صديقان يمشيان في صحراء قاحلة وخلال الرحلة تجادل الصديقان ، فضرب أحدهما الآخر على وجهه . قام الرجل المضروب متألماً ودون أن ينطق بكلمة و كتب على الرمال : اليوم قام أعز أصدقائي وضربني على وجهي .
استمر الصديقان في مشيهما إلى أن وجدا واحة فقررا أن يشربا منها ويستحما.. الرجل المضروب علقت قدمه في الرمال المتحركة وبدأ في الغرق، ولكن صديقه أمسكه وأنقذه من الغرق. فقام وكتب على قطعة من الصخر : اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي .
سأله صديقه : لماذا في المرة الأولى عندما ضربتك كتبت على الرمال والآن عندما أنقذتك كتبت على الصخرة ؟ فأجاب: عندما يؤذينا أحد، علينا أن نكتب ما فعله على الرمال ، حيث رياح التسامح يمكن لها أن تمحيها ، ولكن عندما يصنع أحد معنا معروفاً ، فعلينا أن نكتب ما فعله على الصخر ، حيث لا يوجد أي نوع من الرياح يمكن أن يمحوها .. وهكذا هي الحياة . أحداث وأحداث ، تقع يومياً . منها السارة ومنها دون ذلك أو أدنى وأمرّ . وليست العبرة بوقوع تلك الأحداث بقدر ما هي تظهر في كيفية التعامل مع تلك الحوادث . نعم هناك حوادث تفلق الصخر قبل أن تقهر النفس ، ولكن هل يجب التعامل معها بنفس الشدة ؟ ربما نعم وربما لا ، إذا الأمر يعتمد على الشخص ودرجة تأثره ومدى الضرر الواقع عليه أو الذي يمكن أن يقع في المستقبل ، ومدى فهمه ووعيه بحوادث الدهر .
كلما كنت كبيراً ومتعالياً ومترفعاً عن التوافه والصغائر كبرت وتعاليت أكثر فأكثر . فلا تهتم بصغائر الأمور ، فكل الأمور صغائر . ولربما يعترض البعض ولكن من المؤكد أن غالبية الأمور حولنا هي من تلك الصغائر التي تتعاظم بسببنا دون وعي ودراية .. ومن المهم في خاتمة هذا الكلام أن نتعلم دائماً كتابة آلامنا على الرمال ، فيما ننحت أي معروف يصنعه غيرنا لنا على الصخر وليس غير الصخر . وهكذا هي الدنيا .. دروس وعبر ، فهي مدرسة أستاذها ، كما ذكرنا سابقاً ، هو الزمن ، ودروسها التجارب .
المصدر: محمد العماادي جريدة الوطن العمانيه
مع التحيه