منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للتربية والتعليم | ||
((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني ))) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
حديث الغار
قرأت على أبي الفتح الشيباني بدمشق ، أخبركم الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن ابن محمد بن البن الأسدي قراءة عليه و أنت تسمع ، قال : أخبرنا جدي ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أخبرنا ابن أبي النصر ، أخبرنا خيثمة ، حدثنا عبد الله بن أحمد الدورقي ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا عون بن عمرو القيسي أخو رياح القيسي ، حدثنا أبو مصعب المكي ، قال : أدركت أنس بن مالك و زيد بن أرقم و المغيرة بن شعبة ، فسمعتهم يتحدثون : أن النبي صلى الله عليه و سلم ليلة الغار أمر الله شجرة فنبتت في وجه النبي صلى الله عليه و سلم فسترته ، و أمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار ، و أقبل فتيان قريش من كل بطن يعصيهم و هراويهم و سيوفهم ، حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه و سلم على أربعين ذراعاً ، تعجل بعضهم ينظر في الغار فلم ير إلا حمامتين بفم الغار ، فرجع إلى أصحابه ، فقالوا له : مالك ؟ قال : رأيت حمامتين وحشيتين فعرفت أنه ليس فيه أحد ، فسمع النبي صلى الله عليه و سلم ما قال ، فعرف رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الله عز وجل قد درأ عنه . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
حديث الهجرة و خبر سراقة بن مالك بن جعشم
روينا من طريق البخاري ، " حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، قال ابن شهاب ، فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت : لم أعقل أبوي إلا و هما يدينان الدين ، و لم يمر علينا إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم طرفي النهار بكرة و عشية ، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرأً نحو أرض الحبشة ، حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة ، و هو سيد القارة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ قال أبو بكر : أخرجني قومي ، فأريد أن أسيح في الأرض ، فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، و تصل الرحم ، و تحمل الكل و تقري الضيف ، و تعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار ، فارجع ، فاعبد ربك ببلدك . فرجع و ارتحل مع ابن الدغنة ، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش ، فقال لهم : إن أبا بكر لا يخرج مثله و لا يخرج ، أتخرجون رجلاً يكسب المعدوم ، و يصل الرحم ، ويحمل الكل و يقري الضيف ، و يعين على نوائب الحق . فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة . و قالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ، فليصل فيها وليقرأ ما شاء ، و لا يؤذنا بذلك ، و لا يستعلن به ، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا و أبناءنا . فقال ذلك ابن اللدغنة لأبي بكر . فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره و لا يستعلن بصلاته و لا يقرأ في غير داره . ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره ، فكان يصلي فيه و يقرأ القرآن ، فيتقصف عليه نساء المشركين و أبناؤهم ، وهم يعجبون منه و ينظرون إليه . و كان أبو بكر رجلاً بكاء ، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة ، فقدم عليهم ، فقالوا : إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره ، فقد جاوز ذلك ، فابتنى مسجداً بفناء داره ، فأعلن بالصلاة و القراءة فيه و إنا قد خشينا أن يفتن نساءنا و أبناءنا بهذا ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل ، و إن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمتك ، فإنا قد كرهنا أن نخفرك ، و لسنا مقرين للأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة : فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال : قد علمت الذي عاقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك و إما أن ترجع إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له . فقال له أبو بكر : فإني أرد إليك جوارك و أرضى بجوار الله . و النبي صلى الله عليه و سلم يومئذ بمكة ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم للمسلمين : إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين ، و هما الحرتان ، فهاجر من هاجر قبل المدينة ، و رجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة ، و تجهز أبو بكر قبل المدينة . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي . فقال أبو بكر : هل ترجو ذلك بأبي أنت ؟ قال : نعم . فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه و سلم ليصحبه ، و علف را حلتين عنده ورق السمر ـ و هو الخبط ـ أربعة أشهر " . قال ابن شهاب : " قال عروة : قالت عائشة : فبينا نحن جلوس يوماً في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة ، قال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم متقنعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها . فقال أبو بكر : فدى له أبي و أمي ، و الله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر . قالت : فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فاستأذن ، فأذن لي ، فدخل ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم لأبي بكر : أخرج من عندك . فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله . قال : فإنه قد أذن لي في الخروج . فقال أبو بكر : الصحابة بأبي أنت يا رسول الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نعم . قال أبو بكر : فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بل بالثمن . قالت عائشة : فجهزناهما أحث الجهاز ، و صنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين . قالت : ثم لحق رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر بغار في جبل ثور ، فمكث فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، و هو غلام شاب ثقف لقن ، فيدلج من عندهما بسحر ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمراً يكادان به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، و يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم ، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء ، فيبيتان في رسل ـ و هو لبن منحتهما و رضيفهما ـ حين ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث . و استأجر رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر رجلاً من بني الديل ـ و هو من بني عبد بن عدي ـ هادياً خريتاً ـ و الخريت : الماهر بالهداية ـ قد غمس