منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للجامعات والكليات > جعلان للبحوثات العلمية | ||
بحث((( موسوعة سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ))) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
فصل
لما أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه فتح مكة ؟ اقتضت حكمة الله أن أمسك قلوب هوازن عن الإسلام ، لتكون غنائمهم شكراناً لأهل الفتح ، وليظهر حزبه على الشوكة التي لم يلق المسلمون مثلها ، فلا يقاومهم أحد بعد من العرب . وأذاق المسلمين أولاً مرارة الكسرة ، مع قوة شوكتهم، ليطامن رؤوساً رفعت بالفتح ، ولم تدخل حرمه كما دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً رأسه ، منحنياً على فرسه ، حتى إن ذقنه ليكاد يمس قربوس سرجه تواضعاً لربه . وليبين سبحانه -لمن قال : لن نغلب اليوم عن قلة- أن النصر إنما هو من عنده سبحانه ، وأن من يخذله فلا ناصر له غيره . وأنه سبحانه الذي تولى نصر دينه ، لا كثرتكم . فلما انكسرت قلوبهم ، أرسل إليها خلع الجبر مع بريد النصر " ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها " ، وقد اقتضت حكمته أن خلع النصر إنما تفيض على أهل الانكسار " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
غزوة الطائف :
ولما أراد المسير إلى الطائف -وكانت في شوال سنة ثمان- بعث الطفيل بن عمرو إلى ذي الكفين -صنم عمرو بن حممة الدوسي- يهدمه ، وأمره أن يستمد قومه ويوافيه بالطائف . فخرج سريعاً فهدمه وجعل يحثو النار في وجهه ، ويقول : يا ذا الكفين لست من عبادكا ميلادنا أكبر من ميلادكا إني حشوت النار في فؤادكا وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعاً ، فوافوا النبي صلى الله عليه وسلم بالطائف -بعد مقدمه بأربعة أيام- وقدم بدبابة ومنجنيق. قال ابن سعد : لما انهزموا من أوطاس دخلوا حصنهم ، وتهيؤوا للقتال ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزل قريباً من حصن الطائف ، وعسكر هناك . فرموا المسلمين بالنبل رمياً شديداً ، كأنه رجل جراد، حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة. وقتل منهم اثنا عشر رجلاً ، فارتفع صلى الله عليه وسلم إلى موضع مسجد الطائف اليوم ، فحاصرهم ثمانية عشر يوماً . ونصب عليهم المنجنيق -وهو أول من رمى به في الإسلام- وأمر بقطع أعناب ثقيف . فوقع الناس فيها يقطعون ، فسألوه : أن يدعها لله وللرحم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإني أدعها لله وللرحم . ونادى مناديه : أيما عبد نزل من الحصن ، وخرج إلينا ، فهو حر، فخرج منهم بضعة عشر رجلاً ، فيهم أبو بكرة بن مسروح ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه . ولم يؤذن في فتح الطائف ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأذن بالرحيل ، فضج الناس من ذلك ، وقالوا : نرحل ، ولم يفتح علينا؟ [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :اغدوا على القتال، فغدوا ، فأصابهم جراحات]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا قافلون غداً إن شاء الله، فسروا بذلك ، وجعلوا يرحلون ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك . فلما ارتحلوا واستقلوا ، "قال : قولوا : آيبون ، تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون" . وقيل : يا رسول الله ! ادع الله على ثقيف ، "فقال : اللهم أهد ثقيفاً وائت بهم" . ثم خرج إلى الجعرانة، فدخل منها إلى مكة محرماً بعمرة فقضاها ، ثم رجع إلى المدينة |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
فصل : قول ابن اسحاق وقدم رسول الله المدينة من تبوك
