منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - طالب العلم والكتب
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 12-10-2005, 01:33 PM
جعلاني متميز


المشاركات
715

+التقييم

تاريخ التسجيل
Nov 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
33

ابن الوافي is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
يتبــــــــــــــــــــع

نقول المطبوعات كثيرة وقد ابتدأت الطباعة باللغة العربية منذ أكثر من خمسة قرون يعني منذ أكثر من خمسمائة سنة ابتدأت الطباعة بالعربي يعني من نحو سنة ألف وأربعمائة أو ألف وخمسمائة بالميلاد لأنها هكذا أُرِّخت يعني من نحو خمسمائة سنة أو أربعمائة سنة وزيادة وأكثر ما طبع في اللغة العربية في البلاد العربية والإسلامية منذ نحو مائتين سنة من الزمان وما قبل ذلك تطبع في بلاد الغرب لاهتمامهم بالطباعة المقصود من هذا أنَّ الكتب طباعتها قديمة واليوم الذي يطرح في السوق أنواع من دور النشر وأنواع من الكتب وأنواع من أسماء المحققين أو أسماء المصححين إلخ ولهذا حصل مرات أنه تنقل عبارات وجمل عن كتب مطبوعة مؤخرًا وتكون طباعتها غير صحيحة وغير دقيقة فيقع الخلط كما حصل لي مثلاً عدة مرات في قاعات الجامعة من أني أقرر شيئًا مثلاً بناء على نسخة من المطبوعات الصحيحة ويأتي بعض الطلاب مجتهدًا ويبرز الكتاب الذي طبع مؤخرًا فإذا الكلام الذي فيه غَيْرُ صحيح لأنَّ الطَبَعَات المتأخرة ليست كلها معتنى بها وهكذا الطبعات المتقدمة، إذن فالمطبوعات سواء منها ما طبع قديمًا أو ما طبع حديثًا لا بدَّ لك من البحث هل هذه الطبعة صحيحة وإذا أردت أن تعتني بشراء كتاب أو أن تعتني بعلم ما فلا بد أن تحصل الكتب الصحيحة المطبوعة بدقة فيه فتسأل أهل العلم أو الذين يعتنون بهذا الجانب فتقول مثلاً الكتاب الفلاني ما النسخة المعتمدة منه مثلاً تقول تفسير القرطبي ما أصحُّ نُسَخِهِ. تفسير الطبري ما أصح نسخه. صحيح البخاري ما أصح نسخه التي تقتنيها وتكون عندك في المكتبة ما تحتاج معها إلى نسخة أخرى الملاحظ اليوم مع كثرة المطبوعات تجد أن دور النشر تطبع لغرض التجارة بطبعات لا تأمنها فلهذا ينبغي لك أن تسأل عن الطبعة التي تقتنيها أو الطبعة التي تريد شراءها فلا تشتري أي كتاب طرح أمامك بل تسأل عنه وتعرف دار النشر التي أصدرته وإذا كان اعتنى به أحد المحققين تسأل هل هذا المحقق دقيق أو غير دقيق هل هو تجاري أو غير تجاري إلخ يعني أن اهتمام طالب العلم بالنسخة الصحيحة التي يقتنيها لابد منه تشتري مثلاً كتاب بعد السؤال عنه تقول مثلاً تفسير القرطبي النسخة الصحيحة منه ماهي فإذا أجبت على هذا السؤال ذهبت وحرصت أن تقتني هذه النسخة سواء كانت مطبوعة أو مصورة أو مطبوعة طبعًا حديثًا بالكمبيوتر بعني أن تحرص على النسخ الصحيحة من الكتب الملاحظ أنَّ من جهة نظري فيما بأيدي الإخوان من الكتب أنَّ كثيرًا منها يكون نسخًا غير صحيحة تكون نسخة لكن غير دقيقة اعتنى بها أحد الناس عناية لا تسمَّى عناية أو يقال إنَّا صححت بمعرفة الناشر