قصيدته التي غناها عبدالحليم حافظ " قارئة الفنجان "
جلست .. والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت : يا ولدي لا تحزن
فالحب عليك هوا المكتوب
ياولدي .. قد مات شهيداً
من مات على دين المحبوب
فنجانك .. دنيا مرعبه
وحياتك أسفار وحروب
ستحب كثيرا وكثيرا
وتموت كثيرا وكثيرا
وستعشق كل نساء الأرض
وترجع كالملك المغلوب
بحياتك .. يا ولدي .. امراءة
عيناها .. سبحان المعبود
فمها .. مرسوم كالعنقود
ضحكتها .. موسيقي وورود
لكن سماءك ممطرة
وطريقك مسدود
مسدود
فحبيبه قلبك .. ياولدي
نائمة في قصر مرصود
والقصر كبيراً يا ولدي
وكلاب تحرسه وجنود
وأميرة قلبك نائمة
من يدخل حجرتها مفقود
من يدنو
من سور حديقتها
مفقود
من حاول فك ضفائرها
يا ولدي
مفقود
مفقود
مفقود
بصرت
ونجمت كثيراً
لكني .. لم اقرأ أبدا
فنجانا يشبه فنجانك
لم اعرف أبداً يا ولدي
أحزاناً
تشبه أحزانك
مقدورك أن تمشي أبدا
في الحب .. على حد الخنجر
وتظل وحيداً كالأصداف
وتظل حزيناً كالصفصاف
مقدورك أن تمضي ابداً
في بحر الحب بغير قلوع
وتحب ملايين المرات
وترجع كالملك المخلوع
جلست .. والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت : ياولدي لا تحزن
فالحب عليك هوا المكتوب
يا ولدي .. قد مات شهيداً
من مات على دين المحبوب
-----------------------------------------------------------
إختاري " نزار قباني "
إني خيَّرتُكِ فاختاري
ما بينَ الموتِ على صدري..
أو فوقَ دفاترِ أشعاري..
إختاري الحبَّ.. أو اللاحبَّ
فجُبنٌ ألا تختاري..
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنارِ..
إرمي أوراقكِ كاملةً..
وسأرضى عن أيِّ قرارِ..
قولي. إنفعلي. إنفجري
لا تقفي مثلَ المسمارِ..
لا يمكنُ أن أبقى أبداً
كالقشّةِ تحتَ الأمطارِ
إختاري قدراً بين اثنينِ
وما أعنفَها أقداري..
مُرهقةٌ أنتِ.. وخائفةٌ
وطويلٌ جداً.. مشواري
غوصي في البحرِ.. أو ابتعدي
لا بحرٌ من غيرِ دوارِ..
الحبُّ مواجهةٌ كبرى
إبحارٌ ضدَّ التيارِ
صَلبٌ.. وعذابٌ.. ودموعٌ
ورحيلٌ بينَ الأقمارِ..
يقتُلني جبنُكِ يا امرأةً
تتسلى من خلفِ ستارِ..
إني لا أؤمنُ في حبٍّ..
لا يحملُ نزقَ الثوارِ..
لا يكسرُ كلَّ الأسوارِ
لا يضربُ مثلَ الإعصارِ..
آهٍ.. لو حبُّكِ يبلعُني
يقلعُني.. مثلَ الإعصارِ..
إنّي خيرتك.. فاختاري
ما بينَ الموتِ على صدري
أو فوقَ دفاترِ أشعاري
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنّارِ
------------------------------------------------------------------------------
---((لماذا /نزار قباني))---
لماذا تخليت عني ؟
إذا كنت تعلم أني ..
أحبك أكثر مني
لماذا ؟
لماذا بعينيك هذا الوجوم
و أمس ، بحضن الكروم
فرطت ألوف النجوم
بدربي ..
وأخبرتني أن حبي يدوم ..
