~٥~
رجع مهمومًا مغمومًا، فنبرة صوت ندى أشعرته بشيء ما يخافه، ثم لم يشعر بتلك اللهفة والشوق الذي كان يغلف أحرفها وإن أظهرت غير ذلك!! ترى هل سلت عني وعافتني؟ هل قتل الحب الكبير الذي كان يسكنها؟ هل حقاً قلوب النساء كالقدور سريعة الغليان؟
آه.. ليتني لم أحادثها، ليتني بقيت في سباتي!
صوتها حرك فيَّ كل الحنين وأيقظ المارد الغافي!
توضأ ودخل غرفة نومه ليرى زوجته نائمة، حمد الله أنها نائمة، وخرج ليصلي في الغرفة البعيدة هناك، حيث سيدع لعينيه العنان لتغسل الحزن الذي كساه، صلّى وقرأ سورة الفرقان لعلها تريح قلباً معنى! كان يبتهل إلى الله أن يجمعه بمن أحب إن علم في ذلك سعادته في دنياه وآخرته، وأطال صلاته وعلا نشيجه، فلما فرغ اتكأ وغفت عينه، ولم يوقظه إلا زوجته قرب الفجر، فتح عينه ونظر إليها وخيل إليه أنها ندى لأنه كان يحلم بها!! عاد إليه عقله، فابتسم لها وقال:
أردت أن أريحك، فأنا لا أعرف القراءة بصوت منخفض..
- هل أوترت؟
- نعم..
- سأوتر أنا..
- تقبل الله طاعتك، لا تنسيني من دعائك..
ذهب لعمله ذلك اليوم وهو لا يزال مشغول الفكر بندى!
كان يستعجل ساعات اليوم لتمضي بسرعة ليعرف سر ندى، لم يطق صبراً فأرسل إليها قبيل الظهر: (صدقيني من البارحة وأنا على حال الله به عليم، أخبريني بما لديك أرجوك، فما والله أطيق صبراً، ولم أنم حتى هذه اللحظة)
مضت نصف ساعة بلا رد، فاتصل عليها..
- السلام عليكم..
- وعليكم السلام ورحمة الله، هلا سامي هداك الله ما هذه العجلة؟
- ندى والله لم أعد أطيق صبراً، قولي ما لديك..
- الآن الوقت غير مناسب، بعد العصر اتصل علي..
- ندى.. قولي ما لديك الآن.. صدقيني لن أكون لئيماً.. إن كنت تغيرت مشاعرك تجاهي فأنت في حلٍ، وسيعوض الله كلاً منا عن صاحبه..
- أنت لم تسأل منذ زمن، حتى عن الرضاعة المزعومة لم تسأل، فقلت لعله تغيرت أحواله..
- ألسنا متفقين أن تبلغيني بأي جديد حول الأمر؟ ثم أنا أشعر بالخجل والله منك، كيف لم أراع مشاعرك فيما مضى؟ الله وحده العالم بما أكنه لك، فهو إن لم يزد لم ينقص!
- سامي.. اكتشفنا أن الرضاعة لعبة قذرة كما كان ظننا، فالمرأة الأخرى اتصلت علي وأنا بالمستشفى بعد زواجك وأخبرتني بالخبر!
-أمتأكدة؟
- نعم..
- ندى أسألك بالله أحقاً ما تقولين؟
- .....
- ندى؟
- والله صادقة!
- ياه.. معقوووووووووولة؟
ندى أنا سآتيك الآن، سأكون عندك الليلة..
كانت تبكي، فقفل الخط وقعد يبكي، خرج من عمله وذهب للمسجد النبوي قعد يصلي ويبكي حتى أذن العصر، انتبه إن جواله ليس معه، لم يشعر أين وضعه. تذكر زوجته، أكيد انشغلت عليه!
خرج يجري للسيارة، وإذا بجواله بها وأبوابها مفتوحة!
وجد 10 اتصالات من زوجته وضعفها من ندى! اتصل بزوجته و طمأنها عليه وأرسل رسالة لندى (أنا بخير وسأتصل عندما أفيق من الفرحة المذهلة)
صلى وخرج من المسجد وهو يشعر بفرحٍ فاق فرحه بموافقة ندى عليه!
ركب في السيارة وشغل المكيف واتصل بندى..
- هلا سامي..
- روح سامي وحياته!
- سامي..!!
- أنت زوجتي يا ندى...
- أعلم.. لكن الجميع لا يظن ذلك..
ما همني أحد من الخلق أنت زوجتي على سنة الله ورسوله، ياه يا ندى هل تشعرين بما أشعر به؟
كانت تبكي لكن لم يكن يعني بكاها له إلا ما يختلج بقلبه..
- ندى أنا قادم إليك، يا روحاً تشرق أيامي بها..