أو ما أشبه ذلك ويكون فيها من الأغلاط والسقط وأشباه ذلك ما يعيبها ولا يصلح أن تقتنى لطالب علم يرجع إليها ويبحث من خلالها إذن فالأدب الثاني أن يحرص طالب العلم على اقتناء النسخ الصحيحة سواءً كانت مطبوعة طبعات قديمة أو كانت مطبوعة حديثًا المهم أن تكون نسخة صحيحة فيعرف دور النشر المعتنية الدقيقة ودور النشر التي لا تعتني حتَّى يميز يعرف المحققين الذين يتاجرون والمحققين الذين يعتنون بتحقيقاتهم ويعرف أيضًا مزايا الطبعات وتعدد الطبعة للكتاب الواحد وميزة هذه على هذه، نتفرع من هذا إلى أن طالب العلم الي يعتني برؤية التحقيقات وما يعمله المتأخرون من حواشي وتعليقات لا بدَّ له أن يعرف أيضًا طبعات الكتاب لأنَّه حصل مثلاً أن المحقق يرجع إلى جزء وصفحة فهذا يظن أن الكتاب إنَّما طبع مرةً واحدة فيذهب ويرجع إلى الجزء والصفحة هذه فلا يجده فيقول إنَّ هذا وَهِمَ أو غَلِطَ أو نحو ذلك وقد يكون الكتاب طبع مائة مرة أو عشرين مرة أو ثلاثين مرة أو خمس أو أربع إلخ فإذن معرفة طالب العلم بطباعة الكتب وعدد مرات طباعتها وميزات هذه وهذه هذا أيضًا من مُكَمِّلات العلم ومن مُلَحِة التي هي من الآداب العامة التي ينبغي لطالب العلم العناية بها.
الأدب الثالث: مع الكتب الحرص على نظافة الكتاب وطريقة حفظه يعني أن يكون الكتاب نظيفًا ليس عليه غبار يعلق به أو يكون متسخًا أو أن يكون عليه كتابات سيئة أو أن يكون يضعه في موضع غير لآئق به يعني أن يضع الكتاب فيما يكون لآئقًا به.
فمما لا يليق بالكتب خاصة كتب أهل العلم التي فيها بيان معاني الكتاب والسنة أن تكون عليها الأتربة أو أن تكون متسخة، تنظيف الكتب هذا دليل توقير ما اشتملت عليه وتعظيم شعائر الله وقد قال جلَّ وعلا {ومن يعظم شعائر الله فإنَّها من تقوى القلوب} فإذا كان الكتاب في التفسير أو كان في السنة أو كان في الفقه الحلال والحرام أو في العقيدة فإن النفس تنبعث في المحافظة عليه وفي تنظيفه من إجلال الله جلّ وعلا وإجلال العلم الشرعي الذي هو مأخوذ من الكتاب والسنة، كذلك أن يكون طالب العلم في تعامله مع الكتاب من جهة صيانته وحفظه بأن لا يتخذه صندوقًا لوراقه ورسائله الخاصة أو الفواتير فواتير الكتب ونحو ذلك فتأخذ وتنظر كتابًا من الكتب فتجد أن فيه فاتورة ورسالة، وفيه قلم، وفيه داخلة محاية وإلخ وقد قال بعض العلماء: ((لا تجعل كتابك بوقًا ولا صندوقًا هذا من الأدب المهم مع الكتاب أن لا تجعله صندوقًا يعني أن تجعل فيه الأحلام وتجعله مستودعًا للفلوس والريالات يعني تفتح الكتاب تجد فيه كل هذا ثم تلاحظ أن الجلدة تغيَّرت والكتاب تغير وإلى آخره من جراء عدم الصيانة كذلك لا تجعله بوقًا يعني لا تلف الكتاب لفًا لا يليق به فمثلاً تجد أن بعضهم يلف الكتاب ويأخذه ويجعله كأنَّه بوقًاله هذا لا يليق لأنَّ الكتاب فيه كلام الله جلَّ وعلا وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم فلا يليق أن يجعل بهذه المثابة كذلك لا يليق أن تضع عليه كأس ماء أو شاي أو ما أشبه ذلك كتب أهل العلم التي فيها نصوص