في صراع.. بين الدراسة والزواج
المشكلة
أنا من أسرة جادة تحب العلم وتشجعه وكنت أتمنى أن أكون أستاذة في كلية الطب. وفي الثانوية العامة لم يؤهلني مجموعي لدخول طب مع أنه كبير ودخلت كلية تربية مما قلب حياتي رأسا على عقب، وكان الناس يلومونني لدخولها لأنني من أسرة علمية.
كان كلامهم يضايقني كثيرا ودرست فيها بكراهية واحتقار للفارق الكبير بين الدراسة والمجال الواقعي لهذه الكلية، ولم أستمتع بحياة الجامعة ولم أدرك أنني كبرت. وبعد التخرج مباشرة وبدون ترو واصلت دراساتي العليا لأعوض عدم دخولي الطب ولكن الدراسات العليا في هذه الكلية ليست في مجال التخصص، أي ليست (عربي أو علوم أو لغة فرنسية) ولكنها إما علوم تربوية (أصول تربية أو تربية مقارنة) أو علوم نفسية (صحة نفسية أو علم نفس) وهي دراسة ليس لها علاقة بالتخصص الأصلي فاخترت دراسة العلوم التربوية وأصررت على إكمالها حتى الدكتوراة.
وبعد دراسة طويلة اكتشفت أنه ليس هناك مجال للعمل بهذه الدراسة التربوية فكل فائدتها أن أعمل مدرسة وترقيني أو أسافر بها للخارج وأنا أكره التدريس فكيف أسلك طريقي في العمل بعيدا عن التدريس بعد هذه الدراسة الطويلة التي لا عائد منها؟ حاولت العمل في الصحافة ولكن دون جدوى...
والآن أتساءل: هل لا أتزوج حتى أحدد طريقي في عملي وأكون مقتنعة به؟
فقد تعرضت لضغوط هائلة لكي أتزوج ولكن تركيزي في دراستي العليا التي لا أرى غيرها جعلني أكره الزواج، وعندما يتقدم شخص أحس بخوف شديد وقلق وعدم قدرة على اتخاذ قرار ولا أريد الزواج. وأنا بشخصيتي جادة ودائمة التفكير في عملي فقط . وقد تقدم لي طبيب فهل لو وافقت عليه سيحدث صراع نفسي داخلي؟ وكنت أحب أن أرتبط بمعيد فهل أرفضه؟.. أرجو منكم الرد بسرعة.. وشكرا جزيلا.
الحل
تقول أ.إستقلال الباكر من فريق الحلول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عزيزتي الكريمة السائلة، أتمنى أن تكوني بخير وسعادة في حال وصول ردي لك.
كما فهمت من رسالتك فهي تتكون من شقين، إجابتي على الشق الأول:
إن التكامل في التخصصات لا يكون إلا بشقيه الأدبي والعلمي فمحال الفصل بينهما أو تفضيل أحدهما على الآخر، فالتربية من القيم التي نبحثها ونريدها أن تكون في كل إنسان ولكننا لا نطالب أي إنسان بأن يكون طبيبا أو كيميائيا، فأعتقد أن الحاجة لتربويين ذات أهمية تفوق التخصصات العلمية أحيانا، فلو قدر لك ربنا الزواج فأول ما تطعمينه طفلك وتعلمينه إياه هو المبادئ والقيم التربوية وتؤصلين معانيها في نفسه إلى أن يكبر.
في مراحل دراستنا منذ الطفولة المبكرة كانت القيم التربوية هي أول ما نتعلمه في الروضة ثم تأتي العلوم، فالتربية وبالأخص النفسية ذات القيمة العالية هي التي بحثت عنها الآن في طلب استشارتك (وهذا ما كنت أحب أن يكون لك فيه نصيب من العلم) فالاستشارة لا تكون من جراح أو من بيولوجي أو كيميائي، بل تكون من ذوي الاختصاص التربوي النفسي، وهو إما استقاها من علم ودراسة أو تعلمها من مراحل العمر وتجاربها، فاسمحي لي أن أقول لك: من همّش الجانب الأدبي وجعل العلمي هو التفوق فهو لم يعدل في الحكم.
وأما طلب الاستشارة في الشق الآخر من استفسارك عزيزتي الكريمة:
الزواج هبة من الله تعالى إذا توافق فيهما الدين والخلق، ودائما ما أكرر: إن جنة الدنيا الزواج، بغض النظر عن عمل الزوج (طبيب أو جراح أو عامل أو مدرس...) السعادة الزوجية لا تتحقق إلا برجل يفهم الدين فهما صحيحا ويعامل الزوجة بأخلاق الدين.
والزوج الذي تقدم لك وهو طبيب لا يمكن الحكم عليه بالإعدام.. ربما يكون التوافق معه أكثر لأنك تحبين الطب فستكونين ممن يقدر انشغال الزوج في العمل لأنك تعين وتعرفين الانشغال الطبي، وبذلك يكون هناك تكامل أسري أكثر فأنت ذات خبرة تربوية تغطي الأسرة ومتطلباتها، وهناك زوج تحبين عمله فتقدرينه.
قبل أن تقرري أيتها العزيزة، عليك بصلاة استخارة ولجوء إلى الله لييسر لك الزوج الصالح المصلح، فهذا أهم من المعيد أو الطبيب، وأسأل الله أن يوفقك وييسر لك السعادة، ولا تنسي أن تطمئنينني عليك .