منتديات جعلان > جعلان العامة > جعلان للمواضيع الاسلامية | ||
التوازن في حياة المسلم للشيخ سلمان بن فهد العودة |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني متميز
![]()
![]() غير متواجد
|
التوازن في حياة المسلم للشيخ سلمان بن فهد العودة
هذا جزء من المحاضرة مقدمة عن التوازن إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن دعا بدعوته، واهتدى بهديه إلى يوم الدين. أما بعــد: أيها الإخوة: في مثل هذا الجو المناسب يطيب الحديث حيث يجتمع الإنسان بإخوانٍ له في الله يتحدث إليهم عن قضية مهمة من قضايا بناء الشخصية الإسلامية. أيها الإخوة: إن الموضوع كما سمعتم يتعلق بالحديث عن التوازن في حياة المسلم؛ والمقصود بالتوازن هو: أن تتكون شخصية الإنسان المسلم تكوناً معتدلاً سليماً، بحيث لا يطغى فيها جانب على حساب جانب آخر، ولا يغفل فيها جانب بسبب الاهتمام الزائد بجوانب أخرى غيره، هذا هو التوازن في حياة وشخصية الفرد. ومثله التوازن في بناء المجتمع؛ بحيث يتكون المجتمع المسلم من مجموعة من الأفراد المتوازنين الذين يلبون جميع الاحتياجات التي يحتاج إليها المجتمع المسلم. وأنت إذا تأملت واقع الناس وشخصياتهم في القديم والحديث، وجدت أن هناك حقيقة يكاد أن يتفق عليها الناس كلهم، وهي حقيقة تكلم عنها العلماء المسلمون في القديم وفي الحديث، وتكلم عنها علماء النفس، والتربية، والطب وغيرهم. ...... اختلاف كفاءات الناس وخلاصة هذه الحقيقة هي: أن الأفراد يختلفون فيما بينهم، ويتفاوتون تفاوتاً يقل أو يكثر لكنه لا يغيب؛ بمعنى أنك لا تجد اثنين من الناس متماثلين في كل شيء، قد تجد فردين متشابهين، أو متقاربين سواء في نواحيهم الأخلاقية، أو العقلية، أو الجسمية، أو غيرها. لكن أن تجد شخصين متماثلين متفقين فهذا نادر أو غير موجود، وهذا الأمر هو لحكمة أرادها الله تبارك وتعالى، فإن المجتمع -أي مجتمع سواء المجتمع المسلم، أو المجتمعات الكافرة- لكي يقوم هو بحاجة إلى مجموعة من الكفاءات المتفاوته، كما أن أي مجتمع بحاجة إلى القادة والزعماء، هو أيضاً بحاجة إلى الأطباء، وبحاجة إلى العلماء، وبحاجة إلى المهندسين، وبحاجة إلى الخبراء في كافة مجالات الحياة، بل وبحاجة إلى الخدم وإلى غيرهم من أصحاب الحرف والمهن العادية، بل والوضيعة في نظر الناس، والتي لا بد للناس منها. فكل حرفة يحتاجها الناس تجد من يرغب فيها ويميل إليها، وبمجموع هذه الأشياء يتكون المجتمع، ولا يمكن أن نقول: إن مجتمعاً ما مكون من مجموعة من الشعراء أو الأدباء؛ فإن الشعراء والأدباء يحسنون صناعة الكلام وتنميقه وضبط الأوزان والقوافي، ويحسنون الحديث عن المشاهد الجميلة والمشاعر الرقيقة, لكنهم لا يحسنون الصناعات مثلاً، ولا يتقنون الفنون العسكرية ولا غيرها، وهكذا سائر التخصصات، أو الميول الأخرى في الحياة. وهذه الحقيقة يجب ألا تغيب عن بالنا، ونحن نتحدث عن التوازن في حياة الفرد المسلم وفي حياة المجتمع المسلم، وإذا كانت هذه الحقيقة بدهية ومُسَلَّمة، فإننا نطل إطلالة سريعة على ذلك المجتمع الإسلامي الفريد الذي تربى على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، مجتمع الصحابة رضي الله عنهم؛ المجتمع الذي أراد الله عز وجل أن يكون منارة سامقة مرتفعة على التاريخ يتطلع إليها الناس في كل زمان وفي كل مكان. ...... التوازن في مجتمع الصحابة