام طبيعة الأحاديث التي تجري بين قوم ليس لأغلبيتهم اهتمامات عميقة تساعد على مد حبال الوصل معهم. مهنيًا أستطيع أن أعد فترات فشلي مع وفرتها أكثر من مراحل نجاحي، فقد صرت صحفيًا بالصدفة، وكاتبًا بالاضطرار لا الاختيار، ثم صاحب برنامج تلفزيوني على سبيل النكتة التي تحولت إلى جد لقلة طرافتها. أول مرة قدمت برنامجًا على الهواء مباشرة، أقدمت على ذلك دون تمرين أو استعداد، وأظن أن الثقة المبالغ فيها بالنفس تسبب الفشل أكثر مما تمهد طرق النجاح، وهذا ما أدركه جيدًا حين أسدد فواتير فشلي. كان معي في الاستديو المؤرخ العراقي المخضرم نجدة فتحي صفوة، وكنت أقدم في (قناديل في الظلام) حلقة أولى عن ضرورة تصحيح التاريخ العربي المعاصر وإعادة كتابته لكثرة ما فيه من أكاذيب ووجهات نظر رسمية غير دقيقة، وليس فيها أحيانًا ذرة حقيقة تعكس ما كان يجري على أرض الواقع من أحداث مختلفة عن الرواية السائدة. وفي العادة فإن مقدمي البرامج المباشرة يضعون في آذانهم سماعة صغيرة غير مرئية يسمونها (إيربيس) لسماع تعليمات المخرج من غرفة التحكم، وتشاء المصادفة وحالة الارتباك ـ ربما ـ أن تسقط تلك السماعة في أول حلقة مباشرة أقدمها. ولا أريد أن أذكر حرجي، فقد كان يكفي للتوزيع على قارة بكاملها، ولك أنت تتصور وضعك أمام ملايين المشاهدين وكأنك في طائرة مخطوفة لا تعرف كيف تنزل على الأرض ولا متى ينتهي وقودها. لقد كنت فعلاً مثل رائد فضاء انقطع اتصاله بالأرض، لكني ناضلت لربع ساعة محافظًا على هدوئي، إلى أن أرسل إلي المخرج ورقة مكتوبة يطلب فيها أن أعلن عن فاصل إعلاني ليعيد الفنيون تركيب السماعة التي قررت أن تخذلني في أول إطلالة تلفزيونية. في الصحافة أذكر حادثة تعلمت منها الكثير، فقد ذهبت وقتها في منتصف السبيعنيات ـ وبعد أن ضاقت بي الدنيا، ولم أتمكن من إكمال دراساتي العليا في فرنسا ـ إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لأجمع أقساطي الدراسية هناك إن أمكن، وعلى الفور عرض علي أحمد نافع، شقيق رئيس تحريرة جريدة الأهرام الحالي، أن أعمل معه في جريدة الوحدة التي كانت مع الاتحاد والفجر الصحيفة الأولى، قبل أن تصبح بعد نضوج المشهد الإعلامي هناك وظهور الخليج والبيان الصحيفة الأخيرة. قبلت العرض دون نقاش، فالمفلسون لا يدققون في التفاصيل، وبدأت عملي المريح براتب بالكاد يكفي لدفع إيجار (عشة فراخ) قرب قصر الشيخ خليفة بالخالدية. وكان في الصحيفة زاوية اسمها (كنت هناك) يكتب فيها المحررون انطباعاتهم عن الأحداث والمحاضرات والمعارض التي يزورونها. ذات ليلة جاءني التكليف لحضور محاضرة وزير خارجية فرنسا الأسبق جوبير والكتابة عنها، ولأن المحاضرة تضاربت مع حفلة سمر مع بعض الخلان قررت ـ وليتني ما قررت ـ أن أحضر هذه وتلك، نصف كنت هنا ونصف كنت هناك. ولما جاء المساء وطالت فترة الأنخاب والسمر مع الأصدقاء الصعاليك ذهبت على مضض فوجدت المحاضرة قد انتهت، وما كان أمامي لإنقاذ الموقف وماء وجهي غير أن أدبج بضع جمل عن العلاقات العربية الفرنسية ظنًا أن الوزير لا بد أن يكون قد حكى عنها. في اليوم التالي تم نشر موضوعي الخيالي الإنشائي وقارنته مع الصحف الأخرى فوجدت أن السيد الوزير حكى ليس عن العلاقات العربية الفرنسية ولكن عن الحزب الجديد الذي قام بتأسيسه. وكان يجب أن أطرد من عملي طبعًا، لكن رئيس التحرير كان على سفر، ومن فوائد سفر رؤساء التحرير أن المحررين يفعلون