![]() |
أنثوية العلم : العلم من منظور الفلسفة النسوية..
أنثوية العلم : العلم من منظور الفلسفة النسوية
الفلسفة النسوية من أهم تيارات الفكر الغربي الراهن والفلسفة المعاصــــــــــرة. وظهرت فلسفة العلم النسوية كاتجاه واعد بالجديد في فلسفة العلوم، يرفـــــض اعتبار التفسير الذكوري هو التفسير الواحد والوحيد للعلم، فليس الرجل هـــــــو الإنسان، وليست الذكورية مرادفة للإنسانية، وليست المـــــــرأة جنساً آخــــــر أو نوعية أدنى من البشر. الذكورة والأنوثة هما الجانبان الجوهريان للوجود البشري، لكل منهمــــــــــــــــا خصائصه وسماته ودوره، وتتكامل جميعها في سائر جوانب الحضـــــــــــــــــــارة الإنسانية، وعلى رأسها أمضى الجوانب وأشدها فاعلية وحسماً، أي العلـــــــــــم. وحين نكشف النقاب عن حقيقة العلم والممارسة العلمية، العلم بوصفـــــــــــــــه كياناً تتكامل فيه سائر الخصائص الإنسانية الإيجابية، الذكورية والأنثويــــــة على السواء، وليس الذكورية فقط كما هو سائد الآن، سوف يغدو العلم أكثــــــــــر جاذبية وكفاءة، يؤدي إلى حصائل أكثر سخاء وتوازناً وأقل أضراراً جانبـيــــــــة- من قبيل تدمير البيئة وتصنيع أسلحة الدمار الشامل، واتخاذه أداة لقهـــــــــــــر الثقافات والشعوب الأخرى. لا تطرح هذه الفلسفة تفسيراً نسوياً مقابلاً، بل تعمل على اكتشاف الأنثويـــــــة كجانب جوهري للعلم، لا بد أن يقوم بدوره في صياغة قيم العلم وأهـــــــــدافه و مناهجه وشرائع ممارسة البحث العلمي. إنها نظرة تكاملية ترسي أسس فلسفــة للبيئة وأخلاقيات جديدة للعلم، تجعله أكثر إبداعية وإنتاجاً، وأكثر مواءمـــــة لتحقيق الأهداف المجمع عليها. إن الفلسفة النسوية بعامة قامت لترفض مركزية العقل الذكوري، أي التفســـــير الذكوري الواحد والوحيد المطروح للحضارة، وبالمثل ترفض فلسفة العلم النسوية التفسير الذكوري المطروح للعلم، وتحاول تقديم تفسير آخر يبرز دور الـــــــمرأة وقيمها الأنثوية. تعريف النسوية النسوية – بشكل عام – هي كل جهد نظري أو عملي يهدف إلى مراجعة واستجواب أو نقد أو تعديل النظام السائد في البنيات الاجتماعية، الذي يجعل الرجل هو المركز، هو الإنسان، والمرأة جنساً ثانياً أو آخر، في منزلة أدنى، فتُفْرَض عليها حدود وقيود، وتُمنع عنها إمكانات للنماء والعطاء، فقط لأنها امرأة. ومن ناحية أخرى تُبخس خبرات وسمات فقط لأنها أنثوية، لتبدو الحضارة في شتى مناحيها إنجازاً ذكورياً خالصاً، يؤكد ويوطد سلطة الرجل وتبعية أو هامشية المرأة. بدأت الحركة النسوية في الفكر الغربي في القرن التاسع عشر حتى صيغ مصطلح النسوية Feminism لأول مرة في العام 1895 ليعبر عن تيار ترفده اتجاهات عدة ويتشعب إلى فروع عدة. كانت الغاية النهائية للنسوية في موجتها الأولى هي نيل المرأة بعضاً من الحقوق العامة التي يتمتع بها الرجل، لذلك دأبت على تأكيد المساواة بين الجنسين، وأن الفوارق النوعية للمرأة هامشية لا تجعلها أقل، ولا تحول دون تلقيها العلم وممارستها العمل والحياة السياسية والتصرف في أموالها مثل الرجل. أي عملت على الاقتراب