حلفاً في آل العاص بن وائل السهمي ، و هو على دين كفار قريش ، فأمناه ، فدفعا إليه راحلتيهما ، و واعداه غار ثور بعد ثلاث ليال ، فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث ، و انطلق معهما عامر بن فهيرة و الدليل ، فأخذ بهم على طريق السواحل . قال ابن شهاب : و أخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي ـ و هو ابن أخي سراقة ابن مالك بن جعشم ـ أن أباه أخبره ، أنه سمع سراقة بن مالك بن جعشم يقول : جاءنا رسل كفار يجعلون في رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره ، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج ، أقبل رجل منهم حتى أقام علينا ، و نحن جلوس ، فقال : يا سراقة ! إني قد رأيت آنفاً أسودة بالساحل ، أراها محمداً و أصحابه . قال سراقة : فعرفت أنهم هم . فقلت له : إنهم ليسوا بهم ، و لكنك رأيت فلاناً و فلاناً انطلقوا بأعيننا . ثم لبثت في المجلس ساعة ، ثم قمت فدخلت ، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي ، و هي من وراء أكمة فتحبسها علي ، و أخذت رمحي ، فخرجت به من ظهر البيت ، فخططت بزجه و خفضت عاله ، حتى أتيت فرسي فركبتها ، فرفعتها تقرب بي ، حتى دنوت منهم ، فعثرت بي فرسي فخررت عنها ، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي ، فاستخرجت منها الأزلام ، فاستقسمت بها : أضرهم أم لا ؟ فخرج الذي أكره ، فركبت فرسي ـ و عصيت الأزلام ـ تقرب بي ، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو لا يلتفت ، و أبو بكر يكثر الالتفات ، ساخت يدا فرسي في الأرض ، حتى بلغتا الركبتين ، فخررت عنها ، ثم زجرتها فنهضت ، فلم تكد تخرج يديها ، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان ، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره ، فناديتهم بالأمان ، فوقفوا ، فركبت فرسي حتى جئتهم ، و وقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقلت له : إن قومك جعلوا فيك الدية ، و أخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم ، و عرضت عليهم الزاد و المتاع ، فلم يرزآني و لم يسألاني ، إلا أن قالا : أخف عنا . فسألته أن يكتب لي كتاب أمن ، فأمر عامر بن فهيرة فكتب لي في رقعة من أدم ، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه و سلم . قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجاراً قافلين من الشام ، فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبا بكر ثياب بياض . و سمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من مكة ، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه ، حتى يردهم حر الظهيرة ، فانقلبوا يوماً بعدما أطالوا انتظارهم ، فلما أووا إلى بيوتهم أو في رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه ، فبصر رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه مبيضين ، يزول بهم السراب ، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته : يا معاشر العرب ! هذا جدكم الذي تنتظرون . فثار المسلمون إلى السلاح ، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه و سلم بظهر الحرة ، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في دار بني عمرو ابن عوف ، و ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول ، فقام أبو بكر للناس و جلس رسول الله صلى الله عليه و سلم صامتاً ، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه و سلم يحيي أبا بكر ، حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه ، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه و سلم عند ذلك ، فلبث رسول الله صلى الله عليه و سلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة ، و أسس المسجد الذي أسس على التقوى ، و صلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم ركب راحلته ، فسار بمشي معه الناس ، حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم بالمدينة ، و هو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين ، و كان مربداً للتمر ، لسهل و سهيل غلامين يتيمين في حجر سعد بن زرارة . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم حين بركت به راحلته : هذا إن شاء الله تعالى المنزل . ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم الغلامين ، فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً ، فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله . فأبى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يقبه منهما هبة ، حتى ابتاعه منهما ، ثم بناه مسجداً ، فطفق رسول الله صلى الله عليه و سلم ينقل معهم اللبن في بنائه ، و يقول و هو ينقل اللبن : هذا الحمال لا حمال خبر هذا أبر ربنا و أطهر اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار و المهاجرة تمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي " . قال ابن شهاب : و لم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات . كذا وقع في هذا الخبر أن الذي كسا رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبا بكر الزبير ، و ذكر موسى ابن عقبة أنه طلحة بن عبيد الله في خبر ذكره . " و روينا من طريق البخاري أن أبا بكر كان يسأل عن النبي صلى الله عليه و سلم : من هذا ؟ فيقول : هذا الرجل يهديني الطريق . قال : فيحسب الحاسب أنه يعني الطريق ، و إنما يعني سبيل الخير " . و روينا من طريق ابن إسحاق : " أنه عليه الصلاة و السلام أعلم علياً بمخرجه ، و أمره أن يتخلف بعده حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس و أن أبا بكر خرج بماله كله ، و هو فيما قيل خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم " . " أخبرنا عبد الله بن أحمد بن فارس ، و يوسف بن يعقوب بن المجاور قراءة على الأول و أنا أسمع بالقاهرة ، و بقراءتي على الثاني بسفح قاسيون ، قالا : حدثنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري ، أخبرنا أبو طالب العشاري ، أخبرنا أبو الحسين بن سمعون ، حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك ، أخبرنا يحيى بن إسماعيل الحريري ، حدثنا جعفر بن علي ، حدثنا سيف ، عن بكر بن وائل ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أحد أمن علي في صحبته و ذات يده من أبي بكر ، و ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر ، و لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً " . و جهل أهل مكة الخبر عنهم ، إلى أن سمعوا الهاتف يهتف بالشعر الذي فيه ذكر أم معبد ، فعلموا أنهم توجهوا نحو يثرب قد نجوا منهم . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
حديث أم معبد
