منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - •رواية~ حب سامي• \\ من أجمل ما قرأت
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 7  ]
قديم 09-20-2011, 05:10 PM
جعلاني متميز


المشاركات
645

+التقييم

تاريخ التسجيل
Jan 2011

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
13904

Nostalgia is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
• • •

~١٠~

دخل سامي بيته بزوجتيه، ولأول مرة تدخله ندى بعد ذلك اليوم الذي جمع سامي بأسماء، شعرت بوحشة وغربة عند دخوله، مع أن سامي كان يتصرف ويشعرها و كأنه بيتها، جرَّت حقيبتها للغرفة الأبعد حيث وضع له سامي مكتبة يستقبل فيها ضيوفه، حزَّ في نفسها أنها لم تسمع كلمة ترحيب من أسماء، تلك الإنسانة التي كانت تحاسب نفسها حساب الشحيح لماله لكي لا تظلمها، لكونها لا ذنب لها ولا جريرة، صحيح أن المرأة طبعت على الغيرة ولازمتها هذه الصفة، لكن كتم الغيرة وتحكيم العقل وتذكُّر الآخرة مما يضبطها، فهي أيضاً لا ذنب لها؛ قدرٌ فرّق بين قلبين امتزجا وروحين تآلفتا، وأتى بطرف ثالث وجوده يقلل من سعادة القلبين، ولا يزيلها بالكلية، ويزيد في راحتها وإن نقص منه اجتماعهما!
فمن العقل والمصلحة أن يتعايشوا لينعم كل منهم بالقدر الذي يسعده ولو كانت سعادة ناقصة!
ولو فكر كل منهم بمصلحته هو فقط فلن يكون الآخران على هناء بقراره!
عزّت نفسها بأنها دنيا، وتذكرت أن لقاءها بحبيبها ولو جزئياً خير من البعد عنه، ما كان سبباً لسعادته. تذكرت أنها لولا علمها بسعادة سامي في وجوده مع زوجته ووجودها هي معه لما رضيت لنفسها بهذا.
فراحته أهم من راحتها لكونها من أسبابها،
نظرت للكتب حولها فاشتاقت لهوايتها وحمدت الله أن هداها لتأتي هنا، وفي أثناء تجول بصرها بين الكتب وقع بصرها على كتابٍ له ذكرى عندها، إنه أول هدية تقدمها لسامي!
قامت وتناولته، وأخذت تقلب صفحاته وإذا هي بقصاصة ورقية فيها كلمات كأنما وقعت على جرح وأيقظت ألمه؛ (أجمل لحظة من كل لحظات العمر، حين تسعد بأنس لا تكره أن يختم لك به عليه، وأجمل لقاء لقاء روحين يذكر كل منهما صاحبه بالجنة؛ وأجمل الفرح فرح بالموت مع أمن على من تحب مما تكره، وأكره المكروهات أن تطلب حاجتك من بخيل، ولا أبخل ممن يبخل بابتسامة تدخل على من حوله سروراً لكي لا يراها)..
تذكرت سامي الذي كادت أن تفقده،
وآلت على نفسها ألا تتأخر عن عملٍ يحبه، مهما آذاها في نفسها، تذكرت روحاً تتكون بين أحشائها هي مزيج منهما طالما كانت محور الآمال والأحلام التي اشتركا في نسجها؛
- ماذا تعملين هنا؟
- بسم الله..
- هل أخفتكِ؟
- أنت لا تخيف، بل تفاجئ يا غالي.. الله يسعدك يا رب..
- ندى.. لمَ هربت هنا؟
