تابع
يبين السعود،في فصل( دور العلم في حماية البيئة) من مؤلفه"الإنسان والبيئة" كيف يسهم العلم في تسهيل سيطرة الإنسان على الوسط المحيط به، وتسخير هذا الوسط لما فيه مصلحته وإستمرار حياته من خلال تطوير الآلات والمعدات والأجهزة والأدوات.وكيف قام الإنسان بإستخدام العلم لمعالجة بعض الأضرار التي نشأت بسبب العلم أو بغيره، أو محاولة التقليل من تفاقمها وتزايدها.
ويوضح بان الحديث عن العلم يعني بشكل رئيس الحديث عن الجامعات.فالجامعة من خلال كلياتها ومراكزها البحثية المختلفة تقوم بالبحث العلمي، بواسطة أساتذتها الذين يشكل البحث العلمي لهم جانباً أساسياً من جوانب مسؤوليتهم الوظيفية.وينبه في هذا المقام بان طلبة الجامعات، وعلى الأخص طلبة الدراسات العليا، يقومون، بتوجيه وإشراف من أساتذتهم، بالبحث العلمي في مجالات شتى. ويورد بعض الأمثلة التي توضح وظيفة الجامعة البحثية في مجال حماية البيئة والتصدي لما يعتريها من مشكلات كما يلي:
أ- مجال مواجهة مشكلة الإنفجار السكاني: من خلال البحوث العلمية التي إستهدفت تطوير تكنولوجيا موانع الحمل، وتحديد جنس الجنين، وغيرها.
ب- مجال مواجهة مشكلة التلوث: من خلال البحوث العلمية العديدة، التي إستهدفت حماية الهواء والماء والتربة والغذاء، ومكافحة التلوث الذي لحق بها، وتطوير وسائل النقل والطاقة البديلة، وما الى ذلك.كما إنبرت بحوث كثيرة للتصدي لظاهرتي التلوث الكهرومغناطيسي والضوضاء.
ت- مجال مواجهة مشكلة إستنزاف موارد البيئة:من خلال البحوث التي إستهدفت حماية موارد البيئة الدائمة، والمتجددة، وغير المتجددة[ ].
3-الخدمة العامة ( خدمة المجتمع)
تهدف هذه الوظيفة الى جعل الجامعة وسيلة تغيير فاعلة في المجتمع، حيث تساعد على تكوين النظرة العلمية التي تهيئ الناس لتقبل التغيرات، ومعاينتها، وإستمرارها، ضمن فلسفة المجتمع وقيمه وثقافته.كما إنها تساهم في الملائمة بين الأصالة والمعاصرة، وتعد الأفراد لتقبل التغيرات الجديدة.
وتنطلق هذه الوظيفة الثالثة، من وظائف الجامعة، من أن الجامعة يجب أن تكون بؤرة علمية وثقافية في المجتمع، من خلال الإنفتاح على المجتمع المحلي وتقوية الروابط معه وتقديم المشورة له، والمساهمة في حل مشاكله، ومساعدته على إستغلال موارده الطبيعية، بتوفير القوى البشرية اللازمة المدربة.إذ لا يمكن للجامعة ان تعزل نفسها عن المشكلات الإجتماعية الراهنة، بل على العكس من ذلك تماماً، فان عليها ان تنوع من خدماتها التي تقدمها للجمهور خارج نطاق الحرم الجامعي، فهي بمثابة نماذج بين الإنجازات التي تقدمها الى جميع القطاعات، وبخاصة في مجال الإستشارات والدورات التدريبية ونشر المعارف[ ].
مفهوم الخدمة العامة كوظيفة للجامعة
لقد ظهر مفهوم الخدمة العامة كوظيفة للجامعة في النصف ألأخير من القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة الأمريمية، عندما أدركت الدولة الحاجة الى إنشاء جامعات رسمية في كل ولاية تعنى بتطوير الزراعة ومكانتها بإستخدام البحث العلمي وإنشاء المحطات التجريبية وتدريب المرشدين الزراعيين في الميادين، وأنشأت نظاماً لتقديم الخدمات للمزارعين الصناعيين، وأصحاب المهن المختلفة، وإستمر هذا الدور بالنمو والإتساع ليشمل برامج التعليم المستمر في كافة المجلات ولكافة الفئات العمرية.
إن النظرة الشاملة للجامعات في العالم، تكشف عن تباين واضح في مدى إستجابة هذه الجامعات لهذه الوظيفة الحديثة، ومن الإستجابة المطلقة الى الرفض المطلق لهذه الوظيفة ما بين الدرجتين.ففي حين ان الجامعات الأمريكية على سبيل المثال إستوعبت هذا الدور وبلورته وطورته ووسعت اَفاقه ليشمل الخدمة العامة، ليس على صعيد الولاية او الدولة فحسب، بل وعلى صعيد العالم، نجد أن مثل هذا الدور ما زال محدوداً في كثير من الجامعات الأوربية.أما الصورة في كثير من جامعات العالم النامي فهي أقل إشراقا، إذ أنها قد تراوحت ما بين الرفض المطلق لهذا الدور وتضييق هامشه وتقييد مساحته بصورة كبيرة جدأ[ ].وإذا كانت كل المجتمعات بحاجة الى ان تقوم جامعاتها بوظيفتها الثالثة، وهي الخدمة العامة، فان مجتمعات الدول النامية تبدو أكثر حاجة لمثل هذه الوظيفة.على ان أي عمل تقوم به الجامعة في هذا المجال يمثل حماية للبيئة في جانب من الجوانب.
