منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - •رواية~ حب سامي• \\ من أجمل ما قرأت
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 5  ]
قديم 09-20-2011, 05:03 PM
جعلاني متميز


المشاركات
645

+التقييم

تاريخ التسجيل
Jan 2011

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
13904

Nostalgia is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
~٧~

وفي الطريق كان الظلام يلفهما، وكانا يسترجعان ماضيهما، فيبدو لهما أن الألم أصبح ذكرى لا يشعران بمرارتها!! بل تولت وكأن لم تكن، وأما الفرح فبدا كرائحة عابرة بالنسبة لما يتلبسهما الآن من هناء وأنس، تذكرا عندها الجنة والنار وأن النعيم والعذاب الدنيوي ما هو إلا كحلم يطوف على نائم فيستيقظ منه سعيداً بسعد عابر أو متألم خائف بمس عابر كذلك، ويحكمه واقعه نعيماً كان أو عذاباً..

نظر سامي لندى وقال: النعيم الباقي من دنيانا يا ندى هو ذلك النعيم الذي يتذكره العبد حين يدخل الجنة ويشعر بنعيمها ولذتها فيقول: ياه لقد مر علي شيء يشبه هذا لكنه لا يقارن به؛ لأنه لا شيء مع نعيم الجنة، فكان مما يشوقني للجنة ويزيد همتي إليها، كزوجة حسناء جميلة باطناً وظاهراً حين يضمها إليه يقول لئن كان في الجنة كهذه وخسرتها إني إذن لأحمق!!
أو يغاضبها يوماً فتأتي قبل نومه وتأخذ بيده تقبلها وتهمس: لن يغمض لي جفن حتى ترضى!
- أراك تطرق على هذا الوتر يا سامي، لنا الله معاشر النساء!!
- أليست إن صنعت ذلك استوجبت الجنة يا أسماء بعد رضا ربها ورحمته؟
- بلى.. كنت أشاكس لا غير، سامي صدقني أحاول أن أعيش لحظتي معك فقط لأنجح، أما لو تأملت حياتي مستقبلاً فسأشعر بألم..
- ولمَ الألم؟
- أشعر بأني سأتأذى كثيراً من الغيرة مستقبلاً؛ لأنني سأتأذى منها ذاتها وسأتأذى من نتيجتها حينما أندم على فعلها خصوصاً لو أسأت لك بها..!
- الغيرة في حدودها شيء جميل يعطي للحياة مذاقاً، ويشعر الزوج بقيمته لدى زوجته! لكنها بلاء حين تكون بلا ضوابط أو أذية للآخرين!!
- لقد آلمني قلبي الآن حين خاطبتني بأسماء!
- أوَ فعلت؟
- نعم.. لكن لا عليك..
أحياناً يا أس آه يا ندى نألف بذاكرتنا السريعة أسماء فتقذف على ألسنتنا بلا شعور، ونمررها بلا أي مشكلة أو حتى تعجب، إلا عند الزوجة وربما الزوج فتفسَّر بسبب الغيرة بما يسوء، ولا أشك بأنه تحريش من الشيطان..
كان في نفسه يقول: بدأت يا سامي في طريق جرح القلوب، من أولها سأنادي كل باسم الأخرى!!
سأعتزل الأسماء بعد اليوم سأستبدلها بحبيبتي وروحي وغالية وغيرها مما يطرب القلوب!
- لكن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم غرن!
انتبه لها بعد أن كررت السؤال مرتين.. فقال:
غرن غيرة لذيذة.. أما ما ذكر من غيرة عائشة رضي الله عنها فكانت لحكمة عظيمة، وهي درس لمن كانت له زوجة صغيرة في السن أن يعاملها بألين مما يعامل ضرائرها!!
- دليلك؟
- دليلي فِعْلُه صلى الله عليه وسلم، وقولها رضي الله عنها (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد وإنه ليسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقف من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو)
إذن كانت لها معاملة خاصة يتطلبها سنها!
ندى أتدرين حين كانت تغار وتكسر الإناء وتغار من ضرتها الميتة التي لم ترها كم كان عمرها؟
ربما لم تتجاوز الرابعة عشر أو فوقها قليلاً وربما أقل من ذلك!!
هل من العقل أن تعامل بنفس معاملة الكبيرة؟
ألست ترين أنك الآن أكثر منك اتزاناً قبل سنوات قليلة؟
- صدقت.. سبحان الله لأول مرة أتأمل هذا بعقلي، كنت يمر بي خاطر لمَ كان يعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بتلك المعاملة المتميزة عن نسائه، فأطرده وأردد إنها ابنة أبي بكر!!