- لم أهرب إلا لأرتاح، ثم حظي الذي جلبني إلى هنا يبدو كبيراً..
- تعالي.. تعالي معي إلى هناك،
- أرجوك سامي دعني على راحتي، سأقرأ حتى أنام، لي زمنٌ لم أحظ بمكان كهذا!
- سأنام معكِ إذا..
- لا.. لا سامي كن مع أسماء الليلة، فهي تبدو حزينة مكتئبة..
- هذه طبيعتها يا ندى، صدقيني، حساسة جداً، مغلفة بالصمت والحزن، لكنها طيبة، وإن لم تجد مهارات التواصل مع الغير..
- الله يوفقها..
- أتيت بعشاء تعالي نتعشى سوياً
- بارك الله فيك، لا شهية بي لطعام الآن..
غداً سأصوم إن شاء الله فاتركوا لي نصيبي لأتسحَّر به ..
لمح سامي الكتاب في يدها وقال: هذا الكتاب غالٍ جداً علي فاحرصي عليه..
- همس لها بكلمة دغدغت مشاعرها وخرج، ثم أتى لها بما تحتاجه للنوم..
- شكراً من القلب سامي على هذه الحفاوة..
- أعلم قصدك، ولو كان ما يفترشه الإنسان بمقدار قيمته لأفرشتك عيني وألحفتك هدبها..
- لا حرمني ربي وجودك في حياتي يا روحاً لا سعادة لي بدونها..
ابتسم ومسح على رأسها بحنان كعادته وخرج..
مضت قرابة الشهرين وهم على هذه الحال، وسامي ينام ليلة عند هذه وليلة عند تلك، كانت ندى تصوم حين يكون سامي ليس عندها قسمته، ويوم تنتقل القسمة لها تقوم بصنع الطعام وترتيب قسمها الذي تنام فيه وهو قسم استقبال الضيوف!
وكانت أسماء تذهب كل يوم لحلقة التحفيظ التي كانت منتظمة بها في الحرم، أما ندى فكانت تذهب حينما تكون صائمة فقط لأنه يوم لا شأن لها بسامي فيه ولا بطعامه،
لكن حال أسماء سبب لها ضيقاً شديداً، دخلت عليها يوماً وهي تعد طعام العشاء فقالت لها كلمات أذهلتها، فلم تكن تصدق أن من أمامها هي أسماء المسكينة الهادئة، أهانتها وسفهت رأيها ورمتها بما لم تسمعه في حياتها..
استغفرت الله، وقالت: ماذا جرى لك؟ احترمي نفسك أنت؛ فوالله ما ظننت هذا يأتي من مثلك، ولو نقل لي لما صدقت!
- تذكري أنك ضيفة في بيتي..
- ونعم خلق الكرماء إذن..!! هل يعامل صاحب البيت ضيفه بهذه الطريقة؟
- نعم.. إن أراد أن يستولي عليه..
- هاه.. ماذا؟
خرجت أسماء من المطبخ وهي تتمتم بكلمات لم تعيها ندى من هول المفاجأة..
يا الله.. ما الذي قلب حالها؟ ماذا جرى لها؟ أنا محافظة على مشاعرها لأقصى حدود الاستطاعة إكراماً لها واحتراماً لمشاعرها، وطلباً لراحة قلب سامي، حتى حملي الذي بدأ يظهر لذي البصيرة كتمته احتراماً لها وكأنه حرام!!
ثم أنا زوجة مثلها تماماً لي من الحقوق ما لها، كانت تحدث نفسها بهذا وأخذت تبكي.. لأول مرة تشعر بجرح كرامتها هكذا.. أكملت عملها وذهبت للغرفة التي تنام بها،
أتى سامي فوجد الوضع غريباً إذ عادة يجد الطعام وندى أو أسماء أو كلاهما في انتظاره في صالة البيت!
أخذ ينادي:
- ندى، أسماء..
أتته أسماء، فقال:
-أين ندى؟
- لا أدري..
- كيف لا تدرين؟ من جهز الطعام؟
- المهم تريده أم لا؟
