منتديات جعلان

منتديات جعلان (http://www.jalaan.com/index.php)
-   جعلان للبحوثات العلمية (http://www.jalaan.com/forumdisplay.php?f=78)
-   -   بحث((( موسوعة سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ))) (http://www.jalaan.com/showthread.php?t=10278)

اسير الصحراء 04-26-2006 07:53 PM

وفد عبد القيس :
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارود العبدي في وفد عبد القيس ، وكان نصرانياً . فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني على ديني ، وإني تارك ديني لدينك . فتضمن لي بما فيه ؟ قال : نعم ، أنا ضامن لذلك ، إن الذي أدعوك إليه خير من الذي كنت عليه ، فأسلم وأسلم أصحابه . فكان حسن الإسلام صلباً في دينه ، حتى هلك ، وقد أدرك الردة .
وكان في الوفد الأشج، الذي "قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فيك لخصلتين يحبهما الله : الحلم ، والأناة " .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث العلاء بن الحضرمي -قبل فتح مكة- إلى المنذر بن ساوى العبدي ، فأسلم وحسن إسلامه . ثم هلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل ردة أهل البحرين . والعلاء عنده أميراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم على البحرين .

اسير الصحراء 04-27-2006 12:41 AM

وفد بني حنيفة : فيهم مسيلمة :
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني حنيفة، فيهم مسيلمة الكذاب ، فأتوه وخلفوا مسيلمة في رحالهم ، فلما أسلموا ذكروا مكانه ، فقالوا : يا رسول الله ! إنا خلفنا صاحباً لنا في رحالنا يحفظها لنا . فأمر له بمثل ما أمر به للقوم ، وقال : أما إنه ليس بشركم مكاناً ، يعني : لحفظه ضيعة أصحابه . ثم انصرفوا فلما انتهوا إلى اليمامة ، ارتد عدو الله وتنبأ، وقال : إني أشركت في الأمر معه . وقال للوفد: ألم يقل لكم : أما إنه ليس بشركم مكاناً ، ما ذاك إلا لما كان يعلم أني أشركت في الأمر معه . ثم جعل يسجع لهم السجعات ، مضاهاة للقرآن، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالنبوة.
وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد ، فإني أشركت في الأمر معك . وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ، ولكن قريشاً قوم لا يعدلون .
فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب ، السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين .
وقال للرجلين اللذين أتيا بكتابه : ما تقولان أنتما؟ فقالا : نقول كما قال ، "فقال : أما والله ، لولا أن الرسل لا تقتل ، لضربت رقابكما" ، وذلك في آخر سنة عشر .

اسير الصحراء 04-27-2006 12:42 AM

حجة أبي بكر بالناس :

ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من تبوك -بقية رمضان وشوال وذي القعدة- ثم بعث أبا بكر رضي الله عنه أميراً على الحج ليقيم للناس حجهم . وأهل الشرك على دينهم ومنازلهم من حجهم . فخرج أبو بكر في ثلاثمائة من المدينة . وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرين بدنة . قلدها وأشعرها بيده ، ثم نزلت سورة براءة في نقض ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه ، فأرسل بها علي بن أبي طالب على ناقته العضباء ، ليقرأ براءة على الناس . وينبذ إلى كل ذي عهد عهده ، فلما لقي أبا بكر قال له : أمير ، أو مأمور ؟ فقال علي : بل مأمور، فلما كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب ، فقال : "يا أيها الناس ! لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان . ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إلى مدته

