منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - أبحاث((( أدبية )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 7  ]
قديم 04-07-2006, 12:50 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
ينفعل عنه، فإن قيل مرة أخرى أو على هيئة أخرى انفعلت النفس عنه طاعة للتخييل لا للتصديق، فكثيراً ما يؤثر الانفعال ولا يُحدث تصديقاً، ... والناس أطوع للتخييل منهم للتصديق"( ).
ومن هنا نجد أن حازماً جعل التخييل قوام الشعر، والإقناع قوام الخطابة، وعالج على أساس هذه المقولة كثيراً من القضايا التفصيلية الخاصة بالفن الشعري، وأهمها قضية الصدق والكذب في الشعر التي أعطاها من اهتمامه قدراً كبيراً، وأقامها على أساس فرق ما بين الشعر والخطابة من حيث التخيل والإقناع. وقد تابع حازم ابن سينا في مخالفته التقسيم التقليدي لمراتب الصدق والكذب في الأقاويل هذا التقسيم الذي يجعل مراتب الصدق تنازلية مبتدئاً بالقول البرهاني فالجدلي فالخطابي فالسوفسطائي حتى يصل إلى القول الشعري الذي هو كاذب بالكل لا محالة( ).
لقد كان حازم شديد الفتون بالتعبير عن مذهبه في الخيال بأساليب متنوعة، تدور أحياناً على فكرة يلم بها، ثم يشققها ويقلبها ويستنفد مضمونها بضرب من الاستقصاء وذلك حسب طريقة المتفلسفين وكأنه رغب في أن يقنن للشعر وأن يضع للخيال الفني معايير يقاس بها ويعرض عليها، ومن هذا القبيل حديثه عن أنحاء التخييل الأربعة. المعنى والأسلوب واللفظ والوزن، وتقسيمه التخييل الشعري على طريقة الفلاسفة والمتكلمين إلى ضروري وعارض مستحب، وعبارته في ذلك "أن التخييل في الشعر يقع من أربعة أنحاء: من جهة المعنى، ومن جهة الأسلوب، ومن جهة اللفظ، ومن جهة النظم والوزن، وينقسم التخييل بالنسبة إلى الشعر قسمين: تخييل ضروري وتخييل ليس بضروري ولكنه أكيد أو مستحب... والتخاييل الضرورية هي تخاييل المعاني من جهة الألفاظ، والأكيدة والمستحبة تخاييل اللفظ في النفس وتخاييل الأسلوب وتخاييل الأوزان والنظم، وآكد ذلك تخييل الأسلوب( ).
ولم يكد حازم يفرغ من التصنيف الرباعي حتى راغ إلى تقسيم ثنائي أدرج بوساطته تخييل المعاني من جهة الألفاظ تحت ما نعته بالضرورة، وأدخل تخييل الأوزان والألفاظ والأساليب فيما هو غير ضروري ولكنه بالتعبير الفقهي مستحسن ومستحب. ولا شك أن للتخييل الواقع من قِبل الضرورة رتبة أعلى من التخييل الآخر، وكأنه يعالج مشكلة المفاضلة بين اللفظ والمعنى بواسطة هذا التصنيف الذي يغلب عليه المصطلح الفقهي، وكأنه أراد بتخاييل المعاني من جهة الألفاظ أن يحدد خاصية أساسية للخيال تتمثل في تخيل المجردات وتجسيد المعاني بإبرازها في الصور المحسوسة. ولإيقاع التخييل في النفس عند حازم طرائق ومسالك تنحل إلى التصور والمحاكاة والتداعي بواسطة ما تنشئ الذاكرة من علاقات. وهذه الطرق عنده تكون "بأن يتصور في الذهن شيء من طريق الفكر وخطرات البال، أو بأن تشاهد شيئاً فتذكر به شيئاً أو بأن يحاكي لها الشيء بتصوير نحتي أو خطى أو ما يجري مجرى ذلك، أو يحاكي لها صوته أو فعله أو هيأته... أو بأن يحاكي لها معنى بقول يخيله لها".
لقد عرض حازم ما يبديه الخيال من فعالية ونشاط في النحت والتصوير والموسيقى والمسرح والشعر، معتبراً التصوير الذهني طريقاً من طرق وقوع التخييل، برغم ما بين التخييل والتصور من تمايز واختلاف ولعله تأثر في ذلك بابن سينا ومذهبه في أن الخيال يعين على التصور والإدراك في بعض العلوم التي تحتاج إلى التخيل كالأشكال الهندسية( ).