انصرف عنها لأنها كانت تبدو مغضبة وعليها آثار بكاء.. وذهب لغرفة ندى، ووجدها تقرأ كتاباً لكنها على غير ما تعود منها..
- ندى ماذا جرى..؟
- لا شيء يا سامي، هل ترغب في الطعام؟
- نعم..
قامت وأعدته له كما هي العادة لكنها استأذنت أن تذهب لغرفتها، أدرك سامي أنه قد حصل بينهما شيء، فأسماء منذ جاؤوا وهي غير طبيعية، لكن ماذا حصل لندى لتتصرف هكذا..؟
قال: لا حاجة لي بالطعام، وتركه وقام.. لحقته ندى وأخذت تتوسل إليه أن يعود ويأكل، فعاد بشرط أن تكون كعادتها، ضحكت وعادت معه وتناولا الطعام كعادتهم إلا أن أسماء لم تأت معهم،
بعد ذلك رفعت الطعام وانقلبت لغرفتها، واستلقت على سريرها وأخذت تفكر في أسماء وما عملته، وهي تشعر بجرح كرامتها المهرق اليوم، لكنها لن تستطيع إخبار سامي بما حصل، فهي لا ترضى أن تكون سبباً في غضبه ولا أن يؤذى مسلم بسببها. فكيف بيتيمة كأسماء؟،
وأخذت تحدِّث نفسها: لكن ما فعلته اليوم ينسف كل فكرة بنيتها في ذهني عنها أو رحمة وطَّدت فيه لها. فليس من العقل ولا من الدين أذية البشر بلا سبب!
وبينما هي تعوم في بحار فكرها إذ هي بسامي يدخل عليها..
- ندى.. أخبريني بصدق ماذا حصل؟
-.............
- ندى أنا أنتظر!
- سامي، أخبرتك قبلاً أن وضعي غير مناسب..
- من أي ناحية؟
- هذا البيت لأسماء. وكوني أشاركها بيتها كما شاركتها فيك يؤلمها!!
- لكنك صاحبة حق من قبلها.. ثم أنا رجل.. وأعلم حدودي وحقوقي وحقوق كل منكما، فلتلزم كل منكما حدّها..
- سامي.. أنت الليلة لست عندي فرجاء لا تزد الطين بلةَّ بمجيئك هنا..
- أخبريني، ما الذي جرى إذن؟
- اذهب الآن، وأعدك أني سأخبرك غداً إن شاء الله،
- لن أخرج حتى أعلم ما جرى!
- دعها تخبرك هي!!
- هي أخبرتني ولست مقتنعاً، فهات ما عندكِ أنت!
- كنت كعادتي في المطبخ فأتت وتكلمت غفر الله لها بما يدل على أنها تحمل في قلبها علي؛
لي طلب أرجوك لا ترده. أريد غرفة ليومين أو ثلاثة قرب الحرم. فأنا جد ضائق صدري!!
- إذن حصل بينكما شيء!!
الراحة يا ندى في القلب وسلامته، ثم أنت تعلمين أنك مؤقتاً هنا حتى أدبِّر أمر سكنٍ مستقل؛ وهي تعلم ذلك أيضاً!
- سامي.. هي ربما تغار كوني أصبحت أشاركها في البيت وأنا ضاغطة على نفسي، لست مرتاحة لكوني غير مرغوب في وجودي،
ثم هنالك أمر أخفيته عنك لكنه لا يخفى! ووالله ما أخفيته إلا لله تعالى وخشية أن يكون سبباً في تألم أسماء، وكنت أنتظر فرج الله و تحسن نفسيتها لأخبرك به، لكن يبدو أنني لن أستطيع الكتمان أكثر..
- تكلمي..
- ألم تسألني قبل أيام عن شكل جسمي الذي بدأت تظهر عليه بعض التغيرات؟
- لم أفهم..
- ماذا لاحظت على جسمي من تغير؟
- ما دخل تغير جسمك؟
أخذت يده ووضعتها على بطنها وقالت هنا تنمو الآن بضعة منك يا سامي!