قال ابن إسحاق : وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك في رمضان ، وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف . وكان من حديثهم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف عنهم : اتبع أثره عروة بن مسعود ، حتى أدركه قبل أن يدخل المدينة . فأسلم ، وسأله : أن يرجع إلى قومه بالإسلام ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فيهم نخوة الامتناع ، فقال : يا رسول الله ! أنا أحب إليهم من أبكارهم . وكان فيهم كذلك محبباً مطاعاً . فخرج يدعوهم إلى الإسلام ، رجاء أن لا يخالفوه ، لمنزلته فيهم. فلما أشرف لهم على علية -وقد دعاهم إلى الإسلام- رموه بالنبل من كل وجه ، فأصابه سهم فقتله ، فقيل له : ما ترى من دمك ؟ فقال : كرامة أكرمني الله بها ، وشهادة ساقها الله إلي ، فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحل عنكم ، فادفنوني معهم . فدفنوه معهم ، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن مثله في قومه كمثل صاحب يس في قومه . ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهراً، ثم ائتمروا بينهم، ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب ، وقد أسلموا وبايعوا، فأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً ، كما أرسلوا عروة . فكلموا عبد ياليل بن عمرو ، وعرضوا عليه ذلك ، فأبى ، وخشي أن يصنع به كما صنع بعروة ، فقال : لست فاعلاً حتى ترسلوا معي رجالاً ، فأجمعوا أن يرسلوا معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من بني مالك ، منهم عثمان بن أبي العاص . فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة ، ألفوا بها المغيرة بن شعبة ، فاشتد ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم [بقدومهم ، فلقيه أبو بكر ، فقال : أقسمت عليك بالله لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم]، حتى أكون أنا أحدثه . ففعل ، ثم خرج المغيرة إلى أصحابه ، فروح الظهر معهم . وعلمهم كيف يحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية ، فضرب عليهم قبة في ناحية المسجد . وكان فيما سألوه : أن يدع لهم اللات لا يهدمها ثلاث سنوات ، فأبى . فما برحوا يسألونه سنة ، فيأبى ، حتى سألوه شهراً واحداً ، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمى . وإنما يريدون بذلك -فيما يظهرون- أن يسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم ، ويكرهون أن يروعوهم بهدمها ، حتى يدخلهم الإسلام ، فأبى إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها . فلما أسلموا أمر عليهم عثمان بن أبي العاص -وكان من أحدثهم سناً- وذلك : أنه كان من أحرصهم على التفقه في الدين ، وتعلم القرآن . فلما توجهوا راجعين بعث معهم أبا سفيان والمغيرة بن شعبة ، حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة : أن يقدم أبا سفيان ، فأبى، وقال : ادخل أنت على قومك . وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم . فلما دخل المغيرة علاها يضربها بالمعول . وقام دونه بنو معتب ، خشية أن يرمى ، كما فعل بعروة ، وخرج نساء ثقيف حسراً يبكين عليها ، فلما هدمها أخذ مالها وحليها وأرسل به إلى أبي سفيان |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ما في غزوة الطائف من الفقه :
فيها من الفقه : جواز القتال في الأشهر الحرم ، ونسخ تحريم ذلك . وفيها : أنه لا يجوز إبقاء مواضع الطواغيت والشرك بعد القدرة عليها يوماً واحداً ، فإنها شعائر الكفر ، وهي أعظم المنكرات ، وهكذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثاناً تعبد من دون الله ، وكذلك الأحجار والأشجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر لها وكثير منها بمنزلة اللات والعزى، أو أعظم شركاً عندها ، وبها . ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق ، وتميت وتحيي . وإنما كانوا يفعلون عندها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم ، فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم . وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم ، وغلبة التقليد ، وصار المعروف منكراً ، والمنكر معروفاً ، والسنة بدعة والبدعة سنة ، ونشأ في ذلك الصغير وهرم عليه الكبير ، وطمست الأعلام ، واشتدت غربة الإسلام . ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين ، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين . وفيها : صرف الإمام الأموال التي تصير إلى هذه المشاهد من عابديها، فيجب على الإمام أن يصرفها في الجهاد ومصالح المسلمين، وكذلك أوقافها تصرف في مصالح المسلمين |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
فصل في حوادث سنة تسع :
ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، ودخلت سنة تسع ، بعث المصدقين يأخذون الصدقات من الأعراب . وفيها : بعث علياً رضي الله عنه إلى صنم طي ليهدمه ، فشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر ، فهدموه ، وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء . وفي السبي سفانة أخت عدي بن حاتم ، وهرب عدي إلى الشام . ووجدوا في خزانته ثلاثة أسياف، وثلاثة أدرع . وقسم علي الغنائم في الطريق ، ولم يقسم السبي من آل حاتم حتى قدم بهم المدينة . قال عدي : ما كان رجل من العرب أشد كراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ، حين سمعت به ، وكنت رجلاً شريفاً نصرانياً، وكنت أسير في قومي بالمرباع ، وكنت في نفسي على دين ، فقلت لغلام لي راع لإبلي : اعدد لي من إبلي أجمالاً دللاً سماناً ، فإذا سمعت بجيش محمد قد وطىء هذه البلاد فآذني. فأتاني ذات غداة فقال : ما كنت صانعاً إذا غشيتك خيل محمد فاصنع الآن، فإني قد رأيت رايات ، فسألت عنها ؟ فقالوا : هذه جيوش محمد . قلت : قرب لي أجمالي . فاحتملت بأهلي وولدي ، ثم قلت : الحق بأهل ديني من النصارى بالشام . وخلفت بنتاً لحاتم في الحاضرة . فلما قدمت الشام أقمت بها ، وتخالفني خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتصيب ابنة حاتم ، فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا من طيء . وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هربي إلى الشام ، فمر بها ، فقالت : يا رسول الله ! غاب الوفد ، وانقطع الوالد ، وأنا عجوز كبيرة ، ما بي من خدمة ، فمن علي ، من الله عليك . فقال :من وافدك ؟، قالت : عدي بن حاتم ، قال :الذي فر من الله ورسوله ؟ -وكررت عليه القول ثلاثة أيام- قالت : فمن علي ، وسألته الحملان ، فأمر لها به وكساها وحملها وأعطاها نفقة . فأتتني ، فقالت : لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها . ائته راغباً أو راهباً، فقد أتاه فلان فأصاب منه ، وأتاه فلان وأصاب منه . قال : فأتيته ، وهو جالس في المسجد ، فقال القوم : هذا عدي بن حاتم -وجئت بغير أمان ولا كتاب- فأخذ بيدي -وكان قبل ذلك قال : إني لأرجو أن يجعل الله يده في يدي- فقام إلي ، فلقيته امرأة ومعها صبي ، فقالا : إن لنا إليك حاجة، فقام معهما حتى قضى حاجتهما . ثم أخذ بيدي حتى أتى داره ، فألقت له الوليدة وسادة. فجلس عليها ، وجلست بين يديه. فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ما يفرك ؟ أيفرك أن تقول لا إله إلا الله ؟ فهل تعلم من إله سوى الله ؟ فقلت : لا ، فتكلم ساعة . ثم قال : أيفرك أن يقال : الله أكبر ؟ وهل تعلم شيئاً أكبر من الله ؟ قلت : لا ، قال : فإن اليهود مغضوب عليهم ، والنصارى ضالون، فقلت : فإني حنيف مسلم . فرأيت وجهه ينبسط فرحاً . ثم أمر بي فأنزلت عند رجل من الأنصار ، وجعلت آتيه طرفي النهار . فبينا أنا عنده ، إذ جاءه قوم في ثياب من صوف من هذه النمار ، فصلى ثم قام . فحث بالصدقة عليهم ، وقال:"أيها الناس ، أرضخوا من الفضل ولو بصاع ، ولو بنصف صاع ، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة ، يقي أحدكم وجهه حر جهنم -أو النار- ولو بتمرة ، ولو بشق تمرة . فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة ، فإن أحدكم لاق الله ، فقائل له ما أقول لكم : ألم أجعل لك مالاً وولداً ؟ فيقول : بلى ، فيقول : أين ما قدمت لنفسك ؟ فينظر قدامه وخلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، فلا يجد شيئاً يقي به وجهه حر جهنم ، ليق أحدكم وجهه النار ، ولو بشق تمرة ، فإن لم يجد فبكلمة طيبة. فإني لا أخاف عليكم الفاقة. فإن الله ناصركم ومعطيكم ، حتى تسير الظعينة ما بين يثرب والحيرة ، ما تخاف على مطيتها السرق" . فجعلت أقول : فأين لصوص طيء |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
قصة كعب بن زهير :
