المزيد عن هذه الحالة التي تحرم ضحاياها نعمة التركيز الذهني ونعمة النوم، وقد اظهرت دراسة حديثة ان داء الشقيقة هو أكثر من مجرد صداع مزعج، إذ يعتقد بعض الباحثين ان من اسبابه حدوث سكتات دماغية مصغرة أو انسدادات في شبكة الشرايين الدقيقة المغذية للدماغ.

وأكدت الدراسات الحديثة ان التصوير بالرنين المغناطيسي كشف عن مواقع تلك الانسدادات المؤدية الى نشوء السكتات الدماغية المصغرة في شبكة الشرايين الدقيقة المغذية لنسيج الدماغ. وذكرت ايضا ان هذه العلامات تنشأ في اكثر الاحيان لدى فئة المرضى الذين يحسون بعلامات سابقة للنوبة كرؤية بقع أو خطوط متعرجة تطفو أمام العينين. أو ربما يتزامن نشوء نوبة الشقيقة مع ألم في الصدر يماثل النوبة القلبية وما هو بنوبة قلبية.

وما يقلق اختصاصي الأعصاب ان تكرر نوبات الشقيقة قد يخلف وراءه تلفاً طفيفاً في انسجة الدماغ ينتج عنه مع مرور الوقت مشاكل مرضية خطيرة. على ضوء هذه النتائج يوصي الاطباء بضرورة التقصي عن أسباب نوبات داء الشقيقة. اذ يجب الأخذ بنظر الاعتبار ان داء الشقيقة ليس مجرد اضطراب طارىء بل ظاهرة مرضية قابلة للتدهور. وهذا ما يراه الطبيبان رتشارد لبتون وجولي بان من كلية طب "ألبرت أنشتاين" في مدينة نيويورك.

ويقولان ان هناك حاجة الى علاج يمنع تدهور داء الشقيقة الى حالة مرضية مزمنة. وقد أشار فريق "البرت انشتاين" الى دراسة هولندية كشفت عن وجود مواقع تلف يصيب الدماغ لدى 31 مريضا من أصل 60 مريضا يعانون من داء الشقيقة. وقد استنتج القائمون على هذه الدراسة أن خطر المضاعفات المرضية لدى ضحايا داء الشقيقة في تصاعد لا سيما انواع التلف في انسجة الجزء الخلفي من المخيخ المسؤول عن التوازن ووظائف عصبية أخرى.

يضاف الى ذلك ان النساء وليس الرجال الذين عندهم داء الشقيقة، يواجهن خطراً متصاعداً يصيب المادة الدماغية البيضاء. ويزداد هذا الخطر مع تكرر نوبات الشقيقة. وتلف المادة البيضاء ربما ينتج عن انسدادات مؤقتة في شبكة الشرايين الدقيقة في الدماغ يرافقها انخفاض طارىء في مستوى السكر في الدم وانخفاض الطاقة الحرارية في الجسم وارتفاع التوتر مع ارتفاع لزوجة خلايا التخثر.

من جانب آخر فإن تحليل النتائج لأربعة عشر بحثاً علمياً اظهر ان خطر السكتات الدماغية الصغيرة يبلغ ضعفي الخطر الذي يمكن ان يواجهه أولئك الذين لا يعانون من داء الشقيقة. وقد اصبحت العملية الجراحية من الحلول المطروحة للنوبات المستعصية من داء الشقيقة. وتتضمن العملية الجراحية زرق المرضى بمادة "بوتوكس" لتحديد أي العضلات في جبينهم أو خلف الرأس هي التي تولّد داء الشقيقة. وحالما يتم تحديد العضلات المسؤولة يمكن بعدئذ ازالتها جراحياً. واظهرت نتائج هذه الطريقة الجراحية انها تقلل تكرار نوبات الشقيقة لدى 92% من المرضى. وهذه نسبة مشجعة جدا.

يبقى ان الاطباء ينصحون النساء قبل الرجال بضرورة الاستشارة الطبية ان كن يعانين من داء الشقيقة وان لا يكتفين بالمسكنات كحل دائم انما يقتضي الأمر البحث عن السبب واجتثاث جذوره ان أمكن.