• • •

~١١~

تأمل وجهها برهة وابتسم:
- أنت حامل يا ندى؟
- نعم.. اخفض صوتك..
- أسألك بالله..
- نعم..
- ولمَ كتمتِ عني؟ ياه هذا أسعد خبر في حياتي..
- لكن سيؤلم أسماء، وسيزيد كرهها لي..
- ولمَ؟ وهو رزق من الله، ندى النفوس الطيبة لا تتألم لعطايا الله لخلقه، ولا تكرهها لهم بل تسعد بذلك.. وإنما تتألم النفوس الحاقدة الحاسدة.
- سامي الشيطان حريص على التحريش بين الناس وربما ألقى في ذهنها أني سأسيطر عليك لكوني أماً لولدك إضافة لكونك تظهر حبك لي أمامها، وهذا....
- وهل صنعت منكراً إن أظهرت حبي لزوجتي؟ عجيب أمر النساء!!
حتى هي أظهر لها الحب وأحنو عليها وأرأف بها!
- سامي، نساء النبي غرن!
- لكن لم تتجاوز إحداهن حدها!
من الظلم أن نرمي أخطاءنا على غيرنا، فكيف لو كانوا سادتنا؟
سأعود إليك يا أم عمر!
وخرج مسرعاً..
دخل على أسماء وهي تبكي، وكان قد سمع الباب ضرب بقوة!
- أسماء.. ما بك؟
- لمَ أتيت؟ عد إليها وأكمل الليل عندها!
- دعينا من هذا.. ما الذي حدث اليوم؟
- لا شيء، اسأل حبيبة قلبك!
- حبيبة قلبي أعرفها وضمنتها لك، لكن أنت لا أعلم ما أصابك!! أسماء أنت زوجتي وهي زوجتي وأنا لا أفرق في المعاملة بينكما، أما ما تفعلينه منذ أشهر من كثرة التلميح فتأكدي بأني أكرهه، وكوني أسكت عن أمور وأتجاهلها فليس معنى ذلك أني عاجز عن علاجها، بل لكوني أترفع عن النزول لمستواها..
أحبها لا أحبها، هذا شيء لا يخصك، لكِ حقوق طالبي بها، حتى البيت وهو بيتي لم أحضرها فيه إلا بموافقتك، ليس خوفاً ولا ضعفاً وإنما تقديراً وإحساناً،
أما وقد تماديت بهذا الإحسان فاعلمي أن راحتي عندي أهم، فمن أرادت أن تحرمني منها فلتبحث عن سواي!
لو قدر لي الموت في ذلك الحادث لعرفت قيمة ربع رجل، وليس التنافس على حرمانه من سعادته ليكون لك أو لها، أنا أتحدث بالعموم يا أسماء، أنا لست عقاراً تختاره امرأة لأصبح مملوكاً لها، من حقوقي أن أتزوج من أشاء ومتى شئت، وليس لبشرٍ أن يصادر حقاً لي!
ابحثي في كتاب الله يا قارئة القرآن، وفي السنة فأي حق لك فتشبثي به وطالبي بتحقيقه، فهذا حق لك لا مُشاحَّة فيه، أما حقوق غيرك فاحترميها فلهم حق هم أيضاً في المطالبة بها!!
أسماء.. لك الخيار في الاستمرار معي بهذا المنهج أو البحث عن حياة أخرى مع شخص يكون مفاتيحه بيدك وزمامه! أما أنا فرجل حر لا سلطان لأحدٍ علي إلا من ربي!
- واضح جداً.. أمرتك فأتيت تنفذ!
- أسماء، لا يهمني ما تقولين، لكن يبدو أنك سلّمتِ أمرك لإبليس ليوردك المهالك!
- أنا أسمع للشيطان وهي تسمع للملائكة، هذا ما تقصده؟
- أي قلب استبدلت بعد الحادث؟ أما لها عليك فضل؟ تريدين الحق، هي ليس لها علي سلطان وأمر، بل لها إحسان سابغ لا أجد له ما يرده!
