الموت في الهواء
يكتظ الهواء الذي نتنفسه بالفيروسات والبكتيريا والفطريات وغيرها من الكائنات المجهرية ويمكن لتلك الكائنات أن تعبر المحيط على ظهر نسمة هواء ويمكن لبعضها ان يسبب تلفا في المحاصيل الزراعية وتسبب غيرها الامراض والوفاة – بينما يمكن استخدام البعض الآخر كأسلحة خفية فتاكة لا نعلم عنها شيئا حتى الآن.

رئتيك …… تقود الموت إليك
يعود تاريخ المصانع التي تنشر في الهواء ذلك الدخان الاسود البغيض إلى عقد الخمسينيات ويبدو الهواء الذي نتنفسه الان اكثر نقاء عن تلك الحقبة لكن واقع الامر هو انه ببساطة يحتوي على مزيج من مجموعة من السموم القاتلة وفي حين كانت الصناعة هي المصدر الاساسي للتلوث في السابق احتلت السيارات تلك المنزلة في عصرنا الحالي. وتشير دراسة اجريت حديثا في كلية طب مستشفى سانت جورج في لندن إلى ان واحدة من بين كل 50 نوبة قلبية تتم معالجتها في مستشفيات لندن يمكن إرجاع سببها إلى الملوثات المنبعثه من عوادم السيارات وبالنسبة لعموم بريطانيا يمثل ذلك 6.000 نوبة قلبية سنويا.
ولذلك فلم يكن من المفاجئ ان تكشف دراسة صادرة عن وازارة الصحة البريطانية عن ان تلوث الهواء في بريطانيا قد بلغ من السوء درجة يتسبب معها في حدوث 12.000-24.000 حالة للوفاة المبكرة سنويا بالإضافة إلى 14.000-24.000 حالة للدخول إلى المستشفى وبناء على ذلك نحد ان المملكة المتحدة تحتفظ حاليا بأعلى معدلات الاصابة بالربو (Asthma ) في اوروبا حيث يصيب واحد من كل 25 بالغ وواحد من بين كل سبعة اطفال وفي حين ان تلوث الهواء لا يمثل سببا مباشرا للإصابة بهذا الداء الرئوي المزمن لكنه يتسبب في استثارة حدوث نوبات الربو في المصابين به.
يحتوي العادم المنبعث من اغلب السيارات على خمسة سموم رئيسية وهي:
او ل اكسيد الكربون وهو غاز عديم اللون والرائحة يمكنه تعطيل قدرة كريات الدم الحمراء على حمل الاكسجين إلى الدماغ –وهو ينتج عن الاحتراق غير الكامل للوقود ويمثل نسبة مهمة من عادم السيارات ويتسم هذا الغاز بخطورته على وجه الخصوص بالنسبة لمرضى القلب وكذلك الاجنة والاطفال حديثي الولادة.
اكاسيد النتروجين وهي نتنج عن عوادم السيارات وثاني اكسيد الكبريت ( Sulphur Dioxide) وينتج عن محركات الديزل ومحطات توليد الطاقة ويسبب الاثنان تلفا لا يستهان به وللتدليل على هذا الخطر تخيل انك وسط اختناق مروري عند هطول المطر ففي هذه الحالة سيتحد الغازان مع الرطوبة لتكوين قطرات منحمض النيتريك (Nitric Acid) وحمض الكبريتيك (Suphuric Acid ) والتي ستسقط بعد ذلك على رؤوس المارة ومن المعروف تأثير ذلك المطر الحمضي (Acid Rain) على الاشجار والحياة البرية لك الاكاسيد الحمضية تهيج الرئات البشرية ايضا كما انه حتى المستويات المنخفضة منها تضر بصحة المصابين بالربو.
ويمثل غاز الاوزون بدوره واحدا من الملوثات القوية فهو يسبب السعال والآم الصدر – والتي تصيب حتى افضلنا صحة ويتكون الاوزون السطحي (والذي لا يجب الخلط بينه وبين طبقة الاوزون الموجودة في الغلاف الجوي والتي تقل كثافتها تدريجيا) نتيجة لتفاعل كيميائي بين اكاسيد النتروجين والهيدروكربونات غير المحروقة والموجودة في البترول وذلك في وجود ضوء الشمس وتزيد النسبة في المملكة المتحدة حاليا علىنسب الامان الاوروبية .
حطم سيارتك … من أجل صحة أفضل!
خلال السنوات الاخيرة تركز الاهتمام على نوع خامس من الملوثات وهو ما يعرف باسم PM10 وقد استمدت تلك الجزيئات اسمها من حقيقة ان قطرها يبلغ نحو 10 ميكرومتر كما انها صغيرة بالحجم الكافي لتتسلل إلى الرئتين وتبقى هناك وقد ربط الباحثون بين ارتفاع نسب تلك الجزئيات وبين ارتفاع عدد حالات الدخول إلى غرف الطوارئ بالمستشفيات نتيجة للمشكلات التنفسية بالإضافة إلى ارتباطها بإرتفاع كبير في عدد حالات الوفيات المبكرة.
وإذا كنت في صحة جيدة فيسكون أسوا ما تعانيه نتيجة لنوبة من تلوث الهواء الذي تستنشقه هو ظهور اعراض مثل زيادة إفراز الدموع وجريان الانف ولكن إذا كنت تعاني من اقل استعداد للإصابة بأمراض القلب والرئتين فقد تكون العواقب اكثر وخامة. ويمثل تحسين تقنيات صناعة السيارات والوقود حلا قصير المدى ولكن إذا كنا نرغب حقا في تنقية الهواء الذي نتنفسه فلابد ان نصبح اقل اعتمادا على السيارة وذلك ستكون له فوائد اخرى – فالخمول الجسدي نتيجة لإعتمادنا على السيارة في جميع تحركاتنا له ثمن فادح يتمثل في ارتفاع معدلات الإصابة بالداء السكري وتخلخل العظام والامراض القلبية الوعائية وذلك حسب تقارير المجلة الطبية البريطانية.