منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - الحياة المدرسية والتواصل
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 10-16-2005, 04:59 PM
جعلاني برونزي


المشاركات
1,172

+التقييم

تاريخ التسجيل
Apr 2005

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
204

الوافي is on a distinguished road
غير متواجد
 
الحياة المدرسية والتواصل
الحياة المدرسية والتواصل


إذا حاول الدارس أي دارس كيفما كانت قدراته الفكرية ووسائله المادية والمرجعية التي سيعتمدها لتناول هذا العنوان فلن يستوفي حقه لأن الحياة المدرسية في كل مؤسسة مؤسسة لا تعد بالشهور و السنوات أو النتائج ، أو الممارسات ، أو الإجراءات والقوانين ، أو المعاملات ، أو الأنشطة المختلفة المتعددة أو غيرها ، وهي كثيرة منها المباشر وغير المباشر ، المدرك وغير المدرك ، ومن هنا يمكن أن أقتصر على القول إجمالا أن الحياة المدرسية هي تنشئة وتكوين أجيال بإكسابها المعارف والمهارات المختلفة وتأهيلها لتساهم في تنمية المجتمع وتطويره على كل المستويات بروح جدية المواطن الذي تشبع بالقيم والمبادئ في الأسرة والمدرسة وبالتالي المجتمع .
والحياة المدرسية بكل ما تتضمن من مختلف الميكنزمات والهياكل والبرامج والطرق والأساليب والتشريعات والقيم تتوخى تحقيق أهداف سواء التي نص عليها الميثاق الوطني للتعليم أو التي سطرتها المذكرات الوزارية وعدد من هياكلها التنظيمية أو التي يسهر المشرفون التربويون على تنفيذها في الواقع .
وما يهمني في هذا البحث هو محاولة الإجابة عن سؤال كثيرا ما يغفل عنه الكثيرون ، وهو :
مؤسساتنا الثانوية الإعدادية تحتضن من ؟
إنه سؤال رئيسي وهام ينبغي أن يطرحه كل ممارس وفاعل في الحقل التعليمي في القسم و الإدارة ، و الأسرة والجمعيات والمنظمات وغيرها من الفضاءات والتنظيمات الاجتماعية والثقافية التي لها ارتباط بصفة مباشرة أو غير مباشرة بالفضاءات التعليمية .إنه سؤال يحيلنا بل يذكرنا بالقول المشهور الذي خاطب به روسو المربين قائلا : (( تعلموا كيف تعرفون تلاميذكم ، فأنتم لا تعرفونهم )) ، إنها قولة فتحت الباب لأول مشروعه في علم نفس الطفولة والمراهقة بنشره كتاب (( إميل )) حيث وضع المبادئ الأولى التي سار على دربه أتباعه ، وتظافرت الجهود بين عدة مدارس لتعطي في آخر القرن التاسع عشر أولى الشتلات ، فحلت محل وجهة النظر الديناميكية والتكوينية والوظيفية ، وجهة النظر السكونية والتحليلية والبنيوية ، فكان هذا التغير والتبدل واضحا لدى وليم جيمس .
ففي الولايات المتحدة الأمريكية نجد ( بلدوني و ستانلي وديوي ...) وفي فرنسا ( بوغسون ورينيه وبيير جانيه ...) وفي سويسرا ( كلاباريد ... وغيرهم ) . وقد أسهم في ذلك التغير علم النفس المختبري والسلوكي والمرضي والحيواني ، وعلم التحليل النفسي ... والتقت جميع النزعات والتوجهات وامتزجت في علم نفس الطفولة والمراهقة الحديث رغم التباين بين اتجاهاتها ، ومن أعلامه في فرنسا ( فالون ولاكاش ) ، وفي اسويسرا ( بيير بوفيه و جان بياجيه ) وغيرهم في المدن الأخرى .
إن مؤسساتنا الثانوية والإعدادية تحتضن باعتمادنا على وجه الشمول والاصطلاح التداولي تلميذات وتلاميذ يمكن إدراجهم تحت اسم (( البالغين )) أو (( المراهقين )) .
