بسط المساحة الخضراء على امتداد الربوع الجغرافية للسلطنة يؤمل منه ان يكون واجب استراتيجي تعمل على تفعيله، وتحقيقه مختلف المؤسسات المعنية، بما فيها الأفراد، في نوع من تكاتف الجهود لتحقيق هذه الغاية.
وعلى الرغم من كون الحديث في هذا الجانب يصبح متأخرا كثيرا عن واقعه، لأنه في حكم المعتاد، والمتداول، والذي يجب أن يكون؛ أن تكون هذه المسألة متحققة منذ زمن بعيد، والبلديات أول من ينظر إليها لتحقيق هذه الغاية، فهذا من صميم عملها، وواجبها، فالعمل البلدي بدأ منذ البدايات الأولى لعمر النهضة في السلطنة التي تكمل اليوم عامها الأربعين وسط انجازات كبيرة، ونوعية.
على امتداد كل الولايات في السلطنة إلا ما ندر لن يتسع بؤبؤ العين عندك لضيق هذه المساحات وندرتها، ولن استحضر هنا مزارع النخيل، فتحققها طبيعيا منذ مئات السنين، فهي مصدر الرزق الأول لكل أبناء الوطن بلا استثناء منذ ذلك الزمن البعيد، على الرغم من ندرة المياه، ووعورة الجغرافيا في بعض المناطق إلا أنها لا تزال تتربع على كامل الاهتمام من قبل الجميع، وان تغافلت عنها الأجيال في الوقت الحاضر بسبب الوظيفة الحديثة.
زرت محافظة مسندم، والاسم يغني عن أي تبرير لوجود مثل هذه المرفق الحيوي المهم، وعلى الرغم من خصوصيتها الجغرافية، والاجتماعية إلا أنني لم أجد حديقة تتنفس من خلالها الأسر، وعلى رب الأسرة أن يجتاز حدودا دولية حتى يجد ضالته، وزرت محفظة البريمي، وكان نصيبها أحسن حيث توجد حديقة معقولة في ولاية البريمي، وهناك سعي جميل في ولاية محظة لإيجاد متنفس ممثل في المنتزه المقام غرب الولاية، وعندما تأتي على ولايات منطقة الباطنة هناك مبادرات خجولة في هذا الجانب؛ في ولاية صحار لأنها الحاضرة التقليدية للمنطقة توجد فيها حديقة تحقق مطلب الأسر، بينما على امتداد ولايات الظاهرة والداخلية والشرقية فهناك تراجع واضح في هذا الجانب، وما هو موجود فهو لا يعبر مطلقا عن جهد منظم، او خطة لدى وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه لتفعيل مسالة "ضرورة" وجود حديقة في كل ولاية، ولا نطمح كثيرا لـ "ضرورة" وجود حديقة في كل قرية، على الأقل في حواضر هذه الولايات.
على الرغم من التجربة العميقة والمتجذرة لشهر البلديات، حيث احتفلت وزارة البلديات الاقليمبية وموارد المياه بالشهر الخامس والعشرين، وتجري الاستعداد لفعاليات الشهر السادس والعشرين، وهنا تظهر المفارقة بحجمها الحقيقي فخمس والعشرين عام لم تستطع أن تؤسس حدائق عامة بمعناه الحقيقي وليس الرمزي على امتداد ولايات السلطنة إلا ما ندر كما ذكرت، في الوقت الذي تتطلبه الأسر لأن يكون أكثر من حديقة عامة في كل ولاية لكي تفي بمتطلباتها من الترفيه، والمتعة والانسجام.
فإذا كان هذا الجانب مغيب – بصورة غير مباشرة – "جوازا" في برامج أشهر البلديات الخمسة والعشرين عاما، فما هو المستحضر من برامج يجب ان تنجز في كل مسابقة شهر للبلديات، واذكر جيدا أن في سنوات مضت تكاد تتجاوز الخمس عشرة سنة أحضرت بلدية القابل إلى قريتي ثلاث لعب للأطفال عبارة عن مرجوحة، و "مزحلوطة"، وكرسي متحرك على شكل طائر، وخصصت مكان لا تتجاوز مساحته عن (600) متر مربع، وتركت هذه الألعاب في هذا المكان، ومن يومها حتى تكسرت، وقسا عليها الدهر، وانتهت إلى الأبد، ومن يومها إلى اليوم لم يعد ذلك المكان يعبر عن مسمى حديقة للأطفال.
وأتصور أن هذا حدث في قرى كثيرة على امتداد مختلف الولايات، وهو لا يعبر إلا عن إهمال حقيقي، وعدم اهتمام بهذا المرفق الحيوي الذي تتغذى منه الأسر مادتها الترفيهية، والتسلية والإمتاع، وظلت محافظة مسقط – وحق لها ذلك - طوال هذه السنوات هي المقصد الوحيد لكل الأسر حيث تجد ضالتها لإمتاع أطفالها، على الرغم من المسافات الطويلة التي يتكبد من خلالها رب الأسرة لكي يرفه عن أطفاله، حتى ولو في إجازة نهاية الأسبوع.
ما يأمله الجميع أن تخصص مسابقة شهر البلديات الـ (26) لإقامة الحدائق والمنتزهات، وإحياء الميت منها، وتعزيز القائم بحيث يستحق أن يشار إليه على انه حدائق، وتفعل هذه الأماكن من خلال إقامة المناسبات المختلفة فيها، وتشجيع الشركات التي تستثمر في مجال العاب الأطفال أن تزور هذه الحدائق ولو في الشهر مرة واحدة، وليس ذلك بعزيز على وزارة البلديات إن توحدت الجهود، وصدقت النوايا.