سأعرفك بندى يا صاحبة القلب الرقيق!
ندى، علمت عني خطأ كبيراً لا يصدر ممن يخشى الله ويخافه، ليس مخلاً بالأدب ولله الحمد ولكن ضعف دين وتقوى كان يلم بي وستره الله حتى هتك هذا الستر لها يوماً، فأرسلت مع أختي شريطاً وكتباً فيها ورقة، قرأتها، فلم أفهم منها حرفاً!! لكن عرفت بأن لها منها هدف، فعدت للشريط والكتب فقرأت وسمعت، فشعرت بتفاهتي، سألت أختي من أين لها بهذا؟ قالت: أنا أحببت أن تقرأ وتسمع ما ينفعك، لكن الكلمات تلك أشعرتني بعد سماع الشريط وقراءة الكتب أنها تنهاني عن التمادي في ذلك الخطأ، وهذا الخطأ لا يعلم به بشر إلا تلك التي دخلت بكامل حجابها فلما رأتني بموضع لا ينبغي أن يكون به الرجال قالت: اتق الله ولا تهن نفسك! بعد أن رفعك!!
ومنذ ذلك اليوم ما هممت بالسوء ولا عرفته، والله لقد وضع الله لها في قلبي من الود ما لو وزِّع على البيوت ما رأيت امرأة تشكو من زوجها قلة الود!
ومع هذا لم أطمح فيها لكونها كنجم في السماء وأراني حجراً في الأرض، لكني حرصت على ارتقاء إيماني وتصحيح علاقتي بربي، ففتح الله علي حين علم صدقي وانكساري بذنبي الذي لم يعلم عنه سواها وبطريقة المصادفة،
فتمنيت زوجة تعينني على التقوى لكني كلما فكرت فيها رأيت عظم المسافة وقلة الزاد وضعف القوة، فتأخرت، حتى كتبت يوماً خاطرة بما في قلبي وما عنيت منها شيئاً، فوجدت لها بالصفحة الأخرى مقالاً رفع الهمة وقوى العزيمة،
فتقدمت لها فوجدتها نعم المعين على كل حدث سواءً كان مؤلماً أم مفرحاً!
بل وكانت تشعرني ولا زالت بأني أنا صاحب الفضل عليها في كل شيء، تشعرني بأني الأعلم والأقوى والأفضل ، وأنها بدوني لا شيء! أشعر معها برجولتي، وتشعرني بالأنثى الحقيقية!
ندى هذه لولا موافقتها وتشجيعها لي بالزواج منك بعد إرادة الله ما فعلت، فوالله لو أمرتني بعدم الزواج منك ما فعلته، لكن الآن والله لو أمرتني مع أن حبها لم ينقص في قلبي شعرة بطلاقكِ ما فعلت، مع يقيني بأنها لو رأتني أتقطّع من حبِّ غيرها ما أمرتني بطلاقها، لأنها تحب ربها أشدّ من حبي خالصاً لها،
ندى بنت بيني وبين والدها ووالدتها وبيني وبين إخوتي وأقاربي جسوراً من الود من غير أن أدري؛ تمسك الجوال وترسل باسمي لتصنع لي قصوراً في قلوبهم..
ندى هذه هي من زيَّن لك البيت الذي عجزتِ أن تقولي لها فيه حياكِ الله، لترفعي نفسكِ، فالرفيع من يكرم وافده!
ندى هذه هي من أهدى لكِ تلك الهدية التي ظننتها مني وهي من كتب على لساني تلك الرسالة لتدخل الفرح في قلبكِ! لأنها تحب ذلك فصنعت ما تحب!!
ندى التي وهبها الله جنيناً فكتمت حمله لئلا يحزنك، وهي تدعو الله أن يرزقك مثله لكي لا تشعري بنقص!
