القسم الثاني من آداب الصوم وهي الآداب المستحبة ، فمنها :
السحور وهو الأكل في آخر الليل سمي بذلك لأنه يقع في السحر فقد آمر النبي به فقال : تسحروا فإن في السحور بركة . متفق عليه .
وينبغي للمتسحر أن ينوي بسحوره امتثال أمر النبي ، والاقتداء بفعله ، ليكون سحوره عبادة ، وأن ينوي به التقوي على الصيام ليكون له به أجر ، والسنة تأخير السحور ما لم يخش طلوع الفجر .
وتأخير السحور أرفق بالصائم وأسلم من النوم عن صلاة الفجر . وللصائم أن يأكل ويشرب ولو بعد السحور ونية الصيام حتى يتيقن طلوع الفجر .
ويحكم بطلوع الفجر إما بمشاهدته في الأفق أو بخبر موثوق به بأذان أو غيره ، فإذا طلع الفجر أمسك وينوي بقلبه ولا يتلفظ بالنية لأن التلفظ بها بدعة .
ومن آداب الصيام المستحبة تعجيل الفطور إذا تحقق غروب الشمس بمشاهدتها أو غلب على ظنه الغروب بخير موثوق به بأذان أو غيره ، فعن سهل بن سعد أن النبي قال : (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )متفق عليه . وقال فيما يرويه عن ربه عز وجل : (إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا ) رواه أحمد والترمذي .
والسنة أن يفطر على رطب ، فإن عدم فتمر ، فإن عدم فماء ، لقول أنس : ( كان النبي يفطر قبل أن يصلى على رطبات ، فإن لم تكن رطبات فتمرات ، فإذا لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي . فإن لم يجد رطبا ولا تمرا ولا ماء أفطر على ما تيسر من طعام أو شراب حلال . فإن لم يجد شيئا نوى الإفطار بقلبه ولا يمص إصبعه أو يجمع ريقه كما يفعل بعض العوام .
وينبغي أن يدعو عند فطره بما أحب ، ففي سنن ابن ماجة عن النبي أنه قال : (إن للصائم عند فطره ودعوة ما ترد ) قال في الزوائد : إسناده صحيح ، وروي أبو داود عن معاذ بن زهرة مرسلا مرفوعا : كان إذا أفطر يقول : ( اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ) وله من حديث ابن عمر كان إذا أفطر يقول : ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله .
ومن آداب الصيام المستحبة كثيرة القراءة والذكر والدعاء والصلاة والصدقة . وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان أن النبي قال : ( ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر ، والإمام العادل ,ودعوة المظلوم يرفعها الله الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين . روه أحمد والترمذي .
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال : كان رسول الله أوجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن وكان جوده يجمع أنواع الجود كلها من بذل العلم والنفس والمال لله عز وجل في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من تعليم جاهلهم وقضاء حوائجهم وإطعام جائعهم .
وكان جوده يتضاعف في رمضان لشرف وقته ومضاعفة أجره وإعانة العابدين فيه على عبادتهم والجميع بين الصيام وإطعام الطعام وهما من أسباب دخول الجنة .
ومن آداب الصيام المستحبة أن يستحضر الصائم قدر نعمة الله عليه بالصيام حيث وفقه له ويسره عليه حتى أتم يومه وأكمل شهره ، فإن كثيرا من الناس حرموا الصيام إما بموتهم قبل بلوغه أو بعجزهم عنه أو بضلالهم وإعراضهم عن القيام به ، فليحمد الصائم ربه على نعمة الصيام التي هي سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات ورفعة الدرجات في دار النعيم بجوار الرب الكريم .