منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - تسأولات أمام الحوار : الحوار تآلف أم تخالف؟
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 08-11-2009, 08:40 PM
جعلاني فضي


المشاركات
2,948

+التقييم

تاريخ التسجيل
Dec 2008

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
7783

عطــر الأماكنــ will become famous soon enough
غير متواجد
 
تسأولات أمام الحوار : الحوار تآلف أم تخالف؟

بقلم د. سعيد بن ناصر الغامدي

"...وفي خضم ذلك تسمع من الاستدلالات ما يثير الاستغراب ، كالقول بأن الحوار لو كان صحيحاً لما غاب عنه فلان ، أو القول بأنه لو كان فاسداً لما حضره فلان ، وهكذا في صيغ استدلالية هشة تجعل الحق معروفاً بالرجال وليس العكس ..."
من الطبيعي في النفس البشرية أن تتوجس وتتردد أمام أي قضية جديدة فيها تغيير عن الوضع السابق .

والتغيير حقيقة حياتية وسنة كونية في الأنفس والمجتمعات , ويمكن للبصير المتأمل اكتشافه , بيد أن الراسخ في الفهم هو الذي يستطيع أن يتعايش معه ، أما الحكيم العبقري فهو الذي يوجد التغيير ويرسم للآخرين مسارات المشي على دروبه , في حين أن أكثرية الناس يريدون الأمور أن تبقى كما هي ,، ويعتقدون أن التغيير سيئٌ أو يمكن أن يحمل في طياته السوء .


بيد أن هناك جملة من المنطلقات الإنسانية يمكنها أن تبين لنا مستويات الوجود النفسي وأثر ذلك التعبير عن طريقة التفكير التي يفكر بها الإنسان , من هذه المنطلقات :


أ - أن طبيعة الإنسان ليست ثابتة ولا مستقرة ، بل هي ـ في الأعم الأغلب ـ تتغير بتغير أحواله وما يحيط به , لينتج منظومة حياتية جديدة ، مع احتفاظه بالمنظومات السابقة .


ب - عندما تنشط المنظومة الجديدة في الإنسان ، تتغير نفسيته وشروط الحياة لديه ، وكيفية التعامل من المتطلبات الجديدة .


ج - استجابة الفرد أو المجتمع لطرق الإدارة ووسائل التربية والمعايير والمتطلبات المرحلية ، تكون إيجابية إذا كانت هذه الطرق والوسائل والمعايير والمتطلبات منسجمة مع مستوى الوجود النفسي الذي يعيشه الإنسان .

وعلى ضوء ذلك يمكن تفسير ما حصل (محليا ً ) من جدل حول ( قضية الحوار ) ، فقد انقسم أهل العلم والدعوة إلى عدة أقسام :


القسم الأول : رحب به وتوجه إليه ممارسة أو تأييدا.


القسم الثاني : رفضه وامتنع من ممارسة أو تأييده .


القسم الثالث : ينتظر ويتأمل ويقيس , ويترقب الفرصة المناسبة للتكيف مع جو إحدى الطائفتين السابقتين .


ولكل وجهة هو موليها في أسباب قبوله ورفضه أو توقفه .


وليس المقام هنا مقام مناقشة لهذه المواقف وأسبابها ودواعيها ، بل لوضع نوع من الإضاءة التي - ربما أدت إلى - تحريك المتحفظ والمتوقف وكبح عنفوان المستعجل .


إضاءة أرجو أن تلامس المقصد ، وتفضي إلى المتوخى عند الجميع : (خير البلاد والعباد ) .


لابد من الاعتراف أولا ً بأن أكثر ما يعيق الإنسان هو تفكيره الذاتي وتصوره للأمور ، كما أن أغلب ما يجعله متحركا ً منطلقا ً
هو قناعاته وتصوراته ، فمن رأى في الحوار فرصة للتعبير عن المكنون ، ووسيلة لإيضاح فكرته أو تخفيف حدة خصمه ، أو بيان موقفه من القضايا الفكرية والعملية ، أو لتحصيل منفعة عامة
وجد أن المشاركة في الحوار أو التوافق معه له فائدة كبيرة ومصلحة واضحة
ولا تثريب عليه في ذلك , فهذا مدرك من مدارك الاجتهاد
وله حظ من النظر وأدلة من الشرع في أصل مشروعية الحوار مع المخالف والمؤالف .