قال ابن إسحاق : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف كتب بجير بن زهير إلى أخيه كعب يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل رجالاً بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه ، وأن من بقي من شعراء قريش - ابن الزبعرى ، وهبيرة بن أبي وهب- قد هربوا في كل وجه . فإن كان لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً . وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائبك . وكان قد قال : ألا أبلغا عني بجيرا رسالة فهل لك فيما قلت؟ ويحك هل لكا؟ فبين لنا إن كنت لست بفاعل على أي شئ غير ذلك دلكا؟ على خلق لم تلف أماً ولا أباً عليه ولم تلف عليه أخاً لكا فإن أنت لم تفعل فلست بآسف ولا قائل إما عثرت: لعا لكا سقاك بها المأمون كأساً روية وأنهلك المأمون منها وعلكا فلما أتت بجيراً كره أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سقاك بها المأمون ، صدق والله ، وإنه لكذوب ، أنا المأمون ، ولما سمع : على خلق لم تلف أماً ولا أباً عليه ، قال : أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه . ثم قال بجير بن زهير : من مبلغ كعباً فهل لك في التي تلوم عليها باطلاً وهي أحزم؟ إلى الله-لا العزى ولا اللات-وحده فتنجو إذا كان النجاء وتسلم لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت من الناس إلا طاهر القلب مسلم فدين زهيــــر-وهو لا شئ-دينه ودين أبي سلمى علي محرم فلما بلغ كعباً ضاقت عليه الأرض ، وأشفق على نفسه ، فلما لم يجد من شئ بداً ، قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم خرج حتى قدم المدينة . فنزل على رجل كان بينه وبينه معرفة . فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر لي أنه قام فجلس إليه -وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه- فقال : يا رسول الله ! إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائباً مسلماً ، فهل أنت قابل منه ، إن أنا جئتك به ؟ قال : نعم ، قال : أنا كعب بن زهير . قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة : أنه وثب عليه رجل من الأنصار . فقال : يا رسو ل الله ! دعني وعدو الله أضرب عنقه . فقال : دعه عنك ، فقد جاء تائباً نازعاً عما كان عليه، فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار، وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير ، فقال قصيدته التي أولها : بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول ومنها : أمست سعاد بأرض لا يبلغها إلا العتاق النجيبات المراسيل إلى أن قال : تسعى الغواة جنابيها وقولهم إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول وقال كل صديق كنت آمله لا ألهينك إني عنك مشغول فقلت: خلوا سبيلي لا أبا لكم فكل ما قدر الرحمن مفعول نبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة الـقرآن فيها مواعيظ وتفصيل في فتية من قريش قال قائلهم ببطن مكة لما أسلموا زولوا زالوا فما زال أنكاس ولا كشـف عند اللقاء ولا ميل معازيل يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ضرب إذا عرد السود التنابيل شم العرانين أبطال لبوسهم من نسج داود في الهيجا سرابيل ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم قوماً وليسوا مجازيعاً إذا نيلوا لا يقع الطعن إلا في نحورهم وما لهم عن حياض الموت تهليل قال عاصم بن عمر : فلما قال : إذا عرد السود التنابيل، وإنما عنانا معشر الأنصار ، فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار : من سره كرم الحياة فلا يزل في مقنب من صالح الأنصار ورثوا المكارم كابراً عن كابر إن الخيار هم بنو الأخيار الذائدين الناس عن أديانهم بالمشرفي وبالقنا الخطار والبائعين نفوسهم لنبيهـم للموت يوم تعانق وكرار والناظرين بأعين محمـرة كالجمر غير كليلة الأبصار والباذلين نفوسهم لنبيهم يوم الهياج وفتنــة الكفــار يتطهرون يرونه نسكاً لهم بدماء من علقوا من الكفار قوم إذا خوت النجوم فإنهم للطارقين النازلين مقاري |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
فصل في غزوة تبوك :