" أخبرنا الشيخان أبو الفضل عبد الرحيم بن يوسف المزي والدي عليه ، و أبو الهيجاء غازي بن أبي الفضل بقراءتي عليه ، قالا : أخبرنا ابن طبرزد ، أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن غيلان ، أخبرنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا محمد بن يونس القرشي ، حدثنا عبد العزيز بن يحيى مولى العباس بن عبد المطلب ، حدثنا محمد بن سليمان بن سليط الأنصاري ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده أبي سليط و كان بدرياً ، قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في الهجرة و معه أبو بكر الصديق و عامر بن فهيرة مولى أبي بكر و ابن أريقط يدلهم على الطريق ، مروا بأم معبد الخزاعية ، و هي لا تعرفهم . فقال لها : يا أم معبد ، هل عندك من لبن ؟ قالت : لا و الله إن الغنم لعازبة . قال : فما هذه الشاة التي أرى ـ لشاة رآها في كفاء البيت ـ قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم . قال : أتأذنين في حلابها ؟ قالت : لا و الله ما ضربها من فحل قط ، فشأنك بها ، فدعا بها ، فمسح ظهرها و ضرعها ، ثم دعا بإناء يربض الرهط ، فحلب فيه فملأه ، فسقى أصحابه عللاً بعد نهل ، ثم حلب فيه آخر ، فغادره عندها ، و ارتحل ، فلما جاء زوجها عند المساء ، قال : يا أم معبد ! ماهذا اللبن و لا حلوبة في البيت و الغنم عازبة ؟ قالت لا و الله إلا أنه مر بنا رجل ظاهر الوضاءة ، متبلج الوجه ، في أشفاره وطف ، و في عينيه دعج و في صوته صحل ، غصن بين الغصنين ، لا تشنؤه من طول و لا تقتحمه من قصر ، لم تعبه ثجلة و لم تزره صعلة ، كأن عنقه إبريق فضة ، إذا صمت فعليه البهاء ، و إذا نطق فعليه وقار ، له كلام كخرزات النظم ، أزين أصحابه منظراً ، و أحسنهم وجهاً ، أصحابه يحفون به ، إذا أمر ابتدروا أمره ، و إذا نهى اتفقوا عند نهايته . قال : هذه و الله صفة صاحب قريش ، و لو رأيته لاتبعته و لاجتهدن أن أفعل . قال : فلم يعلموا بمكة أين توجه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر ، حتى سمعوا هاتفاً على رأس أبي قبيس ، و هو يقول : جزى الله خيراً و الجزاء بكفه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما رحلا بالحق و انتزلا به فقد فاز من أمسى رفيق محمد فما حملت من ناقة فوق رحلها أبر و أوفى ذمة من محمد و أكسى لبرد الخال قبل ابتذاله و أعطى برأس السابح المتجرد ليهن بني كعب مكان فتاتهم و مقعدها للمؤمنين بمرصد " و به قال أبو بكر الشافعي ، حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان ، حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثت عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، أنها قالت : لما خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم أتانا نفر من قريش ، فيهم أبو جهل بن هشام ، فوقفوا على باب أبي بكر رضي الله عنه ، فخرجت إليهم ، فقالوا : أين أبوك يا بنت أبي بكر ؟ قالت : قلت : و الله لا أدري أين أبي . قالت : فرفع أبو جهل يده ـ و كان فاحشاً خبيثاً ـ فلطم خدي لطمة خرم منها قرطي . قالت : ثم انصرفوا ، فمضى ثلاث ليال ما ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة ، يغني بأبيات ، غنى بها العرب ، و إن الناس ليتبعونه يسمعون صوته و ما يرونه ، حتى خرج بأعلى مكة : جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلاها بالهدى و اغتدوا به فأفلح من أمسى رفيق محمد ليهن بني كعب مكان فتاتهم و مقعدها للمؤمنين بمرصد قالت : فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله صلى الله عليه و سلم . . . الحديث . و قد روينا حديث أسماء هذا متصلاً ، من حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء . أخبرنا عبد الله بن أحمد بن فارس قراءة عليه و أنا أسمع بالقاهرة ، و أبو الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني بقراءة عليه بسفح قاسيون ، قالا : أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي ، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري ، أخبرنا أبو طالب محمد ابن علي بن الفتح ، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد ، حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني ، أخبرنا يحيى بن إسماعيل ، حدثنا جعفر بن علي ، حدثنا سيف ، عن هشام ابن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، قالت : ارتحل النبي صلى الله عليه و سلم و أبو بكر ، فلبثنا أياماً ثلاثة أو أربعة ، أو خمس ليال ، لا ندري أين توجه ، و لا يأتينا عنه خبر ، حتى أقبل رجل من الجن . . . الحديث بنحو ما تقدم . و روينا عن أبي بكر الشافعي بالسند المتقدم ، حدثنا بشر بن أنس أبو الخير ، حدثنا أبو هشام محمد بن سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن زيد بن ثابت بن يسار الكعبي الربعي الخزاعي ، حدثني عمي أيوب بن الحكم ، قال الشافعي : و حدثني أحمد ابن يوسف بن تميم البصري ، حدثنا أبو هاشم محمد بن سليمان بن زيد . قال : حدثني عمي أيوب بن الحكم ، عن حزام بن هشام ، عن أبيه هشام ، عن جده حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج من مكة مهاجراً إلى المدينة ، فذكر نحو ما تقدم من خبر أبي سليط ، و ذكر الأبيات و زاد فيها : فيا لقصي ما زوى الله عنكم به من فعال لا تجاري و سودد سلوا أختكم عن شاتها و إنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلبت عليه صريحاً ضرة الشاة مزبد فغادرها رهناً لديها بحالب ترددها في مصدر ثم مورد فلما سمع حسان بن ثابت قال يجاوب الهاتف : لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم و قدس من يسري إليه و يغتدي ترحل عن قوم فضلت عقولهم و حل على قوم بنور مجدد هداهم به بعد الصلالة ربهم و أرشدهم ، من يتبع الحق يرشد و قد نزلت منه على أهل يثرب ركاب هدى حلت عليهم بأسعد نبي يرى ما لا يرى الناس حوله و يتلو كتاب الله في كل مسجد و إن قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد ليهن أبو بكر سعادة جده بصحبته ، من يسعد الله يسعد و اجتاز رسول الله صلى الله عليه و سلم في وجهه ذلك بعبد يرعى غنماً ، فكان من شأنه ما رويناه من طريق البيهقي بسنده ، " عن قيس بن النعمان ، قال : لما انطلق النبي صلى الله عليه و سلم و أبو بكر مستخفيين ، مرا بعبد يرعى غنماً ، فاستسقياه اللبن ، فقال : ما عندي شاة تحلب ، غير أن ها هنا عناقاً حملت أول ، و قد أخدجت ، و ما بقي لها لبن ، فقال : ادع بها ، فدعا بها ، فاعتقلها النبي صلى الله عليه و سلم ، و مسح ضرعها ، و دعا حتى أنزلت ، و قال : جاء أبو بكر بمجن فحلب ، فسقى أبا بكر ، ثم حلب فسقي الراعي ، ثم حلب فشرب . فقال الراعي : بالله من أنت ؟ فو الله ما رأيت مثلك . قال : أو تراك تكتم علي حتى أخبرك ؟ قال : نعم . قال : فإني محمد رسول الله . فقال : أنت الذي تزعم قريش أنه صابئ ؟ قال : إنهم ليقولون ذلك ؟ قال : فأشهد أنك نبي ، و أن ما جئت به حق ، و أنه لا يفعل ما فعلت إلا نبي ، و أنا متبعك . قال : إنك لن تستطيع ذلك يومك ، فإذا بلغك أني قد ظهرت فائتنا " . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار
