منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - العلاج الجيني
الموضوع: العلاج الجيني
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 9  ]
قديم 01-29-2006, 03:34 PM
جعلاني متميز


المشاركات
584

+التقييم

تاريخ التسجيل
Jun 2005

الاقامة
جامعة السلطان قابوس

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
303

تل الورد is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
الإذن بممارسة العلاج الجيني: للمريض أم الدولة؟


تهتم الشريعة الإسلامية بإرادة الإنسان ورضاه في كل ما يخصه إلاّ ما استُثنِى من ذلك بدليل خاص؛ ولذلك يعتبر الطبيب ملزماً بأخذ الإذن من المريض لأجل العلاج، أو الجراحة، أو الاختبار إذا كان عاقلاً، وبإذن وليّ أمره إذا كان قاصراً، أو مغمى عليه، سواء كان الإذن مطلقاً أو مقيداً، وأن يكون الإذن معبراً عنه بإحدى وسائل التعبير من النطق، أو الكتابة، أو الإشارة الواضحة، وإلاّ فيكون الطبيب آثماً؛ لأنه تصرف فيما يخص غيره دون رضاه، إذ ليس له الحق في التصرف ببدنه إلاّ بإذنه، فيكون ضامناً لو نتج عنه أي ضرر مهما بذل من جهد، ومهما كانت نيته طيبة، ومهما كان حاذقاً متخصصاً، وهذا ما عليه فقهاء المذاهب الأربعة ، وخالفهم في ذلك ابن حزم الظاهري إذا كان الطبيب عارفاً بالطب حاذقاً.

والذي يظهر لنا رجحانه هو رأي جماهير الفقهاء؛ لأنه يتفق مع كرامة الإنسان وحقوقه، ويتلاءم مع مقاصد الشريعة، ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عاقب كل من فعل اللَدود به، لأنه لم يأذن به، بل نهاه عنه، حيث روى البخاري ومسلم بسندهما، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق، قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟ قلنا: كراهية المريض للدواء، فقال: لا يبقى في البيت أحد إلاّ لُدّ وأنا أنظر، إلاّ العباس فإنه لم يشهدكم".

فالحديث يدل على أنه لا يجوز مخالفة أمر المريض ـ كقاعدة عامة، وأن من يفعل شيئاً من ذلك دون موافقته يستحق العقاب والتعزير، وذلك لأن إرادة الإنسان محترمة، فلا يجوز إهدارها، وهذا ما نصَّ عليه نظام مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان السعودي، ولائحته في المادة: 21، حيث نصت على أنه: "يجب أن يتم أي عمل طبي لإنسان برضاه أو بموافقة من يمثله إذا لم يعتد بإرادة المريض..."، ولا يستثنى من هذا المبدأ العام، والقاعدة العامة إلاّ بعض حالات تقتضيها الضرورات منها:

1. الحالات المرضية التي يتعدى ضررها إلى الآخرين، كالأمراض المعدية السارية، والأمراض الجنسية المعدية حيث لا تحتاج إلى موافقة المريض، لأن آثار مرضه تتجاوز إلى المجتمع، فحينئذٍ يحل الإذن الحكومي المتمثل في قرارات الجهة المتخصصة (كوزارة الصحة) محل إذنه، حيث تحدد الجهة المختصة بترتيب مستشفيات أو أقسام خاصة بتلك الأمراض، وتوجب التبليغ عنها، ومداواتها ومتابعتها.

2. الحالات النفسية أو العصبية الخطيرة التي قد يضر صاحبها بنفسه أو بغيره.

3. حالات الطوارئ والحوادث التي تستدعي تدخلاً طبياً بصفة فورية لإنقاذ حياة المصاب، أو إنقاذ عضو من أعضائه وتعذر الحصول على موافقة المريض أو من يمثله في الوقت المناسب، حيث يجب في هذه الحالات إجراء العمل الطبي دون انتظار الحصول على موافقة المريض أو من يمثله، وهذا جزء من نص المادة: 21 من النظام السعودي الخاص بمزاولة مهنة الطب.

وقد اشترطت القوانين الغربية بأن يؤخذ رضا المريض بعد إخباره بآثار وأضرار العلاج الطبي، ومدى نجاحه سواء كان بالتداوي، أو العمل الجراحي، وأن يقوم الطبيب بشرح ذلك، وإلاّ فيتحمّل المسؤولية.

وقد نصت الفقرة: 2 من المادة: 21 المشار إليها عاليه، على أنه: "يتعين على الطبيب أن يقدم الشرح الكافي للمريض، أو ولي أمره عن طبيعة العمل الطبي أو الجراحي الذي ينوي القيام به". وقد اشترط مجمع الفقه الإسلامي في نقل الأعضاء اشتراط كون الباذل كامل الأهلية وبرضاه التام.

وإضافة إلى هذا الإذن من المريض لا بدّ من الإذن من وليّ أمر المسلمين المتمثل في الجهة الصحيحة المختصة بأن تأذن للطبيب مزاولة مهنة الطب، وقد أسماه ابن القيّم بإذن الشارع؛ حيث ذكر بأن فعله لا بدّ أن يكون مأذوناً من جهة الشارع.




توقيع تل الورد