- لا لا يا سامي، أنا لن أكون سبباً في أذية أسماء، هذه اليتيمة التي وجدت الحضن الدافئ بعد زمهرير الشتاء لأسلبه منها.. أنا...
- ندى، لن يحول بيني و بينك بشر، لا أسماء ولا غيرها..
- سامي اتق الله..
-ندى.. هل تغيرت مشاعرك؟
- لا.. لكن أخشى أن أكون سبباً في هدم بيتك الذي بنيته لله يا سامي، صدقني أنا أحبك، لكن حبك هذا يخيفني، أخشى أن تؤذيها بسببي بعد أن أشعرتها بالأمان..
- من قال ذلك؟ أنت زوجتي التي لم تفارق خيالي يوماً، وهي زوجتي التي لله بدأت علاقتي معها ووجدت بها من الخير ما يجعلني أتمسك بها.. والله أحل لي أربعاً، ومن هي خير منك ومنها نكحت على نساء ونكح النساء عليها؛ ندى هل تغيرت رؤاك عن التعدد؟
-أستغفر الله، لا والله.. لكني أحبك و ربما غرت فآذيتها، بالمناسبة بعد زواجك مرضت من الحزن حتى وصل بي الحال للنوم بالمستشفى!
وأخشى أن لا تعدل بيننا بسبب حبنا، و...
- لا تخشي شيئاً، أنا قادر على العدل إن شاء الله!
ثم هي تعلم بأنك زوجتي وأنني أحبك وأننا متى ما تأكدنا من عدم صحة الرضاعة عدنا زوجين!
- هل أخبرتها؟
- نعم.. وبكل شيء، إلا أنها تظنني قد دخلت بك وهذا سيقلل غيرتها قليلاً!
-والله يا سامي كلما تذكرتها اعتصر قلبي، أنا...
-دعك منها الآن، هي لها خالة في القصيم تحبها وكم تتمنى زيارتها، سآخذها إليها لتزورها وتمكث عندها أياماً، وسآتي إليك فاستعدي..
اتصل سامي بعمه والد ندى وعاتبه على كتمان الأمر عنه، وأخبره أنه مازال زوج ندى وسيأتي ليتزوجها رسمياً، قال له والدها:
الأمر لها يا بني..
سامي: كلمتها و أعطيتها خبراً، ثم يا عم نحن زوجان حقيقة وليس هناك أمر و نهي، أنا لم أطلق، و الرضاع ثبت ظني فيه، فما الذي سيمنعني عن زوجتي؟
ضحك أبوها وقال: ما زلت غضوباً يا سامي، حياك الله، وما يحتاج الأمر زواج كبير سأقيم حفل عشاء خفيف، وخذ زوجتك، الله يجمع بينكما على الخير، ما عنيته بموافقتها كونك معدد الآن وربما تغير رأيها فيك، أما إذ وافقتك فهي زوجتك كما ذكرت!
-اعذرني يا عم، أظن أن ما أصابني يشفع لي..
أقفل الخط مع عمه، وذهب لزوجته و أخبرها بأنه على استعداد للذهاب بها لخالتها بالقصيم .. فرحت وكادت تطير فرحاً، و أعدت ما تحتاجه لها، وأعدت له حقيبة سفره لأنه أخبرها بأنه سيسافر لمدة أسبوع وستبقى هذا الأسبوع عند خالتها،
أوصلها للقصيم ورجع جواً لحيث تقيم ندى حيث حجز مسبقاً من المدينة!
وفي بيت ندى كان هناك موعد مع الفرح بعد أيامٍ وسنين من الأحزان والألم!!
لكن هل تتم فرحة سامي بها هذه المرة؟
• • •
~٦~
كانت حفلة بسيطة جدًًا، لكنها نادرة في كل شيء!
في إعدادها وترتيباتها وعرسانها ومشاعرها وطيوف فرحها، وأنفاس لحظاتها، وتباشير صباحها، كل شيء فيها كان نادراً.. صالة البيت كساها الورد، وتناثرت فيها الشموع العطرية الذكية، وعروسها كانت في قمة الأناقة والنعومة، كيف جهزت نفسها بهذه السرعة؟ هذا من أسرار ندى التي لم تبح بها لنا!
كأنها عاشت فرحة العروس الهاربة منذ زمن!! العروس المحبة التي نسجت حلمها ليْلكيًّا لتحياه واقعاً نعيماً ساحراً سرمدياً!!
لم يكن هناك نساء إلا مجموعتها المفضلة، شريكات الهم والأهداف؛ لأنها لم ترد أن يراها في ليلة عمرها إلا حبيبٌ!!
وأتى سامي، فلا تسألوا كيف كان اللقاء..
كانت الأعين تتبادل حديث القلوب، فسكنت الألسن والأطراف..
كأن لقاء العاشقَين إذا هُما
تلاقا.. ثُعول الحب والشوق إذ همى!
