إننا نعلم جميعا أنه قبل أن يقوم ابقراط وأفلاطون بملاحظة السلوك البشري فإن الله سبحانه وتعالى قد علم الإنسان ووضع له معايير السلوك البشري .
أن هذه التعاليم والمعايير أرسلت مرارا وتكرار للجنس البشري عن طريق الأنبياء والرسل ومنهم سيدنا إبراهيم وموسى وعيسي عليهم السلام .
وأخيرا اكتملت على يد سيدنا محمد .
من غير المعقول أن ننسى ونترك تعليمات الخالق وإرشاداته ثم ندعي وضعنا نظرية الشخصية الكاملة بصورة موضوعية وشاملة .
إن علماء النفس والباحثين الغربيين قد أكدوا مرارا الأهمية البالغة لعملية الحوافز كأساس لفهم السلوك البشري أن هذا المفهوم للحافز يقوم فقط على الحالة المادية والحاجات الغريزية للإنسان فقط إن مثل هذه النظريات لا تضع فى الاعتبار وجود الإنسان في الكون والعوامل المتداخلة فيه .
إن أساس وهيكل الحوافز كله يتغير تماما عندما يسلم الإنسان المسلم أمره لإرادة الله عز وجل ، فبعد أن يستجيب الإنسان لكلمة الحق تتغير كل آماله وتوقعاته فى الحياة وهنا تصير كل حركاته وسكناته بهدي من الله وفي سبيل مرضاته ، وبالتالي فإن عملية الحوافز تتطور تلقائيا بعد أن يؤمن الإنسان بالحياة الآخرة ويوم الحساب .
هذه هي أسس وقواعد نظرية الحوافز في الإسلام وهى تشكل الإطار الأساسي الذي يعتمد عليه تكوين الشخصية وتحدد الخطوط التي ترسم السلوك البشري وهذا الاعتبار الهام لا بد أن يكون افتراضا أساسيا عند وضع نظريات الشخصية فى علم النفس الإسلامي .
وعندما يصبح الأيمان والدين طريقة الفرد أو الجماعة فان جميع نظريات ديناميكية الجماعة تتغير لقد تجاهلوا هذا العامل المؤثر الهام أو على الأقل يأخذه علم النفس الغربي فى الاعتبار .
أن القرآن الكريم يزودنا بدستور كامل للأخلاق وللسلوك البشري والقوانين المتعلقة به ، أن ملاحظات القرآن ما هي إلا مرشد للإنسان فى مختلف مراحل عمره كذلك فى فروع السلوك البشري بما يتضمن من علم النفس الإكلينكي والصحة النفسية والعضوية كذلك في الحياة الاجتماعية على الأرض كذلك هي بحث في الكون وما تحت الأرض حتى نصل الى المعرفة الإلهية عن طريق فهم العالم وطبيعته وخصائص الله سبحانه وتعالى .
ومن وجهة النظر الإسلامية يمكن تقييم الإنسان عن طريق علاقته بالله والكون كله .
إن ما يقوم به علماء النفس الإكلينيكي أو التجريبي أو غيرهم من علماء الغرب يمكن الاستفادة منه استفادة كبيرة كجزء من دراسة اشمل للإنسان من وجهة نظر الإسلام .
أن الاختبارات النفسية الموضوعة فى الحضارة الغربية إذا طبقت فى بيئة وثقافة مختلفة فإنها تظهر التمييزات العنصرية والثقافية والدينية أكثر من إظهارها للمميزات والخصائص الشخصية لمن يجري عليه الاختبارات .
لذلك فانه قبل وضع أي اختبارات جديدة أو إدخال أي تعديلات لابد من معرفة مدى صلاحية الاختبارات المتاحة الآن وكيف وأين يجب تغييرها ؟
للإجابة على هذا السؤال قام كاتب هذا البحث بدراسة استطلاعية عام 1973 فى هذا الاتجاه على أمل تطوير وسائل التشخيص النفسي وأساليب للعلاج ونظريات خاصة بهذا الموضوع تناسب المجتمع المسلم والثقافة الاسلامية .
لقد ناقشنا حتى الآن الحاجة لتطوير علم نفس إسلامي والحاجة لموضوع نظرية إسلامية للشخصية ولفهم السلوك البشري فى ضوء القرآن الكريم والحديث .
هناك أيضا موضوع غاية من الأهمية وهو المعيار الخاص بسوية السلوك البشري أن ما بين أيدينا الآن من تعاريف للسلوك البشري السوي يزيدنا حيرة ويتركنا فى متاهات أكثر ظلمة .
والسؤال الآن : كيف نطبق نظريات ومعايير الشخصية السوية التى وضعت فى ثقافة غير إسلامية على الثقافة الإسلامية نحن لا نشير هنا إلى ما يسمى بالبلاد الإسلامية إلى الثقافة الإسلامية كما جاءت في القرآن والسنة .
فى النهاية يمكننا أن نقول أن من واجب عالم النفس المسلم ان يدمج المعلومات ويصوغ من خلال الإطار الذى وضعه الله سبحانه وتعالى .
أن تكوين مثل هذه المعرفة المتناسقة ثم تطبيقها فى مختلف مجالات الحياة ستؤدي بنا الى مجتمع خال من الصراعات وبهذا يكون علم النفس الإسلامي فى نفسه نوعا من الاجتهاد .
لقد حان الوقت الذي يجب فيه على عالم النفس المسلم الذي تلقي علومه وتدريبه فى مدارس الغرب الاستفادة من تعاليم الإسلام وعلومه وفهمه للدين الإسلامي من القرآن الكريم والحديث فى إثراء وتطوير علم النفس ، لو تمكنوا من تحقيق هذه الغاية فانهم يحققون إرادة الله عز وجل فى وضع الإنسانية على الطريق القويم والصراط المستقيم ، ومواجهة التحديات المائلة أمام الإسلام فى القرن العشرين .
لقد جاء الوقت الذي يتعين فيه على المسلمين العاملين فى العلوم الاجتماعية عامة وعلماء النفس المسلمين خاصة أن يتقدموا مستعينين بمواردهم وعملهم للعمل من أجل تحقيق الغايات آلاتية :
1 تقييم الحاجة لتطوير علم النفس الإسلامي .
2 وضع معايير ( السوية ) للسلوك البشري كما جاءت في الإسلام .
3 إدخال نظرية إسلامية للشخصية تقوم على ما جاء فى القرآن والحديث .
وضع اختبارات نفسية خاصة بنا لاستخدامها في العيادات والمجالات التربوية والصناعية في الدول والمجتمعات الإسلامية في مختلف أرجاء العالم .
واختتم هذا البحث بأن أوصى بتكوين لجنة خاصة بعلم النفس الإسلامي وان أدعو علماء العلوم الاجتماعية من المسلمين للعمل في هذا الموضوع الهام