يتبــــــــع للبحث 11
فعلام الشيخ لم يرد علينا، أو يصحح لنا فهمنا عنه، أو يدافع عن نفسه ومعتقده في مسألة هامة لها مساس بالعقيدة والأصول؛ كمسألة مسمى الإيمان .. ؟!!
كل ذلك جعلنا نرجح أن مواقف الشيخ من مسائل الكفر والإيمان، والوعد والوعيد .. ليست عبارة عن هفوات .. أو مجرد إطلاقات يخطئ ويزل بها العالم .. يمكن تأويلها وغض الطرف عنها .. وإنما هي عبارة عن أصول وقواعد استدل لها بأدلة وشروح .. تبناها ودعا لها منذ أن كتب تعليقاته على متن الطحاوية قبل أكثر من خمس وعشرين عاما..!!
فإن قيل ـ وقد قيل ـ علام هذه الحدة والشدة على الشيخ، وهو مجرد خطأ في مسألة واحدة، وهي لا شيء بالنسبة لمجموع حسنات الشيخ ..؟!
أقول: ولكن أي مسألة هذه التي أخطأ فيها الشيخ .. ليتها كانت مسألة لها مساس في الفقه أو الفروع .. لهان الخطب، وألجمنا اللسان .. وكسرنا الأقلام .. ولكن القضية لها مساس بالأصول .. بمسائل الكفر والإيمان .. والوعد والوعيد .. الخطأ فيها يترتب عليه آثار سلبية وخطيرة على العباد والبلاد !
من آثار قول الشيخ في الإيمان .. اختلاف الأمة وانقسامها إلى فرق وأحزاب فيما يخص طواغيت الكفر الحاكمين في هذا الزمان .. الذين وقعوا في الكفر البواح من جميع طرقه، وفروعه
ومسالكه ..!!
فريق يرى الخروج عليهم .. وفريق لا يرى الخروج .. وفريق بينهما .. والذين يرون الخروج يضللون ويؤثمون من لا يرى الخروج .. والعكس كذلك .. وهذا مرده كله إلى قول الشيخ الخاطئ في الإيمان !!
من آثار قول الشيخ الخاطئ في الإيمان .. أننا وجدنا كثيراً من الشباب السلفي المعاصر يدخل في موالاة الطواغيت الظالمين، وبعضهم لا يتورع أن يعمل عندهم كجاسوس على المسلمين الموحدين .. ولو سألتهم أو نهيتهم عما هم فيه من باطل وضلال .. لاستدلوا عليك بأقوال الشيخ في الإيمان ..!!
اختلطت الأنساب .. وضاعت الحقوق .. حتى وجدنا الناس يزوجون بناتهم من أناس مرتدين لا يعرفون صلاة ولا صياما .. ولو نهيتهم أو حذرتهم من مغبة وخطأ ما هم عليه .. لردوا عليك بأقوال الشيخ ناصر في الإيمان، وأن الأعمال ليست شرطاً لصحة الإيمان .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
إذاً هي قضية ليست كتلك القضايا اليسيرة التي يمكن السكوت أو غض الطرف عنها .. أو مناقشتها على طريقة ' أين بعيرك الشارد يا خوال ' .. بل هي قضية كبيرة وهامة يجب أن تناقش على طريقة ' كأن حب الرمان يتفقأ من وجهه ' لصلتها بالعقيدة والتوحيد ..!
لأجل ذلك كله كانت تلك الحدة والشدة التي أخذت علينا .. وهي شدة ليست مُرادة لذاتها .. ولم نرد منها كذلك التجريح بشخص الشيخ، لا والله .. وإنما أردنا منها نصرة الحق وإنصافه، وأطر الناس إلى الحق الذي يرضي الله تعالى ورسوله r ولو كان ذلك بالسلاسل .. وإن سخط علينا الساخطون المرجفون المتزلفون !!
ثم أن الشيخ ذاته قد عُهدت عليه حدة شديدة مع مخالفيه أصاب في بعضها وأخطأ في بعضها الآخر .. فها هو يرمي ابن حزم ـ إمام وجبل من جبال العلم ـ بأنه جهمي جلد في الصفات .. ويقول عنه كما في السلسلة 6/1019، بعد أن نقل قول ابن حزم:' لا حجة لأحد دون رسول الله r ' فقال الشيخ ناصر معقباً عليه:' كلمة حق أريد بها باطل ..' ا- هـ. فحكم على باطن وقصد ابن حزم أنه أراد من مقولته باطلا ..؟!!