تحدِّث عين الحِب عين خليله
بأشواقه الحرى حديثاً مترجما
وترسم أجواء اللقاء بريشة
تفوق جمالاً في الربيع ترسَّما
تعانقت العينان حبًّا ولهفة
وكأس الهوى تسقي فؤاداً تصرما!
فكيف إذا كان الكتاب هداهما
به القلب في روض الحياة منعَّما؟!
فيا ربِّ أسعد كل خلٍ بخله
إذا كانت التقوى لباساً مُتمِّما
وفي الفندق الذي كان حلم سامي أن يجتمع فيه بندى قبل ثلاث سنين وأربعة أشهر، قضيا أول ليلة لهما بعد هذا الفراق والشتات!
لم يخرجا ذلك اليوم إلا بعد العشاء باستثناء خروجه للصلوات!
وكانت نزهة قصيرة عادا بعدها للفندق الذي آواهما ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع اتجها لبيت الله محرمين بالعمرة !
وبعد إتمام النسك ذهبت ندى لقسم النساء وسامي لقسم الرجال على أن يلتقيا بعد أن يأخذ من شعره ليتجها للفندق الذي سيسكنان فيه!
اتصل عليها وواعدها مكاناً معيناً فلما وصلت وجدته ينتظرها وقد تلفع بردائه، كان منظره مثيراً للفضول فلما اقتربت منه شدت رداءه فجأة فإذا هو حليق الرأس!!
ابتسم وقال:
أعلم أنك تحبين منظر الشعر، ولولا أنني أتقرب بحلقه لربي شكراً على نعمائه ما حلقته لأجلك!!
- بل رائع أثر الطاعة على وجه الطائعين، ولولا الحياء ممن حولنا من الخلق لقبلت رأسك من سروري بإزالة ما أحب لمن لا ينبغي أن يقدم على محبته محبوب ولا يوازى حب بحبه!
- لا حرمني ربي منكِ، أتدرين يا ندى؟ لولا إيمان العبد بربه ويقينه واعتقاده بأن هناك دار أخرى يجد العبد فيها ثواب كل مصابٍ يصيبه لما أطاق البلاء أحد، والله لقد مرَّت علي أيام لو وقعت على كافر لانتحر!
لذا يكثر الانتحار فيمن قلَّ إيمانه، فما بالكِ بمن لا إيمان له!؟
- الحمد لله على كل حال..
- تفكرت بالأمس فإذا أنا سامي الذي فاتني الهناء قبل هذه السنوات، بكل ما فيه لم يتغير شيء! وكأنها ما كانت ولا مضت! إلا ما قدَّره الله وقدَّر تلك المحنة لتكون سبباً لوقوعه!
كنت أقول لو تزوجت ندى سأجوب بها الأرض، وسأريها كل منزلٍ نزلته وكل بقعة أعجبتني!
سأختلي بها بعيداً عن الخلق ما استطعت لذلك سبيلاً، فإذا بالأقدار تحول بيني وبين تلك الأمنية التي ما برحت قلب محبٍ ولا أخطت بريد مشاريع سعادته مع محبوبه، لكن قدر الله سبق ما هو حاصل الآن!
وجرى القلم بزواجي من أسماء وإنقاذها من عذابها، ولولا تقدير الله لما حصل بيننا ما تزوجتها!
- سامي.. الشيء الذي لا ريب فيه أن ما جرى هو الخير؛ لأن الله سبحانه لا يقضي قضاء إلا وبه الخير لعباده، خير إن لم يكن في الدنيا فهو في الآخرة!!
ثم لو خيّرت قلوب المحبين بين لقاء ساعة بينهما حلالاً أم الحرمان من المحبوب ومعاشرة الخلق ممن سواه، لاختار تلك الساعة إن كان صادقاً في حبه... وأنا لي نصف عمر محبوبي وليس ساعة...
- بل كله لكِ فالعمر لا يبعَّض، فهو ليس من التركة ليقسم بين الورثة..
أحياناً أتعجب ممن تترك زوجها إذا تزوج أو سكن مع أهله بدافع الحب!
- لا أظن من تحب تترك محبوبها، ربما تقاتل عليه لكنها لن تتركه..
- تقاتل عليه حباً للتملك لا حباً له..
وانقطع الحديث بولوجهما باب الفندق، طلب منها أن تسبقه للغرفة لأنه سيحدث موظف الاستقبال قليلاً.. وبعد أن تأكد من صعودها، أخرج هاتفه واتصل بأسماء، اطمأن عليها، وحدثها قليلاً ، ولحق بندى!!
يومان قضياها في مكة ثم عادت لأهلها وودعتهم، واتجها للمطار مسافرين للمدينة حيث أسكنها في أحد الفنادق القريبة من الحرم حتى يعدّا لهما بيتاً صغيراً..