ومن رأى أن أهداف الحوار غامضة بالنسبة له
أو فيها تمكين لمن لا ينبغي له أن يمكن ، أو خشي من التنازل ، أو خاف من الدوافع المحركة لهذا الأمر فشعاره : الاكتفاء بالموجود أفضل من التشوق لمجهول مفقود
وهذا أيضا ً لا تثريب عليه , فقوله ورأيه من مواضع الاجتهاد , وله حظ من النظر والأدلة .


إلى هنا والأمر لا ضير فيه ولا إشكال معه ، فحال الاختلاف في هذه المسألة كحال الاختلاف في المسائل الظنية والقضايا الاجتهادية .


وإنما الضير والفساد ينشأ من التعصب واحتكار الصواب ، واتهام المخالف ، والتثريب عليه والاستخفاف برأيه وموقفه ، ونحو ذلك من الأمور التي تندرج تحت قوله تعالى : ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا ً بينهم ) ، فالبغي بالعلم والرأي والاجتهاد مسلك سلبي
والجزم في القضايا التي تقبل النظر والتأمل طريق مغلق
وكم هي فداحة الخسارة باحتكار الصواب ؟ بحيث يصبح المحتكر في موقف
يجعله يقطع في محل الظن ويجزم في موطن الاجتهاد .

وقد يتجاوز الأمر حده عند البعض ـ تعصبا ً أو جهلا ً ـ فيسم المخالف بسيماء لا يرضى بأن يوسم هو بها .


فقد تجد من اقتنع بالحوار يصف المخالفين بالجمود أو القسوة أو قصر النظر .


وقد تجد من يعارض الحوار يصف المخالف له بالتميع والضعف ، والمهادنة الفاسدة ، والتحالف الخاطئ, والسير وفق إرادة الفاسدين أو المتحكمين .


وفي خضم ذلك تسمع من الاستدلالات ما يثير الاستغراب
كالقول بأن الحوار لو كان صحيحا ً لما غاب عنه فلان ، أو القول بأنه لو كان فاسداً لما حضره فلان
وهكذا في صيغ استدلالية هشة تجعل الحق معروفا ً بالرجال وليس العكس .


ولعل من المفيد أن تنضج الاجتهادات على ضوء الاختلاف المحمود ، والتعاذر المبرور ، والتغافر المطلوب ، ولعل من نافلة القول أن يشار إلى فضيلة الاستفادة من قواعد النظر والاجتهاد وضوابطها الشرعية المدونة في كتب أهل العلم
والموصوفة في سيرهم من عهد الصحابة إلى الآن ، ففيها من فسحة الإعذار ، ما يجعل المتحمس لرأيه أو لشيخه أو لفئة معينة يزن الأمور بميزان التأني والرفق والحلم ملقيا ً عن كاهله عصا الاتهام والتجريح ، متأملا في شروط الحياة
( الزمان والمكان والمشكلات والظروف )
ومستويات الوجود
( العقائد القيم التصورات طريقة التفكير )
ثم النظر الحكيم في التأثير المتبادل بين شروط الحياة ومستويات الوجود ، ليتم بعد ذلك الثبات من غير تجمد ، والتطور من غير ترهل .
وعساكم تستفيدون من هذا المقال






توقيع عطــر الأماكنــ

شفت المقفي وربي مـــــــا أتبعه لـــو خطوتين
وأصبعي وهو أصبعي لامـــــــــــن غدرني أقطعه
بسألك سؤال واحـــــــد والجـــــــــواب بكلمتين
لاصار قدرك والهوى خصمين من تقف معه؟!!