منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - بحث((( موسوعة سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 108  ]
قديم 04-26-2006, 02:25 PM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
غزوة الأحزاب :
وفي هذه السنة -وهي سنة خمس- كانت وقعة الخندق في شوال .
وسببها : أن اليهود لما رأوا انتصار المشركين يوم أحد ، خرج أشرافهم -كسلام بن أبي الحقيق- وغيره إلى قريش بمكة ، يحرضوهم على غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووعدهم من أنفسهم النصر لهم ، فأجابتهم قريش . ثم خرجوا إلى غطفان، فاستجابوا لهم ، ثم طافوا في قبائل العرب يدعونهم إلى ذلك ، فاستجاب لهم من استجاب .
فخرجت قريش -وقائدهم أبو سفيان- في أربعة آلاف ، ووافقهم بنو سليم بمر الظهران ، وبنو أسد ، وفزارة ، وأشجع وغيرهم . وكان من وافى الخندق من المشركين : عشرة آلاف .
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه : استشار أصحابه ، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق يحول بين العدو وبين المدينة ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبادر إليه المسلمون . وعمل فيه بنفسه ، وكان في حفره من آيات نبوته ما قد تواتر الخبر به .
وخرج صلى الله عليه وسلم وهم يحفرون في غداة باردة ، فلما رأى ما بهم من الشدة والجوع ، قال :
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبين له :
نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين ، فتحصن بالجبل من خلفه -جبل سلع- وبالخندق أمامه ، وأمر بالنساء والذراري ، فجعلوا في آطام المدينة [واستخلف عليها ابن أم مكتوم] .
وانطلق حيي بن أخطب إلى بني قريظة ، فدنا من حصنهم ، فأبى كعب بن أسد أن يفتح له ، فلم يزل يكتمه حتى فتح له . فلما دخل الحصن ، قال : جئتك بعز الدهر ، جئتك بقريش وغطفان وأسد ، على قاداتها لحرب محمد . قال كعب : بل جئتني والله بذل الدهر ، وجئتني بجهام قد أراق ماءه ، فهو يرعد ويبرق ، وليس فيه شئ . فلم يزل به حتى نقض العهد الذي بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل مع المشركين . وسر بذلك المشركون ، وشرط كعب على حيي : أنهم إن لم يظفروا بمحمد ، أن يجيء حتى يدخل معهم في حصنهم ، فيصيبه ما يصيبهم فشرط ذلك ووفى له .
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، فبعث إليهم السعدين -سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة- وخوات بن جبير ، وعبد الله بن رواحة ، ليتعرفوا الخبر .
فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون ، وجاهروهم بالسب ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فانصرفوا ولحنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحناً ، فعظم ذلك على المسلمين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، أبشروا ، يا معشر المسلمين .
واشتد البلاء، ونجم النفاق ، واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى المدينة ، وقالوا : " إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا " .
وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً ، ولم يكن بينهم قتال ، لأجل الخندق ، إلا أن فوارس من قريش -منهم عمرو بن عبد ود- أقبلوا نحو الخندق . فلما وقفوا عليه قالوا : إن هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها ، ثم تيمموا مكاناً ضيقاً منه ، وجالت بهم خيلهم في السبخة ، ودعوا إلى البراز ، فانتدب لعمرو : علي بن أبي طالب ، فبارزه فقتله الله على يدي علي . وكان من أبطال المشركين ، وانهزم أصحابه .
ولما طالت هذه الحال على المسلمين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح عيينة بن حصن ، والحارث بن عوف -رئيسي غطفان- على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما ، وجرت المفاوضة على ذلك . واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين ، فقالا: إن كان الله أمرك ، فسمعاً وطاعة . وإن كان شيئاً تصنعه لنا، فلا. لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك، وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة ، إلا قرى أو بيعاً . أفحين أكرمنا الله بالإسلام ، وأعزنا بك ، نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف . فصوب رأيهما ، وقال : إنما هو شئ أصنعه لكم ، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة .
ثم إن الله عز وجل -وله الحمد- صنع أمراً من عنده خذل به العدو. فمن ذلك . أن رجلاً من غطفان -يقال له : نعيم بن مسعود- جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : قد أسلمت ، فمرني بما شئت . فقال : إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة .
فذهب إلى بني قريظة -وكان عشيراً لهم- فدخل عليهم ، ولا هم يعلمون بإسلامه ، فقال : إنكم قد حاربتم محمداً ، وإن قريشاً إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا انشمروا [إلى بلادهم راجعين ، وتركوكم ومحمداً، فانتقم منكم] ، قالوا : فما العمل ؟ قال : لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن . فقالوا : قد أشرت بالرأي . ثم مضى إلى قريش فقال : هل تعلمون ودي لكم ونصحي ؟ قالوا : نعم، قال : إن اليهود قد ندموا على ما كان منهم ، وإنهم قد أرسلوا إلى محمد أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثم يمالئونه عليكم ، فإن سألوكم فلا تعطوهم ، ثم ذهب إلى غطفان ، فقال لهم مثل ذلك .
فلما كانت ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود : إنا لسنا معكم بأرض مقام ، وقد هلك الكراع والخف . فأغدوا بنا إلى محمد حتى نناجزه . فأرسلوا إليهم : إن اليوم يوم السبت ، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه . ومع هذا فلا نقاتل معكم حتى تبعثوا لنا رهائن . فلما جاءتهم رسلهم قالوا : قد صدقكم والله نعيم ، فبعثوا إليهم . إنا والله لا نبعث إليكم أحداً . فقالت قريظة : قد صدقكم والله نعيم ، فتخاذل الفريقان .
وأرسل الله على المشركين جنداً من الريح ، فجعلت تقوض خيامهم ، ولا تدع لهم قدراً إلا كفأتها ، ولا طنباً إلا قلعته ، وجنداً من الملائكة يزلزلون بهم ، ويلقون في قلوبهم الرعب ، كما قال الله : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها " .
وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم حذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم ، فوجدهم على هذه الحال ، وقد تهيئوا للرحيل ، فرجع إليه ، فأخبره برحيلهم .
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق ، راجعاً والمسلمون إلى المدينة ، فوضعوا السلاح . فجاءه جبريل ، وقت الظهر ، فقال : أقد وضعتم السلاح ؟ إن الملائكة لم تضع بعد أسلحتها ، انهض إلى هؤلاء -يعني بني قريظة- فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة .
فخرج المسلمون سراعاً ، حتى إذا دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ، قال : يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته .
وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين ليلة ، حتى جهدهم الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فقال لهم رئيسهم كعب بن أسد : إني عارض عليكم خلالاً ثلاثاً ، خذوا أيها شئتم : نصدق هذا الرجل ونتبعه ، فإنكم تعلمون : أنه للنبي الذي تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة . قالوا : لا نفارق حكم التوراة أبداً . قالوا : فاقتلوا أبناءكم ونساءكم واخرجوا إليه مصلتي سيوفكم حتى يحكم الله بينكم وبينه . قالوا : فما ضر العيش بعد أبنائنا ونسائنا ؟ قال : فانزلوا الليلة، فعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوكم فيها لأنها ليلة السبت -لعلنا نصيب منهم غرة ، قالوا : لا نفسد سبتنا ، وقد علمت ما أصاب من اعتدوا في السبت . قال : ما بات رجل منكم -منذ ولدته أمه ليلة من الدهر حازماً . ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فحكم فيهم سعد بن معاذ فحكم : أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى النساء والذراري .
وأنزل الله في غزوة الخندق صدر سورة الأحزاب ، وذكر قصتهم في قوله : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم " إلى قوله: " وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم " .
ثم دخلت السنة السادسة .