وهذه التجربة، أو هذا الأنموذج المتمثل في مجتمع الصحابة لا نطمع أن يتحقق مرة أخرى بنفس المستوى الراقي من الإيمان والعلم والعمل، فهو مجتمع لا يتكرر، لكن يُطمع أن يكون هذا المجتمع قدوة مثلى لكل مجتمع ولكل فرد مسلم يدعو إلى الله عزوجل على مدار التاريخ، وهذه حقيقة مهمة جداً في حياتنا يمكن أن نكتشف بها الخطأ من الصواب في كل وضع يعيشه المسلمون لأنه كما قيل: الضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء فأنت بالمقايسة تستطيع أن تعرف الخطأ من الصواب، بل وتستطيع أن تعرف مقدار الخطأ، وأضرب لهذه القضية المهمة مثلاً أرى أنه من الأهمية بمكان: قد يظن بعض المسلمين في يوم من الأيام أنهم حققوا لأنفسهم مستوىً من الإيمان عظيماً وكبيراً من خلال حياتهم الاجتماعية؛ فمثلاً يقول بعض المسلمين عن مجتمعات، أو تجمعات تقام في أماكن مختلفة من العالم، يقولون: إن هذه التجمعات التي يلتقي فيها أحياناً ملايين البشر، ومع ذلك لا يقع بينهم شيء من الخصومة، ولا شيء من المشاجرة، ولا شيء من الاختلاف، ولا تسمع اثنين يتلاحيان في أية قضية من القضايا؛ لا في قضية علمية، ولا عملية، ولا حول أمر من الأمور، فهل هذه الصورة التي يتحدث عنها البعض هل هي صورة مثالية وصحيحة أم لا؟ الذي أعتقده أن هذه الصورة وإن كانت بادي الرأي صورةً محببةً إلى النفس إلا أن عليها مآخذ عديدة، لماذا؟ لأنك حين تقرأ في سيرة الجيل الأول؛ الذي اتفق على أنه هو المثل الأعلى لكل مجتمع وتجمع ينشأ بعد ذلك، تجد أنه حصل بين أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم شجار وخصومة في أشياء كثيرة، وتجد أنه حصل بينهم تنافس في أشياء عديدة سواء في أمور الدين والعبادة، أو حتى في بعض الأمور الدنيوية، وتجد أنهم قد يزدحمون في أمور معينة، وقد يتشاحون فيها، وقد ترتفع أصواتهم، بل وقد ترتفع الأصوات في المسجد أحياناً، وهذا كله ثابت في أحاديث صحاح، بل إن هذا الوضع وضع متواتر، ولو قرأت في أي كتاب من كتب السنة كـالبخاري أو مسلم مثلاً، أو غيرهما، أو في سير الصحابة لوجدت أن هذا الوضع يتكرر باستمرار. فالصحابة يختلفون في قضية من القضايا، ويغضب بعضهم على بعض، ويعاتب بعضهم بعضاً، وترتفع أصواتهم، وهذا كله وضع طبعيٌ جبليٌ ليس بالغريب. فأنت حين تجد وضعاً آخر في يوم من الأيام ليست فيه هذه الظاهرة، بل هو وضع لا يختلف فيه اثنان: لا يتلاحيان، لا يختصمان، لا يتشاجران، لا يغضب فيه واحد على الآخر إطلاقاً، تجد أن هذا الوضع في حاجة إلى مراجعة، لأننا قد نأخذ من الإسلام، أو نستبعد من الإسلام قضايا أساسية؛ لأنها مصدر خصومة بين الناس، أو بين المنتسبين إلى الإسلام، فإذا استبعدنا هذه القضايا أفلحنا فعلاً في جمع كلمة الناس، لكن ليس على الصورة الكاملة للإسلام، وإنما على صورة ناقصة قد تعجب الإنسان من حيث جودتها، لكن البصير يدرك أنها صورة ناقصة. المقصود من هذا المثال هو: تقرير القاعدة السابقة، وهي: أن المجتمع الأول؛ مجتمع الصحابة رضي الله عنهم هو الصورة المثلى والقدوة العليا التي يجب أن نقيس عليها كل وضع، وتجمع، ومجتمع، فنعرف مدى استقامته أو انحرافه، ونعرف مقدار هذا الانحراف بهذا القياس، وهذه القضية المهمة نطبقها في الموضوع الذي نتحدث عنه الآن، وهو موضوع التوازن في حياة الفرد وفي حياة المجتمع. ...... القدر المشترك في مجتمع الصحابة إنك حين تنظر في مجتمع الصحابة رضي الله عنهم؛ تجد أولاً: أن الصحابة قد التزموا جميعاً بقدر معين موجود لدى كل فرد منهم سواء في العلم أو في العمل، فما من الصحابة أحد إلا وهو حريص على تعلم العلوم الشرعية التي يحتاج إليها في خاصة نفسه، أو من تحت يده؛ من أهله، وأولاده، ومواليه، وخدمه، وغير ذلك. وما من الصحابة أحد إلا وتجده حريصاً على تعلم ما يحتاج إليه من العلوم التي تحقق شيئاً من الأشياء التي يمارسها في حياته؛ فإن كان تاجراً وجدته خبيراً بأحكام البيع والشراء وأحكام الزكاة ونحوها، وإن كان مزارعاً وجدته خبيراً بأحكام الزراعة والمزارعة وسواها، وإن كان مشتغلاً بالجهاد وجدته خبيراً بأحكام الجهاد والقتال والاسترقاق وغير ذلك.. وهكذا. ثم تجد كل فرد منهم محققاً قدراً من العمل سواء بالعبادة أو بالدعوة أو بغير ذلك. فلا تجد أحداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يغمص أو ينتقص بشيء من الإخلال بالواجبات الشرعية، أو التقصير فيها إلا ما لا بد من وقوعه من البشر من حوادث فردية معينة. فإذا انتقلت إلى جانب العقيدة وجدت أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم -بلا استثناء- قد التزموا بعقيدة واحدة صحيحة ناصعة نقية لم يأخذوها بالوراثة؛ لأنهم إنما ورثوا عن المجتمع الجاهلي ما رباهم الإسلام على التخلي عنه والحذر منه، حتى إنهم كانوا يستوحشون من كل شيء وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم حتى يأتي القرآن، أو يأتي الحديث ليبين لهم أنه لا جناح عليهم ولا حرج عليهم في ذلك، كما تحرجوا مثلاً: من الطواف بين الصفا والمروة؛ لأنهم كانوا يفعلونه في الجاهلية حتى نـزل القرآن بذلك. ولا تجد أحداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بقي على معتقد موروث من مورثات الجاهلية، بل تحرروا منها بالكلية، وخلعوها على عتبة الإسلام، وتلقوا العقيدة الصحيحة نقيةً صافيةً من فم محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يحصل أن وقع أحد منهم ببدعة اعتقادية على الإطلاق، ولا ببدعة عملية أيضاً. ...... التفاوت بين الأفراد في مجتمع الصحابة إذاً: فهناك قدر مشترك من العلم والعمل موجود لدى كل فرد من أفراد ذلك المجتمع الأول، فإذا انتقلت إلى المجتمع بكليته وجدت أنه فيما عدا هذا القدر المشترك، فإنه يوجد لكل واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ميزة وخصيصة برز فيها هو وطائفة معه وقد لا توجد في فرد أو أفراد آخرين. ...... أمثلة من تخصصات الصحابة وعلى سبيل التمثيل وليس الحصر، انظر مثلاً: إلى ما تحلى به معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه، فقد كان فقهياً من فقهاء الصحابة ورد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه: {إنه يتقدم العلماء برتوة} والرتوة هي: مسافة مقدار رمية سهم. والحديث ورد عند ابن سعد عن محمد بن كعب، والحسن البصري مرسلاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وورد عند ابن سعد وابن عساكر موقوفاً على عمر بن الخطاب من قوله، وورد عند الحاكم موقوفاً على أنس بن مالك؛ وهو صحيح بمجموع طرقه. ومثل معاذ رضي الله عنه عبد الله بن مسعود، فقد قال فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [[إن ابن مسعود كنيفٌ ملئ علماً]] والكنيف: تصغير كَنف، والكنف: هو الجانب، أو