الكتاب والسنة تجعل أعلى ما تجعل أسفل وتجعل فوقها دفاتر بيضاء وأشباه ذلك وهذا مما يجعل في القلب تعظيمًا لكلام الله جلَّ وعلا وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم وكل ما استفيد من العلوم من هذين الأصلين كذلك مما يتعلق بحفظ الكتاب أن ينتبه طالب العلم في طريقة الكتابة عن الكتب أحيانًا نرى بعض الكتب يعلق عليها حواشي بحيث أنَّه تضيع فائدتها وقد نهى العلماء، فيما سبق عن الخط الصغير على الكتب أن تكتب الكتب بخط دقيق أو أن يعلق عليها من الفوائد ما يكون بخط دقيق بحيث إذا أراده طالب العلم لم يتهيأ له أن يستفيد منه وندم فيما يُذكر الإمام أحمد مرة على أنَّه كتب أحاديث بخط دقيق لما احتاج لها في كِبَرِهِ لم يحسن أن يستخرج تلك الفوائد لأنَّها كانت بخط صغير وتقارب الحبر مع بعضه حتَّى فاتت الفائدة بعض العلماء لا يكون خطه حسنًا أو بعض طلاب العلم لا يكون خطه حسنًا هذا ليس بعيب لكن أن يرتب الكتابة بحيث تكون بخط واضح ولهذا كان بعض العلماء ممن خطه غير جيد هو نفسه لا يحسن قراءة خطه مثل شيخ الإسلام ابن تيمية كان هناك أحد طلابه هو الذي يستخرج كتابه وقد ذُكر هذا في التراجم ونبَّه عليه الحافظ ابن كثير في الجزء الرابع عشر من البداية والنهاية في سنة وفاة تلميذ شيخ الإسلام قال: ((وكان هو الذي يحسن استخراج الخطبة الثانية ابن تيمية وإذا أراد ابن تيمية أن يأخذ موضعًا لا يستخرجه إلاَّ هو لأن شيخ الإسلام يكتب بسرعة ويشتبه فربما التبس عليه)) لكن هذا من دقته يحسن ذلك لكن هذا قد لا يتهيأ دائمًا -لهذا طالب العلم يحتاج إلى معرفة كيف يكتب على الكتب نبه علماء الحديث في آداب الكتابة أن طالب العلم إذا أراد أن يكتب فيبتدئ في الكتابة من السطر الذي فيه أو عليه التعليق ثم يرتفع إلى أعلى ولا ينزل إلى أسفل يعني قرأت على شيخ أو تعلق على كتاب فأتيت على موضع فتبدأ بالكتابة من هذا السطر إلى أعلى لأنه ربما أتى في السطر الذي بعده فائدة تحتاج إلى الكتابة عليها فألتبس عليك فكيف تكتب؟ تبدأ تُعَرِّج عليه، وإذا كتبتَ إلى أعلى فحبذا أن تكون الكتابة واضحة وفيها نوع ميول متساوي الأسطر حتى أيضًا إذا احتجت إلى ضبط يمكن إدخاله في الفراغات فيما بين الميول، ربما بعضكم رأى بعض الكتب القديمة المحشاة فتجد أن الكتابة أتت على شكل مثلثات هذا ليس عبثًا لكن لأنه يكتب بهذه الطريقة على طريقة الأقدمين لأنَّه قد يحتاج إلى ضبط بعد ذلك فيدخله في هذا الفراغ أو أن يقابل هذا الكتاب بنسخة أخرى فيقول: في هذا الفراغ نسخة كذا وكذا وهكذا فإذن تهتم بوضوح الخط وبأن يكون مرتبًا في معرفة مكان البداية فإذا أتيت إلى ما كتبته أنت وعلقته أعرف أن هذه الجملة التعليق عليها سيكون بهذا الاتجاه وحبذا لو راجعتم كتب المصطلح فقد بَيَّنوا كيف تكتب وتحشي على الكتب في ضوابط لهم وتفصيلات سواء كانت في التضبيب أو بيان الكلمة والتصحيح عليها أو كانت حاشية أو بيان نسخة أو كيف تكتب صحة العبارة أو ما أشبه ذلك فنحيلكم على كتب المصطلح لأنهم كتبوا في هذا وأوفوا المقام...