العثان : بضم العين المهملة و الثاء المثلثة : شبه الدخان ، و هو مفسر في الخبر بذلك ، و جمعه عواثن . الحمال : جمع أو مصدر ، أي هذا الحمل أو المحمول من اللبن أفضل من حمال خيبر ، التمر و الزبيت المحمول منها ، قيل رواه المستعلي بالجيم فيهما ، و له وجه ، الأول أظهر . و أم معبد : عاتكة بنت خالد ، إحدى بني كعب من خزاعة ، و هي أخت حبيش ابن خالد الذي روينا الخبر من طريقه و له صحبة ، و كان منزلها بقديد . و أبو سليط : أسيرة بن عمرو ، أنصاري من بني النجار ، شهد بدراً و ما بعدها . و وقع في الأبيات التي رويناها في الخبر من طريقه . فما حملت من ناقة فوق رحلها البيت ، و الذي يليه في ذلك الشعر ، و ليس ذلك بمعروف ، و المعروف في هذا الشعر أنه لأبي أناس الديلي رهط أبي الأسود ، صحابي ذكره أبو عمر ، و عمه سارية بن زنيم ، الذي قال له عمر بن الخطاب : يا سارية الجبل . و كان أبو أناس شاعراً ، و هو القائل لرسول الله صلى الله عليه و سلم : تعلم رسول الله أنك قادر على كل حاف من تهام و منجد و هي طويلة منها : و ما حملت من ناقة فوق رحلها أبر و أوفى ذمة من محمد و تضمن حديث أم معبد أشياء من صفة النبي صلى الله عليه و سلم يأتي شرحها في الشمائل إن شاء الله تعالى . و كفاء البيت : سترة في البيت من أعلاه إلى أسفله من مؤخره ، و قيل : الكفاء : الشقة التي تكون في مؤخر الخباء ، و قيل : هو كساء يلقى على خباء كالإزار حتى يبلغ الأرض ، و قد أكفى البيت . ذكره ابن سيده . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر دخوله عليه الصلاة و السلام المدينة
و كان أهل المدينة يتوكفون قدوم رسول الله صلى الله عليه و سلم حين بلغهم توجهه إليهم ، فكانوا يخرجون كل يوم لذلك أول النهار ثم يرجعون ، حتى كان يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، خرجوا لذلك على عادتهم فرجعوا و لم يقدم عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم قدم من يومه ذلك حين اشتد الضحاء ، فنزل بقباء على بني عمرو بن عوف على كلثوم بن هدم ، و كان يجلس للناس في بيت سعد بن خيثمة . قال الواقدي : و نزل على كلثوم أيضاً جماعة من الصحابة ، منهم : أبو عبيدة بن الجراح ، و المقداد بن عمرو ، و خباب بن الأرت ، و سهيل و صفوان ابنا بيضاء ، و عياض ابن زهير ، و عبد الله بن مخرمة ، و وهب بن سعد بن أبي سرح ، و معمر بن أبي سرح ، و عمرو بن أبي عمرو من بني محارب بن فهر ، و عمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو . و كل هؤلاء قد شهد بدراً ، ثم يلبث كلثوم أن مات قبل بدر ، و كان رجلاً صالحاً غير مغموص عليه . انتهى كلام الواقدي . و قيل : نزل أبو بكر على خبيب بن إساف ، و قيل : على خارجة بن زيد بن أبي زهير . و أقام علي بمكة ثلاث ليال حتى أدى الودائع التي كانت عند النبي صلى الله عليه و سلم للناس ، ثم جاء فنزل علي كلثوم ، فكان يقول : كان بقباء امرأة لا زوج لها مسلمة ، فرأيت إنساناً يأتيها من جوف الليل ، فيضرب عليها بابها ، فتخرج إليه فيعطيها شيئاً معه فتأخذه ، قال : فاستربت شأنه ، فقلت : يا أمة الله ، من هذا الرجل الذي يضرب عليك بابك كل ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئاً لا أدري ما هو و أنت امرأة مسلمة لا زوج لك ؟ قالت : هذا سهل بن حنيف ، قد عرف أني امرأة لا أحد لي ، فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها ، ثم جاءني بها ، فقال احتطبي بهذا ، فكان علي يأثر ذلك من أمر سهل بن حنيف . و كان فيمن خرج لينظر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قوم من اليهود فيهم عبد الله بن سلام . " أخبرنا الشيخان أبو الفضل عبد الرحيم بن يوسف و أبو الهيجاء غازي بن أبي الفضل ، قالا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزذ ، أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أخبرنا أبو طالب بن غيلان ، أخبرنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا معاذ ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن عوف قال : حدثنا زرارة ، قال : قال عبد الله بن سلام : لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة ، قيل : قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فانجفل الناس إليه ، فكنت فيمن انجفل ، فلما رأيت وجهه صلى الله عليه و سلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، فأول ما سمعته يقول : أفشوا السلام ، و أطعموا الطعام ، و صلوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " . و أشرقت المدينة بقدومه صلى الله عليه و سلم ، و سرى السرور إلى القلوب بحلوله بها . روينا من طريق ابن ماجه ، حدثنا بشر بن هلال الصواف ، حدثنا جعفر بن سليمان ، الضبعي ، حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك ، قال : لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أضاء منها كل شيء ، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء ، و ما نفضنا عن النبي صلى الله عليه و سلم الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا . و روى ابن أبي خيثمة ، عن أنس : شهدت يوم دخول النبي صلى الله عليه و سلم المدينة فلم أر يوماً أحسن منه و لا أضوأ . و روى البخاري من حديث البراء بن عازب ، قال : فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه و سلم . . الحديث . قال ابن إسحاق : و أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين و يوم الثلاثاء و يوم الأربعاء و يوم الخميس ، و أسس مسجدهم ، ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة . و بنو عمرو بن عوف يزعمون أنه مكث فيهم أكثر من ذلك . و قد روينا عن أنس من طريق البخاري إقامته فيهم أربع عشرة ليلة . و المشهور عند أصحاب المغازي ما ذكره ابن إسحاق . " فأدركت رسول الله صلى الله عليه و سلم الجمعة في بني سالم بن عوف ، فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي ، وادي رانوناء ، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة ، فأتاه عتبان بن مالك و عباس بن عبادة بن نضلة في رجال من بني سالم بن عوف ، فقالوا : يا رسول الله ، أقم عندنا في العدد و العدة و المنعة . قال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة ـ لناقته ، فخلوا سبيلها فانطلقت حتى وازت دار بني بياضة ، تلقاه زياد بن لبيد و فروة بن عمرو في رجال من بني بياضة ، فقالوا : يا رسول الله ! هلم إلينا ، إلى العدد و العدة و المنعة . فقال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت ، حتى إذا مرت بدار بني ساعدة اعترضه سعد بن عبادة و المنذر بن عمرو في رجال من بني ساعدة ، فقالوا : يا رسول الله هام إلينا إلى العدد و العدة و المنعة . قال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة . فخلوا سبيلها فانطلقت ، حتى إذا وازت دار بني الحارث بن الخزرج ، اعترضه سعد بن الربيع و خارجة بن زيد و عبد الله بن رواحة في رجال من بني بلحارث بن الخزرج ، فقالوا : يا رسول الله ! هلم إلينا إلى العدد و العدة و المنعة . قال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة . فخلوا سبيلها حتى إذا مرت بدار عدي بن النجار ـ و هم أخواله دينا أم عبد المطلب ، سلمى بنت عمرو إحدى نسائهم ـ اعترضه سليط بن قيس و أبو سليط أسيرة بن أبي خارجة في رجال من بني عدي بن النجار ، فقالوا : يا رسول الله ! هلم إلى أخوالك ، إلى العدد و المنعة ، قال : خلوا سبيلها فإنها مأمورة ، فخلوا سبيلها فانطلقت ، حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار بركت على باب مسجده صلى الله عليه و سلم و هو يومئذ مربد لغلامين يتيمين من بني مالك بن النجار في حجر معاذ بن عفراء ، سهل و سهيل ابني عمرو ، فلما بركت و رسول الله صلى الله عليه و سلم لم ينزل و ثبت ، فسارت غير بعيد و رسول الله صلى الله عليه و سلم واضع لها زمامها لا يثنيها به ، ثم التفت خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه ، ثم تحلحلت و أرزمت و وضعت جرانها ، و نزل عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و احتمل أبو أيوب خالد بن زيد رحله فوضعه في بيته ، و نزل عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم " . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر بناء المسجد
" و سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المربد لمن هو ؟ فقال له معاذ بن عفراء : هو يا رسول الله لسهل و سهيل ابني عمرو ، و هما يتيمان لي و سأرضيهما منه فاتخذه مسجداً ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يبني ، و نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي أيوب حتى بني مسجده و مساكنه ، ، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ليرغب المسلمين في العمل فيه ، فعمل فيه المهاجرون و الأنصار و دأبوا فيه ، فقال قائل من المسلمين : لئن قعدنا و النبي يعمل لذاك منا العمل المضلل و أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة إذ قدمها شهر ربيع الأول إلى صفر من السنة الداخلة ، يبني له فيها مسجده و مساكنه " . قال أبو عمر : " و قد روي أن النبي صلى الله عليه و سلم أبى أن يأخذه إلا بثمن ، فالله أعلم . فبني رسول الله صلى الله عليه و سلم مسجده و جعل عضادتيه الحجارة ، و سواريه جذوع النخل ، و سقفه جريدها ، بعد أن نبش قبور المشركين و سواها ، و سوى الخرب ، و قطع النخل ، و عمل فيه المسلمون حسبة . و مات أبو أمامة أسعد بن زرارة حينئذ ، فوجد عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وجداً شديداً ، و كان قد كواه من ذبحة نزلت به ، و كان نقيب بني النجار فلم يجعل عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم نقيباً بعده ، و قال لهم : أنا نقيبكم . فكانت من مفاخرهم " . و ذكر أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري ، " قال : فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم عند أبي أيوب ، و أراده قوم من الخزرج على النزول عليهم ، فقال : المرء مع رحله . فكان مقامه في منزل أبي أيوب سبعة أشهر ، و نزل عليه تمام الصلاة بعد مقدمه بشهر ، و وهبت الأنصار لرسول الله صلى الله عليه و سلم كل فضل كان في خططها ، و قالوا : يا نبي الله ! إن شئت فخذ منازلنا ، فقال لهم خيراً . قالوا : و كان أبو أمامة أسعد بن زرارة يجمع بمن يليه في مسجد له ، فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي فيه ، ثم إنه سأل أسعد أن يبيعه أرضاً متصلة بذلك المسجد كانت في يده ليتيمين في حجره يقال لهما سهل و سهيل ابنا رافع بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة ابن غنم . كذا نسبهما البلاذري و هو يخالف ما سبق عن ابن إسحاق و غيره ، و الأول أشهر . قال : فعرض عليه أن يأخذها و يغرم عنه لليتيمين ثمنها ، فأبى رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك و ابتاعها منهما بعشر دنانير أداها من مال أبي بكر . ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر باتخاذ اللبن فاتخذ ، و بني به المسجد ، و رفع أساسه بالحجارة ، و سقف بالجريد ، و جعلت عمده جذوعاً " ، فلما استخلف أبو بكر لم يحدث فيه شئياً ، و استخلف عمر فوسعه ، فكلم العباس بن عبد المطلب في بيع داره ليزيدها فيه ، فوهبها العباس لله و للمسلمين ، فزادها عمر في المسجد . ثم إن عثمان بناه في خلافته بالحجارة و القصة و جعل عمده حجارة ، و سقفه بالساج و زاد فيه و نقل إليه الحصباء من العقيق . و كان أول من اتخذ فيه المقصورة مروان بن الحكم ، بناها بحجارة منقوشة ، ثم لم يحدث فيه شيء إلى أن ولي الوليد بن عبد الملك بن مروان بعد أبيه ، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز و هو عامله على المدينة يأمره بهدم المسجد و بنائه ، و بعث إليه بمال و فيسفساء و رخام ، و بثمانين صانعاً من الروم و القبط من أهل الشام و مصر ، فبناه و زاد فيه . و ولي القيام بأمره و النفقة عليه صالح بن كيسان ، و ذلك في سنة سبع و ثمانين ، و يقال في سنة ثمان و ثمانين . ثم لم يحدث فيه أحد من الخلفاء شيئاً حتى استخلف المهدي . قال الواقدي : بعث المهدي عبد الملك بن شبيب الغساني و ررجلاً من ولد عمر بن عبد العزيز إلى المدينة لبناء مسجدها و الزيادة فيه ، و عليها يومئذ جعفر بن سليمان بن علي ، فمكثا في عمله سنة و زاد في مؤخره مائة ذراع ، فصار طوله ثلاثمائة ذراع و عرضه مائتي ذراع ، و قال علي بن محمد المدائني : ولى المهدي جعفر بن سليمان مكة و المدينة و اليمامة ، فزاد ، في مسجد مكة و مسجد المدينة ، فتم بناء مسجد المدينة في سنة اثنتين و ستين و مائة ، و كان المهدي أتى المدينة في سنة ستين قبل الهجرة فأمر بقلع المقصورة و تسويتها مع المسجد . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر الموادعة بين المسلمين و اليهود
