الموضوع
:
ملف تفسير سور القران الكريم
عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : [
8
]
04-02-2012, 10:39 PM
مشرفه جعلان للشعر
المشاركات
4,713
+
التقييم
تاريخ التسجيل
Jul 2007
الاقامة
مملكة القلب
نظام التشغيل
oman
رقم العضوية
4270
غير متواجد
وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ
(126)
ولستَ تعيب منا وتنكر -يا فرعون- إلا إيماننا وتصديقنا بحجج ربنا وأدلته التي جاء بها موسى ولا تقدر على مثلها أنت ولا أحد آخر سوى الله الذي له ملك السموات والأرض- ربنا أَفِضْ علينا صبرًا عظيمًا وثباتا عليه- وتوفَّنا منقادين لأمرك متبعين رسولك.
وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ
(127)
وقال السادة والكبراء من قوم فرعون لفرعون: أَتَدَعُ موسى وقومه من بني إسرائيل ليفسدوا الناس في أرض "مصر" بتغيير دينهم بعبادة الله وحده لا شريك له- وترك عبادتك وعبادة آلهتك؟ قال فرعون: سنُقَتِّل أبناء بني إسرائيل ونستبقي نساءهم أحياء للخدمة- وإنَّا عالون عليهم بقهر المُلْكِ والسلطان.
قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
(128)
قال موسى لقومه -من بني إسرائيل-: استعينوا بالله على فرعون وقومه- واصبروا على ما نالكم من فرعون من المكاره في أنفسكم وأبنائكم. إن الأرض كلها لله يورثها من يشاء من عباده- والعاقبة المحمودة لمن اتقى الله ففعل أوامره واجتنب نواهيه.
قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
(129)
قال قوم موسى -من بني إسرائيل- لنبيهم موسى: ابتُلينا وأُوذينا بذبح أبنائنا واستحياء نسائنا على يد فرعون وقومه- من قبل أن تأتينا- ومن بعد ما جئتنا- قال موسى لهم: لعل ربكم أن يهلك عدوكم فرعون وقومه- ويستخلفكم في أرضهم بعد هلاكهم- فينظر كيف تعملون- هل تشكرون أو تكفرون؟
وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
(130)
ولقد ابتلينا فرعون وقومه بالقحط والجدب- ونَقْص ثمارهم وغَلاتهم- ليتذكروا- وينزجروا عن ضلالاتهم- ويفزعوا إلى ربهم بالتوبة.
فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ
(131)
فإذا جاء فرعونَ وقومَه الخِصْبُ والرزقُ قالوا: هذا لنا بما نستحقه- وإن يُصِبْهم جدب وقحط يتشاءموا- ويقولوا: هذا بسبب موسى ومَن معه. ألا إنَّ ما يصيبهم من الجدب والقحط إنما هو بقضاء الله وقدره- وبسبب ذنوبهم وكفرهم- ولكن أكثر قوم فرعون لا يعلمون ذلك- لانغمارهم في الجهل والضلال.
وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ
(132)
وقال قوم فرعون لموسى: أي آية تأتِنا بها- ودلالة وحجة أقمتها لتصرفنا عما نحن عليه من دين فرعون- فما نحن لك بمصدِّقين.
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ
(133)
فأرسلنا عليهم سيلا جارفًا أغرق الزروع والثمار- وأرسلنا الجراد- فأكل زروعهم وثمارهم وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم- وأرسلنا القُمَّل الذي يفسد الثمار ويقضي على الحيوان والنبات- وأرسلنا الضفادع فملأت آنيتهم وأطعمتهم ومضاجعهم- وأرسلنا أيضًا الدم فصارت أنهارهم وآبارهم دمًا- ولم يجدوا ماء صالحًا للشرب- هذه آيات من آيات الله لا يقدر عليها غيره- مفرقات بعضها عن بعض- ومع كل هذا ترفَّع قوم فرعون- فاستكبروا عن الإيمان بالله- وكانوا قومًا يعملون بما ينهى الله عنه من المعاصي والفسق عتوًّا وتمردًا.
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
(134)
ولما نزل العذاب على فرعون وقومه فزعوا إلى موسى وقالوا: يا موسى ادع لنا ربك بما أوحى به إليك مِن رَفْع العذاب بالتوبة- لئن رفعت عنا العذاب الذي نحن فيه لنصدِّقنَّ بما جئت به- ونتبع ما دعوت إليه- ولنطلقنَّ معك بني إسرائيل- فلا نمنعهم من أن يذهبوا حيث شاؤوا.
