صاحب الوجة البدوي
 

بعد فترة من الزمن...طلب أن يراني فجأة...بدا سراب الشفق الأحمر الأتي بعد غروب الشمس بشكل استثنائي لم أتعود عليه كبقية الأيام...جلس وقال بصوت خافت وأهداب رموش عينيه العسلية ترتعش : بعاذرك .
تجمدت فجأة كتجمد حواسي التي لم استطع التغلب عليها لتدفعني بصياغة أسئلتي الكثيرة التي أود أن أغوص بها في أحلامه وأشجانه....عندما كنت أتقدم خطوة نحوه أجد نفسي أتراجع خطوات إلى الوراء...أتت ببالي ألاف الأسئلة تخيلتها أنها تسبقني قبل أن أسبقها وقبل أن أعالج مفرداتها خوفا من التلعثم أو التردد...جلست بجواره....ابتسم لي ابتسامة الواثق بنفسه...هزتني المشاعر الجياشة التي تتراءى لي في قسمات وجهه السرمدي...بدأت شفتاي تنوي البوح والنطق قبله...أأنت راحل ؟ هل ستتركني !!؟ ..تسمر..التزم الصمت...ثم نظر إلي نظرة استغراب متخيلا أنني لست الموجة إليه ذلك السؤال الذي أردت منه أن يجيب عليه بسرعة البرق.....بدا مندهشا وعلى شفتيه مجموعة من الأسئلة يود أن يطرحها...أهي ليلة الوداع ؟ ...صدمني بسؤاله الغريب..رفعت رأسي إليه ...لم هذه الكلمات التي لم أسمعها منك من قبل حيث تمر على أذاني كأنها شرارات طائشة من فرن ملتهب...أو حصوات تخرج من بركان يود أن يثور...تمهل..لا ترمي رماحك بهذه السرعة...سأفتقدك وأفتقد نغمات صوتك وهمساتك السارية...سيظل معي خيالك انزوي معه واتصوره معي خلال لحظات سكوني الخافت....أأنت شمعة بدأ يختفي ضوءها الملامس لوهج السراب..تفوه بشيء حتى أطمئن...هل أنت محق بشأن الرحيل...أم أنك تريد أن تخدع به نفسك قبل أن تخدعني؟...أخيرا وبعد إلحاح تبسم ثم ضحك ...تغلب على هواجسه..خطى نحوي...جمع كل أنفاسه التي كانت قبل لحظات أساس نظراته والتي لم استطع فك طلاسمها...احتوى بكفيه يدي وقال بذلك الصوت العذب: لا تكوني كالجبل الصلب الذي لا يلين بل كوني كالحمامة الزاجلة ترفرف فوق أغصان أفكاري...لا تكوني كالمتطلعة إلى أفاق الشهب والنيازك الساقطة بل كوني نجمة هادئة تضيء سماء ليلي الساكن..لا تكوني كالموجة عالية هائجة لم يبتلعها البحر بل كوني حورية أتباهى بها...أنت حقا جوهرة مكنونة بين ثنايا الشطئان الصافية...بحثت عن أي فكرة مجدية لأصل بها إلى مكنونات قلبك...بحثت عن بصيص أمل ليوصلني لخفايا نفسك...لكنها جميعها انضوت واضمحلت وباءت بالفشل...فواصلت البحث وجازفت بمشاعري لأصل إلى طريق أفضل وأجدى أستريح به تحت ظلك...لا يزال عقلي يفكر بك وسيظل يفكر ألف مرة حتى يستطيع فك طلاسم همسك...ليفهم لوعة شجونك..ليجس قشعريرة بدنك...ليقيس نبضات قلبك...الشيء الوحيد الذي أراه فيك هو الحقيقة نفسها...أناشدك أن تقرئي ما بعيني من كلمات حفرت على عتبات باب قلبي فد باتت الظنون تنخر ألواحة...فليت التراب الذي مشينا فوقه يحكي ويتذكر ..وليت حنايا قلبك تنبض بتلك الكلمة التي لم تعد موجودة على شفتيك...جميل أن أرى شيئا يتلألأ في أعماق قلبك وكأنه يذكرك بذكريات جميلة هلت عليك بعد هذا الزمن الذي ظللت منزوية فيه...جعلتي كل أيامك عصيبة وكأنه لا ينبلج شيء من الضوء الثاقب فيها...لم تعودي تعرفي حلاوة الساعات ومذاق الأيام وطعم الشهور وعذوبة السنين التي قضيناها معا...ألم تدركي مرارتها الآن ؟...علميني بالله عليك ما هو الفرق بين تلك الأيام واليوم ؟
كفى...كلماتك خلخلت أضلاعي وانغرست داخل قلبي...لم أعد أعرف أهي فعلا حقيقة نفسي أم حقيقة نفسك ؟ ...لكن عندي شيء واحد أود أن أصوغه لك كلمات عله يثنيك عن الرحيل الذي لم أكن أتوقعه منك وهو ...أنني لم ولن أنساك ولن تنساني..تلك البداية وستكون النهاية لا مجال للشك .

ان شاء الله تعجبكم......نضال

شكرا لك يا قيس على هذه الملاحظات
فوالله عجزت عن مباراة قلمك
أشكر لك مرورك

قصة رائعة


مشكورة خيتي نضال