منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للتربية والتعليم | ||
(((بحث حول العباده وعمارة الكون ))) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
(((بحث حول العباده وعمارة الكون )))
الغاية من خلق الانسان ..
كما رأينا من بعض التأمل في فكر التوحيد ، أن الله عز وجل ، هو الغني بذاته عن جميع مخلوقاته . وأنه هو وحده الخير المحض ، الذي لا يصدر عنه إلاّ الخير والحق والجمال . فلماذا إذاً خلق الله هذا الإنسان الشقي المتعب ، المعذب ، كما هو ظاهر حاله في تاريخه الطويل ؟ ثم يا نوح ويا إبراهيم ، ويا موسى ، ويا عيسى ، ويا محمد ، سلام الله عليكم ، وعلى من سبقكم وعلى من لحق بكم من أنصار الله وأحبائه وأوليائه ، هل كنتم أشقياء متعبين معذبين ؟ وهل الشقاء حالة عامة ، تلازم جميع الناس ، وفي جميع مراحل حياتهم ؟ يبدو أن الأمر ليس كذلك . فهنالك الذين غنوا ورقصوا وضحكوا .. وما زالوا يغنون ويرقصون ويضحكون .. ولو كان ورد في كتاب الله قوله عز وجل : { ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ . ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ .. }(1) . ــــــــــــــــــــــ (1) سورة غافر ، الآية ( 75 ـ 76 ) . إلاّ أنه سبحانه لم يترك أهل الدنيا يهنأون كما يشاؤون بدنياهم . فلذلك كثيراً ما عبر الإنسان وما زال ، عن ضيقه وحزنه ومراراته ، شعراً ونثراً وما بين الشعر والنثر في حياته العملية ، بين زفرة وحنين ، وتوجع وأنين ، وكذلك عبَّر عن فرحه ومرحه ، بالكلمات والأصوات والحركات ... ولكن هناك حالة ثالثة ، بين هاتين الحالتين ، هي حال أهل الإعتدال ، الذين هم مصاديق قوله تبارك وتعالى : { لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ .. }(1) . إلا أن خلاصة القول التي تكاد تكون على كل لسان ، كلمة أبي العلاء المعري في داليته : تعب كلها الحياة ... وهل الله سبحانه أقر بعض هذه المعاني ؟ قوله تعالى : { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى . فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى . وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى .وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى }(2) . وهي آيات واضحات المعاني ، إن سعي الإنسان مختلف بين السلب والإيجاب ، فأهل الشمائل الحسنة والصدق مع الله ، ميسورو الحال ، وأهل البخل والأنانية ، وعدم الثقة بالله ، وبوعد الله ، وصنيع الله ، يلزمون السبيل الذي اختاروه . وهل يؤدي إلاّ إلى الشقاء . وهل فيه ما يغني عن رحمة الله سبحانه ؟ . وفهمنا لقوله عز وجل : { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى .. } وما بعدها ، يحُلُّ لنا الغموضَ الذي في الآية الكريمة : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ }(3). ـــــــــــــــــــــــــ (1) سورة الحديد ، الآية 23 . (2) سورة الليل ، الآيات ( 4 ـ 11 ) . (3) سورة هود ، الآيات ( 118 ـ 119) . مختلفين في الدين ، مختلفين في السبل السلبية ، يتعرض لهم الله سبحانه برحمته ، يلاحقهم بها من البداية إلى النهاية ، فيعرضون عنها مستكبرين . إلاّ فريق أقام وجهه للدين حنيفاً ، فكان حقيقاً بهذه الرحمة ، يستقبلها بعقله ووجهه وقلبه وكل جوارحه . فالغاية من خلق الله سبحانه وتعالى للناس ، هي الرحمة . أما ما يقال أيضاً عن أن الغاية إنما هي العبادة ، استفادة من قوله عزّ وجل : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }(1). فبأيهما نأخذ ؟ بكون الغاية من خلق الله تعالى للناس ، هي الرحمة من قوله عز وجل : { ... إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } . أم بكون الغاية من خلقه تعالى للناس ، هي عبودية الناس له ؟ الواقع أن الغاية واحدة . كيف ؟ أساس العبادة الحقة ، التوحيد ، وهنا سر الرحمة : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }(2) . والمثل تصوير لطيف وبليغ لحالة رجل يتعامل مع مجموعة شركاء كلهم له عليه سلطان ، فهو مضطر لخدمة الجميع ، وإرضاء الجميع وطاعة الجميع ، وهذا محتمل نسبياً لو كان لهم مزاج واحد وشخصية واحدة ، إلاّ أن الواقـع غير ذلك ، فما دامـوا شـركاء ، فهـم على إختـلاف أمزجتهم وتطلعاتهـم ، ــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) سورة الذاريات ، الآية 56 . (2) سورة الزمر ، الآية 29 . سينـزع كل واحد منهم منـزعاً يؤدي بالضرورة إلى التشاكس ، وبالضرورة سيكون هذا الرجل بينهم ممزق النفس متحيراً فاقداً لحقيقة الحرية ، إذا أحبًّ واحداً غضب الباقون ، وإن أطاع واحداً ، اتهمه آخر بمعصيته ، وهكذا إلى حالات من التباين معهم لا تنتهي . فهل يستوي وضع هذا الرجل ، مع أخ له لا يتعامل مع مجموعة شركاء ، وإنما يتعامل مع رجل واحد ، تعاملاً فيه السلام والثقة والطمأنينة .. والأمن والأمان والمحبة ، والسعة مدى الحياة .. كذلك عبادة الله الحبيب الواحد الأحد . فالإسلام لله وحده ، والعمل بتعاليمه وقوانينه ، يوصل الإنسان بقدر ما يؤمن ويجاهد ثم يوقن ويجاهد ، ثم يتقي ويجاهد ، ثم يحب ويجاهد ، ويجعل حبه خالصاً لله وحده له الحمد ، بقدر ما يحظى برضى الله ورضوانه . فلا غفلة ولا ألغاز ولا أسرار ، فإن بقي منها أشياء ، فإنها ستكشف له يوم القيامة ، يوم يقال له : { لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }(1). فإذا كانت العبوديـة للخلاق العظيم ، عملاً بتعاليمه وقوانينه وقرآنه المجيد ، واقتداء بمحمد صلى الله عليه وآله الذي هو رحمة للبشرية ، إذا كان كل ذلك الذي يوصل إلى الفوز المبين ، ليس رحمة ، فما هي الرحمة إذن ؟ هل الذلة والتمزق بين تحكم المخلوقين وأمزجتهم ، أم هي الفوضى والفلتان ، والإندفاع بدون كوابح نحو الهاوية . { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ }(2) . يتبع >>
|
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|