اسير الصحراء 04-27-2006 12:42 AM

حجة الوداع :
فلما دخل ذو القعدة ، تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم للحج ، وأمر الناس بالجهاز له ، وأمرهم أن يلقوه. فخرج معه من كان حول المدينة وقريباً منها . وخرج المسلمون من القبائل القريبة والبعيدة حتى لقوه في الطريق ، وفي مكة ، وفي منى وعرفات . وجاء علي من اليمن مع أهل اليمن ، وهي حجة الوداع .
فخرج لها لخمس بقين من ذي القعدة في آخر سنة عشر ، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وساق معه الهدي . فأرى الناس مناسكهم، وعلمهم سنن حجهم، وهو يقول لهم ويكرر عليهم القول :يا أيها الناس ! خذوا عني مناسككم، فلعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا .
و"لما كان بمنى خطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :أيها الناس ، اسمعوا قولي، فإني لا أدري ، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا . أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم وأغراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم . وكل رباً موضوع ، وأول رباً أضعه : ربا العباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله . وإن كل دم في الجاهلية موضوع ، وأول دم أضعه دم [ابن] ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، وإني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به ما لن تضلوا بعده -كتاب الله- وأنتم مسؤولون عني ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت ، وأديت ، ونصحت . فجعل يرفع إصبعه إلى السماء ، وينكبها إليهم ، ويقول : اللهم اشهد -ثلاث مرات" .
وكانت هذه الحجة تسمى حجة الوداع ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها .
فلما انقضى حجه ، رجع إلى المدينة ، فأقام صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة والمحرم وصفر .
ثم ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي مات فيه في آخر صفر

اسير الصحراء 04-27-2006 12:43 AM

بعث أسامة بن زيد إلى البلقاء :
ولما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة . أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم ، فلما كان من الغد دعا أسامة بن زيد ، وأمره أن يسير إلى موضع مقتل أبيه زيد بن حارثة ، وأن يوطىء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين ، فتجهز الناس ، وأوعب مع أسامة المهاجرون والأنصار .
ثم استبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في بعث أسامة -وهو في وجعه- فخرج عاصباً رأسه حتى جلس على المنبر-وكان المنافقون قد قالوا في إمارة أسامة : أمر غلاماً حدثاً على جلة المهاجرين والأنصار . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً ، وخرج عاصباً رأسه -وكان قد بدأ به الوجع- فصعد المنبر "فحمد الله وأثنى عليه ؟ ثم قال : أيها الناس، أنفذوا بعث أسامة ، فلئن طعنتم في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه . وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة ، وإن كان أبوه لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي من بعده" ، ثم نزل .
وانكمش الناس في جهازهم ، فاشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه . وخرج أسامة بجيشه ، فعسكر بالجرف ، وتتام إليه الناس ، فأقاموا لينظروا ما الله تبارك وتعالى قاض في رسوله صلى الله عليه وسلم

اسير الصحراء 04-27-2006 12:43 AM

مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال ابن إسحاق : حدثت عن أسامة ، قال : لما ثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم ، هبطت وهبط الناس معي إلى المدينة ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أصمت ، فلا يتكلم . وجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي ، أعرف أنه يدعو لي .
قال ابن إسحاق : وحدث عن أبي مويهبة ! مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل ، فقال : يا أبا مويهبة ! قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع ، فانطلق معي . فانطلقت معه ، فلما وقف عليهم ، قال : السلام عليكم - يا أهل المقابر ! ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه . أقبلت الفتن مثل قطع الليل المظلم ، يتبع آخرها أولها ، الآخرة شر من الأولى . ثم أقبل علي ، فقال : إني قد أعطيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها [ثم الجنة]، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة . فقلت : بأبي أنت وأمي ، فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ، ثم الجنة قال : لا والله ، يا أبا مويهبة! قد اخترت لقاء ربي والجنة . ثم استغفر لأهل البقيع ، ثم انصرف.
فبدأ به وجعه ، فلما استعز به ، دعا نساءه فاستأذنهن : أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها ، فأذن له .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ذلك العبد ما عند الله، فبكى أبو بكر ، فتعجبنا لبكائه : أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير . وكان أبو بكر أعلمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أمن الناس علي في صحبته وماله : أبو بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً -غير ربي- لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الإسلام ومودته . لا يبقين في المسجد باب إلا سد ، إلا باب أبي بكر" .
وفي الصحيح : "أن ابن عباس وأبا بكر مرا بمجلس للأنصار ، وهم يبكون. فقالا: ما يبكيكم ؟ قالوا : ذكرنا مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم منا ، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ، فخرج ، وقد عصب على رأسه بحاشية برد . فصعد المنبر -ولم يصعده بعد ذلك اليوم- فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أوصيكم بالأنصار خيراً ، فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم ، وبقي الذي لهم . فاقبلوا من محسنهم ، وتجاوزوا عن مسيئهم" ،
وفي الصحيح عن أبي موسى الأشعري قال : "اشتد مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : مروا أبا بكر ، فليصل بالناس. قالت عائشة : يا رسول الله ! إنه رجل رقيق ، إذا قام مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر ؟ قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فعادت . فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صواحب يوسف ، فأتاه الرسول . فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : ووالله ما أقول إلا أني أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر ، وعرفت أن الناس لا يحبون رجلاً قام مقامه أبداً ، وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان . فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر" .