الناحية، أو تصغير كِنف بكسر الكاف، وهي: المزادة التي يضع فيها الراعي متاعه. والمقصود أن عمر عبر عن ابن مسعود بأنه: [[كنيف ملء علماً]] وهذه الرواية رواها الإمام أحمد في فضائل الصحابة، والطبراني في الكبير، وأبو نعيم وغيرهم. فهذا معاذ، وهذا ابن مسعود ومعهم غيرهم من الصحابة تميزوا بالعناية بالعلم والاهتمام بالتفقه في الدين. لكنك حين تنتقل مثلاً: إلى خالد بن الوليد، تجد خالداً رضي الله عنه لم يشتهر في حمل العلم والفقه بمثل ما اشتهر به معاذ، أو ابن مسعود، أو غيرهما من فقهاء الصحابة. وإنما اشتهر خالد رضي الله عنه بإتقان فنون الحرب والفروسية والكر والفر، حتى أصبح هذا هو ديدنه، وأصبح يجد لذته وسعادته وقرة عينه في معاناة هذا اللون من الجهاد الذي يشق على كثير من النفوس، ولذلك كان رضي الله عنه وأرضاه يقول: [[ما ليلة تهدى إلىَّ فيها عروسٌ أنا لها محب، أو أبشر فيها بغلام، بأحب إلىَّ من ليلة شديدة الجليد أصبح فيها العدو في سرية من المهاجرين ]] الله أكبر! يجد من اللذة في هذا الجو البارد شديد البرودة، والمخيف، في سرية من المهاجرين يصبحون العدو، وقد أصابهم من الخوف والبرد ما أصابهم، يجد من اللذة في معاناة ومقاساة هذا العمل الصعب على النفوس بحكم الجبلة والطبيعة ما لا يجده في ليلة تهدى إليه فيها عروس، أو يبشر فيها بغلام. وهذه الكلمة من أبي سليمان رضي الله عنه رواها عنه أيضاً الإمام أحمد في كتاب فضائل الصحابة"، وأبو يعلى، وابن حبان، وابن عساكر وغيرهم، وإسنادها صحيح. وحينما تنتقل إلى أنموذج ثالث، تجد مثلاً: أبا ذر الغفاري رضي الله عنه؛ وأبو ذر لم يعرف عنه مزيد عناية بالعلم أكثر من غيره، ولا مزيد اهتمام بشأن الجهاد أكثر من غيره من بقية الصحابة، إنما الناحية التي برز فيها وعرف بها هي قضية الزهد والورع، والحث على التقلل من الدنيا والتزود للآخرة، وله في هذه القضية مذهب خاص معروف، ولا حاجة إلى الإطالة بذكره. وتجد من الصحابة غير هؤلاء من لهم اهتمامات أخرى غير ما سبق، وهذه المزايا التي تميز بها الصحابة رضي الله عنهم، أو مجموعات من الصحابة تميزوا بها، وتميزت كل طائفة منهم بما لا يتميز به غيرهم هي راجعة إلى خصائص موجودة في أصل التركيب، وأصل الفطرة عند هؤلاء القوم، فـخالد رضي الله عنه جبل على الشجاعة. وابن مسعود رضي الله عنه منح من قوة الذاكرة، وقوة الاستنباط، والتجلد في طلب العلم ما ليس لغيره.. وهكذا. فإذاً من مجموع هذه الخصائص يتكون المجتمع المسلم، وهذا أمر لا بد من مراعاته. وهذه الصورة المثالية الموجودة في مجتمع الصحابة، يجب أن نعمل على أن نتمثلها في واقعنا اليوم، ونحن نسعى إلى تكوين المجتمع المسلم الصحيح الذي يتأسى بمجتمع الصحابة رضي الله عنهم، فندرك أنه لا بد أولاً: أن يلتزم كل فرد منا بقدر معين من الخصائص والصفات، يكون هذا القدر مشتركاً بين جميع الأفراد، فكل فرد لا بد أن يتعلم من العلم الشرعي ما يحتاج إليه في حياته العملية، وكل فرد لا بد أن يعرف العقيدة الصحيحة، ليس عن طريق التقليد والوراثة، بل عن طريق التلقي ومعرفة الدليل، وكل فرد لا بد أن يلتزم بقدر من العمل، والعبادة، والقيام بما لا بد له منه في ذلك. وجوب إدراك خصائص الأفراد ثم بعد ذلك يتفاوت الأفراد، فيوجد منهم من يشعر بميل مثلاً: إلى الالتزام بطلب العلم الشرعي؛ لأنه يحس أن هذا هو الأمر الذي خلق له، والذي