منتديات جعلان > جعلان للشعر والترفيه > جعلان للقصص والروايات | ||
خدش ذاكرة الشتاء |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني جديد
![]() غير متواجد
|
![]()
--------------------------------------------------------------------------------
لكنه الآن يدغدغ الصمت بنقرات مرتبكة بأصابعه النحيلة على سطح طاولة تفصلنا،ينظر إليّ ثم يُقلب البصر حيرةً ودهشةً لجهة مجهولة الألم. v v v كان ينفر مني كلما أبصرني أقرض حبات عباد الشمس..فيسخر بهدوء أقرب للنصح..((كفاك..أكثرت من ذا الفساد)).ويكرهني كلما التقاني وعود سجائر مستلق كسحلية يتوسط شفتي..يترك هدوء ملا مح وجهه تعد العدة لمشروع تقيأ: ((أكرهك معها..دعها الآن لأجلي فقط..)). وحينما كنت أحدثه عن شقة أخي القابعة في أحد الأزقة الفقيرة حد الألم بوادي البحائص..وعن النتن وعن أطفال أراهم كل ظهيرة يقلبون في القمامة المواجهة للشقة ينقبون عن بنطلون مثقوب يسترون به عورات الزمن أو سترة باهتة الألوان تلون لهم أحزانهم..يترك الدمعة عذراء..ويبوح بيقين تهتز معه الحروف: (أنا لا أصعد للشرفة لأشاهد ما أستطيع أن أراه وأنا أمشي) أو يعقبني بكلمات هاربة من العتاب (ليس هنالك من حيٍّ ليس به فقر).لكنه لا يفتأ أن يباغت عزلته حين جُرح برسالة عبر نقاله العطِب ينزف فيها ألم تربص به فلم ينجو من الكمين..وحينما أبارك له وجعه برسالة أخرىأجمل مافي الحب..حزن يراقص نخيل الوجد داخلنا وجًرح يرضي كبرياء الوهن)..كان يرد عليّ بكلمات منزعجة من الوجع: (ولكني لم أعشق كي أبكي أو أنزف). وحينما حدثت عنه زينب ذات هم أول مرة..ضاقت عيناها من هدأتها فضولا..وكأني أُفصح لقرصان عن خريطة كنز ما..أحمّرت وجنتاها وتجاهلت نظراتي الدهشة ثم استرسلت كالهذيان: (جميل أن يكون لك صديق كهذا)..ولما كنت أكرر حديثي عن مواقفه بعد ذلك لها تنشغل عني بتنظيف بقعة وهمية على كم عباءتها ثم تعلق: (إنه متعجرف..لا أعتقد أنه سيعيش طويلا) أو إنها توهمني بالانشغال في اختيار أغنية ما فيأتي الصوت جانبياالدنيا ليست ملكا له). v v v في ذات هداية..كنا مرة قد أتممنا صلاة المغرب..بعدها انفض المصلين من حولنا بعد الدعاء..أما هو.. بقي وأبقاني بيسراه..ظل على صمته برهة بعدها أسرّ لي هامسا: (إمرأة ..وهنا؛في هذه البلدة بالذات تمنحك فرصة أن ترى خصلة تنسدل على جبينها كغيمة تخاتل الشمس..أو أن تشاهد شعرها مسترسل كشلال بلا مجرى..هذا يعني أنك تشعل فوضىً عارمة داخل قلبها)..بعدها شطر القبلة التفت..استشهد واستغفر ثلاثا وكبر مثلهما ثم ناجى بحنو: (اللهم قد مسني العشق..وأنت خير الساترين). وحينما غادرنا جعلان معا ذات ظهيرة ملتهبة قاصدين مسقط..أوقف السيارة بسيح الصلب..أغمض عينيه وكفيه ملتفان على حواف المقود وقال: (ما رأيك لونكفر عن سيئاتنا هنا..نخلع نعلينا ونتجرد من ملابسنا..وتستلقِ أنت على الجهة اليمنى عبرة للراحلين..وأنا على اليسرى قدوة للعائدين) هممت بالاحتجاج لكنه أكمل وهو على هيئته غير آبه: (إني أمزح..برأيك لما ذا ُسمي بسيح الصلب؟ صلب من العذاب أم من العشق؟أم للذين قتلوا مسحورون هنا..لا أعتقد.. خرافة فكرة موتهم بالسحر..لن تجيبني أعلم..مسقط وحدها تمتلك الإجابة). وفي مسقط..مثلما تختلط الوجوه بالوجوه..ويُضيَّع مجرى النجوم في شوارعها الساهرة..ومثلما تنحشر الهُوية في جينز ضيّق..ترك صديقي جنونه لي ومضى..بعدها زينب كذلك..وكلاهما أصبح من المتعذر الحصول عليهما في عنوانهم الجوّال. v v v بعد 365جرحا و6 احتظارات:أما الآن..وكما أدهشني عبر رقم غريب برسالة دونهابــــالمجنونكتب: (الندم يكمن في مساحات البوح..يقيم عقدةً بالكلمات وزينب ليست سوى الصخرة التي اعترضت مجرى النهر فخلفته اتجاهين شريدين.ليست أكثر من خدش على جدران ذاكرة شتائية موجعة). لكنه الآن،ومنذ ساعة يعتنق الصمت.. يقرض حبات عباد الشمس بلا إتقان كما كنت..يعقبها بعود سجائر كريه الرائحة كما كنت أيضا..يدغدغ الصمت بنقرات مرتبكة ونظرات مهتزة..و...!..ينشغل بتنظيف بقعة وهمية من على ُكم ثوبه.
|
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|