اسير الصحراء 04-27-2006 12:44 AM

موت رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال الزهري : حدثني أنس قال : "كان يوم الإثنين الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج إلى الناس ، وهم يصلون الصبح ، فرفع الستر وفتح الباب . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام على باب عائشة . فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم -فرحاً به ، حين رأوه ، وتفرجوا عنه- فأشار إليهم : أن اثبتوا على صلاتكم ، قال : وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سروراً ، لما رأى من هيأتهم في صلاتهم . وما رؤي أحسن منه هيئة تلك الساعة . قال : ثم رجع ، وانصرف الناس ، وهم يرون أنه قد أفرق من وجعه . وخرج أبو بكر إلى أهله بالسنح . فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من ذلك اليوم" .
قال ابن إسحاق : قال الزهري : حدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر ، فقال : إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات، ولكنه قد ذهب إلى ربه ، كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل مات. ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حين ، كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه قد مات" .
قال : وأقبل أبو بكر ، حتى نزل على باب المسجد . حين بلغه الخبر -وعمر يكلم الناس- فلم يلتفت إلى شئ ، حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى في ناحية البيت ، عليه بردة حبرة . فأقبل حتى كشف عن وجهه . ثم أقبل عليه فقبله . ثم قال : بأبي أنت وأمي ، أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها ، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً . ثم رد البرد على وجهه . وخرج -وعمر يكلم الناس- فقال : على رسلك يا عمر ، أنصت ، فأبى إلا أن يتكلم . فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس . فلما سمع الناس كلام أبي بكر أقبلوا عليه ، وتركوا عمر . فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إنه من كان يعبد محمداً ، فإن محمداً قد مات . ومن كان يعبد الله تعالى ، فإن الله حي لا يموت . ثم تلا هذه الآية : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " .
قال : فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت ، حتى تلاها أبو بكر يومئذ ، قال : وأخذها الناس عن أبي بكر ، فإنما هي في أفواههم .
قال أبو هريرة : "فقال عمر : فو الله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها ، فعثرت حتى وقعت على الأرض ، ما تحملني رجلاي ، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات

اسير الصحراء 04-27-2006 12:45 AM

حديث السقيفة :
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم : انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة . واعتزل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ، وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة . وانحاز بقية المهاجرين إلى أبي بكر [وانحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل ، فأتى آت إلى أبي بكر وعمر]، فقال : إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا إليه ، فإن كان لكم بأمر الناس من حاجة ، فأدركوا الناس قبل أن يتفاقم أمرهم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم يفرغ من أمره ، قد أغلق دونه الباب أهله . فقال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، حتى ننظر ماهم عليه .
قال ابن إسحاق : وكان من حديث السقيفة : أن عبد الله بن أبي بكر حدثني عن محمد بن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن عوف قال : -وكنت في منزله بمنى أنتظره ، وهو عند عمر في آخر حجة حجها عمر- قال : فرجع عبد الرحمن من عند عمر ، فوجدني بمنزله بمنى أنتظره ، وكنت أقرئه القرآن . [قال ابن عباس] : فقال لي [عبد الرحمن بن عوف] : لو رأيت رجلاً أتى أمير المؤمنين ، فقال : هل لك في فلان ؟ يقول : والله لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً، والله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت . قال : فغضب عمر ، وقال : إني -إن شاء الله- لقائم العشية في الناس ، فمحذرهم من هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم ، قال عبد الرحمن : فقلت : يا أمير المؤمنين ! لا تفعل ، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم ، وإنهم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس . وإني أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطير بها أولئك عنك كل مطير ، ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها . فأمهل ، حتى تقدم المدينة . فإنها دار السنة ، وتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس ، فتقول ما قلت بالمدينة متمكناً ، فيعي أهل الفقه مقالتك ، ويضعوها على مواضعها . فقال عمر : أما والله -إن شاء الله- لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة .
قال ابن عباس : فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة ، عجلت الرواح حين زالت الشمس ، فأجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالساً إلى ركن المنبر ، فجلست حذوه ، تمس ركبتاي ركبتيه ، فلم أنشب أن خرج عمر ، فما رأيته مقبلاً، فقلت لسعيد : ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف . فأنكر علي سعيد بن زيد ذلك . وقال : وما عسى أن يقول مما لم يقل قبله ؟ فجلس عمر على المنبر .
فلما سكت المؤذن ، فقام . فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها ، ولا أدري لعلها بين يدي أجلي ؟ فمن عقلها ووعاها فليأخذ بها حيث انتهت به راحلته . ومن خشي أن لا يعيها ، فلا أحل لأحد أن يكذب علي . إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه : آية الرجم ، فقرأناها وعلمناها ووعيناها . ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده . فأخشى -إن طال بالناس زمان- أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله . وإن الرجم في كتاب الله ، حق على من زنى ، إذا أحصن ، من الرجال والنساء إذا قامت البينة ، أو كان الحبل أو الاعتراف . ثم إنا قد كنا نقرأ فيما نقرأ من الكتاب : "لاترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم -أو كفر لكم- أن ترغبوا عن آبائكم ، ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم . فإنما أنا عبد ، فقولوا : عبد الله ورسوله"، ثم إنه قد بلغني أن فلاناً قال : لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلاناً. فلا يغترن امرؤ يقول : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت . ألا وإنها والله قد كانت كذلك ، إلا أن الله وقى شرها . وليس فيكم من تنقطع دونه الأعناق إليه مثل أبي بكر ، فمن بايع رجلاً عن غير مشورة المسلمين ، فإنه لا بيعة له هو ، ولا الذي بايعه ، تغرة أن يقتلا . إنه كان من خبرنا -حين توفى الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم- أن الأنصار خالفونا، فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفه بني ساعدة. وتخلف عنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ، ومن معهما . واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر . فقلت لأبي بكر : انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء الأنصار . فانطلقنا نؤمهم ، حتى لقينا منهم رجلان صالحان ، فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم . وقالا لنا : أين تريدون يا معاشر المهاجرين ؟ قلنا : نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار . فقالا : لا عليكم ، ألا تقربوهم يا معشر المهاجرين ، اقضوا أمركم. قال: قلت : والله لنأتينهم. فانطلقنا ، حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة . فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : سعد بن عبادة ، قلت : ما له ؟ قالوا : وجع. فلما جلسنا ، تشهد خطيبهم. فأثنى على الله عز وجل بما هو له أهل ، ثم قال : أما بعد ، فنحن أنصار الله ، وكتيبة الإسلام ، وأنتم يا معشر المهاجرين ، رهط منا ، وقد دفت دافة من قومكم ، قال: وإذا هم يريدون أن يختارونا من أصلنا ، ويغتصبونا الأمر. فلما سكت أردت أن أتكلم -وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني ، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر. وكنت أداري منه بعض الحد . فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر. فكرهت أن أعصيه . فتكلم -وهو كان أعلم مني وأحكم وأحلم وأوقر- فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته ، أو أفضل ، حتى سكت . فقال : أما بعد ، فما ذكرتم فيكم من خير ، فأنتم له أهل . ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش . هم أوسط العرب نسباً وداراً . وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، فبايعوا الآن أيهما شئتم . فأخذ بيدي ، وبيد أبي عبيدة عامر بن الجراح -وهو جالس بيننا- فلم أكره شيئاً مما قال غيرها ، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم ، أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر . قال : فقال قائل من الأنصار : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، منا أمير ومنكم أمير ، يا معشر قريش . قال : فكثر اللغط ، وارتفعت الأصوات، حتى خشينا الاختلاف . فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر . فبسطها ، فبايعته . ثم بايعه المهاجرون ، ثم بايعه الأنصار . ونزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائل منهم : قتلتم سعد بن عبادة . قال : قتل الله سعد بن عبادة

