مر عام وما زلت أحبها !!
المشكلة
قد يكون ما سأقوله من باب الفضفضة ليس إلا، ولكن بحاجة إلى ذلك فأرجو أن تسامحوني إن أطلت عليكم:
القصة وما فيها أني قد أحببت فتاة ملتزمة ومتدينة، حيث كنا في محيط عمل واحد ولم أبح لها عن هذا، بل وظللت شهرين أحاول أن أقنع نفسي أنه انبهار أو مجرد إعجاب وسوف يمر ولكن لا فائدة، وقد حاولت وأده في بداياته، ولكن لا جدوى حيث كلما تحدثنا في موضوع من المواضيع (كل من بالغرفة وليس على انفراد أو من وراء حجب حيث إن نفسي تأبى ذلك ولي أخت فيجب أن أراعي بنات الناس حتى يحفظ الله لي أختي) وجدتها تأخذ جانب الدين ولو كان مرا، وهذا أشد ما جذبني إليها، وكانت بالفعل الآراء متوافقة والأفكار واحدة (تقريبا) وكثيرا ما كنا نتحدث عن الصفات الشخصية بحكم الوجود في مكان واحد والطموحات في المستقبل، المهم بعد 5 أشهر تركت هذا العمل، ولكن لم أنقطع عن زيارتهم، وبعد أن تأكدت من مشاعري ومشاعرها -عن طريق وسيط زميلة لها في العمل- ومناسبة كل منا للآخر قررت التقدم لها، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد رفض الأهل وبشدة وخصوصا الوالد -لا لشيء إلا أنهم ليسوا من بلدتنا ولا نعرفهم وليسوا من عائلة تناسب عائلتنا- وحاولت بالوساطة وباللين وبكل شيء حتى وافق، ولكن على مضض وكذلك والدها فقد كان أيضا يوافق على مضض ربما لتأخر مجيء أهلي أو لأنه يريد أبي هو الذي يتفق معه -لا أعلم- وحددنا ميعاد الخطبة، ولكن قبلها بأسبوعين تقريبا اعتذر والدها لأن أمي أرسلت له من يخبره أن أبي موافق، ولكن على مضض فألغى الموضوع برمته ولا ذنب لي أو لها فيما حدث إلا أن الأهلين مختلفان في وجهات النظر.
وبعد ذلك بشهر تقريبا اختارت لي أختي وأمي بنتا ثقة قابلتها ووافقت عليها -عقليا ودون أي عاطفة مجرد قبول لعل الأيام تداوي الجراح وتثبت أني مخطئ- وكانت شروط الأهل قاسية جدا ولكن والدي وافق عليها؛ لأنهم من عائلة ولم يوافق من قبل لأننا ليس عندنا مال يوفي مطالب الزواج -وهذه حقيقة- ولكن وبسبب هذه الشروط وإلحاح أهل العروس على السرعة في تلبيتها بغض النظر عن المدة المتفق عليها قد فسخت الخطبة وبطبيعة الحال كان لابد من المقارنة في كل شيء بين البنتين والأهلين -وبشكل موضوعي تماما بالورقة والقلم-.
فالأولى كانت أكثر تدينا وأقوى شخصية وأكثر تحملا للضغوط التي لاقتها..
أما الثانية فهي في بعض الأحيان سلبية وباعترافها، وأما الأهل فالأولون لم تكن لهم شروط البتة اللهم بيت تسكن فيه ابنتهم -إيجار- وسرير وبعض المطالب الضرورية..
الآخرون: شقة تمليك، وشبكة، وستائر، و... و... و... إلخ.
أعزائي قد مر على علاقتي السابقة سنة -ولم أرها أبدا ولم أدر عنها شيئا حتى- ولكني لم أنس تلك الفتاة وما زال حبي لها موجودا، وهي شاخصة دائما أمامي، وأدعو الله تعالى إن كان خيرا لبعضنا فليجمعنا على الخير وفي الخير وإن كان غير ذلك فليوفق كل منا إلى ما هو أحسن وليسعده اللهم آمين.
فلا أدري إن كان هذا فراغا عاطفيا أم حنينا أم ماذا لا أدري؟ وفي النهاية أقول لها آسف إن كنت أخطأت في حقها -إن قرأت هذا- وعذرا لكم للإطالة.
الحل
حسنا فعلت بإرسال رسالتك، فليس جيدا الاحتفاظ بهذه (الشحنة) العاطفية بداخلك دون طرحها للنقاش لتواجه نفسك بها وتتخلص من كل ما يؤلمك وهذا ما نود أن تفعله دائما وأولا بأول حتى لا يتراكم الألم ويتسبب في منعك من التواصل الإيجابي مع كل مستجدات حياتك لانتزاع المكاسب فضلا عن تقليل الخسائر بالطبع. حماك الله.