لماذا ؟
* * *
لماذا تغرر قلبي الصبي
لماذا كذبت علي
وقلت تعود إلي
مع الأخضر الطالع
مع الموسم الراجع
مع الحقل الزارع
لماذا ؟
لماذا منحت لقلبي الهواء
فلما أضاء
بحب كعرض السماء ذهبت بركب المساء
ذهبت بركب المساء
وخلفت هذه الصديقة
هنا .. عند الحديقة..
-------------------------------------------------------------------------------
خبز وحشيش وقمر
" نزار قباني "
عندما يولدُ في الشرق القمرْ..
فالسطوحُ البيضُ تغفو
تحت أكداس الزَهَرْ..
يترك الناسُ الحوانيت و يمضون زُمَرْ
لملاقاةِ القَمَرْ..
يحملون الخبزَ.. و الحاكي..إلى رأس الجبالْ
و معدات الخدَرْ..
و يبيعونَ..و يشرونَ..خيالْ
و صُوَرْ..
و يموتونَ إذا عاش القمر..
***
ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ؟
ببلادي..
ببلاد الأنبياءْ..
و بلاد البسطاءْ..
ماضغي التبغ و تجَّار الخدَرْ..
ما الذي يفعله فينا القمرْ؟
فنضيع الكبرياء..
و نعيش لنستجدي السماءْ..
ما الذي عند السماءْ؟
لكسالى..ضعفاءْ..
يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمرْ..
و يهزّون قبور الأولياءْ..
علَّها ترزقهم رزّاً.. و أطفالاً..قبورُ الأولياءْ
و يمدّون السجاجيدَ الأنيقات الطُرَرْ..
يتسلون بأفيونٍ نسميه قَدَرْ..
و قضاءْ..
في بلادي.. في بلاد البسطاءْ..
***
أي ضعفً و انحلالْ..
يتولاّنا إذا الضوء تدفقْ
فالسجاجيدُ.. و آلاف السلالْ..
و قداحُ الشاي .. و الأطفالُ..تحتلُّ التلالْ
في بلادي
حيث يبكي الساذجونْ
و يعيشونَ على الضوء الذي لا يبصرونْ..
في بلادي
حيث يحيا الناسُ من دونِ عيونْ..
حيث يبكي الساذجونْ..
و يصلونَ..
و يزنونَ..
و يحيونَ اتكالْ..
منذ أن كانوا يعيشونَ اتكالْ..
و ينادون الهلال:
" يا هلالْ..
أيُّها النبع الذي يُمطر ماسْ..
و حشيشياً..و نعاسْ..
أيها الرب الرخاميُّ المعلقْ
أيها الشيءُ الذي ليس يصدَّق"..
دمتَ للشرق..لنا
عنقود ماسْ
للملايين التي عطَّلت فيها الحواسْ
***
في ليالي الشرق لمَّا..
يبلغُ البدرُ تمامُهْ..
يتعرَّى الشرقُ من كلَِ كرامَهْ
و نضالِ..
فالملايينُ التي تركض من غير نعالِ..
و التي تؤمن في أربع زوجاتٍ..
و في يوم القيامَهْ..
الملايين التي لا تلتقي بالخبزِ..
إلا في الخيالِ..
و التي تسكن في الليل بيوتاً من سُعالِ..
أبداً.. ما عرفت شكلَ الدواءْ..
تتردَّى جُثثاً تحت الضياءْ..
في بلادي.. حيث يبكي الأغبياءْ..
و يموتون بكاءْ..
كلَّما حرَّكهمْ عُودٌ ذليلٌ..و "ليالي"
ذلك الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..
"ليالي"..و غناءْ
في بلادي..
في بلاد البسطاءْ..
حيث نجترُّ التواشيح الطويلةْ..
ذلكَ السثلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..
التواشيح الطويلة..
شرقنا المجترُّ..تاريخاً
و أحلاماً كسولةْ..
و خرافاتٍ خوالي..