اسير الصحراء 04-27-2006 12:45 AM

بيعة العامة لأبي بكر :
ولما بويع أبو بكر في السقيفة ، وكان الغد ، جلس أبو بكر على المنبر . فقام عمر قبل أبي بكر فتكلم فحمد الله ، وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس . إني قد قلت لكم بالأمس مقالة ، ما كانت وما وجدتها في كتاب الله . ولا كانت عهداً عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا -يقول : يكون آخرنا- وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى رسوله صلى الله عليه وسلم . فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هدى له رسوله . إن الله قد جمعكم على خيركم -صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثاني اثنين إذ هما في الغار- فقوموا فبايعوه . فبايع الناس أبا بكر البيعة العامة ، بعد بيعة السقيفة .
ثم تكلم أبو بكر رضي الله عنه ، فحمد الله ، وأثنى عليه بالذي هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس ، فإني قد وليت عليكم ، ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني . وإن أسأت فقوموني . الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف فيكم قوي عندي ، حتى أريح عليه حقه ، إن شاء الله . والقوي فيكم ضعيف عندي ، حتى آخذ الحق منه ، إن شاء الله . لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل. ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله . فإذا عصيت الله ورسوله ، فلا طاعة لي عليكم

اسير الصحراء 04-27-2006 12:46 AM

فضيلة أبي بكر الصديق وخلافته الراشدة :
وعن ربيعة -أحد الصحابة- رضي الله عنهم قال : قلت لأبي بكر رضي الله عنه : ما حملك على أن تلي أمر الناس ، وقد نهيتني أن أتأمر على اثنين ؟ قال : لم أجد من ذلك بداً ، خشيت على أمة محمد الفرقة ، وفي رواية : تخوفت أن تكون فتنة ، تكون بعدها ردة .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأب النفاق ، وارتدت العرب ، وانحازت الأنصار. فلو نزل بالجبال الراسيات ، ما نزل بأبي لهاضها . فما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بفضلها .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :والذي لا إله إلا هو ، لولا أن أبا بكر استخلف، ما عبد الله -ثم قال الثانية- ثم قال الثالثة- فقيل له : مه ، يا أبا هريرة ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام . فلما نزل بذي خشب س قبض رسول الله ، وارتدت العرب ، واجتمع إليه الصحابة . فقالوا : رد هؤلاء ، توجه هؤلاء إلى الروم ، وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟ فقال : والذي لا إله إلا هو ، لو جرت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما رددت جيشاً وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا حللت لواء عقده . فوجه أسامة ، فجعل لا يمر بقبائل يريدون الارتداد ، إلا قالوا : لو لا أن لهؤلاء قوة ، ما خرج مثل هؤلاء من عندهم . ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم . فلقوا الروم ، فهزموهم ، ورجعوا سالمين ، فثبتوا على الإسلام ، ولله الحمد .


الساعة الآن 01:23 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
][ ملاحظة: جميع المشاركات تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تمثل راي ادارة المنتدى بالضرورة، نأمل من الجميع الالتزام بقوانين الحوار المحترم ][