إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد آن محمدا عبده ورسوله.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } .

أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أوصي نفسي وإخواني أولاً بتقوى الله عز وجل ، فهي وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى } ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله { فهي الحصن الحصين ، وزادنا ليوم الدين .

ثم أذكّر إخواني في الله ، بأننا نستقبل في هذه الأيام ، أياماً مباركة ، هي من منة الله عز وجل على عباده المؤمنين ، وذلك بأن جعل لهم مواسم متكررة ، وأياماً فاضلة ، يستكثرون فيها من الأعمال الصالحات ، ويسارعون فيها لتحصيل الحسنات ويتعرضون فيها لنفحات رب الأرض والسماوات .

فعما قريب يهل علينا هلال ذي الحجة بأيامه ولياليه المباركة ، فلقد جاءت نصوص الكتاب والسنة الصحيحة ، شاهدة على فضل أيامه العشر الأول قال سبحانـه } ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمـة الأنعام { قال عباس رضي الله عنهما الأيام المعلومات هي أيام العشر .

وقال جل شأنه } والفجر وليال عشر { قال ابن كثير رحمه الله " المراد بالليالي العشر هي عشر ذي الحجة كما قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف .

ومن الأدلة على فضل هذه الأيام ، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني العشر – قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه البخاري .

الأعمال التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها في الأيام العشر :

1- المحافظة على الصلوات الخمس جماعة في المسجد ، فهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، ثم المحافظة على الصلوات الراتبة ، فهي من نوافل العبادات ، وأجل القربات قال صلى الله عليه وسلم " من صلى اثنتي عشرة ركعة من غير الفريضة بني له بيت في الجنة " رواه مسلم .

2- الصيام ، وذلك لدخوله في عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " ، قال النووي رحمه الله ، قال العلماء في صوم أيام العشر : إنه يستحب استحباباً شديداً ، فيستحب صيام هذه الأيام على وجه العموم ، وصيام يوم عرفة على وجه الخصوص .

3- الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد ، وذلك لما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتكبير ) رواه أحمد في المسند بسند صحيح .
ومما ينبغي الحذر منه ، التكبير الجماعي ، وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد ، أو يكبر شخص واحد ثم تكبر المجموعة خلفه ، لأن ذلك لم ينقل عن سلف الأمة رحمهم الله ، ولخير كل الخير في إتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف .

4- حج بيت الله الحرام قال سبحانه } ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاَ { وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اله صلى الله عليه وسلم " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرر ليس له جزاء إلا الجنة " رواه البخاري ومسلم .

5- الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظافر – فعن أم سلمة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا رأيتم هلال ذي الحجة ، وأراد أحدكم أن يضحي ، فليمسك عن شعره وأظافره " وفي رواية أخرى " فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره حتى يضحي " رواه مسلم – وهذا النهي ظاهره أنه يخص صاحب الأضحية فقط ، أما الزوجة والأولاد فلا يشملهم هذا النهي .

هذا ما تيسر نقله من كتب أهل العلم في فضل هذه الأيام المباركة ، والله نسأل أن يجعلنا ممن يحرص على اغتنام هذه الأوقات المباركة ، والأزمنة الفاضلة ، وأن يجعلنا هداة مهتدين ، غير ضالين ولا مضلين ، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
__________________

منقول للفائدة

ريمان