بل وصلت حدة الشيخ وشدته على من يخالفه أن يطعن ـ بطريقة غير مباشرة ـ بكبار الصحابة والتابعين، ويرميهم بأنهم التقوا مع الخوارج في بعض قولهم، كما يقول في رسالته حكم تارك الصلاة:' فلو قال قائل بأن الصلاة شرط لصحة الإيمان، وأن تاركها مخلد في النار؛ فقد التقى مع الخوارج في بعض قولهم هذا ..!!' ا- هـ.
وكلنا يعلم أن كبار الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين يقولون أن الصلاة شرط لصحة الإيمان، وأن تاركها كافراً كفراً مخرجاً من الملة ..!
فعلام لا يُقال أن الشيخ فيه حدة وشدة على كبار الصحابة وأهل العلم .. وينكر عليه قوله فيهم .. أم أن الصحابة وغيرهم من كبار التابعين وأهل العلم ليس لهم بواكي .. ولحومهم غير مسمومة ..؟!!
ومما ينبغي ذكره هنا ـ إتماماً للبحث والفائدة ـ أن نذكر بعض من تعقبنا في ردنا على الشيخ ناصر من الذين يتعصبون لاسم الشيخ وذكره .. ولو في الباطل!
فأقول: كنت ولا أزال أتمنى وأحب أن أقف على ردٍّ علمي ناصح يتعقبني فيما قلته في الشيخ لكي أستفيد .. وعسى أن يكون الحق في خلاف ما قلته وما أنا عليه .. فأتراجع عن قولي بكل نفس رضية طائعة تنشد الحق .. وماذا نريد غير الحق ؟!
ولكن بعد الزمن الطويل من نشر ردي على الشيخ وتعقبي عليه في مسألة الإيمان .. لم أجد ممن تعقبني في ردي على الشيخ: إلا الكذب، والظلم، والجهل، والافتراء، والعصبية العمياء لاسم الشيخ ..!!
نقبوا في جميع مؤلفاتي وأبحاثي، وما صدر عني .. فلم يجدوا مأخذاً ـ ولله الحمد والمنة والفضل ـ يأخذونه علينا، قد خالفنا فيه عقيدة أهل السنة والجماعة ..!
بحثوا ونقبوا فلم يجدوا ممسكاً أو سبيلاً صادقاً للطعن بنا .. يطفئ غيظ قلوبهم وأحقادهم، ولؤمهم، وحسدهم .. مما حملهم ذلك على الكذب، والتضليل، والتلبيس .. وهذا كله ونحن أحياء .. فكيف بعد الممات ..؟!!
وأضرب نموذجاً على هذا الظلم والكذب في مثالين:
المثال الأول: هو أبو مصعب سعد الدين بن محمد الكبي، مدير معهد الإمام البخاري للشريعة الإسلامية في عكار شمال لبنان .. كما هو يعرف عن نفسه!
يقول هذا الرجل في محاضرة له ـ مكتوبة ومسموعة، ومنشورة في موقع السراج المنير
على الإنترنت ـ بعنوان ' التحذير من جماعة التكفير ': ومن غلوهم في التكفير: أنهم يكفرون المداوم على الكبيرة كما في كتاب أبي بصير التكفيري، حيث يرد على المحدث الألباني عدم تكفيره من يداوم على أخذ الربا ويقول: الله يتوب علينا بدنا نعيش . قال أبو بصير التكفيري: لا تمنع من تكفيره، إذ لا تعتبر من موانع التكفير المعتبرة شرعاً [ الانتصار لأهل التوحيد 121 >. وكذلك يكفر المداوم على الزنا ويعتبر دوامه استحسان واستحلال قلبي ..ا-هـ.
هذا هو نقله عني .. وهذا هو ظلمه وافتراؤه وكذبه، وإليك أيها القارئ المنصف كامل كلام الشيخ في هذه المسألة، وكامل ردي عليه من نفس المصدر الذي عزى إليه الرجل .. لتعلم شدة ظلم هؤلاء الناس، وسهولة الكذب على أنفسهم ..!!
قال الشيخ ناصر: إذا استحل الربا بقلبه كما استحله بعمله فهو كفر ردة، وإلى جهنم وبئس المصير، أما إذا قال: الله يتوب علينا، وبدنا نعيش، ومن هذه الكلمات الفارغة هذه ..
قلت في تعقيبي على الشيخ كما في كتاب الانتصار ص121: قوله بدنا نعيش وغير ذلك من الكلمات الفارغة التي يستشهد بها الشيخ لا تبرر له الخطأ، ولا تمنع عنه لحوق الوعيد به في الدنيا والآخرة، ولو وقع في الكفر بسببها فهي لا تمنع من تكفيره بعينه، إذ لا تعتبر من موانع التكفير المعتبرة شرعاً. انتهى.