من آداب الكتب أيضًا التي ينبغي العنايةٌ بها أن يكون طالب العلم له فوائد ينتخبها من الكتاب يعني أنَّه إذا قرأ كتابًا لا يثق بحافظته وذاكرته ولو كان شبابًا بل فوائد هذا الكتاب ينتخبها في دفتر خاص عنده أو يشير إليها في ديباجة الكتاب في ورقة في أوله بأن يضع شبيهًا بالفهرس له لأنَّ هذه الفوائد التي تناسبه قد لا تناسب شخصًا آخر فتحتاج أنت إلى أن تراجع ما استفدته من هذا الكتاب، وقبل ليلتين أخذت كتاب ((الفضل المبين في شرح الأربعين)) لجمال الدين القاسمي، من مكانه في المكتبة وقد كنت قرأته منذ نحو عشر سنوات، فلما نظرت في أوَّله فإذا بي قد ذكرت الفوائد التي فيه، وهي فوائد كثيرة تسعين في المائة منها نسبته فبدل أن أقرأ الكتاب مرة أخرى فإذا هذه فائدة وهذه فائدة وهذه فائدة ومن الفوائد التي كانت فيه مثلاً الفرق مابين العالم والعارف ولِمَ عدل الصوفية عن العالم إلى العارف؟ لماذا يقولون العارف فلان ما يقولون العالم هذه من الفوائذ ومن الفوائد أيضًا نقلٌ كان جيدًا ومتينًا عن ابن حزم في ((الفِصَل)) في معنى قضى وقدَّر وقال في آخره جمال الدين القاسمي: ((وهذا ألطف ما قيل في معنى قضى وقدَّر)) أو ((القضاء والقدر)) وأحقه بالقبول؛ وهو كما قال وربما نذكره لكم في مكانه هذه الفوائد التي تكتبها في صدر الكتاب مهمة إذا راجعت بعد حين تجد أنَّ الفوائد أمامك يعني أن الكتاب إذا قرأته أو أن الكتب إذا قرأتها فتنتخب منها ما تراه مفيدًا لك وتجعله في صدر الكتاب في الورقة الأولى على شكل فهرس فيه عبارة مختصرة وهذا لا شك أنَّه مهم جدًا لطالب العلم إذا حصل أن تجعل له دفترًا خاصًا تنتخب فيه ما تحتاجه فهذا مهم وسترجع إليه ولا بد بعد زمن يعني لا يناسب أن تقرأ هكذا وتقول هذه القراءة كافية لأنَّك بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة أو سنة تنسى لكن لو قيَّدت فإنَّك قد ترجع إليه بعد سنين فتجد أن الفوائد ما ثلة أما مك وكما قيل: ((الفهم عرض يطرأ ويزول، والكتابة قيد)) تقيد ما فهمته أو تقيد ما استفدته.