وفي يوم الجمعة وجد عدة اتصالات من أسماء بعد استيقاظه من نومه، ليس من عادة أسماء أن تتصل إلا لغرض، سيَّما وهو يكلمها يومياً!
نزل مسرعاً لبهو الفندق واتصل عليها، فردت وكأنه أيقظها من النوم!
- السلام عليكم..
- وعليكم السلام..
- مابكِ يا أسماء؟ شغلتني عليك..
- كنت سأسألك، متى ستأتي؟
- فقط؟ متى ما أردت..
- بنات خالتي موضي عندهم ملكة لأخوهم الأسبوع القادم وودهم أحضرها، ويريدون يوصوني بأشياء أشتريها لهم من المدينة..
- لم أفهم!! هل تريدين أن تأتي وتشتري لهم ما طلبوا ثم تعودي الأسبوع القادم إليهم للحفلة؟
- نعم..
- أسماء.. يسعدني أن تكوني سعيدة وتخدمي من تحبين، لكن لا أظنني سآتي لآخذك ثم أعيدك الأسبوع القادم ثم أرجع لآخذك!.. يسعدني خدمتك وربي لكن الطريق شاق!
إذا لك رغبة في الحضور ابقي عندهم حتى انتهاء حفلتهم ثم آتي لآخذك، وليتني أحسن التبضع لأشتري لهم ما يريدون وآتي به إليك، فسيارتي هناك..
- الله يسعدك، ما عندك مانع؟
- لا.. أبداً، بل يسعدني ما يسعدك..
- إذن أوصيك لو ما عليك كلفة؟
- لا كلفة.. لكن لا ذوق عندي!
- ما شاء الله أنت لا ذوق عندك، أجل الله يرحمني أنا من عنده الذوق؟! ترى كنت أبيك أنت تختار لي!
- لا مانع، اكتبي كل ما تريدين وبالتفصيل وأرسليها على جوالي، وإن شاء الله ستكون عندك قبل الموعد..
- جزاك الله خيراً.. مدري كيف أشكرك..
- يا عمري.. لا شكر على واجب، فأنا خادم من أحب..!
- هههههههههه
- في أمان الله يا غالية..
بعد انتهاء المكالمة، رفع كفيه للسماء وقال:
يا رب ما أكرمك، الحمد لك ربي كما ينبغي.. وردد بينه وبين نفسه: كنت أخشى أن تأتي أسماء وتلاحظ علي تغيراً، سيَّما وأنا حديث عهد بلقاء ندى، أسبوع آخر كفيل بتهدئة المشاعر الساخنة..
أرسلت له أسماء رسالة فيها ما تريد بالتفصيل، فيها أشياء لم يعرفها، وفيها أشياء سمع عنها لكن يجزم لو ذهب ليشتريها لما عرفها...
أخبر ندى بما تريد أسماء فضحكت حتى دمعت عيناها حين قرأ ما بالرسالة فقد كان ينطق بعضها بغير اسمه..
مما يعني أنه لو ذهب ليشتريها لما وجدها.. كان من ضمنها فستان لأسماء..
في اليوم الثاني ذهبا للسوق واشتريا كل ما تريد إلا أنهما لم يجدا لها فستاناً مناسباً..
دارا كل أسواق المدينة المعدودة فلم يجدا ما يناسبها، فهي نحيلة جداً ومن الصعب إيجاد قياسٍ مناسبٍ لها..
تذكرت ندى بأن لديها فستانا جديدا طريقة تصميمه تناسب النحيلات، ومعه كامل ملحقاته،
فأخبرت سامي، ففرح لشدة تعبه، و لتفرح أسماء به، فذوق ندى أعجبها جداً في هديتها السابقة..
طلب من الفندق تغليف الأغراض في كراتين ليشحنها معه في الطائرة أما الفستان فحمله بيده!
وكان قد حجز له ولندى في اليوم التالي.. لم تمض نصف ساعة أو قريب منها إلا وهو يحلق في أجواء القصيم..
وبمجرد نزوله توجه لسيارته، وكان أكبر همه ندى أين يذهب بها؟ فهو لا يستطيع أخذها معه لهم، ولا يستطيع أن يتركها بمفردها!
طلبت منه أن يضعها في سوق النساء لتشتري بعض منتوجات القصيم حتى يعود!
استحسن الفكرة وإن كان من طبعه الحيطة والحذر، فهو يخشى أن يؤخره شيء أو يجري عليه قدر بعيد عنها!!
مضت ساعة أو تزيد بعد أن تركها وهي في سوق النساء، ولكنها انشغلت بالسواليف مع البائعات والتجول ولم تشعر بالوقت حتى أتاها..
صليا العشاء في جامع الراجحي الكبير، وقفلا راجعين للمدينة النبوية، وفي الطريق..!!
• • •