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ
(135)
فلما رفع الله عنهم العذاب الذى أنزله بهم إلى أجلٍ هم بالغوه لا محالة فيعذبون فيه- لا ينفعهم ما تقدَّم لهم من الإمهال وكَشْفِ العذاب إلى حلوله- إذا هم ينقضون عهودهم التي عاهدوا عليها ربهم وموسى- ويقيمون على كفرهم وضلالهم.
فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ
(136)
فانتقمنا منهم حين جاء الأجل المحدد لإهلاكهم- وذلك بإحلال نقمتنا عليهم- وهي إغراقهم في البحر- بسبب تكذيبهم بالمعجزات التي ظهرت على يد موسى- وكانوا عن هذه المعجزات غافلين- وتلك الغفلة هي سبب التكذيب.
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ
(137)
وأررثنا بني إسرائيل الذين كانوا يُستَذَلُّون للخدمة- مشارق الأرض ومغاربها(وهي بلاد "الشام") التي باركنا فيها- بإخراج الزروع والثمار والأنهار- وتمت كلمة ربك -أيها الرسول- الحسنى على بني إسرائيل بالتمكين لهم في الأرض- بسبب صبرهم على أذى فرعون وقومه- ودمَّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه من العمارات والمزارع- وما كانوا يبنون من الأبنية والقصور وغير ذلك.
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
(138)
وقطعنا ببني إسرائيل البحر- فمرُّوا على قوم يقيمون ويواظبون على عبادة أصنام لهم- قال بنو إسرائيل: اجعل لنا يا موسى صنمًا نعبده ونتخذه إلهًا- كما لهؤلاء القوم أصنام يعبدونها- قال موسى لهم: إنكم أيها القوم تجهلون عظمة الله- ولا تعلمون أن العبادة لا تنبغي إلا لله الواحد القهار.
إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(139)
إن هؤلاء المقيمين على هذه الأصنام مُهْلَك ما هم فيه من الشرك- ومدمَّر وباطل ما كانوا يعملون من عبادتهم لتلك الأصنام- التي لا تدفع عنهم عذاب الله إذا نزل بهم.
قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
(140)
قال موسى لقومه: أغير الله أطلب لكم معبودًا تعبدونه من دونه- والله هو الذي خلقكم- وفضَّلكم على عالمي زمانكم بكثرة الأنبياء فيكم- وإهلاك عدوكم وما خصَّكم به من الآيات؟
وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ
(141)
واذكروا - يا بني إسرائيل - نِعَمنا عليكم إذ أنقذناكم من أَسْر فرعون وآله- وما كنتم فيه من الهوان والذلة من تذبيح أبنائكم واستبقاء نسائكم للخدمة- وفي حَمْلِكم على أقبح العذاب وأسوئه- ثم إنجائكم- اختبار من الله لكم ونعمة عظيمة.
وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ
(142)
وواعد الله سبحانه وتعالى موسى لمناجاة ربه ثلاثين ليلة- ثم زاده في الأجل بعد ذلك عشر ليال- فتمَّ ما وَقَّتَه الله لموسى لتكليمه أربعين ليلة. وقال موسى لأخيه هارون -حين أراد المضيَّ لمناجاة ربه-: كن خليفتي في قومي حتى أرجع- وأحمِلَهم على طاعة الله وعبادته- ولا تسلكْ طريق الذين يفسدون في الأرض.
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
(143)
ولما جاء موسى في الوقت المحدد وهو تمام أربعين ليلة- وكلَّمه ربه بما كلَّمه من وحيه وأمره ونهيه- طمع في رؤية الله فطلب النظر إليه- قال الله له: لن تراني- أي لن تقدر على رؤيتي في الدنيا- ولكن انظر إلى الجبل- فإن استقر مكانه إذا تجلَّيتُ له فسوف تراني- فلما تجلَّى ربه للجبل جعله دكًّا مستويًا بالأرض- وسقط موسى مغشيًّا عليه- فلما أفاق من غشيته قال: تنزيهًا لك يا رب عما لا يليق بجلالك- إني تبت إليك من مسألتي إياك الرؤية في هذه الحياة الدنيا- وأنا أول المؤمنين بك من قومي.
قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ
(144)
قال الله يا موسى: إني اخترتك على الناس برسالاتي إلى خلقي الذين أرسلتك إليهم وبكلامي إياك مِن غير وساطة- فخذ ما أعطيتك مِن أمري ونهيي- وتمسَّك به- واعمل به- وكن من الشاكرين لله تعالى على ما آتاك من رسالته- وخصَّك بكلامه.
وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ
(145)
وكتبنا لموسى في التوراة من كل ما يحتاج إليه في دينه من الأحكام- موعظة للازدجار والاعتبار وتفصيلا لتكاليف الحلال والحرام والأمر والنهي والقصص والعقائد والأخبار والمغيبات- قال الله له: فخذها بقوة- أي: خذ التوراة بجد واجتهاد- وأمر قومك يعملوا بما شرع الله فيها- فإن مَن أشرك منهم ومِن غيرهم فإني سأريه في الآخرة دار الفاسقين- وهي نار الله التي أعدَّها لأعدائه الخارجين عن طاعته.
سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ
(146)
سأصرف عن فَهْم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي- والمتكبرين على الناس بغير الحق- فلا يتبعون نبيًا ولا يصغون إليه لتكبرهم- وإنْ يَرَ هؤلاء المتكبرون عن الإيمان كل آية لا يؤمنوا بها لإعراضهم ومحادَّتهم لله ورسوله- وإن يروا طريق الصلاح لا يتخذوه طريقًا- وإن يروا طريق الضلال- أي الكفر يتخذوه طريقًا ودينًا- وذلك بسبب تكذيبهم بآيات الله وغفلتهم عن النظر فيها والتفكر في دلالاتها.
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(147)
والذين كذَّبوا بآيات الله وحججه وبلقاء الله في الآخرة حبطت أعمالهم- بسبب فَقْدِ شرطها- وهو الإيمان بالله والتصديق بجزائه- ما يجزون في الآخرة إلا جزاء ما كانوا يعملونه في الدنيا من الكفر والمعاصي- وهو الخلود في النار.
وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ
(148)
واتخذ قوم موسى من بعد ما فارقهم ماضيًا لمناجاة ربه معبودًا مِن ذهبهم عِجلا جسدًا بلا روح- له صوت- ألم يعلموا أنه لا يكلمهم- ولا يرشدهم إلى خير؟ أَقْدَمُوا على ما أقدموا عليه من هذا الأمر الشنيع- وكانوا ظالمين لأنفسهم واضعين الشيء في غير موضعه.
وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
(149)
ولما ندم الذين عبدوا العجل مِن دون الله عند رجوع موسى إليهم- ورأوا أنهم قد ضلُّوا عن قصد السبيل- وذهبوا عن دين الله- أخذوا في الإقرار بالعبودية والاستغفار- فقالوا: لئن لم يرحمنا ربنا بقَبول توبتنا- ويستر بها ذنوبنا- لنكونن من الهالكين الذين ذهبت أعمالهم.
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
(150)
ولما رجع موسى إلى قومه مِن بني إسرائيل غضبان حزينًا- لأن الله قد أخبره أنه قد فُتِن قومه- وأن السامريَّ قد أضلَّهم- قال موسى: بئس الخلافة التي خلفتموني مِن بعدي- أعجلتم أَمْر ربكم؟ أي: أستعجلتم مجيئي إليكم وهو مقدَّر من الله تعالى؟ وألقى موسى ألواح التوراة غضبا على قومه الذين عبدوا العجل- وغضبًا على أخيه هارون- وأمسك برأس أخيه يجره إليه- قال هارون مستعطفًا: يا ابن أمي: إن القوم استذلوني وعدُّوني ضعيفًا وقاربوا أن يقتلوني- فلا تَسرَّ الأعداء بما تفعل بي- ولا تجعلني في غضبك مع القوم الذين خالفوا أمرك وعبدوا العجل.
توقيع
شاعرة بلا هوية
اللهم لك الحمد .. كما ينبغي لجلالروجهك وعظيم سلطانك
سبحان الله وبحمدة ... سبحان الله العظيم
اقتباس
شاعرة بلا هوية
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى شاعرة بلا هوية
البحث عن كل مشاركات شاعرة بلا هوية