ولحازم في المنهاج تقسيم آخر للتخييل من جهة متعلقاته، يدور على تصور الموضوع والأداة، أو على ما يسميه النقاد المحدثون المضمون والشكل، فثم تخييل واقع في المضمون، وأداة هذا التخيل ماثلة في الشكل وثم تخيل للمضمون وللشكل بواسطة الأنساق والأسلوبية وما تضم من معان وألفاظ. وأجرى حازم هذين النوعين من التخيل على نمط ما تداوله البلاغيون واللغويون من حديث عن الدلالات الأوائل والدلالات الثواني. فتحدث عن التخييل الأول والتخييلات الثواني، وعول في وصف التخيل الثاني على ما أثر عن طائفة من النقاد والبلاغيين الذين كانوا يتناولون الصيغ الشعرية فيحللونها ويصفونها بمعجم لغوي مشتق من العقود المصنوعة من كرائم الأحجار، ومعاجم أخرى مأخوذة من التصوير والأزياء التي كان الصناع يتفننون في تفصيلها وتزيينها، ومن هذا القبيل ما تصادف عندهم من تقويم انطباعي يدور على التنضيد والتسهيم والتوشية وما شاكل هذه الألفاظ يقول حازم "وينقسم التخييل بالنظر إلى متعلقاته قسمين: تخيل المقول فيه بالقول، وتخيل أشياء المقول فيه وفي القول من جهة ألفاظه ومعانيه ونظمه وأسلوبه. فالتخييل الأول يجري مجرى تخطيط الصور وتشكيلها في فرائد العقود وأحجارها. وتلك الصيغ والهيئات هي التخاييل الثواني فهي تجري من الأسماع مجرى الوشي في البرود، والتفصيل في العقود من الأبصار. والنفوس تتخيل بما يخيل لها للشاعر من محاسن ضروب الزينة فتبتهج لذلك، ولهذا نقلوا إلى بعض الهيئات اللفظية التي من هذا القبيل، أسماء الصناعات التي هي تنميقات في الموضوعات فقالوا الترصيع والتوشيح والتسهيم في تسهيم البرود، وكثير من الكلام ليس بشعري باعتبار التخييل الأول، يكون شعراً باعتبار التخاييل الثواني"( ).
ثم بدأ يفصل ويستقصي كعادته من هذا تعبيره عن التخاييل الأوائل والتخاييل الثواني من خلال تصور يرد التخيل الأول إلى الكلي ويعزو الثاني إلى الجزئي وإذا أخذ حازم بهذا التصور، رد التخاييل إلى ثمانية أقسام: أربعة للتخيل الكلي الأول ومثلها للتخيل الجزئي الثاني. يقول حازم في هذا السياق: ".... للمخيلين في التخييلات التي يحتاجون إليها في صناعتهم أحوال ثمانية، الحال الأولى يتخيل فيها الشاعر مقاصد غرضه الكلية التي يريد إيرادها في نظمه أو إيراد أكثرها.
الحالة الثانية أن يتخيل لتلك المقاصد طريقة وأسلوباً أو أساليب متجانسة أو متخالفة، ينحو بالمعاني نحوها ويستمر بها على مهايعها.
الحالة الثالثة أن يتخيل ترتيب المعاني في تلك الأساليب، ومن أهم هذه التخيلات، موضع التخلص والاستطراد.
الحالة الرابعة أن يتخيل تشكل تلك المعاني وقيامها في الخاطر، في عبارات تليق بها، ليعلم ما يوجد في تلك العبارات من الكلم التي تتوازن وتتماثل مقاطعها، ما يصلح أن يبني الروى عليه، وفي هذه الحال أيضاً يجب أن يلاحظ ما يحق أن يجعل مبدأ ومفتتحاً للكلام وربما لحظ في هذه الحال موضع التخلص والاستطراد. فهذه أربع أحوال في التخاييل الكلية.
الحالة الخامسة وهي أول حال من التخاييل الجزئية، أن يشرع الشاعر في تخيل المعاني معنى معنـى بحسب غرض الشعر. الحالة السادسة أن يتخيل ما يكون زينة للمعنى وتكميلاً له، وذلك يكون بتخيل أمور ترجع إلى المعنى من جهة حسن الوضع والاقترانات والنسب الواقعة بين بعض أجزاء المعنى وبعض، وبأشياء خارجة عنه ما يقترن به يكون عوناً له على تحصيل المعنى المقصود به.
الحالة السابعة أن يتخيل لما يريد أن يضمنه في كل مقدار من الوزن الذي قصد. عبارة توافق نقل الحركات والسكنات فيها، ما يجب في ذلك الوزن في العدد والترتيب بعد أن يخيل في تلك العبارات ما يكون محسناً لموقعها في النفوس.
الحالة الثامنة أن يتخيل في الموضع الذي تقصر فيه عبارة المعنى عن الاستيلاء على جملة المقدار المقفى معنى يليق أن يكون ملحقاً بذلك المعنى وتكون عبارة المعنى طبقاً لسد الثلمة التي لم يكن لعبارة الملحق به وفاء بها ومن هذا قول المتنبي في مدح سيف الدولة:
نهبت من الأعمار مالوحويته لهنئت الدنيا بأنك خالد( )
إذن الكلام لا يكون شعراً إلا باعتبار التخاييل الثواني التي هي التخاييل الشعرية، وهذا يعني أن التخاييل الثواني تشمل كل خصائص التجربة الشعرية وتشكلها.
ولكن هذا لا يعني أن التخييل الأول غير مهم ولا دور له، فالتخييل الأول بالتعبير المنطقي هو المقدمات الأساسية للشعر، وهو الذي يقدم المادة الأولى للبناء الشعري، وبهذا تكون التخاييل الثواني تابعة له من حيث الدرجة، ومختلفة عنه من حيث النشاط والوظيفة( ).
وإذا انتقلنا إلى جهة أخرى نجد أن حازماً قد اهتم كثيراً في أثر التخييل عند المتلقي، ودوره في توجيه السلوك، وهو بذلك يظهر دور الشعر الفعال في الجماعة، فالشعر عملية تخييلية تؤثر في المتلقي وتعدل من سلوكه. يقول: "....وتقوم في خياله (أي السامع) صورة أو
==>>




توقيع اسير الصحراء
((( لمحبي الأناشيد الأسلامية أتمنى دخولكم متجدد )))