من الآداب أيضًا المتعلقة بالكتاب أدب الإعارة والإعارة للكتب منهي عنها إلاَّ لمُؤْتَمَنٍ عليها لأنَّ كتابك أنت أولى الناس به إلاَّ إذا وجدت من هو حريص على الكتب وإذا استفاد منها أرجعها وذُكر في ترجمة الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى أنَّ رجلاً طلب منه أن يعيره كتابًا فقال: ((لك ثلاثة أيَّام فقال قد لا تكفي قال قد عددتُ أوراقه فإن احتجت إلى نسخه فالثلاثة كافية وإن احتجت إلى قراءته فالثلاثة كافية وإن كنت تريد أن تستكثر به فأنا أولى بكتابي)) وهذا صحيح فالجزء الأول من كتاب كبير من ثمانية مجلدات عندي -ما أريد أن أذكره ربما يسمعه هذا فيظن أنَّه تعريض به- استعاره أحد الإخوة وإلى الآن من اثني عشرة سنة ما وصلني وهو يقول ما أدري أين ذهب وأيضًا الجزء الثامن من كتاب آخر قد لا آسف عليه كثيرًا له أكثر من عشرين سنة إلى الآن ما رجع ولذلك قال القائل:
لا تعيرنَّ كتابًا من أعارنَّ كتابًا واجعل العُذْر جوابًا فلعمري ما أصابا
وقال آخر: ((آفة الكتب إعارتها))، وقيل لرجل في الهند كوَّن مكتبة عظيمة: كيف كونت هذه المكتبة؟ قال: من استعارة الكتب قال كيف؟ قال استعير كتابًا فلا أرده فتكونت هذه المكتبة، فقيل له أليس هذا جناية على من استعرت منهم، قال من أعار الكتاب فهو مجنون ومن ردَّ من استعار فهو أكثر جنونًا منه؛ وهذا لأنَّ الكتاب النفوس متعلقة به وقد ذكر الحافظ ابن رجب في مسألة في كتاب القواعد ضمن قاعدة أنَّ الكُتُبَ لا قطعَ في سرقتها يعني إذا سَرَقَ كتابًا فعند بعض العلماء لا يقطع لأنَّ فيه شبهة أنَّ الحق في الكتاب للجميع فلهذا قد يأخذ بعض طلبة العلم مثلاً أو بعض الزملاء كتابًا ويرى أنَّ له حقًا فيه خاصة إذا كان وقفًا أو كان مهدى إليك أو ما أشبه ذلك فيتساهل فيه يتساهل فيه ثم تخسر أنت الكتاب فإذا لم تعلم أنَّ هذا الذي طلب الإعارة جادٌ وسيستفيد منه في أيَّام يسيرة وليالٍ وإلاّ فلا تعر الكتاب لأنَّ في إعارته حرمانك من الإستفادة وليس كل مستعير للكتاب مأمونًا على الكتاب فكم استعار أناسٌ وما ردُّوا الكتب.
أيضًا من الآداب المتعلقة بالاهتمام بالكتاب والحديث ذو شجون ويطول أنْ يستعرض طالب العلم كُتُبَهُ بين حين وآخر يعني أن لا يجمع الكُتُبَ دون استعراض لها يأتي لما أخذ الكتاب ويضعه وأخذ الكتاب ووضعه أخذ الكتاب ووضعه ثم إنما يراجع طائفة قليلة منها لا بدَّ من استعراضها تأتي وتستعرض هذه الكتب حتَّى تتذكر الموضوعات لأنَّ من الناس من اشترى الكتاب مرتين وثلاث وأربع لأنَّه ينسى أن الكتاب عنده لقلة استعراضه لكتبه أمَّا لو أنَّه كثير الإتصال بكتبه خاصة في مثل بلادنا مكتبات بعض طلاب العلم كبيرة إذا ترك الاستعراض فربما طلب الكتاب من غيره وهو عنده أو نسي ما في الكتب أو احتاج إلى موضوعه ولم يراجع فيه الخ من الآداب أيضًا المتعلقة بالكتب الإهتمام بكتب الوقف والكتب الموقوفة يعني التي عليها طبعٌ أنَّه وقف أو ختم بأنها موقوفة أو أشباه ذلك هذه الإحتفاظ بها في مكتبتك لا بدَّ أن يكون على شرط الواقف، والواقف حين وقفها جعل على طلبة العلم وإذا كنت لا تستفيد من الكتاب وغيرك بحاجة إليه فدفعك الكتاب إلى من يحتاجه أولى نعم قد يكون لك حاجة فيه ولو مرة في السنة تراجع فيه فهذا لا بأس لأنّ الكتاب موقوف على طلاب العلم لكن إذا كنت لا تراجعه تمر عليك سنين أربع خمس سنين وأنت لا تراجعه وتعرف أن نفسك ليست ذات همَّة في مراجعة هذا الكتاب أو الكتب بعامة أو قد لا تحتاجه في المستقبل فإنَّ الاحتفاظ به مع هذه الحال خلاف الأولى وبعض أهل العلم يقول لا يجوز الاحتفاظ به بل يدفع إلى مستحقه يدفع إلى من ينتفع به لأنَّ الواقف وقفه على من ينتفع به وإذا كنت لا تنتفع به فمن ينتفع به أولى ومن هنا كان كثيرٌ من طلاب العلم من يتنزَّه عن الاحتفاظ بالكتب الموقوفة إذا كان عنده فضل مال يمكن أن يحصِّل الكتاب ببذل ماله لأنَّه ربما يركن الكتاب ولا يستفيد منه فإذا كان موقوفًا ربما لحقه إثم بحبسه عمن ينتفع به وهذا ربما ظهر أكثر في البلاد التي يكون الكتاب فيها شحيحًا.