ندى يا أسماء، ليست ملكاً لكنها بشر، تحب الله أكثر من أي حب، فتقدم أمره على كل أمر، وتحتسب عند الله ما تتألم منه ليعوضها عنه في الجنة، فقط لا غير!!
وبتلك الروح ظهر الصحابة وتابعيهم على الأمم وسادوا!
أسماء، لو فارقت روحي ما فارقت ندى، ولكني سأعدل بينك وبينها في كل شيء أستطيعه؛ لأن هذا شرع الله الذي هو أحب إلي من كل شيء محبوب!
فانظري لنفسك واختاري ما تريدين..
وخرج وأغلق الباب خلفه..
ذهلت أسماء فكأنما سقط عليها حجر ثقيل هشَّّم رأسها، شعرت بذهول لما سمعت، تذكرت معاملة ندى الرقيقة لها أثناء مرضها وإقامتها في بيتهم، تذكرت أن الجميع كان يعاملها كأنها فرد من الأسرة،
حقدت على صاحبتها تلك التي ما فتئت تخيفها من ندى وتشكك في مقصدها حتى صورتها شيطانة في زي امرأة، تذكرت سامي الذي آواها وأعلى منزلتها وأشعرها بإنسانيتها، وحققت معه ذاتها!
ندمت على ما فعلت وخشيت أن يكرهها سامي لو علم بأنه ما زاد كرهها لندى إلا بسبب الحمل حين علمت بذلك حين سمعت اتصالاً من ندى بالمستشفى تسأل عن كثرة الدوخة للحامل طبيعية أم لا، وكانت تسترق السمع وهي لا تعلم عنها شيئاً،
فكيف لو علم سامي بأنها منذ ذلك اليوم وهي تدعو عليها بأن يحرمها الله منه؟ وتدعو أن يفرح قلبها بسقوطه؟
خرجت فسمعت ندى تلوم سامي على قسوته عليها، في تلك اللحظة شعرت بحقد يملأ قلبها عليها، تأملت نفسها فكرهت نفسها أيضاً، فأخذت تبكي بصوت عال!
سمعاها فخرجا مسرعين، اقتربت منها ندى وجلست بجوارها، وقالت:
هوني عليك يا أخية، فالخطأ مشترك، والله إن دنيانا لا تستحق هذا.. واحتضنتها وأخذت تبكي معها،
منذ ذلك اليوم لم تحدث أي مشكلة بين أسماء وندى، وهما كالأختين، مع احتمال الخلاف لكنه خلاف أخوة وليس خلاف أعداء..
الآن كلاهما داعيتان، لم ترزق أسماء حتى الآن بأبناء، أسأل الله أن يرزقها وكل محروم، أما ندى فلديها ثلاثة أبناء وبنت، أحدهم ربَّته أسماء وكلهم ينادونها بأمي أسماء، سامي شيخ معروف ومشهور بالتقوى وحبه لأهل الجهاد! يسكنان في بيت واحد، وكلما سافر سفراً أقرع بين زوجتيه فيأخذ من تخرج قرعتها وتبقى الأخرى مع الأبناء!
العجيب أن أسماء بعدما عرفت خطورة صديقة السوء التي كادت أن تنهي سعادتها ولازمت القرآن تتلوه و تتدبره، تبدلت كل مشاعر الحقد والكره في قلبها لحب وخير، حتى إن زوجها يذكر بأنها لو اختلفوا هو وندى تنحاز لها و تبقيه بلا معين!!
طبعاً لا تخلو أي حياة من إشكال، لكن بالنظر للآخرة نشعر بحقارة الدنيا وأنه لا ينافس على حطامها إلا الحمقى!


(تمت ^^)
ودمتم للخير قارئين..


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك




توقيع Nostalgia


وسط انشغالنا بالحاضر....تطرقنا أحيانا لحظات....نحن فيها لعبق الماضي