منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - بحث((( موسوعة سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 109  ]
قديم 04-26-2006, 02:27 PM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
صلح الحديبية :
وفيها كانت وقعة الحديبية ، وعدة الصحابة إذ ذاك ألف وأربعمائة ، وهم أهل الشجرة ، وأهل بيعة الرضوان .
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم معتمراً، لا يريد قتالاً. فلما كانوا بذي الحليفة، قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي، وأشعره ، وأحرم بالعمرة وبعث عيناً له من خزاعة يخبره عن قريش ، حتى إذا كان قريباً من عسفان أتاه عينه ، قال : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا جموعاً ، وهم مقاتلوك ، وصادوك عن البيت .
حتى إذا كان ببعض الطريق ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن خالد بن الوليد بالغميم ، فخذوا ذات اليمين .
فما شعر بهم خالد ، حتى إذا هو بغبرة الجيش ، فانطلق يركض نذيراً .
وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان في ثنية المرار ، التي يهبط عليهم منها بركت راحلته ، فقال الناس : حل ، حل ، فقالوا : خلأت القصواء، فقال : ما خلأت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده ! لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، ثم زجرها فوثبت به ، فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية ، على ثمد قليل الماء . فلم يلبث الناس أن نزحوه ، فشكوا إليه . فانتزع سهماً من كنانته ، وأمرهم أن يجعلوه فيه ، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه .
وفزعت قريش لنزوله ، فأحب أن يبعث إليهم رجلاً ، فدعا عمر ، فقال : يا رسول الله ! ليس لي بمكة أحد من بني عدي بن كعب يغضب لي إن أوذيت ، فأرسل عثمان ، فإن عشيرته بها ، وإنه يبلغ ما أردت . فدعاه فأرسله إلى قريش ، وقال : أخبرهم : أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عماراً ، وادعهم إلى الإسلام ، وأمره أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات ، فيبشرهم بالفتح ، وأن الله عز وجل مظهر دينه بمكة ، حتى لا يستخفى فيها بالإيمان .
فانطلق عثمان ، فمر على قريش ، فقالوا : إلى أين ؟ فقال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ، ويخبركم : أنه لم يأت لقتال ، وإنما جئنا عماراً . قالوا : قد سمعنا ما تقول ، فانفذ إلى حاجتك .
وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص ، فرحب به ، وحمله على الفرس وأردفه أبان حتى جاء مكة .
وقال المسلمون ، قبل أن يرجع : خلص عثمان من بيننا إلى البيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون، قالوا : وما يمنعه يا رسول الله ، وقد خلص ؟ قال : ذلك ظني به : أن لا يطوف بالكعبة حتى نطوف معه .
واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح ، فرمى رجل من أحد الفريقين رجلاً من الفريق الآخر ، فكانت معاركة . وتراموا بالنبل والحجارة ، وصاح الفريقان وارتهن كل منهما من فيهم .
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل ، فدعا إلى البيعه ، فتبادروا إليه ، وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفروا ، فأخذ بيد نفسه ، وقال : هذه عن عثمان .
ولما تمت البيعة رجع عثمان ، فقالوا له : اشتفيت من الطواف بالبيت ، فقال : بئسما ظننتم بي ، والذي نفسي بيده لو مكث بها سنة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف، ولقد دعتني قريش إلى الطواف فأبيت. فقال المسلمون: رسول الله أعلم بالله ، وأحسننا ظناً .
وكان عمر أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة ، وهو تحت الشجرة ، فبايعه المسلمون كلهم ، لم يتخلف إلا الجد بن قيس .
وكان معقل بن يسار آخذ بغصنها يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكان أول من بايعه : أبو سنان وهب بن محصن الأسدي .
وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات : في أول الناس ، ووسطهم وآخرهم .
فبينا هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة -وكانوا عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة - فقال : إني تركت كعب بن لؤي ، وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية ، معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك ، وصادوك عن البيت . فقال : إنا لم نجىء لقتال أحد، وإنما جئنا معتمرين . وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب ، وأضرت بهم . فإن شاؤوا ماددتهم ، ويخلوا بيني وبين الناس . فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن أبوا إلا القتال ، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره . قال بديل : سأبلغهم ما تقول . فانطلق حتى أتى قريشاً، فقال : إني قد جئتكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول قولاً ، فإن شئتم عرضته عليكم . فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشئ . وقال ذوو الرأي منهم : هات ما سمعته يقول . قال : سمعته يقول : كذا وكذا .
