الجلاّسة والأعمى
بكت الجلاّسةُ في حجر الأعمى
ومضى السرّاقُ إلى الليلِ
رتّل ذو الشَعْرِ الأشيبِ في ولّهٍ:
يا ويلَ الناسِ من الناسِ
في ليلٍ دامي الأنفاسِ
قالَ المشدوهْ من السُكْرِ:
قدّسها يا قُدسَ الأقداسِ
وامنحْ اَلبابَ بنيها
دِعةُ العشّاقِ المبروكينَ
واحفظْ جوهرَها
وشِعابَ منازلها
ومدائنها
من شططِ القولِ
وهذا الوسواس الخَنّاس
يا ليلُ ...
لا ليل ينامُ على أشلاءِ الشرقِ
بدون الحرّاسْ
* * *
بصقَ الأعمى
في وجهِ الأعمى
ودنا المحزونُ من النارِ
عمّدها ...
يا كاتمَ كلَّ الأسرار
واقرأْ.. ما بين يديها في سِفْرِ الأسفارِ
"الطاهرُ
يضحكُ في الفصل الثاني
ويغنّي بجهير الصوتِ"
والجلاّسة تقعي في ركنِ البيتِ
وتردد:
ادْركني..
يا هذا الأعمى
واغثّني
الليلُ نيوبُ الأفعى
ودماي بريدُ الموتِ
وبكائي في الشرفةِ يرعى
... بصقَ الأعمى
في حجر الجلاّسةِ
واخضّر المرعى
* * *
يا ليلةَ أحلام الموؤدة والقدْرِ
هلْ من زمن يأتي إليَّ بماء العينِ
ولا أدري...
هل من دفقٍ يغسلُ سلسلةِ الأحزانِ
ويشعل خاتمة العمرِ؟
هل من زللٍ
هل من أملٍ
هل من شجنٍ ينأى بنجاتي
وشتاتي.؟
هل ......؟
............؟؟
ضحكَ الأعمى في حِجرِ الأعمى
وبكى الليل
يا ويل الناس من الناسِ
في ليلٍ دامي الأنفاسِ
يا ليلُ...
لا ليل ينام على أشلاء الشرق
بدون الحّراسِ
**
إشارة:
القصيدة قراءة مختلفة لرواية الطاهر بن جلّون "ليلة القدر" :confused: