منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للتربية والتعليم | ||
بحوث((( متنوعة وقصيرة ))) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
![]() غير متواجد
|
![]()
ب- ظاهرة الاستغلال: نظراً لعدم وجود وسائل واضحة للتفريق بين النوعين من المنتجات: التقليدية والطبيعية، اللهم إلا الاعتماد على ما يقوله مروجوها قولا أو كتابة، فمن المتوقع أن يقع المستهلك فريسة للاستغلال والغش والتدليس حيث قد يدفع ثمناً باهظاً لبعض المنتجات بحجة كونها طبيعية وليس هناك ما يضمن صدق ذلك. لأن الأمر متروك للثقة العمياء بمروجي مثل هذه المنتجات وضمائرهم، وبالطبع ليسوا جميعاً عندهم ضمير أو أهلا للثقة!. فالعديد من التجار قد تروق لهم الفكرة ويستغلون الحالة النفسية للمستهلك لكونه يبحث على المنتجات الطبيعية وينفر من المنتجات التقليدية. وعملا بالقاعدة المشهورة عند أمثال هؤلاء وهي: ”الغاية تبرر الوسيلة“. وحيث أن المستهلك لا يستطيع أن يفرق بين الاثنين اعتماداً على معاييره الحسية المحدودة، فلماذا لا يبيعونه المنتجات التقليدية والمعاملة بالمواد الكيميائية على كونها طبيعية حتى إذا اضطروا في بعض الأحيان إلى الكذب أو القسم الكاذب للتأكيد على صحة أقوالهم.
2- التناقض مع مفهوم الأمن الغذائي: إن العودة إلى أساليب الزراعة التقليدية القديمة قد يكون منطقياً ويتمشى مع رغبة المستهلك في الحصول على ما يسمى بالأغذية الطبيعية، إلا أنه قد لا يتمشى مع ظروف ومتطلبات العصر من الناحية الاقتصادية البحتة. فالجهود المبذولة بالوقت الحاضر وعلى الصعيدين المحلي والعالمي تهدف في مجملها إلى محاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الغذائي بل وإلى ضرورة توفير مخزون احتياطي مناسب منه لسد الاحتياجات المتزايدة للسكان محلياً وعالمياً، خاصة في أوقات الحروب أو الجفاف أو الكوارث الطبيعية الطارئة. وهذا ما يعبر عنه الاقتصاديون: بالأمن الغذائي. وغني عن القول أنه لتحقيق الأمن الغذائي بمفهومه الواسع على المستويين المحلي والعالمي فإن الأمر يتطلب بذل كافة الجهود واستغلال جميع الإمكانات المادية والتقنية المتاحة التي من المؤمل أن تساعد في تحقيق الزيادة المرجوة بالإنتاج الغذائي. هذا بالطبع، ينطبق على استغلال كل ابتكار جديد في مجال الزراعة والصناعات الغذائية بما في ذلك ضرورة اللجؤ إلى العديد من المواد الكيميائية المتمثلة في الأسمدة والمبيدات والأدوية وغيرها على مستوى المزرعة ثم مختلف المواد المضافة من مواد حافظة وغيرها على مستوى مصانع الأغذية. ومن هنا نستنتج وبكل وضوح أن هناك تناقضاً شديداً في الأسلوب الذي يتحتم اتباعه لتحقيق هذا الهدف الهام، والأسلوب السابق ذكره والذي ينادي به أصحاب الاتجاه الأول والداعي إلى الاقتصار على أساليب الزراعة التقليدية القديمة للحصول على ما يعرف بالأغذية الطبيعية نفوراً من المواد الكيميائية وأضرارها المحتملة على الصحة. أي أن الأسلوبين متناقضان تماماً ويسيران في اتجاهين مختلفين ولا يمكن التوفيق بينهما، أي لابد من التضحية بأحدهما على حساب الآخر ! الخلاصة : من خلال ما تقدم، وبعد استعراض الجوانب المختلفة للآثار الصحية والنفسية والاقتصادية لما يسمى بالأغذية الطبيعية، فإن المرء لا يسعه إلا التأكيد على بعض الحقائق التالية: أن الأضرار الصحية الناجمة من الاستخدام المتزايد واللامسؤول للمواد الكيميائية بالمجالين الزراعي والصناعي إضافة إلى التلوث البيئي المتفاقم بالغة الخطورة ولا يمكن تجاهلها أو التقليل من أهميتها. أن ما يعاني منه الإنسان من ويلات بهذا العصر بسبب سوء استخدام المواد الكيميائية بالإضافة إلى التلوث البيئي ليس مبرراً لانتقاد الحضارة الحديثة واعتبارها نقمة على الإنسان كما يروق للبعض فهم ذلك فالتقدم الحضاري والتكنولوجي سلاح ذو حدين، فإمكانية الاستفادة منه أو إساءة استخدامه مرهون بالإنسان نفسه وليس عيباً بالحضارة وتقدمها. أن التلوث البيئي بمختلف أنواعه لا يقتصر على منطقة دون أخرى أو بلد دون غيرها وإنما هو سريع الانتشار ولا يعترف بالحدود الجغرافية. وهذا يستوجب وجود نوع من التعاون والتنسيق الدولي المستمر على المستويين التشريعي والتنفيذي، بالإضافة إلى الدراسات العلمية لرصد التلوث وابتكار أنجع الوسائل للحد من آثاره المدمرة على البيئة والإنسان. أن صرخات المستهلك المتصاعدة وقلقه الشديد من الأخطار السابق ذكرها ليست وليدة الصدفة أو مجرد ردة فعل مؤقتة سرعان ما تزول أو ”مجرد زوبعة في فنجان“ كما يقول المثل، بل ذلك مبني على حقائق علمية ودراسات ميدانية ومعملية عديدة لا يتطرق إليها أدنى شك. أن الأسلوب الذي يدعو إليه البعض وانجذب إليه العديد من السمتهلكين وهو العودة إلى الطبيعة في مجال إنتاج الغذاء وتصنيعه يعتبر أمراً منطقياً وجذاباً من الناحية النظرية رغم صعوبة تحقيقه من الناحية الواقعية بالإضافة إلى كونه يحمل في طياته العديد من المخاطر الصحية والاقتصادية بالإضافة إلى المعاناة النفسية التي يواجهها السمتهلك الذي قد يتبنى هذا الاتجاه. أن تحقيق حلم المستهلك في الحصول على غذاء طبيعي خال من أية مواد كيميائية أو بيولوجية ضارة حتى وإن صادف بعض النجاح على نطاق ضيق ببعض البلاد أو ببعض المناطق المحدودة ببلد ما، يصعب تطبيقه على المستوى الشامل الذي يدعو إليه بعض المتحمسين. لقد تبين بما لا يدع مجالاً للشك أو الالتباس أن تبني مفهوم الأغذية الطبيعية على نطاق واسع ببلد ما أو على المستوى العالمي يمكن اعتباره نوعًا من الانتحار من الناحيتين الاقتصادية والتكنولوجية. لأنه يعني ببساطة العودة إلى الوراء مئات السنين وحرمان هذا البلد أو ذاك من الاستفادة من التقدم الحضاري بمجالي الزراعة والصناعات الغذائية. إذا افترضنا إمكانية تحقيق ذلك، فإنه يتعارض تماماً مع مفهوم الأمن الغذائي الذي تبنته معظم دول العالم وتسعى جاهدة لتحقيقه منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي والذي تعتبره ووفق المعايير الاقتصادية والديموغرافية المختلفة مسألة هامة وملحة جداً نظراً للانفجار السكاني الهائل الذي يشهده العالم بالوقت الراهن. أن عدم إمكانية العودة إلى الأغذية الطبيعية كأسلوب جذاب للتقليل من مخاطر المواد الكيميائية، لا يعني بأي حال من الأحوال غض النظر عن الأخطار المهددة لصحة الإنسان والناجمة عن المصادر الفيزيائية: (المواد المشعة)، أو البيولوجية، والتلوث البيئي المتفاقم. أن الحد من تلك المخاطر المشار إليها يتطلب جهوداً جادة ومتواصلة تشترك فيها جميع الأطراف المرتبطة بإنتاج الغذاء وتصنيعه، بما في ذلك المستهلك المتضرر الأساسي من تلك المخاطر وبالتالي المستفيد النهائي من مثل هذه الجهود إن نجحت. أن العديد من تلك الجهود لن تكون فعالة إذا لم تواكبها برامج توعية وتثقيف مكثفة بالإضافة إلى وجود تشريعات وقوانين صارمة تضعها هيئات رقابية متحققة وتتابع تنفيذها باستمرار ودون تهاون أو كلل. أن نجاح تلك الجهود على المستويين الإنتاجي والاستهلاكي والتشريعي منوط بتوفير مختبرات حديثة ومتكاملة لتساعد كافة الأطراف المعنية خاصة الهيئات الرقابية على رصد ومتابعة نوع وحجم التلوث الكيميائي أو البيولوجي وتحديد مدى خطورته ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاهه. وختاماً، وحتى إذا سلمنا باستحالة تحقيق ما يسمى بمفهوم الأغذية الطبيعية للتقليل من مخاطر المواد الكيميائية والتلوث البيئي، فإن ذلك لا يعني الاستسلام للأمر الواقع وعدم المطالبة المستمرة كمستهلكين على الأقل بضرورة وضع حد لهذا الوضع الخطير والمتمثل في التلوث البيئي المتفاقم وسوء استخدام المواد الكيميائية بكافة مجالات الحياة والبحث عن أنجع الوسائل للحصول على غذاء جيد، صحي وسليم بكل ما تحمل هذه العبارة من معان تقنية وصحية وتغذوية. المصدر : يحيى سعيد ابو جناح
|
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|