شرقُنا, الباحثُ عن كلِّ بطولةْ..
في أبي زيد الهلالي
---------------------------------------------------------------
وهذه قصيدة لنزار قباني بعنوان ممنوعة أنت
غنى منها كاظم الساهر ...
ممنوعة أنت من الدخول يا حبيبتي عليه
ممنوعة أن تلمسي الشر اشف البيضاء أو أصابعي الثلجيه
ممنوعة أن تجلسي ..أو تهمسي ..أو تتركي يديك في يديه
ممنوعة أن تحملي من بيتنا في الشام ..
سرباً من الحمام
أو فلة ..أو وردةً جوريه
ممنوعة أن تحملي لي دمية أحضنها ..
أو تقرأي لي قصة الأقزام والأميرة الحسناء والجنيه ..
ففي جناح مرضى القلب يا حبيبتي ..
يصادرون الحب والأشواق والرسائل السريه ..
لا تشهقي ..إذا قرأت الخبر المثير في الجرائد اليوميه
قد يشعر الحصان بالإرهاق يا حبيبتي
حين يدق الحافر الأول في دمشق
والحافر الآخر في المجموعة الشمسيه
تماسكي ..في هذه الساعات يا حبيبتي
فعندما يقرر الشاعر أن يثقب بالحروف ..
جلد الكرة الأرضيه ..
وأن يكون قلبه تفاحةً
يقضمها الأطفال في الأزقة الشعبيه ..
وعندما يحاول الشاعر أن يجعل من أشعاره
أرغفةً ..يأكلها الجياع للخبز وللحريه
فلن يكون الموت أمراً طارئاً ..
لأن من يكتب يا حبيبتي ..
يحمل في أوراقه ذبحته القلبيه ..
أرجوك أن تبتسمي .. أرجوك أن تبتسمي ..
يا نخلة العراق ، يا عصفورة الرصافة الليليه
فذبحة الشاعر ليست أبداً قضية شخصيه
أليس يكفي أنني تركت للأطفال بعدي لغةً
وأنني تركت للعشاق أبجديه ..
أغطيتي بيضاء..
والوقت ،والساعات ، والأيام كلها بيضاء
وأوجه الممرضات حولي كتب أوراقها بيضاء
فهل من الممكن يا حبيبتي؟
أن تضعي شيئاً من الأحمر فوق الشفة الملساء
فمنذ شهرٍ وأنا ..أحلم كالأطفال أن تزورني
فراشة كبيرة حمراء..
أطلب أقلاماً فلا يعطونني أقلام..
أطلب أيامي التي ليس لها أيام
أسألهم برشامةً تدخلني في عالم الأحلام
حتى حبوب النوم قد تعودت مثلي على الصحو ..فلا تنام..
إن جئتني زائرةً..
فحاولي أن تلبسي العقود ،والخواتم الغريبة الأحجار
وحاولي أن تلبسي الغابات والأشجار..
وحاولي أن تلبسي قبّعةً مفرحةً كمعرض الأزهار
فإنني سئمت من دوائر الكلسِ ..ومن دوائر الحوّار..
ما يفعل المشتاق يا حبيبتي في هذه الزنزانة الفرديّه
وبيننا الأبواب ،والحرّاس ،والأوامر العرفيه..
وبيننا أكثر من ألف سنةٍ ضوئيه..
ما يفعله المشتاق للحبّ ،وللعزف على الأنامل العاجيّه
والقلب لا يزال في الإقامة الجبريّه..
لا تشعري بالذنب يا صغيرتي .. لاتشعري بالذنب..
فإنّ كل امرأةٍ أحببتها..
قد أورثتني ذبحةً في القلب.
وصيّة الطبيب لي :
أن لا أقول الشعر عاماً كاملاً..
ولا أرى عينيك عاماً كاملاً ..
ولا أرى تحوّلات البحر في العين البنفسجيّه
اللّه ..كم تضحكني الوصيّه ..