ما يشاؤون وينجون من العقوبة. لقد تعلمت منذ تلك السقطة المهنية ألا أكتب عما لا أعرفه أو أسمعه مباشرة، لذا تراني اليوم لا أساهم في تأليف الأخبار والتغطيات، ولا أبالغ في نسبة التصريحات إلى مصدر كبير مسؤول يرفض التصريح عن اسمه. ماليًا لم أعرف غير الفشل، فما زلت وقد أكملت نصف قرن من عمري كما كنت في بداياتي تهرب مني الفلوس هرب الخائف من الجذام أو الطاعون، وتتحاشاني وكأني قتلت أباها أو كأن بيني وبينها عداوة مزمنة. ولا يعود ذلك لكسلي، فقد عملت بجد واجتهاد منذ كنت مراهقًا، وكان لي شرف تجريب العتالة وقطف التفاح والنجارة والدهان وفي المهنة الأخيرة قابلت أفضل معلم يحلم به صانع مبتدئ. كنت يومها في قب الياس اللبنانية القريبة من زحلة، أسوح على حسابي وأعمل لأمول عطلتي الصيفية التي بدأتها بخمس ليرات سورية، وقد أعطاني ذلك الرجل الطيب فرصة العمل معه دون مؤهلات، ومنذ اللحظة الأولى لوقوفي مؤدبًا أمامه عرف أني لم أمسك فرشاة في حياتي فنظر إلي وقال بلهجة مازحة: الدهان نوعان: واحد سريع تمارسه على إيقاع أغنية صباح (يا هويد الويدالي.. يا هوي الويدالك) والثاني بطيء تغني وأنت تمارسه مرتاحًا أغنية (عالعين يابو الزلف.. عالعين موليا) وقد أتقنت النوعين وظللت مفلسًا. ثم غيرت عشرين مهنة وبعضها يصنع الملايين وما زالت جيوبي رشيقة خفيفة، وحسابي أغلب الأوقات أفرغ من فؤاد أم موسى. لماذا؟ لا تسألني، فصنع الفلوس وجمعها يحتاج أحيانًا إلى مهارات لا علاقة لها بإتقان المهنة. بما أن طلاب المدارس هم الذين يقرؤون مجلة المعرفة، سأحكي قبل أن أقفل ملف فشلي عن أخفاقي في حفظ جدول الضرب، فقد ضربت عشرات المرات والعقوبات البدنية كانت شائعة على زماننا، لكني لم أحب ذلك الجدول ولم أتقنه أبدًا، خصوصًا حين تتجاوز الرقم 5 ويصبح عليك أن تعرف حاصل ستة ضرب تسعة التي لا أعرف إلى الآن جوابها. لقد كان نضالي لحفظ جدول الضرب أصعب من نضال فيتنام لنيل استقلالها، وقد نقلت هذه المشكلة معي من الابتدائية إلى الإعدادية، ولما تكرر الضرب والطرد وجاء التهديد بالرسوب والفصل حبست نفسي ثلاثة أيام ولم أخرج ألا بعد إتقان ذلك الجدول الذي عقد حياتي لكنه أعادني مضطرًا ومشكورًا إلى درس النملة المثابرة التي تفشل عشرات المرات وتعود بعد كل فشل لتصحح أخطاءها وتصنع بإصرار عجيب أسطورة نجاحها. المقال للفاضل محيي الدين اللاذقاني
|
عضو شرف
![]() غير متواجد
|
![]()
ريم الفلا
ما اعرف كيف ارد عليج ولا شو اقول لج نعم الاختيار موضوع ولا اروع منه ويستحق التثبيت تسلمي على الموضوع الرائع وفي انتظار الاروع
|
جعلاني فضي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
مرورك يسعدني ريم السلطنه
مشكوووووره الغاليه
|
عضو الشرف
![]() غير متواجد
|
![]()
ريم صدج استمتعت وانا أقرا المقال
|
سحـــ :) ــاب |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى سحـــ :) ــاب |
البحث عن كل مشاركات سحـــ :) ــاب |
جعلاني فضي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
متعه وفائده يارب
جزاك الله خير الغاليه على المرور
|
التفاحة |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى التفاحة |
زيارة موقع التفاحة المفضل |
البحث عن كل مشاركات التفاحة |
جعلاني للابد |
مشاهدة ملفه الشخصي |
البحث عن كل مشاركات جعلاني للابد |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|