بالمرأة من النموذج الذكوري السائد كنموذج حضاري للإنسان، وسارت في مسار التحجيم والطمس للخصائص الأنثوية المميزة، وكان هذا هو السبيل الأوحد لفك إسار المرأة. ثم كانت الستينيات ليشهد الفكر الغربي الموجة الثانية من النسوية، أساساً في أميركا، ظلت مرتبطة بأصولها الاجتماعية والسياسية، لكن الخطورة في تلك الموجة الثانية الأميركية، التي تسمى بالنسوية الجديدة، أنها اكتسبت نضجاً فكرياً، فهدفت إلى البحث عن إطار نظري أعمق وأشمل من مجرد المطالبة بالمساواة مع الرجال وطبقاً للنموذج الذكوري السائد للإنسان/الرجل. فلا بد من إعادة اكتشاف النساء لأنفسهن كنساء. ثم صياغة نظرية عن هذه الهوية النسوية، أي الأنثوية، وتحولاتها الممكنة. وأمكن تحقيق هذا بفضل التطور المعرفي، وتنامي مناهج البحث، وجحافل النساء الأكاديميات القادرات على إخراج بحوث معمقة تعزز الأطروحة، فضلاً عن الرجال المنتصرين لها. استلهمت هذه الموجة الكتاب العمدة للفيلسوفة الوجودية الفرنسية سيمون دي بوفوار "الجنس الثاني1949" وإعلانه أن المرأة لا تولد امرأة بل تصبح امرأة، إشارة إلى الدور الكبير الذي يقوم به المجتمع في صياغة وضع الأنثى. إن بوفوار الأم الكبرى للفلسفات النسوية المعاصرة بأسرها. لكن النسوية الجديدة تختلف عن الفلسفة الوجودية في أنها لا تهتم بالخبرة الحية المعاشة للذات الفردية، بل بالتنظيرات الكبرى التي يتسع مداها يوماً بعد يوم وتتوغل في فرع معرفي إلى آخر في العلوم والآداب واللغويات والإنسانيات والفنون، حتى كادت تشمل جميع جوانب الإنتاج الثقافي. وما دام الزخم المعرفي النسوي بكل هذا البذخ، كان لا بد أن يواصل مساره ليصل إلى أصول النظرة الشاملة، فتظهر الفلسفة النسوية منذ السبعينيات مبشرة واعدة. بدأت بما يسمى بفروع الفلسفة اللينة السهلة وهي السياسة والأخلاق والجمال. ومع الثمانينيات كانت قد وصلت إلى ما يسمى بفروع الفلسفة العسيرة الشاقة وهي الميتافيزيقا والإبستمولوجيا (نظرية المعرفة) وفلسفة العلوم، وكأن النسوية بهذا تصل إلى كبد الحقيقة وقلب الأوضاع من جذورها. إن النسوية الجديدة أبرز ما يميزها هو نقد النموذج العقلاني الذكوري للإنسان ورفض انفراده بالميدان كمركز للحضارة الغربية التي جعلها المد الاستعماري نموذجاً للحضارة المعاصرة بأسرها. إنها تختلف بل تتناقض مع الموجة الأولى في تأكيدها على اختلاف النساء عن الرجال والعمل على اكتشاف وإبراز وتفعيل مواطن الاختلاف وما يميز الأنثى والخبرات الخاصة بالمرأة التي طال حجبها وطمسها مما أدى إلى خلل واعتوار أصاب الحضارة، وعسى أن يؤدي هذا الاكتشاف والتفعيل إلى إحداث توازن منشود يعالج بعضاً من أوجه الخلل. إن النسوية الجديدة اكتشاف وبلورة للأنثوية. |
الله يعطيك العافيه جعلاني
تسلم يدك |
اقتباس:
الله يسلمك يالطوفان وعسا انك استفدت منها |
الساعة الآن 05:29 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
][ ملاحظة: جميع المشاركات تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تمثل راي ادارة المنتدى بالضرورة، نأمل من الجميع الالتزام بقوانين الحوار المحترم ][