قال ابن إسحاق : " و كتب رسول الله صلى الله عليه و سلم كتاباً بين المهاجرين و الأنصار ، و وداع فيه يهود ، و عاهدهم و أقرهم على دينهم و أموالهم ، و شرط لهم و اشترط عليهم : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه و سلم بين المؤمنين و المسلمين من قريش و يثرب و من تبعهم فلحق بهم و جاهد معهم ، إنهم أمة واحدة من دون الناس ، المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم ، و هم يفدون عانيهم بالمعروف و القسط بين المؤمنين . و بنو عوف على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الأولى ، و كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف و القسط بين المؤمنين ، و ذكر كذلك في بني ساعدة ، و بني جشم ، و بني النجار ، و بني عمرو ابن عوف ، و بني النبيت ، و بني الأوس . و إن المؤمنين لا يتركون مفرحاً بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل ، و لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه، و إن المؤمنين المتقين على من بغي منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين ، و إن أيديهم عليه جميعاً و لو كان ولد أحدهم ، و لا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ، و لا ينصر كافر على مؤمن ، و إن ذمة الله واحدة ، يجير عليهم أدناهم ، و إن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس ، و إنه من تبعنا من يهود فإن له النصر و الأسوة غير مظلمومين و لا متناصر عليهم ، و إن سلم المؤمنين واحدة ، لا يسالم مؤمن من دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء أو عدل بينهم ، و إن لكل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضاً ، و إن المؤمنين يبيء بعضهم عن بعض بما نال دماءهم في سبيل الله ، و إن المؤمنين المتقين على أحسن هدى و أقومه ، و إنه لا يجير مشرك مالاً لقريش و لا نفساً و لا يحول دونه على مؤمن ، و إنه من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قود به إلا يرضى ولي المقتول ، و إن المؤمنين عليه كافة ، و لا يحل لهم إلا قيام عليه ، و إن يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة و آمن بالله و اليوم آخر أن ينصر محدثاً و لا يؤويه ، و إن من نصره آو آواه فإن عليه لعنة الله و غضبه يوم القيامة ، و لا يؤخذ منه صرف و لا عدل ، و إنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله و إلى محمد ، و إن اليهود يثقفون مع المؤمنين ما داموا محاربين ، و إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم و للمسلمين دينهم ، مواليهم و أنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه و أهل بيته . و ذكر مثل ذلك ليهود بني النجار ، و بني الحارث ، و بني ساعدة ، و بني جشم ، و بني الأوس ، و بني ثعلبة ، و بين الشطبة ، و إن جفنة بطن من ثعلبة ، و إن بطانة يهود كأنفسهم ، و إن البر دون الإثم ، و إن موالي ثعلبة كأنفسهم ، و إنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد ، و إنه لا ينحجز عن ثأر جرح ، و إنه من فتك فبنفسه إلا من ظلم ، و إن الله على أبر هذا ، و إن على اليهود نفقتهم و على المسلمين نفقتهم ، و إن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة ، و إن بينهم النصح و النصيحة و البر دون الإثم ، و إنه لن يأثم امرؤ بحليفه ، و إن النصر للمظلوم ، و إن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة ، و إن الجار كالنفس غير مضار و لا آثم ، و إنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها ، و إنه ما كان بين أهل الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله و إلى محمد صلى الله عليه و سلم ، و إن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة و أبره ، و إنه لاتجار قريش و لا من نصرها ، و إن بينهم النصر على من دهم يثرب . و إذا دعوا إلى صلح يصالحونه و يلبسونه فإنهم يصالحونه و يلبسونه ، و إنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين ، إلا من حارب في الدين ، على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم ، و إن يهود الأوس مواليهم و أنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة ، و إن البر دون الإثم ، و لا يكتسب كاسب إلا على نفسه ، و إن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة و أبره ، و إنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم و لا آثم ، و إن من خرج آمن ، و من قعد آمن بالمدينة ، إلا من ظلم أو إثم . و إن الله جار لمن بر و أتقى ، و محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم " . هكذا ذكره ابن إسحاق ، و قد ذكره ابن أبي خيثمة ، فأسنده : حدثنا أحمد بن جناب أبو الوليد ، حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو المزني ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب كتاباً بين المهاجرين و الأنصار ، فذكره بنحوه . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
شرح ما فيه من الغريب
الربعة : الحالة التي جاء الإسلام و هم عليها ، من كتاب المزني . قال الخشني : ربعة و ربعة ، و كذلك رباعة و رباعة . و المفرح : رواه ابن جريج مفرجاً . قال أبو عبيدة ومعناهما واحد ، و قال أبو عبيد : سمعت محمد بن الحسن يقول هذا يروى بالحاء و بالجيم ، قال أبو العباس ثعلب : المفرح المثقل من الديون ، و بالجيم الذي لا عشيرة له . و قال أبو عبيدة : المفرج بالجيم أن يسلم الرجل فلا يوالي أحداً بقول ، فتكون جنايته على بيت المال ، لأنه لا عاقلة له ، فهو مفرج . و قال بعضهم : هو الذي لا ديوان له . و قال أبو عبيد القاسم بن سلام عن محمد بن الحسن : هو القتيل يوجد بأرض فلاة لا يكون عند قرية فإنه يودى من بيت المال و لا يظل دمه . و قوله : و إن المؤمنين يبيء بعضهم عن بعض : يعني أن دماءهم متكافئة ، يقال : ما فلان ببواء لفلان ، أي بكفؤ له . و يقال : باء الرجل بصاحبه يبوء بواء ، إذا قتل به كفؤاً ، و لم يفسره ابن قتيبة ، و معناه : يقتل بعضهم قاتل بعض ، يقال أبات لفلان قاتله : أي قتله . و يوتغ : يفسد ، قاله ابن هشام . نقلت هذه الفوائد من خط جدي رحمه الله من حواشي كتابه الذي تقدم ذكره . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ذكر المؤخاة
و كان المؤاخاة مرتين : الأولى بين المهاجرين بعضهم و بعض قبل الهجرة على الحق و المؤساة ، آخى بينهم النبي صلى الله عليه و سلم ، فآخى بين أبي بكر و عمر ، و بين حمزة و زيد بن حارثة ، و بين عثمان و عبد الرحمن بن عوف ، و بين الزبير و ابن مسعود ، و بين عبيدة بن الحارث و بلال ، و بين مصعب بن عمير و سعد بن أبي وقاص ، و بين عبيدة و سالم مولى أبي حذيفة ، و بين سعيد بن زيد و طلحة بن عبيد الله ، و بين علي و نفسه صلى الله عليه و سلم . قرأت على أبي الربيع سليمان بن أحمد المرجاني بثغر الاسكندرية و غيره ، " عن محمد ابن عماد ، أخبرنا ابن رفاعة ، أخبرنا الخلعي قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن جعفر العطار ، حدثنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري ، حدثنا أبو عبد الله محمد ابن زريق بن جامع المديني ، حدثنا أبو الحسين سفيان بن بشر الأسدي ، حدثنا علي بن هاشم بن البريد ، عن كثير النواء ، عن جميع بن عمير ، عن عبد الله بن عمر ، قال : آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أصحابه ، فآخى بين أبي بكر و عمر ، و فلان و فلان ، حتى بقي علي عليه السلام ، و كان رجلاً شجاعاً ، ماضياً على أمره إذا أراد شيئاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما ترضى أن أكون أخاك ؟ قال : بلى يا رسول الله رضيت . قال : فأنت أخي في الدنيا و الآخرة . قال كثير : فقلت لجميع بن عمير : أنت تشهد بهذا على عبد الله بن عمر ؟ قال : نعم أشهد . فلما نزل عليه الصلاة و السلام المدينة آخى بين المهاجرين و الأنصار على المواساة و الحق في دار أنس بن مالك ، فكانوا يتوارثون بذلك دون القرابات ، حتى نزلت وقت وقعة بدر و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله [ الأنفال : 75 ] فنسخت ذلك . و كانت المؤاخاة بعد بنائه عليه الصلاة و السلام المسجد . و قد قيل : كان ذلك و المسجد يبني " . و قال أبو عمر : بعد قدومه عليه السلام المدينة لخمسة أشهر . قرئ على أبي عبد الله بن أبي الفتح المقدسي بمرج دمشق و أنا أسمع ، أخبركم ابن الحرستاني سماعاً ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور بن قبيس الغساني قراءة عليه و أنا أسمع ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أبي الحديد السلمي ، أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا محمد بن جعفر بن محمد أبو بكر الخرائطي قراءة عليه ، حدثنا سعدان ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : قال المهاجرون : يا رسول الله ! ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ، و لا أحسن بذلاً من كثير ، كفونا المؤنة ، و أشركونا في المهنأ ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله . قال : لا ، ما أثنيتم عليهم و دعوتم لهم . و به إلى الخرائطي ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن نافعر ، عن ابن عمر ، قال : لقد رأيتنا و ما الرجل المسلم بأحق بديناره و درهمه من أخيه المسلم . رواه مسلم عن أبي كريب ، و الترمذي و النسائي عن هناد ، كلاهما عن أبي معاوية ، فوقع لنا بدلاً عالياً لهم . و قال ابن إسحاق : " آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أصحابه من المهاجرين و الأنصار فقال : تآخوا في الله أخوين أخوين ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب ، فقال : هذا أخي . فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم و علي أخوين ، و حمزة و زيد بن حارثة أخوين ، و إليه أوصى حمزة يوم أحد " . و ذكر سنيد بن داود : أن زيد بن حارثة و أسيد بن حضير أخوان ، و هو حسن إذ هما الأنصاري و مهاجري ، و أما المؤاخاة بين حمزة و زيد فقد ذكرناها في المرة الأولى . رجع إلى ابن إسحاق : و جعفر بن أبي طالب و معاذ بن جبل أخوين ، و أنكره الواقدي لغبية جعفر بالحبشة ، و عند سنيد أن المؤاخاة كانت بين ابن مسعود و معاذ بن جبل . رجع : و أبو بكر بن أبي قحافة و خارجة بن زيد بن أبي زهير أخوين ، و عمر بن الخطاب و عتبان بن مالك أخوين ، و أبو عبيدة بن الجراح و سعد بن معاذ أخوين ، و عبد الرحمن ابن عوف و سعد بن الربيع أخوين ، و الزيبر بن العوام و سلمة بن سلامة بن وقش أخوين و يقال : بل الزبير و عبد الله بن مسعود . قلت : هذا كان في المؤخاة الأولى قبل الهجرة ،و عثمان بن عفان و أوس بن ثابت بن المنذر أخوين ، و طلحة بن عبيد الله و كعب بن مالك أخوين ، و سعيد بن زيد و أبي بن كعب أخوين ، و مصعب بن عمير و أبو أيوب خالد ابن زيد أخوين ، و أبو حذيفة بن عتبة و عباد بن بشر أخوين ، و عمار بن ياسر و حذيفة ابن اليمان أخوين . و يقال : بل ثابت بن قيس بن الشماس . و أبو ذر و المنذر بن عمرو أخوين ، و أنكره الواقدي ، لغبية أبي ذر عن المدينة ، و قال : لم يشهد بدراً و لا أحداً و لا الخندق ، و إنما قدم بعد ذلك ، و عنده : طليب بن عمير و المنذر بن عمرو أخوين . رجع إلى ابن إسحاق : و حاطب بن أبي بلتعة و عويم بن ساعدة أخوين ، و سلمان الفارسي و أبو الدرداء أخوين ، و بلال و أبو رو يحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي أخوين ، و عند سنيد بن داود فيما حكاه أبو عمر المؤاخاة بين أبي مرثد و عبادة بن الصامت ، و بين سعد بن أبي وقاص و سعد بن معاذ ، و بين عبد الله بن جحش و عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ، و بين عتبة بن عزوان و أبي دجانة ، و بين أبي سلمة بن عبد الأسد و سعد بن خيثمة ، و بين عثمان بن مظعون و أبي الهيثم بن التيهان . و زاد غيره : و بين عبيدة ابن الحارث و عمير بن الحمام ، و بين الطفيل بن الحارث أخي عبيدة و سفيان بن نسر ابن زيد من بني جشم بن الحارث بن الخزرج ، و بين الحصين أخيهما و عبد الله بن جبير ، و بين عثمان بن مظعون و العباس بن عبادة بن نضلة ، و بين صفوان بن بيضاء و رافع بن المعلى ، و بين المقداد و ابن رواحة ، و بين ذي الشمالين و يزيد بن الحارث ــ من بني حارثة ــ و بين عمير بن أبي وقاص و خبيب بن عدي ، و بين عبد الله بن مظعون و قطبة ابن عامر ابن حديدة ، و بين شماس بن عثمان و حنظلة بن أبي عامر ، و بين الأرقم بن أبي الأرقم و طلحة بن زيد ، و بين زيد بن الخطاب و معن بن عدي ، و بين عمرو بن سراقة و سعد بن زيد ــ من بني عبد الأشهل ــ و بين عاقل بن البكير و مبشر بن عبد المنذر ، و بين عبد الله بن مخرمة و فروة بن عمرو البياضي ، و بين خنيس بن حذافة و المنذر بن محمد بن عقبة ابن أحيحة بن الجلاح ، و بين سبرة بن أبي رهم و عبادة بن الخشخاش و بين مسطح بن أثاثة و زيد بن المزين ، و بين عكاشة بن محصن و المجذر بن ذياد حليف الأنصار ــ و بين عامر بن فهيرة و الحارث بن الصمة ، و بين مهجع مولى عمر و سراقة بن عمرو بن عطية ــ من بني غنم بن مالك بن النجار ــ . و كل هذ المزيد عن أبي عمر ، و قيل : كان عددهم مائة : خمسين من المهاجرين و خمسين من الأنصار . و زيد بن المزين ، كذا وجد بخط أبي عمر ، بزاي مفتوحة و الياء آخر الحروف مشددة مفتوحة . و في أصل ابن مفوز : المزين بكسر الميم ، ساكنة الزاي ، مفتوحة الياء عند ابن هشام : ابن المزني . قال ابن إسحاق : فلما دون عمر الدواوين بالشام ، و كان بلال قد خرج إلى الشام فأقام بها مجاهد ، فقال عمر لبلال : إلى من تجعل ديوانك ؟ قال : مع أبي رويحة ، لا أفارقه أبداً ، للأخوة التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم عقد بيني و بينه ، فضمه إليه ، و ضم ديوان الحبشة إلى خثعم لمكان بلال منهم ، فهو في خثعم إلى هذا اليوم بالشام . أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف الموصلي و غازي بن أبي الفضل الدمشقي ، قالا : أخبرنا عمر بن محمد بن معمر ، أخبرنا هبة الله بن محمد ، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله ، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن عمر الثقفي ، حدثنا العلاء ابن عمرو الحنفي ، حدثنا أيوب بن مدرك ، عن مكحول ، عن أبي أمامة ، قال : لما آخى النبي صلى الله عليه و سلم بين الناس آخى بينه و بين علي . أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح فيما قرأ عليه الحافظ أبو الحجاج المزي و أنا أسمع ، قال له : أخبرك القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري قراءة عليه و أنت تسمع ؟ فأقر به ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي سماعاً ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد السلمي ، أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد ، أخبرنا محمد بن جعفر الخرائطي ، حدثنا سعدان بن يزيد ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، أن عبد الرحمن بن عوف هاجر إلى المدينة ، فآخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بينه و بين سعد بن الربيع ، فقال له سعد : يا عبد الرحمن إني من أكثر الأنصار مالاً ، و أنا مقاسمك ، و عندي امرأتان ، فأنا مطلق إحداهما ، فإذا انقضت عدتها فتزوجها . فقال له : بارك الله لك في أهلك و مالك . رواه البخاري من حديث حميد عن أنس أطول من هذا . |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
