مش خُسارة فيك
وائل شاب فقير جدا ويعاني من اعاقه ذهنيه ، ولكن ملامح وجهه تدل على إنه شخص سوي وذكي للذين لا يعرفونه جيداً ، من عاداته اليوميه أن يطرق البيوت ويشحت من عندهم المساعده من دون خجل او إستحياء ، ودائماً يمسك المارين في الشوارع ويطلب منهم الفلوس ، أغلب سكان القاهره يعرفونه ولكن طبعا الكل لا يعرف عنه شيء ، فأحيانا ينال نصيبه من الهبات والمساعدات وكثير من الاوقات يلاقي الشتائم والسباب وبعض الاوقات يحصل على الضرب المبرح ، وكل هذا وهو لا يترك ولا يتنازل عن عادته ، وذات يوم في بدايات النهار و بالصدفه شاهد رجل ضخما يحمل حقيبة كبيرة وعلى مايبدوا كان متجها نحو سيارته ، فلما شاهده وائل ، قفز امامه وقال له : يا بيه انا عارف إيه في الشنطه ، إدينى جنيه ولا اخبر عليك !! قالها من غير شعور ولا تفكير ، فنظر الرجل الى وجه وائل بهلع ، لقد دخله خوفٌ شديد وبدأت اوصاله ترتجف كسمكةٍ اٌخرجت للتو من البحر ، ظناً منه إن هذا رجل شرطه متخفي ، او إنه كمين لألقاء القبض عليه ، فرمي الرجل الضخم الحقيبه وادار محرك سيارته بسرعةٍ شديده تاركا الحقيبه وما فيها هاراباً من امام العماره ، تصرف الرجل الغريب جعل وائل في دهشة وهو ينادي عليه و يقول بصراخ ، يا بيه انا عاوز جنيه واحد فقط ، مش عاوز كل الحقيبه ، كان يردد الكلام لعدة مرات حتى إلتمت الناس حوله وسألوه عن حكايته ، فقال ، انا طلبت جنيه من الرجل الضخم ولكنه ترك الحقيبه كلها ، لاحظ البعض رائحه غريبه تصدر من داخل الحقيبه ، فأتصلوا برجال الامن ، ولما وصل رجال الامن وفتحوا الحقيبه ، وجدوا فيها جثة أمرأة مقطوعه الراس ، وبسرعه بديهيه عرفوا إنها زوجة الرجل الضخم الذي خاف من وائل المجنون وترك الحقيبه ، ولم تمض سويعات والقي القبض على القاتل الذي اعترف بأنه قتل زوجته لأنه كان يشك في تصرفاتها ، فسأله أحد الضباط عن السبب الذي جعله يرمي الحقيبه في الشارع ويهرب ، فرد عليهم ، يا بيه انا شفت وائل يوقفنى ويقول إنه يعرف عن الشيء الموجود في الحقيبه ، فقال الضابط : وهل صدقته؟؟ : قال وكيف لا أصدقه و زوجتى المرحومه كانت تقول لي دائما حين نرى وائل إنها تعرف إن وائل رجل أمن متنكر وقد رسخت الفكره في ذهني وجعلتني أخاف منه بشدة وكانت كلما رأته تعطيه جنيه وتقول مش خُسارة فيك ، فقال الضابط يا سبحان الله ، ولكن حرام عليك يا رجل سوء الظن ، هذا شخص معوق ذهنيا ، وإن حكمة الله أحياناً تنجلي في أٌناس لا نحسب لهم أي حساباً .....
( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضةً فما فوقها )
عبدالعزيز بن علي البلوشي