وهذا سببٌ وجيه.. لكن حاشاه أن يأتي لأمته بالعدل ولا يقوم به..
هي بشر يا قرة عيني كباقي النساء إلا بما فضلها الله به من الصحبة والمكانة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بد أنها مرت عليها انفعالات الفتيات حديثات الأسنان، فلو قارنت بين أفعالها ومن هن في سنها لرأيت تشابهاً، حتى في استشهادها بالقرآن في قصة الإفك بدا عليها علامة حداثة السن وهو ما بررت به استشهادها!
ولو لاحظنا مكانتها بين أزواجه بعد و فاته لعرفنا سر تربيته لها صلى الله عليه وسلم وحكمته!
دعينا يا ندى نتأمل قوله صلى الله عليه و سلم:
(عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتي بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابي، وعن يساره أبو بكر فشرب، ثم أعطى الأعرابي، وقال: الأيمن فالأيمن)..
في حين تكرر نفس الموقف برواية ابن عباس وكان الذي عن يساره خالد بن الوليد فشرب وقال لابن عباس الذي كان عن يمينه: أتأذن لأبي سليمان _يعني خالداً_ قال والله لا أوثر بسؤر رسول الله أحدًا..
أترين خالداً أكرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر رضي الله عنهما؟
لا والله ولكنها ستقع من خالدٍ موقعاً لن تقعه من أبي بكر، فخالد كان حديث عهد بإسلام ولا زال فيه من عوالق الجاهلية من حب الجاه والرئاسة والتقديم على الخلق ما ليس في أبي بكر الذي مستقر موقعه وفضله ومستغن بما في قلبه عن نظرة الرئاسة وجاه التقديم!!
لو تأملنا السيرة والحديث لوجدنا عجباً من الحكمة نحن عنه غافلون!!
ندى هل أثقلت عليك بثرثرتي؟
- لا لا.. بل أحييتني، أحيا الله قلبك..
- غداً إن شاء الله سنبدأ البحث عن شقة مناسبة، ما رأيك بأن تكون قريبة من شقتي حتى أطمئن كل يوم بأن الأخرى قريب مني وبخير؟
- أخشى أن يكون القرب سبباً للمشاكل..
- ولمَ يا غالية؟ حبيبتي، أنا أعلم واجبي تجاه كليكما ولن أفرط في آخرتي بسبب ميل قلبٍ أو شهوة، بل سأكون واضحاً في كل تصرفاتي؛ لذا لن أخشى من القرب شيئاً، يخشى القرب من يذهب بتلك ويشتري لتلك بما لا يعمله للأخرى، أما إذا استشعر الرجل مسؤوليته تجاه من استرعاه الله إياهم فسيكون مرتاحاً داخلياً وإن وجد نوع تعب ومشقة.. ولن أخشى شيئاً حتى وإن مال قلبي مع من أحب؛ فالقلب لا سلطان لعبد عليه، بيد من خلقه يملؤه بما شاء ويفرغه مما يشاء، المقسطون لم ينالوا ما نالوا يوم القيامة إلا بالعدل الذي يجعل عدوك يحبك فما بالكِ بزوجٍ أو ولد!
حين يستشعر العبد أنه يعيش مع عادل سيحبه ولو كان عدوًا! وإن لم يحبه سيحترمه ويقدره لعدله، أما الظلم فتتنغَّص معه الحياة ولو كان من والدٍ لولده!
كانا في حديث أراده سامي أسساً يبني عليها علاقته مع زوجتيه حتى أشرفا على المدينة فقال:
حبيبة القلب جعلتك مستمعة لملقٍ مبتدئ طوال هذه المدة لأرى ما طرأ على فكر ندى بتلات روحي الذابلة، فوجدته صيّباً كما عهدته، يروي الظمأ وينعش الذبول.. أثبتّ فعلاً أنك رائعة، حقاً يا حبيبة أشعر بغبطة لا حدود لها، أتدرين؟
كنت أرهف سمعي لأنفاسك المتلاحقة في الضيق والمسترخية في الرضا فوجدت الثانية رغم أن حديثي كان كفيلاً بجلب الأولى..
ابتسمت وقالت:
لو بقيت العمر كله تتحدث لن أتضجر فأنا يطربني حديثك..
- ولمَ لا يكون لي نصيب من الطرب؟
- كيف؟
-أريد أن أسمع!
-لكني كما ذكرتَ آنفاً مستمعة جيدة لملقٍ مبهر في طريقة إلقائه وهو مبتدئ فكيف سيصبح حينما يمتلك الخبرة؟
-لكني قرأت أن المرأة تحب الثرثرة وتحب أن يستمع لها من تحب..
-قرأت؟
-نعم.. أما واقعاً فأظنني لم أعثر على المرأة حتى الآن.