من الآداب أيضًا المتعلقة بالكتاب أن تهتم في الكتاب بتجليده وبطانته وظهارته حتَّى يكون الكتاب بالوضع اللائق به للاسمراء لأن طالب العلم حين يقتني الكتاب لا بد أو نقول الأفضل له أن يستحضر نوعين من النية أما الأولى فأن ينوي الإنتفاع به في تخليص نفسه من الجهل والثاني أن ينوي أن يستفيد غيرُه من هذا الكتاب إمَّا أهله وولده وإمَّا من يكون عنده أو أن يوقف الكتب بعده أو أن يبذلها لغيره بإهداء أو أن يبيعها إلخ وهذا يعني أنَّه كلما اعتنى بالكتاب من جهة جلده والمحافظة عليه ربما يبقى أكثر في المستقبل كلما كان ذلك أكثر في الأجر والثواب ومن عجائب التفريط في الكتب ما ذكره القِفْطِي صاحب كتاب ((إنباء الرُّوَاة)) ربما ذكرته لك مرة في قصته مع كتاب ((الأنساب)) للسمعاني وكان حريصًا على الكتب جدًا فجمع مكتبة من أنفس ما جمع قال عُرض عليَّ كتاب الأنساب للسمعاني بخط مصنفه الأجزاء الثاني والثالث والرابع، والأول مفقود بخط مؤلفه السمعاني وبين القفطي والسمعاني نحو مائتين وخمسين عامًا أو قريبًا منها فاشترى هذه الثلاثة قال اشتريتها فلما مضى مدَّة من الزمن وهو يسأل عن الكتاب عن الجزء الأول ويسأل فَظَنَّ أنَّه فقد وانتهى وبخط مصنفه عُرْضَةٌ إلى أنّه أُعير ففقد أو أنَّه ضاع أو الخ قال فمرَّةً جاءني خادمي بصرة من بُقُول يعني الخضروات هذه وقد لفت بورق كتاب قال فأخذت الورقة قبل البقول -لأن مالها قيمة عنده بالنسبة لهذه الورقة- يقول فلما نظرت إليها فإذا هو خط السمعاني الذي أعرف فأتيته بنسخة الأنساب فإذا هذا الورق من الجزء الأول المفقود قال فذهبت سريعًا إلى الذي يبيع البقول فوجدت عنده بعض أوراق بقيت من هذا فقلت له أين بقية هذه الأوراق قال لففنا بها البقول فتفرقت في البيوت فقال: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون مأساةٌ مصائب قوم عند قوم فوائد هذا يأسى على فقده وذاك فَرِح لأنه وجد هذه الأوراق التي لا قيمة لها بخط الحافظ السمعاني يلف بها البقول ويعطيها الناس قال فأقمت مناحة أو قيل فأقام مناحة شهرًا من الزمان على العلم وأهله وعلى كتاب ((كتاب الأنساب)) للسمعاني نريد من هذا نقول أن الكتب لا بد من العناية بها من جهة تجليدها ومن جهة حفظها هذا وجدها مفرقة فسهل أن تتفرق الأوارق وأن تضيع لكن لو كانت محفوظة مضموم بعضها إلى بعض لكان ذلك أدعا إلى إستمرارها في مكتبتك والمسائل المتعلقة بذلك كثيرة لعل فيما ذكرنا تنبيهًا على بعض ما يحتاج إليه اسأل الله جلَّ وعلا لي ولكم التوفيق والسداد والصلاح والرشاد وصلى الله وسلّم وبارك على نبينا محمد