فقال عروة بن مسعود : إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها ودعوني آته . فقالوا : ائته . فأتاه ، فجعل يكلمه . فقال له نحواً من قوله لبديل . فقال عروة : أي محمد! أرأيت لو استأصلت قومك ، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى ، فوالله إني لأرى أوشاباً من الناس ، خليقاً أن يفروا ويدعوك . فقال أبو بكر : امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ قال عروة : من ذا يا محمد !؟ قال : أبو بكر .
قال : أما والذي نفسي بيده ، لولا يد كانت لك عندي -لم أجزك بها- لأجبتك . وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ويرمق
أصحابه . فوالله ما انتخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم . فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمر ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم ، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له . فرجع عروة إلى أصحابه ، فقال : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك -كسرى ، وقيصر والنجاشي- والله إن رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً . والله ما انتخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده . ثم أخبرهم بجميع ما تقدم، ثم قال : وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها .
فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته ، فقالوا: ائته . فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا فلان ، وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها له، ففعلوا . واستقبله القوم يلبون ، فلما رأى ذلك، قال : سبحان الله ! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت ، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم .
فبينا هم كذلك إذ جاء سهيل بن عمرو ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد سهل لكم من أمركم ، فقال : هات اكتب بيننا وبينك كتاباً ، فدعا الكاتب -وهو علي بن أبي طالب- فقال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل : أما الرحمن ، فما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب : باسمك اللهم كما كنت تكتب . فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال صلى الله عليه وسلم : اكتب : باسمك اللهم ، ثم قال : اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل : والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال : إني رسول الله ، وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ، فقال سهيل : والله لا تحدث العرب أننا أخذنا ضغطة ، ولكن ذاك من العام المقبل ، فكتب . فقال سهيل : وعلى أن لا يأتيك رجل منا ، وإن كان على دينك ، إلا رددته إلينا، فقال المسلمون : سبحان الله ! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً ؟ .
فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل ، وقد خرج من أسفل مكة يرسف في قيوده ، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل : هذا يا محمد! أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد، فقال : إذاً والله لا أصالحك على شئ أبداً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فأجزه لي، قال : ما أنا بمجيزه لك . قال : بلى، فافعل، قال : ما أنا بفاعل . قال أبو جندل : يا معشر المسلمين ! كيف أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما لقيت ؟ -وكان قد عذب في الله عذاباً شديداً- قال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ! ألست نبي الله ؟ قال : بلى، قلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى . قلت : علام نعطى الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا ؟ فقال : إني رسول الله ، وهو ناصري ، ولست أعصيه . قلت : ألست كنت تحدثنا : أنا نأتي البيت ، ونطوف به . قال : بلى ، أفاخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا، قال : فإنك آتيه ومطوف به . قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت له مثلما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد علي كما رد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء ، وزاد : فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق، فعملت لذلك أعمالاً .
فلما فرغ من قضية الكتاب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فانحروا، ثم احلقوا، قال : فوالله ما قام منهم رجل ، حتى قالها ثلاث مرات . فلما لم يقم منهم أحد ، قام ولم يكلم أحداً منهم حتى نحر بدنه ودعا حالقه . فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً. ثم جاء نسوة مؤمنات ، فأنزل الله : " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن " حتى بلغ : " بعصم الكوافر "، فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك. وفي مرجعه صلى الله عليه وسلم : أنزل الله سورة الفتح : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " الآية ، فقال عمر : أو فتح هو يا رسول الله ؟ قال : نعم ، قال الصحابة : هذا لك يا رسول الله ، فما لنا ؟ فأنزل الله : " هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم " الآيتين إلى قوله : " فوزا عظيما " . ولما رجع إلى المدينة جاءه أبو بصير -رجل من قريش- مسلماً ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، وقالوا : العهد الذي بيننا وبينك ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به ، حتى بلغا ذا الحليفة . فنزلوا يأكلون من تمر لهم . فقال أبو بصير لأحدهما: إني أرى سيفك هذا جيداً. فقال: أجل ، والله إنه لجيد ، لقد جربت به ثم جربت ، فقال : أرني أنظر إليه ، فأمكنه به ، فضربه حتى برد ، وفر الآخر ، حتى بلغ المدينة ، فدخل المسجد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأى هذا ذعراً، فلما انتهى إليه ، قال : قتل والله صاحبي، وإني لمقتول . فجاء أبو بصير ، فقال : يا نبي الله ! قد أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : ويل أمه مسعر حرب ، لو كان له أحد . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر، وتفلت منهم أبو جندل ، فلحق بأبي بصير ، فلا يخرج من قريش رجل -قد أسلم- إلا لحق به ، حتى اجتمعت منهم عصابة . فوالله ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها ، فقاتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه منهم فهو آمن