هذا هو كلام الشيخ ناصر .. وهذا هو كلامي .. فأين كلامي أنني أكفر المداوم على الكبيرة ..؟!!
ألا يوجد فرق بين قولي ' ولو وقع في الكفر بسببها ' أي بسبب هذه الأعذار والكلمات الواهية الفارغة .. وبين قوله عني بأني أكفر المداوم على الكبيرة ..؟!!
والكبي لم يكذب علي وحسب بل كذب على الشيخ ناصر وقوله ما لم يقل .. فقال عن الشيخ:' حيث يرد على المحدث الألباني عدم تكفيره من يداوم على أخذ الربا ..' !!
والشيخ ـ من خلال كلامه المتقدم ـ لم يكن يتكلم عن عدم كفر المداوم على أخذ الربا .. وإنما كان يتكلم متى يكفر آكل الربا ومتى لا يكفر .. والفرق بين كلام الشيخ وبين نقل الكبي عنه واضح وجلي ..!
اضبط النقل يا ' كبي ' .. فمن كان مديراً لمعهد الإمام البخاري .. عليه أن يتحلى بما عرف به هذا الإمام الكبير من الصدق والدقة في ضبط الروايات والأحاديث ..!
أما قوله عني:' وكذلك يكفر المداوم على الزنا، ويعتبر دوامه استحسان واستحلال قلبي ..' !!
أقول: هذا من الظلم والافتراء الذي نبرأ إلى الله منه .. وإليك ـ أيها القارئ المنصف ـ
تمام كلامي الذي قلته في ' الانتصار ' ص 126-127، الذي جاء في صدد الحديث عن أن الاستهانة في الصغائر قد تؤدي بصاحبها إلى الوقوع في الكبائر، والاستهانة في الكبائر قد تؤدي بصاحبها إلى الوقوع في الكفر .. وقولنا ' قد ' أي أحياناً تؤدي الاستهانة بصاحبها للوقوع في الكفر، وأحياناً لا تؤدي .. فتنبه لذلك .. فقلت:' إن الاسترسال في المعاصي والاستهانة بها قد تؤدي إلى ما هو أعظم منها، كما يقول أهل العلم: فالاستهانة بالصغائر والإكثار منها قد تؤدي بصاحبها إلى الوقوع في الكبائر، والإكثار من الكبائر والاستهانة بها قد تؤدي إلى الكفر والعياذ بالله '.
إلى أن قلت مستدلاً على هذا الكلام بالإدمان على شرب الخمر، والإدمان على الزنى .. وسأدع ما ذكرته عن المدمن على الخمر إلى حين الرد على المثال الثاني من الكذابين .. وسأقتصر هنا على ذكر ما قلته بخصوص الزاني .. وهو ما يناسب الرد على كلام الكذاب الكبي .. وإليك كلامي بتمامه:' الزاني عندما يزني أول مرة، تراه يقع في الندم والحرج الشديدين لوقوعه في الذنب، فإن عاد وزنى ثانية يقل عنده الحرج، وهكذا في الثالثة والرابعة حتى ينعدم عنده مطلق الحرج والندم، وينتقل الحرج عنده ـ مع التكرار ـ إلى سرور واستحسان لما يصنع، ولربما يصل به فجوره إلى أن يباهي الآخرين بفجوره وبما يصنع، ويعتبر ذلك من حقوقه الشخصية التي لا دخل لأحد فيها، فيقع بذلك في الكفر البواح ' انتهى.
هذا الذي قلته .. فأين قولي بأن المداوم على الزنى هو كافر لأنه مستحل ..؟!!
فهو يقع بذلك في الكفر عندما يصل به الحال إلى استحسان الزنى .. ويعتبر الزنى حقاً من حقوقه الشخصية التي لا دخل لأحد فيها .. وليس لأنه مداوم عن الكبيرة ؟!!
ثم تأمل قولي' ولربما يصل به فجوره ..' الذي يفيد احتمال أن يصل به فجوره إلى الكفر .. وهذا ليس لازماً على الدوام لاحتمال حصول الآخر؛ وهو أن لا يصل به فجوره إلى الكفر ' فربَّ ' حرف جر يفيد التكثير أو التقليل من الشيء .. ولا يفيد عموم ومطلق الشيء.
فهذا كله قد غفل عنه الكذاب الكبي مدير معهد الإمام البخاري ..!!