بدء الأذان
و كان الناس إنما يجتمعون إلى الصلاة لتحين مواقيتها من غير دعوة ، فهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجعل بوقاً كبوق اليهود الذين يدعون به لصلاتهم ، ثم كرهه ، ثم أمر بالناقوس فنحت ليضرب به للمسلمين في الصلاة ، فبينما هم على ذلك رأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه ـ أخو بلحارث بن الخزرج ـ النداء . روينا من طريق أبي داود ، " حدثنا عباد بن موسى الختلي و زياد بن أيوب ، و حديث عباد أتم ، قالا : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، قال زياد أخبرنا أبو بشر ، عن أبي عمير ابن أنس ، عن عمومة له من الأنصار ، قال : اهتم النبي صلى الله عليه و سلم للصلاة كيف يجمع الناس لها ، فقيل له : انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً ، فلم يعجبه ذلك ، قال : فذكر له القنع ـ يعني الشبور ـ و قال زياد : شبور اليهود . فلم يعجبه ذلك ، و قال : هو من أمر اليهود . قال : فذكر له الناقوس . فقال : هو من أمر النصارى فانصرف عبد الله بن زيد و هو مهتم لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأري الأذان في منامه . قال فغدا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره ، فقال يا رسول الله ! إني لبي نائم و يقظان إذا أتاني آت فأراني الأذان ، قال : و كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً . قال : ثم أخبر النبي صلى الله عليه و سلم . فقال له : ما منعك أن تخبرني . فقال : سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا بلال ! قم فانظر ماذا يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله ، فأذن بلال . قال أبو بشر : فأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضاً لجعله رسول الله صلى الله عليه و سلم مؤذناً " . و روينا عن ابن إسحاق من طريق زياد ، و من طريق أبي داود ، " حدثنا محمد بن منصور الطوسي ، حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، قال : حدثني أبي عبد الله بن زيد ، قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس يجمع للصلاة ، طاف بي و أنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده ، فقلت : يا عبد الله ! أتبيع الناقوس ؟ قال : و ما تصنع به ؟ فقلت : ندعو به إلى الصلاة . قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت : بلى . فقال تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله الله لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . قال : ثم استأخر عني غير بعيد ، ثم قال : تقول إذا قامت الصلاة : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله .فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما رأيت . فقال : إنها لرؤيا حق إن شاء الله ، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت ، فليؤذن به ، فإنه أندى صوتاً منك . فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه و يؤذن به ، قال : فسمع بذلك عمر بن الخطاب و هو في بيته فخرج يجر رداءه يقول : و الذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فلله الحمد " . اللفظ لأبي داود . قال ابن هشام : " و ذكر ابن جريج قال : قال لي عطاء : سمعت عبيد بن عمرو يقول : ائتمر النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه بالناقوس للاجتماع للصلاة ، فبينما عمر بن الخطاب يريد أن يشتري خشبتين للناقوس ، إذ رأى في المنام أن لا تجعلوا الناقوس ، بل أذنوا للصلاة ، فذهب إلى النبي صلى الله عليه و سلم ليخبره بالذي رأى ، و قد جاء النبي صلى الله عليه و سلم الوحي بذلك ، فما راع عمر إلا بلال يؤذن ، فقال رسول الله حين أخبره بذلك : قد سبقك بذلك الوحي " . و كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم بلال ، و ابن أم مكتوم ، و أبو محذورة ، و سعد القرظ ، و هو ابن عائذ مولى عمار بن ياسر ، و كان يلزم التجارة في القرظ فعرف بذلك ، و كان يؤذن لأهل قباء ، و ابن أم مكتوم : عمرو بن قيس العامري ، و قيل : عبد الله . و أبو محذورة : سمرة بن معير ، و قيل أوس . و روينا عن الطبراني : حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثنا أبي ، عن عامر الأحول ، عن مكحول ، عن عبد بن محيريز ، عن أبي محذورة ، قال : علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله ، ثم يعوذ فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . رواه النسائي في سننه كذلك . و رواه مسلم عن ابن راهويه ، فوقع لنا عالياً ، و هذا من أعز الموافقات . قال ابن إسحاق : و نصبت عند ذلك أحبار يهود لرسول الله صلى الله عليه و سلم العداوة بغياً و حسداً و ضغناً ، لما خص الله به العرب من أخذه رسوله منهم ، و انضاف إليهم رجال من الأوس و الخزرج ممن كان عسى على جاهليته ، فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك و التكذيب بالمبعث ، إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره و اجتماع قومهم عليه ، فظهروا بالإسلام و اتخذوه جنة من القتل ، و نافقوا في السر ، فكان هواهم مع يهود ، و كان أحبار يهود هم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم و ينعتونه ليلبسوا الحق بالباطل ، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه ، إلا قليلاً من المسائل في الحلال و الحرام ، كان المسلمون يسألون عنها . فمن اليهود الموصوفين بذلك حيي بن أخطب و أخواه ياسر و جدي ، و سلام بن مشكم ، و كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، و كعب بن الأشرف ، و عبد الله بن صوريا الأعور ـ و من بني ثعلبة بن الفطيون ـ و لم يكن بالحجاز في زمانه أعلم بالتوراة . و ابن صلوبا ، و مخيريق ـ و كان حبرهم ـ . و ذكر ابن إسحاق منهم جماعة : منهم عبد الله بن سلام ، و كان حبرهم و أعلمهم ، و كان اسمه الحصين ، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|