التفتت إليه فتعانقت العيون وتبادلا ابتسامة أوصلت لكل منهما ما كان سيهمس به...
مرَّ الأسبوع سريعاً، وكذلك أيام الأنس تطوى سراعاً، وأتى يوم الجمعة الذي سيكون موعداً لمجيء أسماء من عند خالتها..
صلى العصر في المسجد النبوي و توجه للقصيم ليأتي بأسماء، بينما أوصى ندى بأن تبقى بالمسجد حتى يرجع..
كاد في طريقه أن يتسبب في حادث يروح ضحيته هو وصاحب سيارة أخرى ولكن الله سلم، ولما وصل، وجد أسماء تنتظره، تناول فنجان قهوة و أخذها وقفل راجعاً من نفس طريقه، كانت أسماء في قمة السعادة، مما يدل بأنها قد ارتاحت عند خالتها..
- يبدو عليك السعادة يا حبيبة..
- الحمد لله.. تصدق يا سامي أول مرة في حياتي أشعر بالأسرة..
كنت محرومة من هذا الإحساس..
- شدَّ على يدها وقال:
ألستُ أسرتك يا أسماء؟
- بلى، لا حرمني الله منك، لكني أقصد بالأسرة الأهل..
كادت أن تسقط دمعته وهو يقول: اغفري لي يا أسماء تقصيري معك، لم أكن أظن بأنك تحبين خالتك لهذه الدرجة..
منذ الآن سأذهب بك متى ما أردت..
- بارك الله لي فيك، أعلم أنك لن تقصر..
- من قابلت من أحبابك؟
خالتي موضي وبناتها وخالتي منيرة وبنتها وخالي علي وواحدة من بناته..
تصدق لأول مرة أقابلهم، عدا خالتي منيرة قابلتها في الحرم مرتين هي وبعض بناتها..
- نعم أذكر حين قدموا ولم يستطيعوا زيارتنا بسبب مرض إحدى بناتها..
- صحيح..
- الحمد لله أنك استأنست، أأعجبك القصيم؟
- أي أرض فيها لك حبيب تحبها لأجله..
- يا روحي أنت، كلمة تكتب بماء الذهب!
أسماء.. وأريد أن أخبرك بأمر، و أريد رأيك فيه..
- تفضل
- ندى..
- ما بها؟
- ثبت أن ليس هناك أي رضاع بيننا..
-..........
- لمَ سكتِ؟
- ماذا سأقول؟
- أسماء، هي زوجتي من قبل، و ابتلينا بمن أراد أن يفرقنا، لكن الله فضح سعيه!
أنا أضمن لكِ ألا تري منها ما يسوء، وأعلم أنكِ ربما فقتها حباً للخير..
أنت زوجتي الحبيبة التي فتح الله قلبي لها، وهي كذلك..
أسماء، تخطئ بعض النساء حين يعتقدن بأن الرجل لا يحب إلا واحدة، صدقيني قلبه يتسع لأكثر، لكن ربما غلبت إحداهن بحسن تبعلها وتقواها؛ فمن أحبه الله أحبته قلوب الخلق، فكيف بمن يعيش معه؟
- أين هي الآن؟
-لمَ سألتِ عنها؟
- أقصد هل أتيت بها؟
- الآن؟
- سامي حين تخبرني ماذا تريد أن أقول؟ هذا أمر يخصك أنت، أنت كنت لي نعم الزوج..
- كنت؟
- ولا زلت..
- وسأبقى إن شاء الله، فقط أريد أن تكوني لي خير معين على الطاعة، لن أشعرك بأني لدي أخرى إلا القسمة فهذا لا بد منه، لكن لو اعتبرت المرأة زوجها حين يذهب لزوجته الأخرى في رحلة وانشغلت بما يفيدها ستشعر بالسعادة، ستجد وقتاً لتنظيف البيت وحفظ القرآن وتعلم العلم حين يكون زوجها بعيداً وحين يأتي تتفرغ له، صحيح أن الغيرة موجودة لكنها لذيذة إن لم تخرج عن إطارها، ثم يا قرة العين ويا سلوة الروح نحن نعمل للآخرة أيضاً؛ فهناك دار سنعيش بها لا كدر فيها ولا وصب، للأسف أن الكثير يحرم نفسه منها بسبب عيبه أو كرهه لشرعٍ شرعه الله كالتعدد..
- أعلم ذلك، الله يعين، ومهما حصل فأنت صاحب فضل وإحسان لن أنساه، حتى أن بنات خالتي يغبطنني عليك..
- وأنا أغبط نفسي عليك يا حبيبة..
- سامي.. أحقًا تحبني؟
- أحبك؟ طبعاً أحبك، والله أحبك، لك وحشة يا غالية..
- ومتى ستأتي بندى؟
- ما رأيك أنت؟
- متى ما شئت..
- هي الآن بالحرم، سآخذ لها غرفة بجوارنا قرب الحرم حتى أجهز لها شقة قريبة من بيتنا.. ما رأيك؟
- الرأي رأيك..
- سحب يدها و قبلها وأخرج من درج السيارة علبة حمراء مزينة فيها هدية كان قد حضَّرها لها..
نظرت إليه بامتنان فأخذ يدها ووضعها على قلبه، شعر في تلك الأثناء بأنها تستمد من نبضات قلبه قوة تعينها على صدمتها مما سمعت..
و فجأة........

• • •




توقيع Nostalgia


وسط انشغالنا بالحاضر....تطرقنا أحيانا لحظات....نحن فيها لعبق الماضي