ثم الذي قلناه قاله قبلنا أهل العلم، قال ابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية: النفاق والردة مظنتهما البدعة والفجور، كما ذكر الخلال في كتابه السنة بسنده إلى محمد بن سيرين، أنه قال: إن أسرع الناس ردةً أهل الأهواء، وكان يرى هذه الآية نزلت فيهم وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره ( ا- هـ.
وقال الشيخ ناصر في السلسلة 5/14: في تعليقه على إنكار ابن مسعود على أصحاب
الحلقات الذين كانوا يذكرون بالحصى .. وجاء في الأثر أن أصحاب هذه الحلقات أنفسهم هم ممن قاتل علياً t مع الخوارج في النهروان .. قال الشيخ ناصر معلقاً على ذلك:' من الفوائد التي تؤخذ من الحديث والقصة أن البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة، ألا ترى أن أصحاب تلك الحلقات صاروا بعدُ من الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب، فهل من معتبر؟! ' ا- هـ.
قلت: والخلاف على كفر الخوارج خلاف معروف عند أهل العلم ..!
المثال الثاني: وهو الدكتور عبد الله الفارسي، كما يُعرف عن نفسه، وهو أكذب من الذي قبله ..!!
وإليك قوله الظالم فينا .. ثم يأتيك بعد ذلك التعقيب والرد عليه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فقال تحت عنوان التنوير بحال المدعو' أبو بصير '، كما في مقاله المنشور في موقع ' أنا المسلم للحوار الإسلامي ' على الإنترنت: فكر الخوارج ـ أي الذي قولنا إياه ـ قال في كتابه المذكور أعلاه ـ وهو كتابنا انتصار لأهل التوحيد .. ملاحظات وردود على شريط الكفر كفران ـ ص126 و 127:' فتأمل قوله r ( مدمن خمر كعابد وثن ) وقوله ( لا يدخل الجنة مدمن خمر ): الإدمان على الشيء غالباً ما يتبعه استحسان لهذا الشيء .. الحديث يحمل عليه ـ هكذا ـ على ظاهره المكفر والمخرج له عن الملة. وكذلك الزاني ..'!!!!!!!!!!!!!!!!!! انتهى.
قلت: قبل أن أنشغل في الرد على هذا المفتري الظالم .. أود أن أشير إلى أن إشارات التعجب المثبتة أعلاه هي من صنيع الرجل .. حيث من عادته كلما كتب عبارة أو بضعة كلمات ـ لا تستحق استفهاماً ولا تعجباً ـ أن يضع بعدها عشرات إشارات التعجب تعبيراً عما في نفسه من حسد، وحقد وغيظ، ولؤم على عباد الله ..!
لكن العبارة المثبتة أعلاه تستحق ـ عما يبدو ـ هذا العدد الكبير من إشارات التعجب؛ لأنه وضعها تعجباً من جرأته على الكذب والظلم، وكأنه يقول: هاأنذا أكذب وأظلم بكل وقاحة وجرأة، ولا أستحي من الناس، ولا رب الناس .. ثم هو يتعجب من وقاحته وجرأته على الكذب والظلم؛ فيضع تلك الإشارات التعجبية على نفسه!
عودة إلى ما نقله هذا الكذاب المفتري الظالم عني فأقول: ما نقله هذا الرجل عني ليس هو كلامي .. وإنما هو كلام مبتور ومأخوذ من كلامي بطريقة خبيثة تظهر كلامي على غير حقيقته ومعناه الذي أردته، وإليك ـ أيها القارئ المنصف ـ كلامي بتمامه الذي جاء كتدليل على أن الاستهانة بالمعاصي والتهاون بها مع الاسترسال بها قد يؤدي إلى ما هو أكبر منها حيث قلت كما في نفس المصدر الذي عزى إليه ذاك المفتري، ص 126: فتأمل قوله r:' مدمن خمر كعابد وثن ' وقوله:' لا يدخل الجنة مدمن خمر '، ومثل هذا الوعيد الشديد لا يكون بحق من يشرب الخمر مرة أو مرتين؛ لأن الإدمان على الشيء غالباً ما يتبعه استحسان لهذا الشيء ويحصل له من الانقياد مالا يحصل لغيره، ولربما يصل الحال بصاحبه إلى أن يوالي ويعادي عليه، ويقاتل في سبيله ولأجله، وهذا نلاحظه عند مدمني المخدرات الذين يضحون بجميع ما يملكون في سبيل المخدرات، وتكون المخدرات بالنسبة لهم محور اهتماماتهم وحياتهم، ولا شك في أن المرء إذا وصل به الإدمان إلى هذه المرحلة فإن الحديث يُحمل عليه على ظاهره المكفر والمخرج له عن الملة . انتهى كلامي.