ونورد فيما يلي بعضاً من الأمثلة التي يمكن ان تقوم بها الجامعة في مجال الخدمة العامة، والتي تنعكس إيجابياً على البيئة:
أ-مجال القيادة الفكرية للمجتمع:
إذ ان على الجامعة ان تسهم في بناء الحس الوطني والقومي عند المواطن، وترسيخ قيم النظافة والمحافظة على مكنوزات المجتمع وثروته والتصدي لكل محاولات العبث والتدمير والإيذاء الذي قد تتعرض له بعض موارد البيئة، بطريقة عمدية أو تلقائية.ويمكن للجامعة ان تقوم بهذا الدور من خلال مجموعة من النشاطات، كإستخدام وسائل الأعلام، وتقديم البرامج الخاصة، وعقد الندوات والمحاضرات والمؤتمرات، وتقديم البرامج التدريبية للطلبة والمواطنين، وغير ذلك مما من شأنه ان يسهم في حماية البيئة.
ب-مجال التعليم المستمر:
وهو حقل واسع يشتمل على كل فرصة تعليمية او تدريبية تقدم للمواطنين الذين فاتتهم مثل هذه الفرص من خلال التعليم النظامي.ويمكن للجامعة ان تقدم هذه الخدمة للمواطنين من خلال برامج الدراسات المسائية النظامية والجامعة المفتوحة والتعليم عن بعد والدورات والبرامج المهنية المتخصصة والدورات الفنية والمهنية للعمال والفنيين والدورات العامة للراغبين والمهتمين، كدورات الإرشاد الأسري والأرشاد الزراعي والإرشاد الإستهلاكي والأرشاد الصحي والأرشاد البيئي، والبستنة، وتربية النحل، وتربية نباتات الزينة، وغيرها.وغني عن القول ان مثل هذه النشاطات تسهم في زيادة حصيلة المواطنين المعرفية وتوسيع مداركهم ونفض أقنعة الجهل والتخلف عنهم، مما يسهم بلاشك في زيادة وعيهم البيئي.
ج-مجال الإستشارات والدراسات:
إذ يمكن للجامعة ان تسهم في تطوير عمل كل مؤسسات الدولية من خلال الدراسة والتحليل والتشخيص وتقديم الإستشارة للإصلاح والتحديث.ولعل المجال لا يتسع لذكر كل أنواع الدراسات والإستشارات التي يمكن للجامعة ان تقوم بها والتي من شأنها التصدي لمشكلات البيئة كافة والإبقاء على البيئة في منأى عن كل أشكال الأذى.
د-مجال الخدمات النموذجية:
يتضمن هذا المجال قيام الجامعة بتقديم خدمات نموذجية لمجتمعها في كافة المجالات، من خلال بعض وحداتها ومراكزها .فمستشفى الجامعة وما يتبعه من مراكز وعيادات طبية يمكنها ان تزيد من وعي المواطنين حيال قضايا تنظيم النسل والتلوث الغذائي وكافة أشكال التلوث الأخرى.أما مدرسة الجامعة وروضتها فيمكنها تقديم العديد من النشاطات التي تساعد في زيادة الوعي البيئي لدى الدارسين فيها والمواطنين على حد سواء. وتشاركها في هذه المهمة مكتبة الجامعة ووسائلها الأعلامية ومراكزها المتخصصة ومتاحفها ومختبراتها ومراكز الخدمات الإجتماعية فيها.
ه-مجال المحاضرات والمؤتمرات والندوات:
إذ يمكن للجامعة ان تنظم المحاضرات (العامة والخاصة) والندوات والمؤتمرات واللقاءات العلمية التي تستهدف نشر المعرفة وتبادل الرأي والخبرة وعرض الدراسات والبحوث في مجالات كثيرة، ومنها تحليل مشكلات البيئة، وعرض وجهات النظر المختلفة للتصدي لها، وما الى ذلك.
و-مجال الإحتفالات بالمناسبات العامة:
وفي هذا المجال تنظم الجامعة الإحتفال بالمناسبات العامة، ومنها المناسبات البيئية، إذ ان على الجامعة ان لا تدع أي مناسبة ذات طابع بيئي ان تمر دون الإحتفال بها من خلال المحاضرات والندوات وتوزيع النشرات وعرض الملصقات والأفلام، وغير ذلك. ولعل من ابرز هذه المناسبات: يوم الشجرة (15 كانون الثاني) ويوم الماء العالمي ( 22 اَذار) واليوم العالمي للإمتناع عن التدخين( 31 اَيار) ويوم البيئة العالمي ( 5 حزيران) واليوم العالمي لمكافحة المخدرات( 23 حزيران) ويوم الأوزون العالمي ( 16 أيلول) ويم البيئة العربي ( 14 تشرين أول) ويوم الغذاء العالمي) 16 تشرين أول) ويوم الفقر العالمي ( 17 تشرين أول).
على ان ما ينبغي التنويه له في هذا المجال إن كثيراً من الجامعات قد إستحدثت دوائر مستقلة لتكون نافذتها التي تطل منها على المجتمع المحلي وذراعها التنفيذي لخدمة هذا المجتمع.وقد جاءت مثل هذه الدوائر- الوحدات تحت مسميات عديدة: دائرة التعليم المستمر،وخدمة المجتمع، ووحدة خدمة المجتمع، ووحدة الإستشارات والدراسات، ووحدة العلاقات الخارجية، وما الى ذلك.وقد توجت بعض الجامعات إهتمامها بهذه الوظيفة ( وظيفة الخدمة العامة للمجتمع) بإستحداث مركز قيادي عالي للإشراف على نشاطات الجامعة في هذا المجال، وهو مركز نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، كما هو الحال في جامعة حلوان بجمهورية مصر العربية[ ].
الفصل التاسع
التعليم البيئي