قال ابن إسحاق : كانت في زمان عسرة من الناس ، وجدب من البلاد ، حين طابت الثمار ، فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، وكان صلى الله عليه وسلم قلما يخرج من غزوة إلا ورى بغيرها ، إلا ما كان منها ، فإنه جلاها للناس لبعد الشقة ، وشدة الزمان . فقال ذات يوم -وهو في جهازه- للجد بن قيس : هل لك في جلاد بني الأصفر؟، فقال : يا رسول الله ! أو تأذن لي ولا تفتني ؟ فقد عرف قومي أنه ما من رجل أشد عجباً بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر ، أن لا أصبر ، فقال : قد أذنت لك ، ففيه نزلت : " ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني " . وقال قوم من المنافقين ، بعضهم لبعض : لا تنفروا في الحر ، فنزل : " وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا " . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض أهل الغنى [على النفقة ، فحمل رجال من أهل الغنى] واحتسبوا ، وأنفق عثمان ثلاثمائة بعير بأحلاسها ، وأقتابها وعدتها ، وألف دينار عيناً . وجاء البكاؤون -وهم سبعة- يستحملون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا أجد ما أحملكم عليه ، تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ، أن لا يجدوا ما ينفقون . وقام علبة بن زيد ، فصلى من الليل وبكى ، ثم قال : "اللهم إنك أمرت بالجهاد ، ورغبت فيه ، ثم لم تجعل عندي ما أتقوى به مع رسولك ، ولم تجعل في يد رسولك ما يحملني عليه . وإني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها : من مال ، أو جسد أو عرض ، ثم أصبح مع الناس . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أين المتصدق هذه الليلة؟ [فلم يقم إليه أحد ، ثم قال : أين المتصدق ، فليقم]، فقام إليه فأخبره ، فقال صلى الله عليه وسلم : أبشر ، فوالذي نفس محمد بيده ، لقد كتبت في الزكاة المتقبلة" . وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم ، فلم يعذرهم . واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري ، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تخلف عبد الله بن أبي ومن كان معه ، وتخلف نفر من المسلمين من غير شك ولا ارتياب ، منهم الثلاثة - كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع- وأبو خيثمة السالمي ، وأبو ذر ، ثم لحقاه . وشهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين ألفاً من الناس ، والخيل عشرة آلاف فرس ، وأقام بها عشرين ليلة يقصر الصلاة ، وهرقل يومئذ بحمص . قال ابن إسحاق : "ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خلف علياً على أهله . فقال المنافقون : ما خلفه إلا استثقالاً له ، وتخففاً منه ، فأخذ سلاحه ولحق به بالجرف . فقال : يا نبي الله ! زعم المنافقون أنك ما خلفتني إلا استثقالاً . فقال : كذبوا ، ولكني خلفتك لما تركت ورائي ، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك ، أو لا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ إلا أنه لا نبي بعدي" ، فرجع . ودخل أبو خيثمة إلى أهله في يوم حار ، بعدما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً ، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائط ، قد رشت كل واحدة منهما عريشها ، وبردت له ماء ، وهيأت له طعاماً . فلما دخل قام على باب العريش ، فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا ، فقال : رسول الله في الضح ، والريح والحر ، وأبو خيثمة في ظل بارد ، وطعام مهيأ، وامرأة حسناء ؟ ما هذا بالنصف ، ثم قال . والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهيئا لي زاداً ، ففعلتا . ثم قدم ناضحه فارتحله ، ثم خرج حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل تبوك . وقد كان عمير بن وهب الجمحي أدرك أبا خيثمة في الطريق فترافقا ، حتى إذا دنوا من تبوك ، قال أبو خيثمة له : إن لي ذنباً ، فلا عليك أن تتخلف عني حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففعل ، حتى إذا دنا من رسول الله ، قال الناس : هذا راكب على الطريق مقبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن أبا خيثمة، قالوا: يا رسول الله ! هو والله أبو خيثمة . فلما أناخ أقبل فسلم على رسول الله ، فقال له : أولى لك يا أبا خيثمة، فأخبره الخبر ، فقال له خيراً ، ودعا له . وقد "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما مر بالحجر -من ديار ثمود- قال : لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين ، إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ، لا يصيبكم مثل ما أصابهم" . وقال : "لا تشربوا من مائها شيئاً ، ولا تتوضؤوا منه للصلاة ، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئاً ، وأمرهم : أن يهريقوا الماء ، وأن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة" . وفي صحيح مسلم "عن أبي حميد الساعدي ، قال : انطلقنا حتى قدمنا تبوك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستهب عليكم الليلة ريح شديدة ، فلا يقم أحد منكم، فهن كان له بعير فليشد عقاله، فهبت ريح شديدة ، فقام رجل ، فحملته الريح حتى ألقته بحبلي طيئ" . قال ابن إسحاق : "وأصبح الناس ولا ماء معهم . فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا الله، فأرسل الله سحابة، فأمطرت حتى ارتوى الناس ، واحتملوا حاجتهم من الماء" . ثم سار حتى إذا كان ببعض الطريق جعلوا يقولون : تخلف فلان ، فيقول : دعوه ، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه . وتلوم على أبي ذر بعيره ، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه على ظهره ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشياً . و"نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض منازله ، فنظر ناظر المسلمين فقال : يا رسول الله ! إن هذا الرجل يمشي على الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن أبا ذر، فلما تأملوه ، قالوا : يا رسول الله ! هو والله أبو ذر. فقال : رحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده" . وفي صحيح ابن حبان عن أم ذر قالت : "لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : وما لي لا أبكي ، وأنت تموت بفلاة من الأرض ، وليس عندي ثوب يسعك كفناً ، ولا يدان لي في تغيبك ؟ فقال : أبشري ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر -وأنا فيهم- :ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض ، يشهده عصابة من المسلمين ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية وجماعة ، فأنا ذلك الرجل ، فوالله ما كذبت ولا كذبت ، فأبصري الطريق ،. فكنت أشتد إلى الكثيب أتبصر ، ثم أرجع فأمرضه. فبينا أنا وهو كذلك، إذا أنا برجال على رحالهم، كأنهم الرخم تخب بهم رواحلهم ، قالت : فأشرت إليهم . فأسرعوا إلي حتى وقفوا علي ، فقالوا : يا أمة الله ! ما لك؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموت تكفنوه . قالوا : من هو ؟ قلت : أبو ذر ، قالوا : صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت : نعم ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، وأسرعوا إلي حتى دخلوا عليه . فقال لهم : أبشروا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -وذكر الحديث - ثم قال : وإنه لو كان عندي ثوب يسعني كفناً لي ولامرأتي لم أكفن إلا في ثوب هو لي ، أو لها ، فإني أنشدكم الله أن لا يكفنني رجل منكم كان أميراً أو عريفاً ، أو بريداً أو نقيباً . وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار . قال : يا عم ، أنا أكفنك في ردائي هذا . وفي ثوبي في عيبتي من غزل أمي ، قال : فأنت تكفني ، فكفنه الأنصاري ، وأقاموا عليه ودفنوه في نفر كلهم يمان" . ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه صاحب أيلة . فصالحه وأعطاه الجزية ، وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية ، وكتب لهم كتاباً فهو عندهم . ثم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة ، وقال لخالد : إنك تجده يصيد البقر ، فخرج خالد ، حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة -وهو على سطح له- فبانت البقر تحك بقرونها باب القصر. فقالت له امرأته : هل رأيت مثل هذا قط ؟ قال: لا والله، قالت : فمن يترك مثل هذه ؟ قال : لا أحد . ثم نزل فأمر بفرسه فأسرج له ، وركب معه نفر من أهل بيته . فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذته وقتلوا أخاه ، وقدم به خالد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحقن له دمه ، وصالحه على الجزية ، ثم خلى سبيله ، فرجع إلى قريته . قال ابن إسحاق : فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك بضع عشرة ليلة ، ثم انصرف إلى المدينة . قال : وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحرث التميمي : أن ابن مسعود كان يحدث ، قال : قمت من جوف الليل ، وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر ، فأتبعتها أنظر إليها ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ، وإذا عبد الله ذو البجادين -والبجاد الكساء الأسود- المزني قد مات ، وإذا هم قد حفروا له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته ، وأبو بكر وعمر ، يدليانه إليه ، وهو يقول : أدليا إلي أخاكما ، فأدلياه إليه. فلما هيأه لشقه ، قال : اللهم إني قد أمسيت راضياً عنه ، فأرض عنه ، قال : يقول عبد الله بن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة . وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ، حتى كان بينه وبين المدينة ساعة ، وكان أصحاب مسجد الضرار أتوه -وهو يتجهز إلى تبوك- فقالوا : يا رسول الله ! إنا بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة ، والليلة المطيرة ، وإنا نحب أن تصلي فيه ، فقال : إني على جناح سفر ، ولو قدمنا إن شاء الله لأتيناكم . فلما نزل بذي أوان ، جاءه خبر المسجد من السماء ، فدعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدي ، فقال :أنطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فاهدماه ، وحرقاه ، فخرجا مسرعين حتى أتيا بني سالم بن عوف -وهم رهط مالك بن الدخشم- فقال لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي . فدخل إلى أهله ، فأخذ سعفاً من النخل . فأشعل فيه ناراً ، ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه -وفيه أهله- فحرقاه وهدماه . وأنزل الله سبحانه : " والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين " إلى قوله : " والله عليم حكيم " . قال ابن عباس في الآية : هم أناس من الأنصار ابتنوا مسجداً، فقال لهم أبو عامر الفاسق : ابنوا مسجدكم ، واستمدوا ما استطعتم من قوة ومن سلاح ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم ، فآت بجند من الروم ، فأخرج محمداً وأصحابه. فلما فرغوا من بنائه، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : إنا قد فرغنا من بناء مسجدنا ، ونحب أن تصلي فيه ، وتدعو بالبركة ؟ فأنزل الله عز وجل : " لا تقم فيه أبدا " إلى قوله : " لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم " ، يعني الشك ، " إلا أن تقطع قلوبهم " يعني بالموت . ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ، خرج الناس لتلقيه ، والنساء والصبيان والولائد يقلن : طلع البـدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعـا للـه داع وكانت غزوة تبوك أخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ، وأنزل الله فيها سورة براءة . وكانت تسمى في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده المبعثرة، لما كشفت من سرائر المنافقين وخبايا قلوبهم . وفي غزوة تبوك : كانت قصة تخلف كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية الواقفي -ممن شهدوا بدراً- ولم يكن لهم عذر في التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، جاء المعذرون من الأعراب من المنافقين ، يحلفون أنهم كانوا معذورين ، فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأرجأ كعب بن مالك وصاحبيه حتى أنزل الله في شأنهم وفي توبتهم -وكانوا من خيار المؤمنين- : " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم * وعلى الثلاثة الذين خلفوا " الآيتين ، خلفهم الله وأخر توبتهم ليمحصهم ويطهرهم من ذنب تأخرهم ، لأنهم كانوا من الصادقين . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
وفود العرب إلى رسول الله :
ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ، وأسلمت ثقيف ، ضربت إليه أكباد الإبل ، تحمل وفود العرب من كل وجه ، في سنة تسع ، وكانت تسمى سنة الوفود . قال ابن إسحاق : وإنما كانت العرب تربص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك : أن قريشاً كانوا إمام الناس وهداتهم ، وأهل البيت والحرم ، وصريح ولد إسماعيل عليه السلام ، وقادة العرب لا ينكرون ذلك . وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما افتتحت مكة ، ودانت له قريش ، عرفت العرب أن لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عداوته ، فدخلوا في دين الله أفواجاً . كما قال الله تعالى: " إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