وإذا ، من أين تنطلق دراسات علم نفس المراهق في تحديداتها ؟ إنها تنطلق من وجهتي نظر أوردها (( غي بالماد )) حيث يرى أن الأولى (( وظيفية توضح تكوين هذه الشخصية (علم النفس التكويني ) ... إنها نظرة تعتمد على الخصائص العامة التي تساعد على إيضاح سلوك المراهقة ... فمثلا من خلال ( التمركز حول الذات ) تحاول هذه النظرة فهم عدة مظاهر المراهق ( اللعب – التفكير – اللغة ... ) . أما وجهة النظر الثانية : (( فتعتمد على وصف مختلف سلوكات المراهق اليومية ( نوم – تغذية – استحمام – نظافة – لباس – فعاليات ثقافية وإبداعية ... ) فتعمل على تفسيرها وتحليلها . )) ( مناهج التربية – غي بالماد – ص : 21 – 21 )
ومن هنا يتضح لي أن النظرتين يربطهما عامل التكامل إذا ما أردنا الوصول إلى فهم أعمق نوعا ما للمراهقة ، وإذا سلمنا أن ليس هناك منهجا أو طرقا أفضل وأدق من أخرى وضعت بإحكام للاستناد عليها وحدها .
فالنظرة الأولى نستشف منها أن لدى الفاعلين التربويين إمكانية التشبع بها وبمختلف كتب علم النفس ، وبعدة لغات ( عربية – فرنسية ... ومنها المترجمة ) ليبنوا معرفيا تصورا شموليا عن عملائهم (( لا لمجرد الاستيعاب فقط ، بل استيعابا بفكر نقاد حتى لا يلبك الدماغ بخليط لا فائدة منه )) ( لينين : التعليم الشعبي ص 101 ) والمهم في هذا الانطلاق يكون من المعارف العامة والأساسية لعلم النفس وطرقه الحية ومختلف العلوم الأخرى التي تعضده .
أما النظرة الثانية ، فركيزتها الأساسية فيها وفي نظري هي الاهتمام الدائم للمربي بالعملاء عناصر الفصول خلال مدة السنة الدراسية ، في داخل الفضاء المدرسي حتما ، وفي الخارج حسب الاقتضاء والمسموح به والممكن ، وهنا يبرز دور التنسيق مع الأسرة ( الآباء والأولياء ) وإشراكهم في الحفلات والأنشطة ليتحملوا مسؤولياتهم في المراقبة والتوجيه فيتم التكامل ، ومن ثمة ينبع الاطلاع الجيد والتحسيس المزدوج الجانب ، وبإمكان المشرفين التربويين والإداريين لتحقيق ذلك اعتماد أساليب وطرق منها : البطاقات – المذكرات أو ما قد نسميه كناش التواصل اليومي أو دفاتر المتابعة كما يسميها البعض ، ويعتمدون في ملئها على المنهج الوصفي والتحليلي حسب قدراتهم وتجاربهم في رصد السلوكات المختلفة معتمدين على معطيات متنوعة المصادر ( ملاحظات وتقييمات الأساتذة – الحراس – المدير – المعيد- الآباء أو الأولياء - والتصريحات الشخصية للمراهق أثناء التواصل معه ... ) وهذا يساعد على الضبط والمقارنة والتحليل والتقييم بشكل موضوعي أو يقترب ، وبهذا يتم الوصول إلى فهم أكثر للعملاء داخل الفضاء المؤسساتي مما يسهل عملية تكييف الأساليب التربوية والإدارية التي يستقر الأمر على اتخاذها . وإن لهذا العمل أهميته الملحوظة دون أن ينسينا أنه يتطلب مجهودات يومية لا من حيف الكم فقط ، بل الكيف الذي يتطلب الدربة والاطلاع والمتابعة ، وللتخفيف من هذا الحمل الذي يظهر ثقيلا ، فلا عيب أن يستفيد الممارس من التجارب الفردية لكل الفاعلين التربويين في اللقاءات العادية أو الدراسية ، وهذا يتطلب أيضا المرونة في العمل سواء عند التسجيل الوصفي والتحليلي والاستنتاجي بمراعاة الواقع الاجتماعي والتاريخي ( العادات – الدين – التقاليد ..) أو اتخاذ الإجراءات التربوية والإدارية التي تسمح بها المساطر والتشريعات ، وهذا المشروع البديل للتشخيص والمتابعة والضبط للحكم واتخاذ العلاج ( كناش التواصل اليومي ) قد يغني ربما توظيف عدد من الوثائق ( الحالية ) ذات الصبغة الإجرائية الأحادية ( المواضيع ) .