يستطيع أن يبرز وينتج فيه أكثر من غيره؛ حيث يملك أداته، فيتجه إلى هذا العلم، ويحقق فيه فعلاً من النتائج الشيء الكثير، وتجد إنساناً آخر يحس أنه لم يخلق لهذا، وأنه يمكن أن يحقق لنفسه وللمسلمين في مجال تعلم الطب ما لا يحقق في غيره. وثالثاً: يشعر أنه يمكن أن يحقق في مجال تعلم الهندسة ما لا يحقق في غيره. ورابعاً: يجد أنه يمكن أن يحقق في مجال تعلم صناعة من الصناعات، أو حرفة من الحرف، أو مهنة من المهن التي لا تحصر ما لا يحقق في غير هذا المجال. فعلى الإنسان أن ينظر في المجال الذي يحس أن نفسه إليه أميل، وطبعه به ألصق؛ فيعمل على التوجه إلى هذا المجال لينجح فيه ويخدم نفسه، ويخدم المسلمين من خلاله ما لم يكن هذا المجال مجالاً غير مشروع. وهذه القضية وإن كان علماء التربية اليوم يتحدثون عنها إلا أننا لسنا بحاجة لأن ننقل كلامهم، كيف ونحن نجد من نصوص علمائنا السابقين ما يغنينا عن ذلك؟! فهذا الإمام ابن القيم رحمه الله يقول: في كتابه أحكام المولود وهو يتحدث عن الأطفال وتعليمهم، يقول رحمه الله: ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال، ومهيء له منها مما كان مأذوناً فيه شرعاً، فيعلم أنه مخلوق له، فلا يحمله على غيره؛ أي: أن المربي يجب أن يتأمل حال المربِّى، وما هو مهيء له بأصل الخلقة والجبلة والطبيعة، فيوجهه إلى ذلك، ولا يحمله على غيره. يقول: فإنه إن حمل على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيء له، فإذا رآه حسن الفهم، صحيح الإدراك، جيد الحفظ واعياً؛ فهذه من علامات قبوله وتهيئه للعلم، وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه، وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب والرمي واللعب بالرمح، وأنه لا نفاذ له في العلم، ولم يخلق له، مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين، وإن رآه بخلاف ذلك، وأنه لم يخلق له ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع، ورآه مستعداً لها، قابلاً لها، وهى صناعة مباحة نافعة للناس، فليمكنه منها، وهذا كله بعد تعليمه ما يحتاج إليه في دينه. فـابن القيم رحمه الله أشار إلى القدر الذي لا بد منه لكل إنسان؛ وهو تعليمه ما يحتاج إليه في دينه؛ ثم أشار بعد ذلك إلى أن الأولى بالإنسان أن ينظر سواء في نفسه، أو في من يربي، فيما هو مستعد له فطرة وخلقة، فيوجهه إلى ذلك، فإنه إن وجهه إلى غيره، لم يفلح فيما وجه إليه، وخسر الشيء الذي كان مستعداً إليه أصلاً، لأنه لم يشتغل به. وهذا ملمح مهم جداً في قضية التوازن. ...... . وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. ......
|
$$الملكة قندهااار$$ |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى $$الملكة قندهااار$$ |
البحث عن كل مشاركات $$الملكة قندهااار$$ |
عضو شرف
![]() ![]() غير متواجد
|
![]() باااارك الله فيك ولد السويح للطرح الجميل وجعله الله في ميزان حسنااااتك
|
ٱڅٱښۑښ ݥڎڤۈڹھَہّ |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى ٱڅٱښۑښ ݥڎڤۈڹھَہّ |
البحث عن كل مشاركات ٱڅٱښۑښ ݥڎڤۈڹھَہّ |
VIP مــخـ نـآيف آلليل ـآوي VIP |
مشاهدة ملفه الشخصي |
إرسال رسالة خاصة إلى VIP مــخـ نـآيف آلليل ـآوي VIP |
البحث عن كل مشاركات VIP مــخـ نـآيف آلليل ـآوي VIP |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|