وكنا نتمنى لو لم تسارع بقبول خطبة الفتاة الثانية، وأن تبذل مجهودا أكبر لاسترداد فتاتك الأولى وتوسيط الأهل والأصدقاء لدى كل من أسرتك وأهلها، ولكن لعل الله أراد بك خيرا حيث خضت التجربة بنفسك ونتمنى أن تخرج منها بدروس مستفادة، ولعل أهمها ألا تخدع نفسك أبدا فتقبل على خطبة أو زواج دون اقتناع تام وقبول حقيقي للفتاة فضلا عن ضرورة توافر قدر جيد من الارتياح العاطفي نحوها وهو يختلف كثيرا عن الانجذاب العاطفي الذي قد يكون مبنيا على مظهر الفتاة أو أسلوب حديثها أو دلالها وما أشبه بذلك.
أما الارتياح العاطفي فهو إحساسك بها داخليا وبجمالها الروحي وتجاوبها معك واقترابها إلى صورة جيدة من صورة فتاة أحلامك، وفي هذه الحالة نتمنى ألا تتسرع بالخطبة وأن تكتفي بقراءة الفاتحة والجلوس مع الفتاة في بيت أسرتها عدة مرات للتأكد من صدق مشاعر كل منكما ومن توافر قدر كاف من التفاهم والتعرف على جوانب شخصيتها المختلفة ورؤية عيوبها قبل مميزاتها، ليس من قبيل توهم تغييرها، فلا أحد يغير إنسانا سوى نفسه، ولكن للقيام بدراسة جدوى تضم مزاياها وعيوبها ودراسة كيفية التعامل الإيجابي مع هذه العيوب لتقليلها إلى أقل درجة ممكنة و(تحريضها) بذكاء على التخلص منها وتشجيعها وترغيبها في ذلك أيضا بأسلوب غير مباشر..
كما نود أن تخرج من التجربة بعدم الرضوخ لشروط أهل الفتاة القاسية، وأن تعطي نفسك حقها فكما تريد الزواج فإنهم يريدون تزويج ابنتهم، أي أن المصلحة مشتركة، وكما قال الإمام علي رضي الله عنهم: إذا وضعت أحدا فوق قدره فتوقع أن يضعك دون قدرك..
ونتمنى أن تتقص أخبار فتاتك الأولى فإذا لم تكن قد ارتبطت بخطبة أو بزواج فلتقم بالاتصال بها إما مباشرة أو عبر وسيط (أمين) لمعرفة مدى قبولها لفكرة ارتباطك بها مجددا ما دمت تحبها وألا تكتفي بالدعاء فلابد من الأخذ بالأسباب وفي ذلك فوائد كثيرة من أهمها، حسم الأمر والكف عن الدوران في دائرة مفرغة من التفكير فيها، فستتأكد من كل ما تريد، وإن وافقت على العودة فكن لطيفا معها ولا تبالغ في الإحساس بالذنب تجاهها لعدم نجاحك في إثناء أسرتك وأهلها سابقا فالمسؤولية مشتركة بينكما.
وحاول أن تقنع أسرتك بأفضليتها وبأن سعادتك معها وافعل ذلك بهدوء ولطف ودون إلحاح، ولا تلق عليهم المحاضرات الطويلة ولا تكن منفعلا أثناء الحديث، بل قم بتحضير كلماتك مسبقا على أن تكون مكثفة وحازمة تركز فيها مزايا الفتاة مقارنة بالأخرى وبأنك تثق أن والديك يحبان لك كل خير، وتعدهما بأنك لن تنسى لهما هذا الموقف وتؤكد لهما أنهما لن يندما عليه أبدا بل سيرحبان به أكثر بعد الزواج، وأن تترك لهما فرصة للتفكير مع السعي لإقناع أصحاب التأثير عليهما على أن تختارهم جيدا حتى لا تأتي النتائج عكسية، وتؤكد لوالديك أنك تنازلت في السابق عن سعادتك من أجلهما، وقد جاء الدور عليهما للتراجع عن موقفهما من أجلك..
أما إذا كانت الفتاة قد ارتبطت فلا مفر من التسليم (الجميل)، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فهذا من شرط الإيمان كما أخبرنا بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، واطرد أي تفكير بالندم وتذكر بأن (لو) تفتح عمل الشيطان كما جاء في الحديث الشريف، وأدع لها بالخير والسعادة واطلب من الرحمن الرحيم أن يعوضكما خيرا عن بعضكما البعض.
وتذكر أن الخالق عز وجل يعطينا أفضل ما يمكن في أحسن توقيت، وأحسن الظن به، وانشغل عن التفكير فيها بعملك وهواياتك وصداقاتك وابحث بهدوء وترو عن فتاة أخرى لترتبط بها مع ضرورة أن تتأكد من أن كلا من عقلك وقلبك يؤيدان الاختيار، ولا تقارن بين خطيبتك الجديدة وفتاتك الأولى حتى لا تعيش في سجن الذكريات، وكلما زارك طيفها ابتسم للذكرى وادع لها ولنفسك بالخير، واستأنف حياتك ولا توقفها فالحياة أهم وأجمل من أن نخسر يوما فيها في التفكير في حب ضائع والتألم بسببه وفي أيدينا ملؤها بحب جديد وحياة رائعة فاعمل على تحقيقها من الآن.. وفقك الله..