إن النظرة التكاملية لنظريات علم نفس المراهق بجوانبها الإجرائية المتكيفة تمكننا من الإجابة عن السؤال : من تحتضن مؤسساتنا ؟
فالمراهقة في رأي جل الباحثين والدارسين والمهتمين هي من أصعب المراحل الحياتية وأعقدها لدى الإنسان ، حيث تطرأ عليه عدة تغييرات جسمية ( فيزيولوجي ) ونفسية وسلوكية ، وهي في أمس الحاجة إلى محيط تربوي نظيف في المدرسة والأسرة والمجتمع كله ليساهم في تكوين شخصية الفرد تكوينا سليما . ومن التغيرات المذكورة سلفا ما يلي :
التغيرات الجسمية :
أ‌- ازدياد الطول مع ثقل الوزن ، وازدياد نمو شعر الجسد
ب‌- التغير في الجهاز التناسلي حجما ووزنا ووظيفة
ت‌- ظهور اللحية والشارب ، وبالنسبة للفتاة خروج دم الحيض
ث‌- غلظ الصوت
التغيرات النفسية
أ‌- الحاجة إلى المكانة
فالمراهق ميال لأن يكون شخصا هاما ، وأن تكون له مكانة في جماعته ، كما أنه يتطلع لأن يظهر بمظهر الراشد ويجد مكانته بين الرفاق وعند والديه . وللمراهق ميل شديد إلى الانتماء وتكوين الجماعات ، وفي هذا يقول الدكتور فاخر عاقل : (( المراهق حساس وحريص على أن لا يعامل معاملة الأطفال ، أو يقوم بأعمال يطالب بها الأطفال )) . ( علم النفس التربوي د . فخر عاقل د أ أ ص : 115 )
ب‌- الحاجة إلى الاستقلال
إن المراهق يحاول دائما التخلص من قيود الأهل والمسؤولية الذاتية ، فتفكيره ذاتيا ، وهو يحاول دائما إخفاء تعلقه بأهله واعتماده عليهم . ومنه يرى نفس الدكتور سلفا ضرورة (( استقلالهم وإدماجهم وإشراكهم حتى تبرز قدرتهم على الإبداع والإنجاز ... ) ( نفس المرجع ) .
ج‌- الحاجة إلى فلسفة حياة مرضية
فكثيرا ما يتساءل المراهق عن الحياة بطريقة ملحة ومعقولة ، كما يطرح أسئلة عن الحقيقة والدين والمثل العليا ، ونجد اهتمامه بالدين والسياسة اهتماما جديا مما دفع العديد من الدول إلى إيلاء الشباب (( عناية ... بحركات الشباب وتنظيمها منذ المراهقة )) ( نفس المرجع ) ولم تفت الفرصة الدكتور للتساؤل عن المدرسة وقيامها بهذا الدور . وهذا ما نجده في المستجدات الحالية التي تنص عليها المذكرة الوزارية رقم ..... بتاريخ .
.... لتأسيس النوادي المختلفة بالمؤسسات التعليمية .
د- الحاجات الجنسية
يقول العالم كنزي : (( إن فترة المراهقة هي فترة رغبات جنسية قوية : الاستمناء ، الاحتلام ، الجماع والغزل ، اللواط .... )) ومن هنا تتبين خطورة هذه المرحلة وضرورة العناية بها بإدراج مواضيع تتناول هذه الجوانب في المقررات الدراسية على أساس أن لا تخرج عن المثل العليا والقيم الأخلاقية ، ويكون لها التوجه العلمي النفعي والتربوي .
وإن احترام المراهق وتوجيهه شيء ضروري للحد من جنوحه المتمثل في تعاطي المخدرات ، والاندماج في مجموعات عصابات ، والبغاء ، والتفكير في الإقبال على الانتحار .... الخ كما أن الوعي بهذه المكونات بأغلب المعطيات الأساسية في تركيبة شخصية المراهق تدفع إلى القول أن التواصل الفعال مع هذه الشريحة تقتضي مستوى عال من الدراية والمرونة لتحويل كل المظاهر والظواهر السلبية نحو قنوات للصقل والتصحيح ، وبمشاركة كل الفاعلين المؤمين بالقيم والمبادئ السامية ، والعاملين لخير الأجيال والمجتمع والإنسانية . وأورد قول الدكتور فاخر عاقل : (( وهكذا نستطيع القول بأن معظم طلاب وطالبات المدرسيتين الإعدادية والثانوية مراهقون ومراهقات ...)) .




توقيع الوافي