وفد بني تميم :
فقدم عليه عطارد بن حاجب التميمي ، في أشراف من بني تميم ، جاؤوا في أسرى بني تميم ، الذين أخذتهم سرية عيينة بن حصن الفزاري في المحرم من هذه السنة . وكان عيينة قد أخذ أحد عشر رجلاً ، وإحدى وعشرين امرأة ، وثلاثين صبياً ، وساقهم إلى المدينة ، فقدم رؤساء بني تميم فيهم . فلما دخلوا المسجد ، نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات -وهو في بيته- أن اخرج إلينا ، فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهم : " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون* ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم " . فلما خرج إليهم قالوا : جئنا لنفاخرك ، فائذن لشاعرنا وخطيبنا ، قال : أذنت لخطيبكم ، فقام عطارد ، فخطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس : قم ، فأجب الرجل، فقام ثابت فخطب وأجابه . وقام الزبرقان بن بدر فقال : نحن الكرام فلا حي يعادلنا منا الملوك وفينا تنصب البيع وكم قسرنا من الأحياء كلهم عند النهاب وفضل العز يتبع ونحن يطعم عند القحط مطعمنا من الشواء إذا لم يؤنس القزع إلى أن قال : إنا أبينا ولم يأبى لنا أحد إلا كذلك عند الفخر نرتفع في أبيات ذكرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان : قم فأجب الرجل فقام ، فقال : إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بينوا سنناً للناس تتبع يرضى بها كل من كانت سريرته تقـوى الإله وكل الخير يصطنع قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم: نفعوا سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبع إلى أن قال : لا يبخلون على جار بفضلهم ولا يمسهم من مطمع طبع لا يفخرون إذا نالوا عدوهم وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها إذا الزعانف من أظفارها خشعوا إلى أن قال : أكرم بقوم رسول الله شيعتهم إذا تفرقت الأهواء والشيع أهدي لهم مدحتي قلت ووزاره فيما يحب لسان حائك صنع وقال الزبرقان أيضاً : آتيناك كيما يعلم الناس فضلنا إذا احتفلوا عند احتضار المواسم فإنا ملوك الناس في كل موطن وأن ليس في أرض الحجاز كدارم وإنا نذود المعلمين إذا انتخوا ونضرب رأس الأغيد المتفاخم وأن لنا المرباع في كل غارة تغير بنجد أو بأرض الأعاجم فأجابه حسان بن ثابت رضي الله عنه : هل المجد إلا السؤدد العود والندى وجاه الملوك واحتمال العظائم؟ نصرنا وآوينا النبي محمداً على أنف راض من معذ وراغم إلى أن قال : ونحن ضربنا الناس حتى تتابعوا على دينه بالمرهفات الصوارم ونحن ولدنا من قريش عظيمها ولدنا نبي الخير من آل هاشم بني دارم لا تفخروا إن فخركم يعود وبالاً عند ذكر المكارم هبلتم علينا تفخزون ؟ وأنتم لنا خول ما بين ظئر وخادم فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم وأموالكم: أن تقسموا في المقاسم فلا تجعلوا لله نداً وأسلموا ولا تلبسوا زياً كزي الأعاجم فلما فرغ حسان ، قال الأقرع بن حابس : إن هذا الرجل لمؤتى، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أحلى من أصواتنا . فلما فرغ القوم أسلموا ، وجوزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأحسن جوائزهم |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
وفد طيء :
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد طيء ، فيهم زيد الخيل -وهو سيدهم- فعرض عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلموا وحسن إسلامهم . قال ابن إسحاق : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما حدثني من لا أتهم من رجال طيء- : ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ، ثم جاءني ، إلا رأيته دون ما يقال فيه ، إلا زيد الخيل . فإنه لم يبلغ كل ما فيه ، ثم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم : زيد الخير ، وأقطعه فيداً وأرضين معه ، وكتب له بذلك كتاباً . فخرج من عنده راجعاً إلى قومه ، فلما انتهى إلى ماء من مياه نجد -يقال له : فردة- أصابته الحمى بها فمات ، فعمدت امرأته إلى ما كان معه من الكتب التي أقطع له بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحرقتها بالنار |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|