غزوة قرقرة الكدر
قال ابن سعد : و يقال قرقرة الكدر ، للنصف من المحرم ، على رأس ثلاثة و عشرين شهراً من مهاجره ، و هي بناحية معدن بني سليم ، قريب من الأرحضية ، وراء سد معونة ، و بين المعدن و بين المدينة ثمانية برد . و كان الذي حمل لواء رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب ، و استخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، و كان بلغه أن بهذا الموضع جمعاً من بني سليم و غطفان ، فسار إليهم ، فلم يجد في المحال أحداً ، و أرسل نفراً من أصحابه في أعلى الوادي ، و اسقبلهم رسول الله صلى الله عليه و سلم في بطن الوادي ، فوجد رعاء ، منهم غلام يقال له يسار ، فسأله عن الناس ، فقال : لا علم لي بها ، إنما أورد لخمس و هذا يوم ربعي ، و الناس قد ارتفعوا في المياه و نحن عزاب في النعم ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد ظفر بالنعم ، فانحدر به إلى المدينة ، و اقتسموا غنائمهم بصرار على ثلاثة أميال من المدينة ، و كانت النعم خمسمائة بعير ، فأخرج خمسه ، و قسم أربعة أخماسه على المسلمين ، فأصاب كل رجل منهم بعيران ، و كانوا مائتي رجل ، و صار يسار في سهم النبي صلى الله عليه و سلم فأعتقه ، و ذلك أنه رآه يصلي . و غاب رسول الله صلى الله عليه و سلم خمس عشرة ليلة .
و القرقرة : أرض ملساء ، و الكدر : طير في ألوانه كدرة ، عرف بها ذلك الموضع .
و قد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر مسيره مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في تلك الغزوة .