منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - نحو ميلاد أنفس جديدة
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 12-29-2009, 09:12 AM
عضو شرف


المشاركات
4,492

+التقييم

تاريخ التسجيل
Nov 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
15

العنابي is on a distinguished road
غير متواجد
 
نحو ميلاد أنفس جديدة
ها هو العام الميلادي يرحل ، كما رحل منذ أيام العام الهجري ، ومن حسن المصادفة أن كلا العامين دخلا في يوم الجمعة المباركة ، فعسى أن يجعل الله أيامهما مباركة على الجميع.
ترحل هذه الأعوام تاركة وراءها من الأحلام ، والأوهام ، من المنجز والمؤجل ، من الانتصار والهزائم ، من تحقيق الذات ومن خفوقها ، من صور الميلاد والموت ، من الأمل واليأس ، من المفارقات والغرائب ، من المخطط له ومن وحي الصدف ، من كثير من المتناقضات والمتوافقات.
ومع كل هذه اللحظات الهاربة من حياتنا ، ومن أعمارنا ، ومن انجازاتنا ، ومن هزائمنا تبقى هناك دائمة غصة إلى كل ما ودعناه ، ويبقى هناك حنين إلى حيث البداية ، هناك حنين إلى القرية وسواقي افلاجها ، وجدران بساتينها ، والى معانقة نخيلها ، هناك انعتاق وجداني إلى – وليس من – المدرسة وشقاوة طلابها ، وأيام الزمالة ، والتحرر من المسؤوليات الحياتية ، هناك شيء يقلق هذا الهدوء النفسي ويشعل فيه حرارة الالتفاف الوجداني على من اوجدوا في أنفسنا ، أو وجدنا في أنفسهم مساحة آمنة من الاطمئنان والرضا.
نعاتب دائما من قبيل أنفسنا ومن آخرين ، قد يكون هؤلاء الآخرون أباءنا وأمهاتنا ، وقد يكونو معلمين ، وقد يكون منظرينا في العلوم الاجتماعية والدينية ، على هذا الوقت الذي مضى ، ونطالب بأن نحاسب أنفسنا (قبل أن نحاسب) ، هناك من يقترح أن تكون هذه المحاسبة ، أو المراجعة مع نهاية كل يوم ، وهناك من يرى كل نهاية أسبوع ، وثالث نهاية كل شهر، وتبقى فرصتنا الأخيرة نهاية كل عام.
جبلنا على السؤال عن الآتي وما يضمه ، عن الأيام القادمة وما تحمل ، عن ما وراء الجبل أو البحر وما يضم ، عن التقدم في الحياة: فالصغير يود أن يكون رجلا ، والطالب يود أن يكون عاملا ، والعامل يود أن يكون مسؤولا كبيرا ، ولعلنا لا نذهب بعيدا عندما نتذكر قول العقاد رحمه الله تعالى: "صغير ود لو كبر ، وكبير ود لو صغر ، وخال يطلب عملا ، وذو عمل به ضجر ، أهم حاروا على الأقدار ، أم هم حيروا القدر". وعلى الرغم من أهمية القادم ، إلا أن مناخ الماضي يظل حاضرا بقوة إلى مستوى الانكفاء ، وعدم المشاركة ، أو عدم التجديد في حياتنا ، هناك روح مهزومة ، قد ساعدت أشياء كثيرة في هزيمتها واستسلامها ، وما نراه اليوم في شبابنا الصغار الذين للتو يبدؤون حياتهم انطلاقا من مقاعد الدراسة حيث لا يحفز لهم المستقبل تلك الشرارة – إن جاز التعبير - للتسامي في الجهد ، والأداء ، على الرغم من أن مجموعات المحفزات للمستقبل والرؤية بعين الأمل إليه كثيرة بدءا من الدين إلى القيم ، إلى ضرورات العصر.
نأمل كثيرا ، ويحق لنا ذلك ، أن تكون أيام أعوامنا القادمة أكثر حيوية في تسجيل خطى جديدة أكثر إشراقا للإنسانية جمعاء تفصح عن مناخات أكثر أمنا ، وأكثر استقرارا ، وأكثر غنى ، تتوحد فيها جهود المخلصين العاملين في كل ما من شأنه أن يضيف إلى إنسانيتنا من كل شيء تفتقده ، وأقربه الأمن ، والصحة ، والرخاء المادي ، وان لا تكون هناك عوالم مقسمة إلى أوائل ، وثوان وثوالث ، تجر وراءها مظاهر من الخزي والعار على مستوى التقدم الذي وصل إليه الإنسان ، واهلك فيه نفسه أيضا.




توقيع العنابي