رويدا قبل أن تذهب بك الظنون أي مذهب ....تعال أخي نبحث معا عن ذلك الإنسان....فكم تمنيت أن أجده هنا أو هناك....فلعلني ألمح بريقه بين سرايا أشعة الشمس....أو قد يتبدى لي تحت أضواء القمر الخافتة وهي تتسلل بهدؤء بين ثنايا ظلمة الليل الحالك .
أرجوك أن تتركني وشأني لأنني لست مستعد ا أن أحاورك حول أمنياتك لأنني أراها صعبت المنال لك أنت بالتحيد .
كيف تقول ذلك أيها الأخ العزيز أرجوك أن تسمعني وتحاورني وتناقشني....علني بما أقوله أو أتخيله صحيح وممكن أن أصل إليه بسهولة ويسر وأن يتحقق....هات ما عندك وستجدني مصغيا لحديثك
أمنيتي أن أعثر في يوم من أيام حياتي على ذلك الإنسان الذي يصنع من لسانه مرآة لقلبه الكامن داخل نفسه ......لا يكذب ولا ينم ولا ينطق بفحش.....فما نمق لسانه يوما بالمجاملات للحصول على مبتغاه .....وما استعاض بكذبة ولو كانت صغيرة ليسد بها الفراغ في حديثه....أرأيت أخي ذلك الإنسان الذي إذا وقع بصره على بائس كيف تنفرج شفتاه ابتساما ...وتتردد قهقهاته ضحكا ...وهو يحرك لسانه ساخرا من ثوبه البالي أو من دمامة خلقه .
ما أظلم الأقوياء من بني البشر! .....فما وجد الفقير وهو يلتحف بلحاف أسود تزينه النجوم....وقد صنع من ثوبه المهتري مرقد ا....وقد نخر البرد ضلوعه...وزمجرت الرياح عاصفة فوق رأسه....أما وجد الرحمة أو حتى ذراتها التي أودعها الله في جوف ذلك الغني النائم على وسادة حيكت بنقوش جميلة وقد غطى جسمه الممتلئ بلحاف وثير....أوما درى أنه لو أعطى الفقير حقه ما التوى من الألم بسبب معدته التي تكاد تصرخ من الشبع....ولكفت أحشاء ذلك الفقير من صراخها الموجع ...ألا ترى معي أخي بأن الرحمة باتت كلمة تردد ولفظا يقرأ في القاموس .
أخي...أبحث عن ذلك الإنسان الذي لا يزال لديه الإيمان القوي الذي لا يضعف لنسمة خفيفة تهب عليه فيركن في زاوية حادة من زوايا هذه الحياة الصاخبة .
أفتش عن إنسان عرف قدر نفسه ولم يخلع تلك المبادئ السامية لترافقه في مشوار حياته .
جميل أن يدرك الإنسان من الأخلاق والتربية الفاضلة وأن يتذكر دائما أن من يفعل الخير ويحافظ عليه لن يضيع وسيظل محبوبا عند الله والبشر .
أخي...وكأن النـعاس قد بدأ يداعـب محياك ...لا ولكنني لم أفهم عن أي إنسـان تبحث ؟
أبحث عن ذلك الإنسان الذي كان يفتش عنه الفيلسوف اليوناني " يوجين الكلبي " حينما سئل ما يصنع بمصباحه – وكان يدور به في بياض النهار – فقال " أفتش عن إنسان ! ".

مودتي.........ن ض ا ل